الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روسيا لم تضمن بعد عدم ترشّح الأسد مجدّداً روحاني حمل في نيويورك "سوريا في جيبه"

روسيا لم تضمن بعد عدم ترشّح الأسد مجدّداً روحاني حمل في نيويورك "سوريا في جيبه"

29.09.2013
روزانا بومنصف


النهار
السبت 28/9/2013
كان يمكن ويفترض ان تكون الازمة السورية نجمة كل المداولات واللقاءات التي عقدت في نيويورك تزامنا مع انعقاد الدورة الـ68 للجمعية العمومية للامم المتحدة، لولا ان الرئيس الايراني حسن روحاني سرق الاضواء واخترق مجال هذه المحادثات بالانطباعات القوية التي تركها لرؤساء الدول ووزراء الخارجية والديبلوماسيين الدوليين، ان موضوع سوريا في جيبه. فبعدما كان الجدل خلال الاشهر السابقة محوره، والبعض يقول لا يزال نسبيا، ما اذا كان سيتاح لايران المشاركة في مؤتمر جنيف - 2 ام لا بعدما رفضت مشاركتها في مؤتمر جنيف - 1 في حزيران 2012، اضحت هذه الازمة فورا وعلى نحو مفاجئ جزءا لا يتجزأ من المفاوضات الاهم حول الملف النووي الايراني، وفق ما تكشف مصادر ديبلوماسية شاركت في بعض اللقاءات التي جرت في نيويورك. وهو امر غريب ويدعو للمفارقة الى حد كبير من جهتين، اولا بالنسبة الى النظام السوري الذي حمل لبنان الصغير في جيبه طوال ثلاثة عقود متحكما في طبيعة التطورات واللعبة السياسية فيه، طمعا بضمه او استعادته كما كان يحلو له الترويج لذلك، ليغدو فجأة في الموقع نفسه الذي وضع فيه لبنان وتحكم في مصيره بالنسبة الى دولة اخرى اكبر واكثر تأثيرا منه، بدت كأنها تمسك مفتاحا اساسيا وجوهريا من مصيره من بين مفاتيح تملكها ايضا روسيا، بحيث يمكن هاتين الدولتين، مع اختلاف النسب، التفاوض على مصير النظام ببقائه او ذهابه، ولو وفق شروط تحفظ مصالح كل منهما. وثانيا، بالنسبة الى ايران التي لعبت لعبة ذكية ونقلت معها من خلال انتخاباتها ومواقفها الجديدة الموقف الدولي الذي كان عدائيا ضدها، الى اعطائها فرصة للانتقال والعودة الى موقع مشارك في المجتمع الدولي.
وهذا الانطباع، اي ان تكون سوريا في جيب روحاني وحده، كاف لجعل الالحاح على ضرورة التئام مؤتمر جنيف - 2 يتراجع، على رغم ان هناك اسبابا جوهرية لا تقل اهمية، بحيث غدت الازمة السورية وفق المصادر المعنية اكثر تعقيدا من اي وقت مضى، على رغم التوصل الى اتفاق على الاسلحة الكيميائية لدى النظام، وخصوصا ان هذه الاسلحة لم تدخل الى طاولة البحث سوى اخيرا، وبعد استخدامها من النظام. وقد تم الوصول الى اتفاق حولها بمعزل عما يجري في الداخل منذ 15 آذار 2011. ومن بين هذه الاسباب الجوهرية التي قد تمنع انعقاد جنيف – 2، على رغم الكلام على احتمال التئامه اواخر الشهر المقبل او اوائل تشرين الثاني، او قد تجعله غير ذي جدوى، وفق ما تكشف هذه المصادر:
اولا - ان الاتفاق على تفاصيل المرحلة الانتقالية وترتيباتها لم يحصل بين الاميركيين والروس. اذ تكشف المعلومات المتوافرة لدى هذه المصادر ان الاميركيين لا يخفون استياءهم من واقع ان الروس يستفيدون من انجاز التقارب معهم حول سوريا خطوة بعد خطوة، بمعنى انهم لم يحصلوا منهم حتى الآن على وعد بضمان عدم ترشح الرئيس السوري بشار الاسد لولاية جديدة لدى انتهاء ولايته في تموز من السنة المقبلة. اذ ان هذا العنصر مهم من اجل ضمان ترتيب المرحلة الانتقالية وفق الاسس التي تم التوافق عليها في مؤتمر جنيف - 2 بحيث تتسلم السلطة حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات تضم الموالين للنظام والمعارضة على حد سواء. وعلى رغم المواقف الروسية التي عبرت مرارا عن عدم التمسك بشخص الرئيس السوري وبقائه في السلطة، وآخرها قبل يومين تزامنا مع الاجتماعات الروسية الاميركية من اجل الوصول الى صياغة قرار دولي حول التزام النظام تسليم اسلحته الكيميائية، الا ان المسؤولين الروس عبروا اخيرا عن عدم استعدادهم للطلب من الرئيس السوري التنحي او عدم الترشح لولاية جديدة. وهو الامر الذي لا يفيد انعقاد مؤتمر جنيف - 2 في حال عدم ضمان الروس التزام الرئيس السوري بمقتضيات جنيف – 1، مع ان ثمة من يقول ان روسيا قد لا تملك هذه الورقة كليا بمقدار امتلاكها من ايران، على رغم انقاذ روسيا للنظام ورئيسه واستمرارها في حمايته، نظرا الى ان لايران التأثير والنفوذ والقدرة على ممارستهما اكثر من الروس.
ثانيا- ان ما يحصل على صعيد المعارضة السورية، ايا تكن اسبابه، يبدو محبطا بمقدار كبير جدا للاميركيين وللدول الغربية الداعمة لهذه المعارضة، بمقدار ما يبدو محبطا لهذه الاخيرة ايضا، بحيث اتهم مسؤولو الائتلاف "متطرفين من الخارج" بـ"سرقة الثورة السورية". اذ من جهة يبدو تزايد المتطرفين ومحاولة سيطرتهم على مناطق نفوذ المعارضة، بمثابة هدايا مجانية تقدم للنظام الذي يستفيد من هذا الواقع،.
ومن جهة اخرى تبدو الولايات المتحدة محبطة من طبيعة المساعدات التي تقدم للمعارضة، والتي يبدو أنها ليست بالمقدار او الحجم الذي يتم التحدث عنه، وان هذه المساعدات لا تقوم بها دول خليجية على نحو منتظم، بل تقف خلفها جمعيات وتنظيمات في دول عربية، بما يجعل من هذه المساعدات عشوائية وغير فاعلة وتساهم في تفريخ تنظيمات اصولية على هامش المعارضة الاساسية، وفق ما هو حاصل حتى الآن.