الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روسيا والغرق في المستنقع السوري؟

روسيا والغرق في المستنقع السوري؟

29.03.2016
داود البصري


الشرق القطرية
الاثنين 28-3-2016
رغم الإعلان الرسمي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن سحب القوات الروسية من الأراضي السورية بعد أن أدت مهامها كما قال! قبل أسابيع قليلة، إلا أن حسابات الحقل السوري لم تتطابق أبدًا مع حسابات البيدر الروسي! فقد بدا واضحا للجميع بأن إعلان الانسحاب كان مجرد تكتيك وحركة مسرحية لتوفير الأجواء الملائمة لمفاوضات جنيف حول مستقبل سوريا! وإن الواقع الميداني كانت تؤكده شكوك وزارة الخارجية البريطانية بجدية الانسحاب الروسي، وهو ما يؤكد بأن بريطانيا تظل صاحبة القدح المعلى في فهم الألعاب الدائرة في الشرق.
روسيا لم تنسحب من ميدان الصراع في سوريا بشكل كامل وحقيقي لكونها تعلم بأن النظام يقف على أرجل مكسورة، وأن إمكانياته في الحسم تبقى أمرا بعيد المنال في ظل الانهيار الشامل في المؤسسة السورية الحاكمة التي تعيش على حقن ومقويات تحالفاتها الإقليمية مع روسيا وإيران والجماعات الطائفية الميليشياوية السائرة في الفلك الإيراني، روسيا لا تملك أصلا أن تنسحب بسلاسة من كل ميادين الصراع السوري، لكون تورطها في حقول الموت السورية أضحى من ضمن أهم ملفات المغامرات الروسية في المنطقة من أجل البحث عن دور دولي ضائع وسط كومة الأزمات المحيطة بقائد الكرملين الذي تورط في نزاع من السهل الدخول فيه، لكم من الصعب الخروج منه بدون تكاليف واستحقاقات وتأثيرات أيضا، لقد اعترفت القيادة العسكرية الروسية بمصرع أحد مستشاريها العسكريين وهو ضابط كبير في معارك تدمر! بينما الحقائق الميدانية تقول إن الخسائر البشرية الروسية هي أكبر بكثير مما يتم الإعلان عنه رسميا!، وإن محاولة الروس فرض ودعم تقدم عسكري لقوات النظام السوري على الأرض لدعم موقفه التفاوضي في جنيف أمر ليس من السهولة بمكان! دون تدخل مباشر من القوات الروسية الخاصة على البر، فالضرب من الجو مؤذٍ ولكنه غير حاسم في تغيير المسارات الاستراتيجية للمعارك الميدانية ضمن حرب العصابات الدائرة في سوريا. ثمة حقيقة ميدانية تقول بأن الإيرانيين ينزفون بغزارة بعد أن فقدوا جمهرة من كبار ضباط وقيادات حرسهم الثوري، كما أن الميليشيات الطائفية العراقية واللبنانية قدمت هي الأخرى خسائر بشرية كبرى ستكون لها تداعيات مؤثرة جدا في المستقبل القريب في الساحتين العراقية واللبنانية.. والروس ليسوا استثناء، بل إن جثث قتلاهم باتت تضاف لجثث الآخرين المشتبكين في معركة دولية لتقرير المصير النهائي للوضع السوري!، روسيا لم تنسحب أبدًا بل أعادت الانتشار، وغيرت التكتيكات، وراجعت المواقف ضمن جردة حساب نهائية ستؤدي في النهاية لزيادة وتكريس التورط الروسي وهو تورط لن ينقذ أو يحسن من أوضاع النظام السوري المنهارة أبدا، بل سيكون سببا لتعاظم وتوسع الإرهاب الدولي، وسيجر مصائب متتالية، وسيعمق الصراع والانقسام الإقليمي وسيرسم حدودا واسعة للكراهية، وسيزيد من جراح السوريين، الروس يغامرون بما تبقى لهم من مصداقية، والإصرار على استنساخ التجربة الأفغانية المرة في الميدان السوري يحمل ملامح الانهيار الحقيقي لروسيا، الرئيس الروسي بوتين وهو يحاول المناورة المفضوحة يغامر بمستقبل الاتحاد الروسي وهو يحاول ابتزاز الغرب في مغامرته السورية، فكسب عداء الشعب السوري وشعوب المنطقة ليس من الحكمة بشيء، فالأنظمة زائلة والشعوب باقية، وحبل الكذب قصير وأقصر مما يتصور الطغاة وقاتلو الشعوب.
لابد للقيادة الروسية أن تعي الحقيقة وتعلم أن الثورة السورية وهي تدخل عامها السادس لن يخيفها الجيش الروسي ولا جيوش حلفاء نظام الصمود والتصدي الاستراتيجي، لكونه مصمما على إسقاط الفاشية وتحرير سوريا من الطغيان والاستبداد، السلاح الروسي لن يحل المعضلة، بل القيم والأخلاق والالتزام باحترام خيارات الشعوب، روسيا تغرق اليوم بشكل متدرج وكارثي في المستنقع السوري ما لم تتم مراجعة سريعة للموقف!..أوقفوا عدوانكم على شعب سوريا الحرة...