الرئيسة \  تقارير  \  رياض الصلح .. رئيس وزراء لبنان بعد الاستقلال

رياض الصلح .. رئيس وزراء لبنان بعد الاستقلال

13.12.2022
الجزيرة

رياض الصلح .. رئيس وزراء لبنان بعد الاستقلال
الجزيرة
الاثنين 12-12-2022
رياض رضا الصلح رئيس وزراء لبنان بعد الاستقلال، وواضع ميثاقه الوطني، ومعدل الدستور. وهو مسلم سني عاش في نهاية فترة الحكم العثماني للبلاد العربية، مرورا بالانتداب الفرنسي والبريطاني، وصولا إلى مرحلة الاستقلال العربي، وبدايات الصراع العربي الإسرائيلي، اغتيل في العاصمة الأردنية عمان.
المولد والنشأة
ولد رياض الصلح في 17 أغسطس/آب 1894، في صيدا ثالث المدن اللبنانية من حيث التعداد السكاني. عمل والده رضا حاكما للنبطية في منطقة جبل عامل، جنوب لبنان، ثم قائم مقام في صيدا، وعضوا في مجلس المبعوثين التركي عن بيروت. أما والدته نظيرة؛ فقد علقت عليه آمالا كبيرة منذ طفولته، وزرعت فيه حب القراءة والتاريخ والشعر.
عاش مع والديه في إسطنبول العاصمة التركية بين الـ14 والـ19 من عمره، أي في الفترة ما بين 1908-1913، واكتسب في هذه الفترة ثقافة سياسية وبرلمانية، واستفاد من اطلاعه على دور الحركات القائمة في الحياة السياسية مثل "تركيا الفتاة"، وتابع أخبار البرلمان العثماني الذي كان والده عضوا فيه.
الدراسة والتكوين العلمي
تأخر رياض عن تلقيه التعليم المدرسي، حتى قرر والده التعاقد مع معلمين اثنين لتدريسه في المنزل، ومرافقة العائلة أثناء السفر، وهذان المعلمان هما: حسني الجندي، وهو سوري مسلم من دمشق، علمه العربية والتاريخ والجغرافيا والرياضيات والعلوم، وأما الآخر فهو لبناني مسيحي يدعى جوزيف خوري، علمه اللغة الفرنسية بالإضافة إلى العناصر الأساسية للغات التركية والفارسية واللاتينية.
في عام 1905 التحق الصلح بالكلية العثمانية الإسلامية، وهي مؤسسة تعليمية للعلوم الدينية والأدب العربي وقواعد اللغة والبرهان والمنطق واللغة الفرنسية، أنشئت عام 1895.
ثم مكث مدة قصيرة في مدرسة العازارية في قرية عينطورة في جبل لبنان، وهي أول مؤسسة فرنسية للتعليم العالي في لبنان، ثم الكلية اليسوعية في بيروت، حيث أتقن اللغة الفرنسية واكتسب المعرفة بالديانة المسيحية، وتلقى تعليمه الجامعي في باريس ودرس القانون والعلوم السياسية.
التجربة السياسية
بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى عام 1914 انضم رياض الصلح إلى الأمير فيصل بن الحسين ملك سوريا، ليشكل أول حكومة عربية في صيدا موالية لدمشق، لكن سرعان ما دخلت قوات الحلفاء بقيادة الضابط البريطاني السير ألنبي إلى مدينة صيدا، وبدأ الصُّلح بمناهضة الانتداب الفرنسي.
في 19 فبراير/شباط 1919 قَدّم أحد أعضاء طائفة الموارنة في مجلس إدارة جبل لبنان، التماسا إلى مؤتمر السلام في باريس يدعو فيه إلى استقلال لبنان تحت الحماية الفرنسية، إلا أن رياض سارع للقضاء على هذه الفكرة عبر التواصل مع أعضاء مجلس إدارة جبل لبنان واستمالتهم لمبايعة الأمير فيصل، وإظهار ولائهم لسوريا.
وبعد انعقاد مؤتمر سان ريمو في 18 أبريل/نيسان 1920 فرضت فرنسا انتدابها على سوريا ولبنان، وقضت على حكومة دمشق، فتوجه الصلح إلى القاهرة، حيث تأسس المؤتمر السوري العام الذي يعترف لأول مرة بخصوصية لبنان غير المرتبط بالاستعمار الفرنسي.
وفي الأول من سبتمبر/أيلول 1920 ناهض الصلح إعلان قيام جمهورية لبنان وعاصمتها بيروت، عبر العرائض والرسائل والمذكّرات، ومارس الضغط على عصبة الأمم، كما عارض مسودة الدستور اللبناني عام 1920 الرامية إلى الاستقلال عن الدولة العثمانية، ثم غيَّر رأيه عام 1928 وأيّد الاستقلال بعد أن أصبح أمرا واقعا لا يمكن تجاوزه.
عاد رياض إلى بيروت في أوائل عام 1924 بعد أن حصل على العفو من السلطات الفرنسية، وسط أحداث جديدة طرأت على المنطقة، مثل: فرض بريطانيا وفرنسا الانتداب بالقوة على الولايات العربية في الإمبراطورية العثمانية. وتنفيذ الحركة الصهيونية وعد بلفور القاضي بمنح اليهود وطنا قوميا في فلسطين.
مقترح اتفاق بين العرب واليهود
اهتم رياض منذ عشرينيات القرن الـ20 بالاطلاع على أهداف الحركة الصهيونية، وحجم الدعم البريطاني لليهود، ففي السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1921 حضر اجتماعا شارك فيه إيتامار بن آفي الذي قدم وثيقة بعنوان "اتفاق مقترح بين العرب واليهود كأساس للمباحثات".
تقوم هذه الوثيقة على اقتراح تُقَدِّم من خلاله الحركة الصهيونية للعرب دعما ماديا ومعنويا لتحقيق طموحاتهم القومية، مقابل أن يقدّموا الدعم لليهود في إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين.
اعتقد رياض أنّه يستطيع عبر هذا الاجتماع توظيف نفوذ الحركة الصهيونية في منع عصبة الأمم من إقرار الانتداب على سوريا ولبنان، مقابل الموافقة على هجرة يهودية محدودة إلى فلسطين، من دون إقامة وطن قومي لهم، بيد أن هذا الاجتماع باء بالإخفاق.
تعديل الدستور
بعد فوز بشارة الخوري برئاسة لبنان عام 1943 كُلّف رياض الصلح بتشكيل الحكومة، ووضع أسس الميثاق الوطني. فعمد إلى تعديل الدستور، وإلغاء جميع المواد التي تعترف بالانتداب الفرنسي على لبنان، فاعتقل الفرنسيون الخوري والصلح، ونتيجة لهذا الإجراء عمّت لبنان احتجاجات مطالبة بإطلاق سراحهما. وتحت ضغط الشارع اللبناني أُطلِق سراحهما.
قرّر الصلح إعادة انتخاب بشارة الخوري رئيسا للبنان في العام نفسه، بهدف الحفاظ على استقلاله بعيدا عن الانتداب الفرنسي.
إعدام أنطوان سعادة
في أواخر أبريل/نيسان عام 1949 زار رئيس الحكومة اللبنانية رياض الصُّلح دمشق، والتقى رئيسها حسني الزعيم، واتفقا على ترميم العلاقات بين البلدين.
لكن حدث صدام بين حزب الكتائب اللبناني والحزب القومي في التاسع من يونيو/حزيران 1949 في منطقة الجميزة (وهي منطقة سكنية وتجارية في مدينة بيروت) وتدخلت حكومة الصلح عسكريا، مما دفع أنطوان سعادة رئيس الحزب القومي للفرار إلى سوريا والاحتماء برئيسها حسني الزعيم.
إلا أنَّ فرار سعادة لم يدم طويلا فقد سلمه الرئيس السوري حسني الزعيم في السابع من يوليو/تموز 1949 للدولة اللبنانية، وصدر بحقه حكم بالإعدام نُفّذ في الثامن من يوليو/تموز 1949.
الوظائف والمسؤوليات
انتمى رياض الصلح إلى جمعيات سرية، هدفها حصول العرب على الحكم الذاتي في إطار إمبراطورية ثنائية القومية. ففي بداية عام 1913 حصل على عضوية "الجمعية القحطانية"، ثم انتمى إلى "جمعية العربية الفتاة"، وانضم كذلك إلى حزب الاستقلال العربي الذي شكلته "جمعية العربية الفتاة".
عمل رياض كاتبا في صحيفتي المفيد والإخاء. وفي عهد الأمير فيصل بن الحسين 1918-1920 عُيّن حاكما على صيدا التي تضم بين سكانها المسلمين السنة والشيعة والروم الكاثوليك، والبروتستانت، والموارنة واليهود.
الاغتيال
كان رياض الصلح هدفا لمحاولة اغتيال في التاسع من مارس/آذار 1950، في بيروت، وذلك بعد أن أطلق عليه رجل 3 طلقات، إلا أنَّ هذه المحاولة باءت بالإخفاق.
وفي 16 يوليو/تموز 1951 أطلقت عليه سيارة عدة رصاصات في العاصمة الأردنية عمان وهو في طريقه إلى المطار للسفر إلى بيروت أدت إلى وفاته.
المصدر : الجزيرة الاثنين 12-12-2022 مواقع إلكترونية