الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ستة أشهر على الهجوم الكيماوي

ستة أشهر على الهجوم الكيماوي

15.02.2014
صحيفة «غارديان» البريطانية


البيان
الجمعة 14/2/2014
    مر ما يقارب ستة أشهر منذ الهجوم بالأسلحة الكيماوية على المدنيين في غوطة دمشق، الأمر الذي صدم العالم، وقد بدا لوهلة أن ذلك ربما يؤدي إلى تدخل عسكري، ما يدل على أنه كانت لا تزال هنالك "خطوط حمر" لا يمكن أن يسمح العالم المتحضر بتجاوزها.
وقدم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اقتراحاً لمجلس العموم يستنكر مثل ذلك الفعل، ويطالب باستجابة إنسانية قوية "قد تتطلب إجراء تصرف عسكري، إذا لزم الأمر". لكن لم يتم تفعيل ذلك المسار، وبدلاً منه شارك تصويت برلماني ب"لا"، وبشكل غير متعمد، في سلسلة أحداث أدت لقبول سوريا، وبشكل لافت للنظر، لاتفاق من شأنه إزالة أسلحتها الكيماوية.
ولا شك أن خلو سوريا من مخزونها من الأسلحة الكيماوية، أفضل من وجوده فيها، كما أن المحادثات في مؤتمر "جنيف-2" لم تمثل تقدماً من أي نوع. ولكن ما الذي تغير، حقاً، نتيجة لذلك الاتفاق؟ أولاً، انتقلت روسيا لمقعد القيادة، وأقنعت الرئيس السوري بشار الأسد بالموافقة على الاتفاق، الذي كان جيداً لكل منهما. ثانياً، أمكن لسياسة هجوم الرئيس السوري التي لا ترحم، أن تستمر دون انقطاع. وثالثاً، اكتسب نظام الأسد قوة عبر السيناريو الزائف باعتباره حصناً ضد الجماعات المتشددة، ولا تزال الأسلحة الكيماوية هناك.
كانت هناك نتيجة أخرى لتصويت مجلس العموم البريطاني، والذي كان الأول ضد السياسة الخارجية لرئيس وزراء بريطاني منذ عام 1782. فما الذي تستطيع الحكومة البريطانية فعله الآن بشأن تنفيذ إجراءات خارجية دون أخذ موافقة برلمانية صريحة؟
منذ حشد القوات البريطانية للحرب في العراق عام 2003، طور كل من البرلمان والحكومة عرفاً قوامه أنه إذا ما كان سيتم نشر القوات، فإن مجلس العموم سيصوت على ذلك. وقد صوت البريطانيون على ليبيا، لكنهم لم يصوتوا على الدعم الذي قدموه لفرنسا في مالي.
ومن ثم، وبشكل غير متعمد، وجدت بريطانيا نفسها في حالة من الفوضى إلى حد بعيد. وإذا كان البريطانيون حالياً في وضع يضطرهم لإقناع نصف البرلمان زائداً واحداً، قبل اتخاذ إجراءات تنفيذية صعبة للسياسة الخارجية، فبماذا يمكن أن تلزم الحكومة نفسها خلال المناقشات مع حلفائها أو التحضير مسبقاً لدفاع استراتيجي إقليمي؟ وما رأي الناخبين البريطانيين حالياً في أي تدخل عسكري بريطاني خارجي، يتجاوز جزر فوكلاند وجبل طارق؟
عاجلاً أم آجلاً، ستواجه الحكومة والبرلمان البريطانيان اختباراً جديداً لعرف السياسة الخارجية وأهدافها، ويحسن البريطانيون صنعاً بتدقيق معاييرهم قبل أن يحل هذا اليوم.