الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سر الصمت على مأساة "كوباني"؟

سر الصمت على مأساة "كوباني"؟

23.09.2014
منار الرشواني



الغد الاردنية
الاثنين 22-9-2014
ستة أيام مضت على بدء تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية هجومه الكاسح ضد منطقة "عين العرب"، أو "كوباني" بالتسمية الكردية، والذي أدى إلى تهجير 150 ألف إنسان؛ لجأ قرابة نصفهم إلى تركيا، فيما ما يزال البقية عالقين على الحدود. مع ذلك، فإن نظام بشار الأسد، بطائراته على الأقل التي تقصف كل المناطق السورية الأخرى، لم يتحرك لنجدة الأكراد السوريين؛ إن لم يكن من باب مواطنة هؤلاء والتي تفرض على النظام الذي يصر على شرعيته حمايتهم، فمن باب إثبات الكفاءة والأهلية للانضمام إلى التحالف الدولي ضد "داعش"، لاسيما وأن النظام لا يخفي توقه إلى ذلك.
لكن، قد تكون هذه النقطة الأخيرة تحديداً، أي الإصرار على الانضمام للتحالف ضد "داعش"، هي ما يفسر صمت نظام الأسد على مأساة "كوباني". فلربما يكون النظام بذلك يريد إثبات عجز القوات الكردية عن التصدي للتنظيم، وبحيث لا يغدو من مجال للإدارة الأميركية خصوصاً إلا مراجعة حساباتها بشأن الحلفاء القادرين عن مساعدتها في حملتها العسكرية المزمعة في سورية.
هكذا يصير مفهوماً صمت نظام الأسد عن المأساة الحاصلة، وهو الذي لا يبالي حتماً بالكلف الإنسانية التي يدفعها المواطن السوري من كل عرق ودين ومذهب، بل ويرى في فظائع "داعش" خدمة جليلة لإعادة قبوله دولياً، والحصول بالتالي على الشرعية، التي هي بالنسبة له خارجية غربية فقط. لكن، ماذا عن الصمت الأميركي هنا، لاسيما بعد إعلان الرئيس باراك أوباما، وبمباركة من الكونغرس بحزبيه، الديمقراطي والجمهوري، عن توسيع العمليات العسكرية لاستهداف "داعش" في سورية؟ لماذا لم تتحرك الطائرات الأميركية لإنقاذ أكراد سورية، أسوة بأكراد وأزيديي العراق؟
هنا يمكن اقتراح تفسيرات عديدة لهذا الصمت الأميركي؛ أولها وأبسطها هو عدم وجود استراتيجية أميركية شاملة لمواجهة "داعش"، لاسيما في سورية، خلافاً لما يصرح به مسؤولو الإدارة الأميركية. وهو ما يجعل هذه الإدارة تقف عاجزة عن مواجهة المفاجأة الجديدة، وليست الأولى، للتنظيم بهجومه الكاسح على "كوباني".
أما التفسير الثاني، والذي لا بد من الإقرار بأنه أقرب إلى نظرية المؤامرة، فهو رغبة الولايات المتحدة في ممارسة الضغط على تركيا عبر آلاف اللاجئين الأكراد المتدفقين إليها من سورية، وبما يجبرها على مراجعة موقفها الذي أقل ما يوصف بأنه "غامض" من التحالف الدولي ضد "داعش"، لاسيما في حال صحت التحليلات عن أن إطلاق سراح الرهائن الأتراك لدى التنظيم، أول من أمس، كان ضمن اتفاق بعدم دخول أنقرة في التحالف الدولي الآخذ بالتشكل.
إذا كان كل ما سبق هو محض تخمينات فعلاً، إلا أنها بحد ذاتها دليل قاطع على العقبات الهائلة التي تواجه استئصال "داعش". وهي عقبات تبرز من داخل التحالف الدولي، حيث اختلاف "الحلفاء" الواضح على النتائج النهائية، لاسيما بشأن بقاء الأسد ونفوذ إيران في العراق؛ كما تبرز أيضاً من خارج التحالف، حيث يريد البعض، لاسيما نظام الأسد وإيران، تحقيق مكاسب لمحاربة التنظيم، وإلى حين ذلك لا مانع لدى هؤلاء من غض الطرف عن فظائع "داعش"، كما حصل سابقاً، إن لم يكن دعمه بشكل مباشر أو غير مباشر. أما النتيجة النهائية، فهي تواصل مأساة شعوب المنطقة على يد الاستبداد؛ علمانياً ودينياً.