الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سقوط المعرة: تركيا لم تدعم.. والنصرة لم تقاتل بفعالية

سقوط المعرة: تركيا لم تدعم.. والنصرة لم تقاتل بفعالية

01.02.2020
المدن


المدن
الخميس 30/1/2020
يسود الجدل في أوساط المعارضة السورية حول أسباب الهزيمة في معرة النعمان جنوب شرق إدلب. وتعتبر قوى في المعارضة أن دعم تركيا المحدود، ودورها السلبي كطرف ضامن في اتفاق "خفض التصعيد"، أحد أهم العوامل التي أدت إلى الانهيار السريع في جبهات القتال لصالح النظام ومليشياته.
الاجتماعات والوعود التركية
مع بدء مليشيات النظام، منتصف كانون الثاني/يناير، تمهيدها الناري، للجولة الثانية من العملية العسكرية في منطقة معرة النعمان، وشملت أطراف حلب، في الوقت ذاته، بدأت اجتماعات دورية بين قادة الفصائل المعارضة ومسؤولين أتراك مكلفين بإدارة الملف السوري.
بعض الاجتماعات عقد في الشمال السوري في ريف حلب وبعضها في تركيا، للبحث في الوسائل المتوفرة لمواجهة الحملة البرية الأعنف، والتي تهدف إلى قضم كامل منطقة "خفض التصعيد"، هذا ما أُبلغ به المسؤولون العسكريون في المعارضة قبل انطلاق جولة المعارك، لكن مسؤولي المعارضة سربوا معلومات مضللة من الاجتماعات ولم يقولوا للناس الحقيقة.
ركزت التسريبات التي خرجت من اجتماعات قادة الفصائل مع المسؤولين الأتراك على الدعم المعنوي الكبير الذي حصل عليه قادة الفصائل خلال الاجتماعات، بالإضافة إلى الوعود الإنشائية، من قبيل "تركيا لن تسمح بسقوط ادلب"، وأنها "ستدعم المعارضة بأسلحة نوعية تقلب الموازين". هذا ما تداولته مواقع المعارضة وردده الناس في مناطق الشمال بتفاؤل قبل انطلاق الحملة العسكرية، وبعد أيام على انطلاقتها، وسقوط المناطق تباعاً، مدينة المعرة وأكثر من 30 قرية وبلدة في ريفها، بدت الوعود التركية من دون أي رصيد فعلي يكفل خوض مواجهة عسكرية متوازنة، أو على الأقل يتم من خلالها إيقاف زحف المليشيات.
هل يكفي الدعم التركي؟
لم تحصل فصائل المعارضة السورية على دعم عسكري استثنائي، ما عدا زيادة في كميات الصواريخ المضادة للدروع، من نوع "تاو"، وصواريخ مضادة للدروع من أنواع مختلفة أخرى، أما باقي الأنواع من الذخائر والأسلحة الثقيلة اللازمة لخوض المواجهات، والتي من المفترض بها أن تقلب موازين المعركة، لم تكن بكيمات كبيرة وجرى استخدام ما توفر منها بين أيدي مقاتلي الفصائل بترشيد كبير، ولم يكن لها الأثر البالغ على القوة الهجومية لدى المليشيات ولم تعرقل تقدمها.
أمام الحشد الهائل لمليشيات النظام قبيل الجولة الثانية من معارك منطقة المعرة كانت فصائل المعارضة بحاجة لدعم مضاعف من الأسلحة الثقيلة لكي تحقق التوازن في الميدان، فكانت مضطرة للقتال بما توفر لديها من إمكانات.
يضاف إلى مشكلة الذخائر والأسلحة النوعية التي افتقدتها الفصائل، مجموعة من العوامل التي ساهمت إلى حد كبير في هزيمتها، سوء إدارة العمليات الدفاعية، وغياب التنظيم وفشلها في توزيع الذخائر على جبهات القتال بشكل جيد. في جبهات حلب كان استخدام الفصائل للصواريخ المضادة للدروع بشكل أكبر، مكنها ذلك إلى حد بعيد من التصدي لعدد كبير من الهجمات البرية، وتدمير عشرات الآليات والمدرعات في وقت قياسي. في حين كانت قواعد الصواريخ في منطقة عمليات المعرة أقل ما أثر سلباً على العمليات الدفاعية وأدى إلى انهيار الخطوط الدفاعية بشكل سريع.
الهزيمة مسؤولية تركيا؟
بالتزامن مع سقوط المدن والبلدات واحدة تلو الأخرى لصالح مليشيات النظام في ريفي إدلب الجنوبي الشرقي، وآخرها، خسارة مدينة معرة النعمان أكبر مدن المنطقة، كان الجدل يتصاعد في أوساط المعارضة حول الدور السلبي لتركيا، باعتباره العامل الأهم في سقوط المناطق وتقدم مليشيات النظام.
طيف واسع من قوى المعارضة، ممن كانوا يؤيدون التواجد التركي ودوره الإيجابي المفترض في "خفض التصعيد" تغيرت مواقفهم، وبحسب المنتقدين من المعارضة، فإن الدور التركي السلبي لا يقتصر على قلة الدعم العسكري المقدم، وإدخال المعارضة في ورطة "اتفاق أستانا" وحسب،  إنما يتجاوزه إلى مسؤوليتها عن تدجين الفصائل بما فيها الإسلامية، وإضعافها وإغوائها بالحلول السياسية بدلاً من الدفاع عن المناطق. وهو ما بدا واضحاً في الأداء الهزيل للفصائل في المعارك الأخيرة.
وبدا أداء الفصائل المعارضة والإسلامية هزيلاً بالفعل ولا يتناسب مع المخاطر المترتبة على العملية العسكرية التي تخوضها مليشيات النظام، وبرغم الإمكانات والدعم العسكري المتواضع كان في امكان الفصائل القتال بشكل أفضل، أو إطالة عمر المعركة واستنزاف المليشيات على الأقل.
ويبدو أن الفصائل ما تزال تعول على الدور التركي وتغير ما في المواقف الدولية لوقف العمليات العسكرية في ادلب، واحتفاظها بما يبقى من مناطق خارج منطقة "خفض التصعيد" التي ترجح خسارتها تباعاً.
يبدو أداء "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) في المعارك الأخيرة أقل من المتوقع بكثير، لا تقاتل التنظيمات السلفية عادة بهذا الشكل في حال كان الخطر يهدد وجودها بالفعل، لم تزج "تحرير الشام" بكامل قوتها ولم تستخدم المفخخات كما كانت تعد دائماً، ولم تسمح لمقاتلي الفصائل المبعدين بالعودة للدفاع عن مناطقهم.
ويبدو أن "تحرير الشام" وكما باقي الفصائل تعتقد أن المعركة ليست الأخيرة وما تزال هناك فرص للبقاء، وأنه من المبكر خوض المعركة الحاسمة ضد مليشيات النظام.