الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سقوط مملكة الأسد

سقوط مملكة الأسد

03.04.2014
د. خالص جلبي


الاتحاد
الاربعاء 2/4/2014
إنه عنوان كتاب المؤلف الأميركي‏ David .W.Lesch)) الذي يعرف البلاط الأسدي من الداخل، وله علاقات جيدة برؤوس النظام في دمشق، ويتنبأ بشر عاقبة لهم. وهو يعتبر في مقدمة الكتاب أن عصر دولة المخابرات الأسدية انتهى، كما ينقل عن الأسد قوله: "إن ما‏ حدث في مصر وتونس طبيعي أما عندنا فلن يحدث شيء"، مما يدل على أنه يعتبر نفسه محصناً ضد قوانين التاريخ، وهي الجملة نفسها التي كررها شاوسيسكو حين كان في زيارة لملالي طهران قبل مصرعه بأربعة أيام، حين سئل عن العاصفة التي تجتاح أوروبا الشرقية، فأجاب: "لكنكم لا تعرفون الشعب الروماني، وأريد أن أطمئنكم أنه لو تحول شجر الصفصاف إلى تين لربما تغير الوضع في رومانيا"، وما حدث أنه بعد أربعة أيام أصبح نسياً منسياً.
وينقل "ليش" عن بيتر هارلينج، مدير المشروع الإقليمي لمجموعة الأزمات الدولية، قوله في تفسير الانفجار السوري: لن يستمر أي مجتمع في السكوت على الاضطهاد، وإن استخدام الأساليب القديمة يعود بنتائج عكسية. ويشير "ليش" إلى ظاهرة استخدام أيام الجمع للتظاهر تحت شعارات ذات دلالات رمزية عميقة؛ مثل "جمعة الكرامة"، و"جمعة العزة"، و"جمعة الشهداء". وينقل عن مجموعة "المبادرة الوطنية للتغيير" أنها اقترحت انتقالا ديمقراطياً تدريجياً، وإلا فالبديل هو الفوضى والخراب، وأنها اقترحت تعيين وزير الدفاع علي الحبيب، ورئيس الأركان عماد راجحة، للإشراف على هذه المهمة، فعثر على الأول ميتاً في ظروف غامضة: هي قتل انتحار على طريقة النظام في الغالب، أما الثاني فنُسف مع من نسف في التفجير الذي استهدف "خلية الأزمة".
ويبدو أن ما كان يرسله "ليش" إلى أعلى المستويات في القيادة البعثية كان يغضبهم، وهو ينقل بعض أسرار صمود هذا النظام الطائفي، مشيراً إلى أن النظام الإيراني ساعده في كل شيء، بما في ذلك مراقبة الإنترنت. ثم ينقل ما يسميه "سيناريو يوم القيامة"، موضحاً أنه في حال سقوط نظام الأسد، ‏
فستنشب حرب أهلية تنتشر عبر المنطقة وتشمل لبنان والعراق وما هو أبعد منهما. لذلك فقد شبّه الكاتب اللبناني رامي خوري الوضع بعملية الإنقاذ التي قامت بها أميركا في أزمة الرهن العقاري عام 2008 لإنقاذ البنوك المفلسة. فسوريا بنك أكبر من أن نسمح له بالانهيار، وإن شبح الفوضى الطائفية مخيف لكل المنطقة، وأي نزاع إقليمي قد يصبح عالمياً إذا دخلت بعض الدول العربية في هذا الفرن الساخن، وإيران من الطرف الآخر وتركيا. هنا علينا تذكر مقولة المؤرخ البريطاني توينبي عن الصراع العثماني الصفوي وكيف كانت فارس شوكة في خاصرة الدولة العلية، وكيف تعاونت مع بريطانيا ضدها ودامت الحرب الصفوية العثمانية قرناً أو يزيد.
علينا أيضاً أن نتذكر الحرب العالمية الأولى وكيف اندلعت بطلقة في سراييفو، فلا أحد يعلم كيف تنتهي الأمور. الحرب يمكن أن يشعل فتيلها أي أحمق خارج إحداثيات التاريخ، لكن نهايتها لا يجليها لوقتها إلا الله.
كما يوجد احتمال لتدخل تركيا في الشمال السوري، حماية لمصالحها في ظل حكومة أردوجان مع ظهيرها من "الناتو". وستضطر أميركا للتدخل في أمواج التسونامي التي فجرها الأسد. ولو أن هذا الأخير وعصبته في الأشهر الستة الأولى، أفسحوا المجال لهامش من الحرية والكرامة لنجت البلاد والمنطقة، لكن سوريا اليوم في نقطة اللاعودة.