الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سلاح التجويع في سوريا.. قضايا تبحث عن حل!

سلاح التجويع في سوريا.. قضايا تبحث عن حل!

21.01.2016
علي الرشيد



الشرق القطرية
الاربعاء 20/1/2016
لم يعد للموت مِخلَب إلاّ وأنشبه في أجساد السوريين، والغريب أن العالم مازال يتفرّج عليهم، وفي أحسن الأحوال يعرب المجتمع الدولي عن قلقه على مصيرهم وإداناته لما يحدث لهم، وهو أمر لا يقدّم ولا يؤخّر.
واضح أن الضمير الإنساني قد أصمّ أذنيه وأغمض عينيه عما يحدث في سوريا وأزمتها المتواصلة، وإذا اهتزّ فيما يخص الوضع الإنساني فيتحرك لبضعة أيام، تحت تأثير تسليط الأضواء الإعلامية المكثفة على بعض القضايا المؤلمة، كما حدث عند غرق الطفل إيلان، أو عند مشاهدته صور بعض ضحايا مضايا، أو عند إغلاق الحدود في وجه المهاجرين المتوجّهين لأوروبا، أو عند هطول الثلوج على المخيمات، ثم ما يلبث أن يدخل في سبات طويل.
حتى لو بقينا في مسألة الجوع ، فمشكلة مضايا لم تحل، ولن تحل بقافلة مساعدات تدخل على مزاج المحاصرين، وإنما الحل بالضغط عليهم كي يفكوا حصارهم عنها، وينهوا استخدام سلاح التجويع بحق المدنيين تحت أي ذريعة (حسب رئيس المجلس المحلي لمضايا فإنّ المساعدات تكفي لإغاثة المدينة فقط لثلاثة أسابيع)، فضلا عن أنّ بعض الأشخاص يموتون حتى بعد دخول قافلة المعونات، بحكم أنهم مصابون بسوء التغذية.. وحسب مدير العمليات بمنظمة" أطباء بلا حدود" فإنّ بعض المرضى الموجودين حاليا في مضايا قد لا يبقون ليوم إضافي على قيد الحياة، لذلك يعدّ الإخلاء الطبي الفوري للحالات المرضية الحرجة وللمصابين بسوء التغذية أمرا حتميا يجب أن يتم على الفور، لكن إما أنّ هذا لا يتم، أو تعترضه عقبات كثيرة، بدليل أن مزيدا من الضحايا يموتون أمام أعين مندوبي هذه المنظمات الأممية والدولية حتى الآن.
وإذا كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مؤمنا بأن الحصار والتجويع جريمة حرب، فلِمَ لا يعلن حزب الله كتنظيم إرهابي، ولم لا يأمر بمحاكمته هو والنظام السوري، خصوصا أن كيونج واكانج مساعدته للشؤون الإنسانية، طالبت بالوقف الفوري لحصار المدن السورية من قبل أطراف النزاع في هذا البلد، منددة بما أسمته "التكتيك الوحشي"، واعتبرته "انتهاكا خطيرا للقانون الدولي".
وفي مسألة التجويع أيضا؛ فإن المشكلة لا تنحصر في مضايا فقط فالأمم المتحدة تقول: إن قرابة 450 ألف شخص محاصرون في نحو 15 منطقة في أجزاء مختلفة من سوريا، بينها مناطق تسيطر عليها الحكومة، أو تنظيم الدولة الإسلامية أو جماعات مسلحة أخرى.
والأمر لا يتوقف عند هذا الحدّ؛ فرغم إدراك برنامج الأغذية العالمي لحاجة " مضايا" لاستجابة عاجلة، نظرا لما تعاني منه، فإنّه يبدي قلقا أيضاً إزاء وضع 4.5 مليون سوري يعيشون في ظل الحصار، في مناطق يصعب الوصول إليها في مختلف أنحاء سوريا.
ومن الأمور المتصلة في هذا الجانب إشكالات التعامل بين المنظمات الإنسانية الدولية والنظام السوري، وما تتضمنه من تدخل للنظام في عمل هذه المنظمات، وهو ما يؤدي إلى وصول المساعدات إلى غير مستحقيها، وإلى تنازلات مجحفة تقدّمها المنظمات لكي يضمنوا استمرار عملهم، ومن هذه الأمثلة ما كشف عنه موقع "ميدل إيست آي" البريطاني من أن مكتب الأمم المتحدة للإغاثة في دمشق سمح للنظام السوري بإجراء تغييرات على تقريره، وغيّر مصطلحات بناء على طلبه. وخضع المكتب لتدخّل النظام وحذف كلمة "محاصرة" عند الحديث عن مضايا واضعا بدلا منها عبارة "يصعب الوصول إليها", واستبدل كلمة "أزمة" بكلمة "نزاع". وكذلك رفض النظام السوري منح منظمات الإغاثة الدولية الإذن بتوصيل المساعدات إلى مؤيديه المحاصرين في مدينة دير الزور، لأن قادة جيشه هناك يستغلون هذه الأزمة للتربح المالي، بحسب صحيفة التايمز البريطانية، وتشير الصحيفة إلى مزاعم مكررة واتهامات للنظام بأنه يستولي على المساعدات التي توزعها الأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الدولية، ويمنحها لجنوده. كما أقرّ برنامج الأغذية العالمي أن أغلب المساعدات التي يوزعها في سوريا منذ 2014 تتم عبر منظمة "الهلال الأحمر السوري" التي ليس له عليها أي سلطة، حيث تشير مصادر إلى أن إدارتها العليا موالية للنظام السوري.
والسؤال الذي يطرح نفسه أخيرا هو: ماذا ينتظر العالم كي يتحرك من أجل وقف نزيف موت السوريين وإزهاق أرواحهم، بعد خمس سنوات من الأزمة الدائرة ؟!