الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سلام سوري مؤجل

سلام سوري مؤجل

03.11.2015
منار الرشواني



الغد الاردنية
الاثنين 2/11/2015
قد تبدو مفارقة أن يكون الدليل على فشل محادثات فيينا التي عقدت في 30 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، لإيجاد حل سياسي للمأساة السورية، هو تضمين البيان الصادر عن تلك المحادثات نصاً يؤكد على أن "سورية هي التي تملك وتقود هذه العملية السياسية (التي تفضي إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية على أن يعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات) والشعب السوري هو من يحدد مستقبل سورية".
ذلك أن الأبرز في محادثات فيينا التي شاركت فيها سبع عشرة دولة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، كان غياب الدولة المعنية ذاتها؛ أي سورية، نظاماً ومعارضة! في اعتراف من الجميع، على الطرفين المتقابلين والمتقاتلين مباشرة أو بالوكالة، أن الحل لم يعد بيد السوريين ككل. وليكون واضحاً، من ثم، أن "الزعم" بضرورة إعادة تنفيذ هذا الحل إلى سورية وشعبها - بعد أن يتفاوض عليه غيرهما!- ليس أكثر من محاولة كسب وقت من قبل روسيا وإيران تحديداً، في سبيل خلق وقائع جديدة على الأرض تحسّن شروط تفاوضهما على الحل المطلوب.
طبعاً، يمكن، من وجهة نظر أخرى، قراءة البند السابق باعتباره نصاً توفيقياً يحفظ ماء وجه روسيا خصوصاً، بشأن مصير بشار الأسد، لاسيما مع وجود بند آخر يذهب إلى أنه ينبغي إجراء "الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بموافقة الحكومة وبالتزام أعلى المعايير الدولية للشفافية والمحاسبة وأن تكون حرة نزيهة يحق لكل السوريين ومنهم المغتربون المشاركة فيها". إذ لا يتوقع أبداً فوز الأسد بأي انتخابات حرة ونزيهة يشارك فيها كل السوريين، بمن فيهم اللاجئون. وهو إزاء ذلك لا يملك إلا عدم الترشح، أو مواجهة الهزيمة؛ فيكون الحل سورياً خالصاً فعلاً.
لكن عدا عن عدم الثقة بوعود روسيا (وإيران حتماً) برعاية عملية سياسية صادقة؛ وعدا عن الصعوبات الهائلة التي ستعترض تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية في سورية والبلدان المضيفة للاجئين خصوصاً، فإن ما يفند القراءة الأخيرة المتفائلة أو الرغائبية، هو تصاعد العمليات العسكرية الروسية لتبلغ ذروة غير مسبوقة في اليوم ذاته لانعقاد محادثات فيينا. إذ يفترض العكس لو كان الروس جادين فعلاً في التوصل إلى تسوية سياسية، لا بد وأن تتضمن التخلي عن الأسد بطريقة أو بأخرى؛ أي تخفيف القصف الجوي الذي يحصد أساساً أرواح المدنيين، ناهيك عن تدمير مستشفيات في مناطق المعارضة السورية.
على الطرف الآخر يمكن استنتاج أن الولايات المتحدة لا تمانع هكذا مماطلة روسية-إيرانية، لكن لتحقيق النقيض؛ أي استنزاف روسيا التي لم تنجز بعد شهر من تدخلها العسكري ما كانت تتوقعه، أو ما يتناسب على الأقل -بحسب خبراء- مع حجم هذا التدخل، والتنسيق مع إيران ومليشياتها برياً. وهنا يكثر الحديث الأميركي عن أن التكلفة المالية للتدخل الروسي لا تسمح باستمراره لأكثر من أشهر معدودة.
بعد قرابة خمس سنوات، يبدو ممكناً القول إن الجميع يتفق على ضرورة تسوية سياسية للمأساة السورية، لكن الطريق إلى ذلك تمر عبر اتفاق ضمني آخر بين روسيا وإيران والولايات المتحدة خصوصاً، يقوم على إلحاق مزيد من الدمار بسورية وشعبها، كل لأهدافه، لكن أيضا من دون ضمانات بعدم خروج الأمور عن سيطرة هؤلاء سورياً وإقليمياً وحتى دولياً.