الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سنجار حصن "العمال الكردستاني" السوري الجديد؟

سنجار حصن "العمال الكردستاني" السوري الجديد؟

28.08.2014
سامويل فوري



الحياة
الاربعاء 27-8-2014
علم "حزب العمال الكردستاني" يرفرف فوق قمة جبل سنجار، واسمه المتداول اليوم هو "شنكال"، مرادف اسم الجبل باللغة الكردية. وموقع مقاتلو "الكردستاني" في هذه القلعة الطبيعية الحصينة يطل على سهل يشغله الجهاديون. والجبل هذا له مدخلان: الأول جنوبي على مقربة من مدينة شنكال التي سقطت في أيدي "الدولة الإسلامية".
والطريق إليه هي سلسلة أروقة ضيقة متلاصقة. وفي هذه الناحية يعصى الجهاديين شن هجماتهم السريعة على ما درجوا في مناطق السهوب، ويعوق طريقهم مدفع رشاش ثبته مقاتلو "الكردستاني" في أعلى الجبل يمطر بالرصاص كل من يحاول التقدم. ومدخل الجبل الثاني هو من جهة الشمال عبر مدينة سنوني، التي وقعت كذلك في أيدي الجهاديين المحاصرين منذ 3 آب (أغسطس) الجاري، تاريخ تطويق مقاتلي "الكردستاني" المدينة هذه، وإخلاء مقاتلي بشمركة كردستان العراق مواقعهم في المنطقة.
وتركت قوات البشمركة الأيزيديين لمصيرهم في مواجهة مقاتلي "الدولة الإسلامية"، الذين أهدروا دمهم وخيروهم بين اعتناق الإسلام أو الموت.
وبلغ عدد النازحين الأيزيديين نحو مئتي ألف شخص، وفق الأمم المتحدة، وتحصّن 50 ألفاً منهم في جبل شنكال، حيث معابدهم وقببها المخروطية الشكل. والأيزيديون وقعوا في الفخ، فهم محاصرون من الشمال والجنوب، "وجب عليهم الدفاع عن الأيزيديين، فهم يشاركون الأكراد تاريخهم. نحن (الجناح السوري من "حزب العمال الكردستاني") بادرنا الى القتال... وشنينا هجوماً في اللحظة الأخيرة. والأكراد العراقيون لم يقاتلوا وكانت معنوياتهم سيئة"، يقول إيجيد سيفان، قائد قوات "الكردستاني" في شنكال. وتعود المواجهة بين الأكراد السوريين والجهاديين إلى وقت سابق. فمنذ تموز (يوليو) 2012، إثر انسحاب استخبارات النظام السوري وقواته من مناطقهم (محافظة روج آفا، أي غرب كردستان) وهم يديرون المحافظة إدارة شبه ذاتية وشبه مستقلة. وانضم الأكراد السوريون الى "الكردستـاني" بعد 5 أيام على بدء المعارك.
ولا شك في أن مقاتلي "الكردستاني" ومقاتلاته أشداء ويحسب لهم الحساب، وهم يتدربون منذ الصغر على حمل السلاح، فعلى سبيل المثل مضى على التحاق شفق ابنة الثامنة والعشرين بالحزب هذا نحو 15 سنة، وتدربت في معسكرات قنديل "الكردستانية" شمال الـــعراق، وشـــنت أول هجوم لها في 2004 يوم كانت في السادسة عشرة، واستهدفت قوات إيرانية رداً على قمع أكراد إيران. والمقاتلون الأشداء هؤلاء يمدون يد العون اليوم إلى أكراد سورية من أجل فك الحصار عن شنكال.
واقتضى تقدم القوات الكردية السورية عبور الحدود السورية وسهول الرمل الناعم الذي تغرز فيه أقدام المشاة ثم الانتقال من موقع إلى موقع والغبار يغشي الرؤية، والجهاديون منتشرون. وعلى الطريق، يلفى المرء عشرات السيارات التي خلّفها الهاربون من القتال.
وفي 5 آب (أغسطس)، وصل أول المقاتلين إلى الجبل، وفي 7 و8 آب، شقت طريق إليه، وتوسعت شيئاً فشيئاً. ووسع عشرات الآلاف من الأيزيديين الهرب من الحصار والانتقال إلى كردستان سورية ومنه إلى شمال كردستان العراق. ويقول رجل أيزيدي في عقده السادس التحق بمقاتلي "الكردستاني" لمواجهة الجهاديين: "تخلى عنا الأكراد العراقيون! وحزب العمال الكردستاني قام بعمليات تسلل منذ اليوم الثاني على الحصار. ويعود الفضل إليهم وإلى القدير في فك الحصار عنا. ولن ننسى معروفهم هذا". ومئات من الأيزيديين انضموا إلى قوات "الكردستاني". "فهم يملكون السلاح، وطلبوا مساعدتنا في تدريبهم على استخدامه. واليوم، يرافق كل مجموعة مقاتلين أيزيديين مقاتلٌ من حزب العمال الكردستاني"، يقول سفيان.
وعلى مقربة من الجبل، صادفت مجموعة من رجال البشمركة، وهم أكراد عراقيون وأشقاء "الكردستاني" الألداء. ويقول الجنرال المسؤول عنهم إنهم "هنا لمساعدة الأكراد الأشقاء والتعاون معهم على تحرير المنطقة". ولكن القائد سفيان من "حزب العمال الكردستاني" يخالفه الرأي ويقول إن قوات البشمركة قصدت المنطقة ليس للقتال بل من أجل تضليل الرأي العام وإقناعه بأنـــها لم تتخلَّ عن شنكال. ويقدر عدد الأيزيديين اليوم في شنكال بـ 5 آلاف نسمة، ولكن عددهم هو أقل على الأرجح. وفي المساء تمدهم طائرات الجيش العراقي بالمؤن. ويبدو أن الأوضاع تغيرت في الجبل، فكل يوم تمر شاحنات حزب "العمال الكردستاني" ذهاباً وإياباً بين سورية وشنكال، ويبدو أن مقاتليه انتخبوا الجبل ملاذاً جديداً لهم.
 
 
* مراسل، عن "لوفيغارو" الفرنسية، 19/8/2014، إعداد منال نحاس