الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "سوتشي" تحت الاختبار

"سوتشي" تحت الاختبار

31.12.2017
يونس السيد


الخليج
السبت 30/12/2017
تساؤلات عديدة باتت تطرح حول مدى إمكانية نجاح "مؤتمر سوتشي"، المقرر عقده في نهاية الشهر المقبل، في صنع السلام أو حل الأزمة السورية، بعدما اتسعت دائرة الرفض من جانب القوى والفصائل المعارضة للمشاركة فيه، إلى جانب معوقات أخرى كتمثيل الأكراد، واستمرار الغموض بشأن مضمون وبرنامج وآليات المؤتمر ذاته.
فيما عدا التوافق الذي حدث، في الجولة الثامنة من محادثات أستانا، بين الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) على موعد عقد المؤتمر، مع إيحاءات بتذليل العقبات التي تعترض طريق انعقاده، من نوع ضغط أنقرة على فصائل المعارضة من أجل المشاركة، مقابل تمثيل حيادي للأكراد لا يشمل الفصائل التي تعتبرها أنقرة منظمات إرهابية، لا يبدو أن هناك اتفاقاً على مضمون المؤتمر ولا على أهدافه النهائية.
صحيح أن روسيا باتت تمتلك القول الفصل في سوريا في لحظة تردد أو انكفاء أمريكي لأسباب كثيرة في مقدمتها إفرازات الصراع الميداني على الأرض، لكن واشنطن لا تزال قادرة على عرقلة الخطط الروسية طالما أنها ليست شريكاً، على الأقل، ما يعني العودة إلى بديهيات الحل وهو التوافق الأمريكي- الروسي. كما أن روسيا، التي حاولت أكثر من مرة، التأكيد على أن "مؤتمر سوتشي" ليس بديلاً عن مسار جنيف، وإنما مكمل له، ولا عن قرارات الأمم المتحدة، ودعت إلى رعاية دولية له وحتى ترؤس جلساته، لم تجد آذاناً صاغية، كونها لم تستطع إبعاد شبح البديل أو تبديد قلق واشنطن والمعارضة، فيما يمثل الإصرار الروسي على عدم مناقشة مصير الأسد أو الحديث عن أي انتقال سياسي، بخلاف "جنيف"، والاكتفاء بمناقشة الدستور والانتخابات، دافعاً آخر لاتساع رقعة المعارضة، حيث سارع الائتلاف السوري المعارض ومعه نحو أربعين فصيلاً مسلحاً، إلى الإعلان ليس فقط عن رفض المشاركة، بل إلى إعلان "روسيا دولة معادية". وما يعكس تزايد القلق الدولي، هو مسارعة المبعوث الأممي دي ميستورا، إلى الإعلان عن عقد جولة جديدة من محادثات جنيف في النصف الثاني من يناير/كانون الثاني أيضاً، لمناقشة ذات المواضيع وهي الدستور والانتخابات.
"مؤتمر سوتشي"، الذي تأجل أكثر من مرة، سينعقد في نهاية المطاف، ربما بمشاركة أجزاء من المعارضة تحت الضغط، وربما بحضور قوى وشخصيات تمثيلية أخرى من العشائر والطوائف ومؤسسات المجتمع المدني (نحو 1500 شخصية)، ولكن هل يستطيع أن يحقق أهدافه في تعديل الدستور أو تغييره، وإجراء انتخابات يقتنع بها المجتمع الدولي، حتى وإن كانت تحت إشراف أممي.. ذلك هو الاختبار الصعب.