الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "سورنة" لبنان 2014!

"سورنة" لبنان 2014!

24.12.2013
علي بردى


النهار
23/12/2013
مضت سنة عصيبة على لبنان. لم تكترث فيها الطبقة السياسية لمصير هذا البلد. ذهب كل طرف بعيداً في تأييد هذا الطرف أو ذاك في الحرب الطاحنة التي تشهدها سوريا. اجتهد البعض كثيراً لتبرير انخراطه المباشر في هذه المعركة. أخشى ما يخشاه المراقبون من بعيد أن تكون 2014 واحدة من أخطر السنوات على اللبنانيين.
لم يعد مؤثراً القول إن الأزمة السورية بدأت لهذا السبب أو ذاك. هذا الجدل صار عقيماً. لم تجد كل المناشدات والنداءات لثني البعض عن المشاركة العسكرية الفعلية في الحرب. حدود المعارك تكاد تتلاشى. سفك الدماء جار على قدم وساق. لا تنقص اللبنانيين "موهبة" الاستقطاب و"شراء" المشاكل. كأن ما لديهم أصلاً لا يكفيهم. تبرر كل جهة أسباب وقوفها الى جانب هذه الفئة أو تلك في الحرب السورية.
من زمان يطرز بعض اللبنانيين قصائد عصماء في حب البعث السوري. يتغنى بأمجاد سوريا الرئيسين بشار الأسد وقبله الراحل حافظ الأسد، من الصمود والتصدي الى المقاومة والممانعة. من زمان يأسى لبنانيون كثيرون لحال السوريين وسواهم من نظام بطاش رهيب لا يقيم اعتباراً لقيم حقوق الإنسان والحياة الإنسانية لا في سوريا ولا في محيطها. من زمان يسعى البعض الى دعم قوى المجتمع المدني كي تكون بديلاً من القوى الإسلامية المتشددة، ولكن من دون جدوى. جاء ظهور "جبهة النصرة لأهل الشام" ثم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" ("داعش") وغيرهما من التنظيمات الجهادية التي تعتنق فكر تنظيم "القاعدة" لتضع السوريين أمام خيارين مريرين لا يحسدون عليهما. هؤلاء حوّلوا سوريا "أرض جهاد" ومصنعاً لإنتاج الإرهابيين. ساهمت المشاركة العلنية المباشرة لـ"حزب الله" والى حد بعيد في تأجيج مشاعر الاحتراب السني - الشيعي. كان في امكانه – ولا يزال – أن يتبنى نظرية الدفاع عن النفس في لبنان فحسب. هذا البلد في غنى عن الانخراط في حرب قذرة كهذه.
لا تبدو آفاق مؤتمر جنيف الثاني واعدة على رغم الجهود الاستثنائية التي تبذلها الأمم المتحدة مدعومة خصوصاً من الولايات المتحدة وروسيا لاطلاق عملية سياسية تلجم المأساة الإنسانية التي تشهدها سوريا منذ ثلاث سنوات. لا يظهر الأطراف المتحاربون على الأرض، ولا الجهات الإقليمية الراعية لهم، استعدادات حتى لوقف نار انساني. حرب بالأصالة وبالوكالة تمتد نيرانها الى لبنان، الذي تضيق على أهله كل المساحات.
اللاجئون السوريون والفلسطينيون باتوا يشكلون ربع سكانه. مؤسساته الدستورية مشلولة. بلد يهرول من الفراغ الحكومي والنيابي الى الفراغ الرئاسي.
هذا مآل "سورنة" لبنان في 2014.