الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا أمام منعطف؟

سوريا أمام منعطف؟

19.12.2013
موناليزا فريحة



النهار
الاربعاء 18/12/2013
هل يشكل الصعود القوي للجهاديين في سوريا منعطفاً في النزاع؟ وهل يعيد شبح "القاعدة" خلط الاوراق ويحوّل أعداء الامس حلفاء؟ تساؤلات كهذه تطرح على وقع تطورات ميدانية يرافقها كلام عن محادثات محتملة بين الاميركيين و"الجبهة الاسلامية" التي طغى دورها أخيرا على دور "الجيش السوري الحر" الأكثر اعتدالاً.
لطالما شكل الجهاديون المنخرطون في النزاع السوري مصدر قلق للغرب. بهم تذرعت واشنطن لتبرير ترددها في دعم المعارضة المعتدلة. وبسببهم، أقله علناً، اكتفت بتزويد "الجيش السوري الحر" مساعدات غير فتاكة خوفا من وقوع عتاد غربي في أيدي متطرفين. ولكن هل تضطرها القوة المتنامية للفصائل التي تعتنق فكر "القاعدة"، عدوها اللدود، الى انخراط أكبر في الجبهة السورية؟
في تقدير خبراء، أنه لم يسبق لـ"القاعدة" أن سيطرت على منطقة حضرية وذات كثافة سكانية بحجم تلك التي يبسط فيها نفوذه في سوريا. لم يحصل ذلك في ملاذاته السابقة، لا في أفغانستان ولا في باكستان ولا في الصومال. تقديرات كهذه تكتسب حتماً أهمية في حسابات الغرب عموما وواشنطن خصوصاً. ووقت تنهار المعارضة السورية المسلحة المعتدلة تحت ضربات النظام من جهة، وفي ظل الانقسامات الداخلية وضعف التمويل الخارجي لها من جهة أخرى، قد تجد واشنطن نفسها مضطرة الى التعاون مع "الجبهة الاسلامية"، أكبر تحالف للفصائل الاسلامية المعارضة في سوريا،لمواجهة خصمها اللدود وكسب نفوذ في النزاع.
"الجبهة الاسلامية" ليست مدرجة على اللائحة الاميركية للارهاب، إلا أن كثيرين في فصائلها المسلحة الستة يعتنقون أفكارا معادية للاميركيين. اقامة ديموقراطية علمانية في سوريا ليست في حساباتها. في ميثاقها التأسيسي، تقدم نفسها على أنها تكوين عسكري سياسي اجتماعي إسلامي شامل. اضافة الى إسقاط النظام في سوريا، تتطلع الى "بناء دولة إسلامية تكون السيادة فيها لشرع الله". أما الاقليات والاتنيات غير المسلمة، فيمكن حمايتها بناء على أسس الشريعة. هذا ولا يخفي بعض من القادة الكبار للجبهة تأييدهم لافكار "القاعدة"!
حتى الآن، تحرص واشنطن على الايحاء بأنها تنسق اتصالات بين "الجبهة الاسلامية" والمعارضة السياسية في اطار الاستعدادات لمؤتمر جنيف – 2، ربما تفاديا لاتهامات باعادة تجربة "الافغان العرب".
مرة جديدة، ثمة ما يوحي بتبدل في قواعد اللعبة في سوريا. واشنطن تنفتح على السلفيين. فصائل من المعارضة المعتدلة التي تنبذ "الجبهة الاسلامية" قد تضطر الى التعاون مع النظام. ثمة قاعدة واحدة على حالها بعد أكثر من الف يوم من النزاع: نظام متمسك بالسلطة وضحايا في تزايد وسوريا الى المجهول.