الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "سوريا الجديدة"... وداعاً للاقليات

"سوريا الجديدة"... وداعاً للاقليات

26.01.2014
سميح صعب


النهار
25/1/2014
وجد وزير الخارجية الاميركي جون كيري الحل للاقليات في "سوريا الجديدة" بتوفير حماية دولية لها، معلناً ان كثيرا من دول العالم ابدت استعدادها لارسال قوات الى سوريا بعد ان يتم التوصل الى تسوية في جنيف 2 اساسها تنحي الرئيس بشار الاسد. واختار كيري موضوع الاقليات للتعليق عليه في مقابلته مع قناة "العربية" كي يرد على الموقف الروسي القائل بأن تغيير النظام الحالي في سوريا من دون بديل يتوافق عليه السوريون انفسهم سيعرض مصير الاقليات في سوريا ولا سيما منها العلويون والمسيحيون والدروز وغيرهم للخطر على غرار ما حصل في العراق بعد الغزو الاميركي عام 2003، اذ هجر معظم مسيحييه واقليات أخرى بينما كانت القوات الاميركية منشغلة بحماية وزارة النفط.
لا يعدو الوعد الاميركي كونه من قبيل ذر الرماد في العيون او من قبيل سياسة النعامة التي تدفن رأسها في الرمل فتعتقد ان أحداً لا يراها. الا تكفي نظرة واحدة يلقيها كيري على ما اطلق عليه هو نفسه في افتتاح مؤتمر جنيف2 "سوريا الجديدة" كي يتبين له ان التنظيمات الجهادية التي تسيطر على المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة، تتقاتل مع نفسها، "داعش" و"جبهة النصرة" اللتان تنتميان الى تنظيم "القاعدة" تتقاتلان في ما بينهما. وهذان التنظيمان نفسهما قاتلا مع "الجبهة الاسلامية" "الجيش السوري الحر" و "جيش المجاهدين" الذي انشيء حديثا يتقاتل مع "داعش". وفي "سوريا الجديدة" التي تدعمها من اميركا ودول الخليج العربي وتركيا مئات من الفصائل الاسلامية التي نشأت في السنوات الثلاث الاخيرة.
ومن السذاجة الاعتقاد، كما تروج المعارضة السورية في الخارج وواشنطن نفسها، ان بعض هذه التنظيمات اوجده النظام السوري كي يستخدمه فزاعة امام العالم الغربي ليكف عن دعم المعارضة يغير طابع الحرب السورية ويجعلها حرباً على الارهاب ويصرف النظر عن المطالبة برحيله. واذا ما كانت "داعش" من اختراع النظام، فكيف يدعو ايمن الظواهري الى مهادنتها وعدم قتالها.
ما يجري على الارض السورية أخطر بكثير مما يعتقده كيري و"اصدقاء الشعب السوري" وسائر فصائل المعارضة السورية في الخارج. فإذا كانت الفصائل المسلحة غير قادرة على التعايش في ما بينها ويكفر بعضها بعضا، فكيف ستقبل بالتعايش مع الاقليات حتى لو أتى كيري بجيوش العالم كله لحمايتها؟
في جنيف2 ظن البعض ان لهجة تصالحية ستسود المؤتمر الدولي وان اميركا قد تعتمد سياسة اكثر واقعية حيال الاحداث في سوريا. ولكن بدا ان المؤتمر استكمال للحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات.