الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا: انطلاق أعمال "اللجنة الدستورية" في جنيف في أجواء مشحونة ومحاولات النظام تضييع الوقت 

سوريا: انطلاق أعمال "اللجنة الدستورية" في جنيف في أجواء مشحونة ومحاولات النظام تضييع الوقت 

27.01.2021
هبة محمد



القدس العربي 
الثلاثاء 26/1/2021 
دمشق – "القدس العربي": انطلقت الدورة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية مع أجنحة الهيئة المصغرة الموكل إليها مهمة صياغة الدستور المكونة من 45 عضواً، بواقع 15 عضواً من كل من النظام والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني. حيث ترأس الجلسة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، وتولى إدارة الجلسات الرئيسان المشاركان، عن النظام أحمد الكزبري، وعن المعارضة هادي البحرة. 
وستناقش الجولة الهيكل العام للدستور الذي ستبنى عليه باقي فصوله، ومجموعة المبادئ الأساسية، وعلى رأسها حقوق المواطنة المتساوية، وفصل السلطات، واستقلال القضاء، فضلاً عن اللاجئين والنازحين السوريين. وأكد المبعوث الأممي غير بيدرسون مع انطلاق الجلسة الأولى على ضرورة الانتقال من الإعداد للإصلاح الدستوري إلى البدء بصياغة هذا الإصلاح. 
رئيس وفد النظام يرفض الولوج في عملية صياغة الدستور 
ووفقاً لمصادر "القدس العربي" فإن بيدرسون طلب مقترحات تصب في إطار تطوير آليات الحوار من أجل جولة أكثر فعالية وتنظيماً. ولكن الرئيسين المشتركين لم يصلا إلى توافق في هذا المجال وسمحا له بالتقدم بمقترحاته، إلا أن "هذه المقترحات لم تلق قبولاً من قبل الرئيس المشترك من طرف وفد النظام". 
وقبل بدء النقاش عبر الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن وفد النظام الكزبري عن رفضه الولوج في عملية صياغة الدستور، مستخدماً من جديد عامل الاستنزاف الزمني، في نية باتت معروفة للجميع، تصب في إطار أجندته بإجراء انتخابات شكلية، وفرضها على السوريين كـ "سلطة أمر واقع لسبعة أعوام قادمة" حيث قال الكزبري "إن وفده يرى ضرورة استمرار الإعداد للصياغة قبل الخوض بالصياغة" عازياً السبب إلى وجود "ضرورة في استمرار الحوار لاستكشاف نقاط التوافق والخلاف قبل الوصول إلى صياغات نهائية". ووفقاً للمصدر فقد بدأ النقاش المتقطع بسبب تسجيل "نقاط نظام، رفض جزء كبير منها على أنها مداخلات وليست نقاط نظام. تلا ذلك نقاش تحول تدريجياً إلى جدال وسجال بسبب خلافات قديمة وقعت خلال الجولة الأخيرة". 
النظام المعطّل 
وفي سياق سياسته الرامية إلى تعطيل المفاوضات، ومنعاً من الخوض في تفاصيل مواد الدستور التي يُخشى أن تحد من سلطة رئيس النظام وأجهزته الأمنية وفترة ولايته، تحدث وفد النظام خلال الجلسة الأولى عن السيادة الوطنية وربطه بمحددات داخلية وخارجية، كما ألصق الأخيرة على وجه التحديد "باستقلالية القرار الوطني ورفض الاحتلال والضغوطات الخارجية". في المقابل قدم وفد هيئة التفاوض مداخلات حول التعددية السياسية وسيادة القانون والحق في التنظيم واستقلالية النقابات والمنظمات المدنية. بينما ركز وفد المجتمع المدني الذي تغيب عدد من أعضائه على السيادة وتمظهراتها الداخلية والخارجية وعلى ضرورة بناء تفاهم حول الإطار السياسي للدولة قبل الخوض في باقي المبادئ الأخرى. 
وتهيئة للاجتماعات، وصل السبت الفائت، أعضاء الهيئة المصغّرة للجنة الدستورية إلى جنيف. حيث باشر ممثلو هيئة التفاوض الأحد باجتماعهم الفيزيائي الأول في قصر الأمم المتحدة، تحضيراً للجلسة الأولى، وركز أعضاء اللجنة على مراجعة خطة عملهم لهذا الأسبوع وفقاً لجدول الأعمال لمناقشة المبادئ الأساسية في الدستور وفقاً لولاية اللجنة الدستورية والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحتها الداخلية. كما أجرى الرئيس المشارك للجنة الدستورية، هادي البحرة، بمشاركة أعضاء من ممثلي هيئة التفاوض في اللجنة المصغرة، مع بيدرسون، وبحضور عدد من أعضاء فريقه اجتماعًا تحضيريًا للجلسة الأولى من الدورة الخامسة. وبحث البحرة خلال لقائه على ضرورة تسريع عملية الإصلاح الدستوري للوصول إلى صياغة دستور جديد لسوريا. وقال رئيس وفد المعارضة إن "السبيل الوحيد لوضع حد لمعاناة وآلام أهلنا، وأولها إطلاق سراح المعتقلين، ومعرفة مصير المغيبين، والعودة الآمنة والكريمة والطوعية للنازحين واللاجئين، ولتحقيق تطلعات شعبنا بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية، ودولة المواطنة المتساوية، لا يكون إلا بإنجاز حل سياسي عادل من خلال التطبيق الكامل للقرارين الأممين 2254 (لعام 2015) و2118 لعام (2013)". كما أكد على الانخراط الجاد وجاهزية ممثلي هيئة التفاوض للعمل الإيجابي بكل جهد ممكن من أجل إنجاز مهمة اللجنة الموكلة إليها وفق ولايتها إسهاماً منها في العملية السياسية وللتنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن 2254. وتعدّ اللجنة الدستورية خطوة أولى على طريق الحل السياسي بموجب القرار الأممي 2254 (2015) وفقاً لتصريحات سابقة أدلى بها بيدرسون، الذي يشرف على الاجتماعات بوصفه ميسّراً لها. 
"مسار متعارض" 
المعارض السياسي درويش خليفة اعتبر أن المسار الدستوري حتى اللحظة غير مرضٍ لشريحة كبيرة من السوريين المناهضين للنظام، إن كان من ناحية الإعداد للجنة أو الأهداف. وبرأي خليفة فإن النظام السوري حقق ما يريده من اللجنة من خلال مماطلته واستنفاده للوقت والوصول لعام 2021 "ونحن في نهاية الشهر الأول منه والآن الروس ينتظرون من النظام اسم مرشح البعث ضمن (مسرحية هزلية روسية) يوم 25 كانون الثاني/يناير أي في اليوم الذي ستعقد جلستكم الخامسة". وأضاف المتحدث لـ"القدس العربي": "روسيا التي أرغمت النظام على حضور وفده إلى جنيف، اشبعنا دبلوماسيوها قولاً: أن مسار اللجنة الدستورية يتعارض مع الانتخابات الرئاسية، وهناك فصل تام بينهما". ولم يبد المعارض السياسي أي تفاؤل أو نتائج مقبولة بالحد الأدى من الجولة الجارية، حيث قال "ماذا حققت الجلسات السابقة من مكاسب لجمهور الثورة؟ هل يسمح وفد النظام بمناقشة خضوع الجيش للإدارة السياسية للبلاد؟ أعتقد هذا خط أحمر بالنسبة لهم، إذ لا يُعقل أن ننتظر 16 شهرًا حتى تُناقش المبادئ الأساسية، بعد أن انتظر السوريون 18 شهرًا لتشكيل اللجنة لحين توافق دول مثلث آستانة-سوتشي". 
وأضاف "نحن كنشطاء مهتمين بالشأن العام ننظر إلى النتائج وانعكاساتها على القضية وما تحققه من مكاسب كون اللجنة في حالة تفاوض أكثر من الخوض في المبادئ الدستورية" معتبراً أن الحلول إزاء حالة الجمود السياسي الراهنة، "أن تتخذ واشنطن وحلفاؤها قراراً حاسماً بشأن اللجنة الدستورية – تدعمها وتعطيها فرصة حقيقية للنجاح، أو تعلن عن وفاتها بسبب عدم تحقيقها الهدف الذي أنشئت من أجله خلال مدة أقصاها شهر من الآن. والعودة للضغط من أجل تنفيذ القرار 2254 وفق تسلسل بنوده، بعد تجاوزها بحجة فتح اللجنة الدستورية الباب أمام باقي بنود القرار الدولي، متجاهلين هيئة الحكم الانتقالي". 
وشرح أن الحل السياسي – وفق رؤيته – يتطابق مع الورقة الخماسية غير الرسمية لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق تيلرسون والتي تتضمن تقليص صلاحيات الرئيس للوصول إلى مستوى من التقارب بين صلاحياته وصلاحيات رئيس الوزراء، مع ضمانات لاستقلال المؤسسات المركزية الأخرى والإدارات الإقليمية، في إشارة إلى الإدارات المحلية. وتدعو إلى إصلاح أجهزة الأمن بحيث تخضع للسلطة المدنية ويتم إنهاء الحصانة عنها، إضافة إلى عملها بشكل حيادي مع خضوعها للمساءلة والمحاسبة. كما تطالب الورقة بإشراف الأمم المتحدة على الانتخابات، وبمشاركة النازحين واللاجئين بموجب القرار 2254، بحيث تؤسس مؤسسات وفق معايير دولية تشرف على الانتخابات، بما فيها هيئة انتخابية مهنية وحيادية ومتوازنة، وتطبيق إجراءات بناء الثقة وتوفير البيئة المحايدة لإجراء الانتخابات. وبطبيعة الحال فإن "أي طرح غير الورقة الأمريكية الخماسية، كانت ستقبل به روسيا لأنها لا تمس أركان حكم الأسد".