الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا.. بانتظار العام المقبل !

سوريا.. بانتظار العام المقبل !

26.09.2013
د. عبد الحميد مسلم المجالي



الرأي الاردنية
الاربعاء 25-9-2013
كل التطورات في الأزمة السورية تنساب بسلاسة احيانا وبتعثر احيانا اخرى نحو نقطة زمنية فاصلة من العام المقبل، سيعلن فيها الرئيس بشار الاسد انه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية اخرى. اي انه سيغادر السلطة طواعية وبشكل طبيعي ليحفظ ماء وجهه ووجوه حلفائه في موسكو وطهران والداخل. لكن الاسد لن يغادر الا وهو يحمل معه ضمانات قانونية وسياسية تخصه شخصيا وتحصنه مع مجموعة من مقربيه من الملاحقة، بالاضافة الى طائفته التي سيحرص على تحصينها وحمايتها من اعمال الثأر المتوقعة، ومن اي محاولة لادخالها في حالة غربة او عزلة في وطنها، وذلك بحفظ حقوقها السياسية كأي طائفة سورية اخرى.
قبل الوصول الى النقطة الزمنية الفاصلة، ستجري مياه غزيرة في الانهار السورية اكثرها ملون بلون الدم بل بالدم نفسه، وبعضها ضغوط ومناورات ومواقف سياسية تمهد للتكيف مع مرحلة ما بعد بشار الاسد، ... تكيف هادئ وسلس، وليس انتقالا ثوريا، يقلب الطاولة على من حولها ويتسبب بتهشيمها وتهشيمهم، ويربك الحسابات، ومن بعدها المصالح والرغبات.
انهار الدم التي ستجري، سيكون منبع معظمها، قتال داخلي بين فصائل الثورة السورية تمهيدا للوصول الى النقطة الزمنية الفاصلة. ولعل ما جرى في مدينة اعزاز من قتال ضار بين الجيش الحر وميليشيات ما تسمى بدولة العراق والشام الاسلامية اي « القاعدة «، هو المعركة الاولى في حرب حاسمة وشرسة لتصفية الفصائل الاسلامية المتطرفة، لكي لايكون لها دور او تأثير او حتى وجود في سوريا ما بعد الاسد. وقد يكون الوقت الحاضر هو الوقت المناسب في تقدير من يخطط للمرحلة المقبلة للبدء بهذه التصفية، التي تحظى بتأييد وموافقة تلقائية من الجميع، العرب والروس
والايرانيون والغرب، بالاضافة الى فصائل من الثورة السورية نفسها، اكتوت بنار القاعدة وانصارها على الارض السورية، بعد ان دخلت الى الارض السورية دون دعوة من أحد، ولاتزال تشكل الضيف الثقيل الدم على اصحاب الدار، وعين الخارج عليها يتحفز لانهاء ضيافتها في الوقت المناسب.
اما المناورات والمساومات السياسية فستجري في مرحلة الاعداد لمؤتمر جنيف 2 وخلال المؤتمر نفسه، الذي سيذهب اليه الجميع وفي قناعتهم بانهم يرسمون الخطوط النهائية للخارطة السورية الداخلية، سواء ما يخص الحكومة الانتقالية وصلاحياتها، اوقوانين الانتخاب والاحزاب وحقوق الانسان، وكيفية الوصول الى دستور سوري ديمقراطي يعده السوريون بانفسهم ويحفظ بالدرجة الاولى حقوق الاقليات والطوائف، وربما يتحدث عن محاصصة قريبة من تلك التي جرى ترتيبها في جوار سوريا، اي في العراق ولبنان.
ما يغري بتوقع هذا السيناريو، هو رغبة القوتين الاعظم روسيا والولايات المتحدة، من خلال روح اتفاق الاسلحة الكيماوية، على الانتقال من مرحلة الحرب الباردة، الى مرحلة الوفاق في الازمة السورية، وفتح الطريق امام تسوية للازمة لاتهزم أحدا. فالظروف الدولية وظروف امريكا الداخلية، والطبيعة النفسية لرئاستها الحالية، لاتسمح بالاستمرار في معركة الازمة السورية الى حين تحقيق النصر. فالزمن ليس زمن انتصارات امريكا، بقدر ماهو زمن عدم انغماسها في الحرائق الدولية خارج الحدود.
خلال الشهور المقبلة، سيتابع الاحياء منا، وقائع حرب تصفية القاعدة في سوريا، والمساومات السياسية للاطراف المؤثرة في الازمة، الى حين اللحظة التي يرفع فيها الاسد يده مودعا سوريا، وداعا لا لقاء بعده.