الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا بعد القمة العربية

سوريا بعد القمة العربية

31.03.2013
د. شملان يوسف العيسى


تاريخ النشر: الأحد 31 مارس 2013
الاتحاد
جاء البيان الختامي للقمة العربية التي عقدت اجتماعاتها الأسبوع الماضي في الدوحة، معبراً عن حرص العرب على إيجاد مخرج للأزمة الطاحنة في سوريا، فالقمة أشركت الائتلاف الوطني السوري بدلاً من الحكومة السورية، كما أتاحت للدول الأعضاء حرية دعم الشعب السوري وطالبت المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن باتخاذ موقف فعال وصريح وواضح لإنهاء معاناة الشعب السوري الشقيق.
لكن هل نجحت القمة العربية في توصيل رسالتها للعالم؟ وهل العرب متفقون حول دعم المقاومة السورية؟ وهل حققت القمة هدفها من دعم المقاومة، عربياً ودولياً؟ وهل لدى العرب رؤية واضحة لمستقبل سوريا بعد رحيل الأسد؟
هذه التساؤلات تحتاج إلى إجابات واضحة لفهم ما يحدث في سوريا اليوم، خصوصاً وأن استمرار الحرب قد ينعكس سلباً فيفاقم أوضاع الشعب السوري.
يبدو أن القمة العربية لم تنجح في توصيل رسالة العرب للعالم الخارجي، فالولايات المتحدة لاتزال عند مواقفها المترددة والضبابية وغير الواضحة تجاه تسليح المعارضة، كما أن الاتحاد الأوروبي اتخذ موقفاً يعارض توجه بريطانيا وفرنسا نحو تسليح المقاومة، فالرئيس الفرنسي أعلن بأن بلاده لن تمد المقاومة بالسلاح لأنها لا تعرف توجهات المقاومة مستقبلاً، أما روسيا فأدانت بيان القمة العربية واتخذت موقفاً متشدداً من تسليم مقعد سوريا للمعارضة السورية في القمة العربية.
ويعود فشل العرب في إقناع الغرب بالوقوف مع المقاومة السورية، إلى حقيقة أن العرب أنفسهم، وهم أصحاب القضية، منقسمون على أنفسهم وليسوا متحدين في مواقفهم؛ فبعض الدول العربية تدعم المقاومة السورية، وتحديداً قطر وإلى حد ما مصر وتونس والسعودية، وتبقى بعض الدول مثل العراق ولبنان والجزائر، مترددة في دعم المقاومة، حيث يدعو قادة هذه الدول للحوار بين المقاومة والسلطة في سوريا.
وبعض الدول الخليجية متخوفة من نتائج الحرب الأهلية في سوريا، لأنها لا تعرف ما هي تداعياتها على الأمة العربية بشكل عام وعلى منطقة الخليج بشكل خاص؛ فلا أحد يعرف حتى الآن متى تستمر هذه الحرب الأهلية؟ فالتكلفة الإنسانية على الشعب السوري باهظة جداً. ورغم حقيقة أن الحرب السورية لم تنته بعد، إلا أن الانعكاسات السياسية والاقتصادية بدأت تبرز في كل من لبنان والعراق والأردن، وكلها دول جوار لسوريا، فالحرب الطائفية امتدت إلى لبنان حيث اشتعلت المناوشات العسكرية في طرابلس وبعض المدن اللبنانية، أما في العراق فقد عادت الحرب الطائفية غير المعلنة بالعمليات الإرهابية التي فرقت الشعب العراقي. والأردن بدوره متخوف من هيمنة «الإخوان المسلمين» على الأوضاع في سوريا، مما قد يعطي لهذه الجماعة دفعة في كل من الأردن ودول الخليج العربية.
وبشكل عام، فقد دعمت دول الاعتدال العربي المقاومة السورية أملاً في أن تكون هذه المقاومة معتدلة في توجهاتها، لكنها (المقاومة) حتى الآن غير موحدة؛ فمعاذ الخطيب الذي شارك في القمة، استقال من منصبه، مما يشير إلى وجود خلافات حادة بين أجنحة المقاومة. والأمر المؤكد أن «الإخوان المسلمين» هم الذين فرضوا غسان هيتو لرئاسة الحكومة. خلافات المقاومة ودخول «القاعدة» وغيرها من الجماعات الجهادية في سوريا، جعل الغرب وبعض الدول العربية تتخوف أكثر على مستقبل سوريا.