الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا.. بين أمريكا المترددة وإيران المهددة

سوريا.. بين أمريكا المترددة وإيران المهددة

28.08.2013
عدنان كامل صلاح



المدينة
الثلاثاء 27/8/2013
سوريا.. بين أمريكا المترددة وإيران المهددةإقدام بشار الأسد على استخدام السلاح الكيماوي ضد مواطنين سوريين في ريف دمشق مؤخراً، ومماطلته بالسماح لفريق الأمم المتحدة المعني بالتحقيق باستخدام السلاح الكيماوي الدخول إلى المناطق المصابة، دفع إدارة الرئيس الأمريكي، أوباما، إلى مراجعة مواقفها تجاه سوريا. فحتى الآن كانت إدارة أوباما تسعى لتجنب اتخاذ قرار حاســم، فيما إذا كانت تؤيد التخلص من بشار الأسد ونظامه أم أنها تسعى إلى منع (الجهاديين) من الوصول إلى السلطة.
أوباما يواجه انتقادات داخلية وخارجية نتيجة لسياساته غير الحاسمة فيما يتعلق بالموقف الأميركي من الثورة السورية، ويطالبه كثيرون بحسم موقفه، خاصة وأنه قال على شاشات التلفزيون أنه يعتبر استخدام النظام للسلاح الكيماوي "خط أحمر" إن تخطاه النظام وفعلها فإن الموقف الأميركي سيتغير حينها.. ولم يقل أوباما، في مقابلته التلفزيونية تلك، ما شكل التغيير الذي يعنيه، إلا أن المراقبين توقعوا أن يكون ذلك عملاً عسكرياً رادعاً، فإسرائيل على الجانب الآخر من الحدود السورية، ولا يجب، من الناحية الأميركية، أن يسمح لنظام لم يتورع عن استخدام السلاح الكيماوي ضد مواطنيه أن يحتفظ بهذا السلاح مما يوفر له، أو لمن قد يأتي بعده، فرصة لتهديد إسرائيل.
فجأة ووسط الضجة التي تسبب فيها استخدام نظام بشار الأسد السلاح الكيماوي ضد المواطنين السوريين برز إلى السطح موقف إيراني يتحدث عن "خط أحمر" يضعه أمام العالم، وأعلن مسعود جزايري، نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، أنه يحذر الولايات المتحدة من تجاوز ما أسماه "الخط الأحمر" بشأن سوريا، وأن: "أي تجاوز للخط الأحمر سيكون له عواقب وخيمة على البيت الأبيض"، وهذا تهديد يبدو أنه يستهدف جعل اتخاذ قرار حاسم في إدارة أمريكية مترددة في اتخاذ قراراتها بشأن الشرق الأوسط أكثر صعوبة فيما إذا كان الأمريكيون يأخذون مثل هذه التهديدات الإيرانية على محمل الجد.
إيران حريصة على أن لا تفقد حليفها في سوريا، بينما أميركا تديرها إدارة عاجزة عن وضع سياسة محدده لنفسها في منطقة الشرق الأوسط، وهي كانت قد واجهت تحدياً مخزياً في أوائل عهدها عندما سخر منها الإسرائيليون ولم يعبأوا بتوجهاتها لتحقيق السلام مع الفلسطينيين، وفشلت في المحافظة على ماء وجه أوباما تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، وهي تترنح الآن في سياساتها تجاه إيران والعراق ومصر وسوريا وليبيا، بل وباقي المنطقة.
الحدث السوري، باستخدام السلاح الكيماوي، والتهديد الإيراني، وإن كان على لسان مسؤول ثانوي في النظام الإيراني، قد يدفع إدارة أوباما إلى إعادة النظر في موقفها من المنطقة بكاملها. ويشمل هذا الأمر الموقف من إيران وأفغانستان والعراق وسوريا والإخوان المسلمين الذين يجدون تعاطفاً منها، في الوقت الحالي لرغبتهم الوصول إلى السلطة في أكبر عدد ممكن من الدول العربية.
مصداقية الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الذي هدد النظام السوري إن هو تجاوز خطاً أحمراً وضعه أوباما نفسه، وهـــو استخدام السلاح الكيماوي، هذه
المصداقية هي على المحك. وسيتبيّن من نوع الرد (الدولي) على استهتار النظام
السوري بأرواح مواطنيه مدى عمق وجدية التوجهات والنوايا الأميركية تجاه
المنطقة، بصرف النظر عما إذا قادت أميركا رد الفعل الدولي من الأمام أو من
الخلف، كما فعلت في ليبيا.
أطماع نظام طهران في الهيمنة على المنطقة بكاملها، هي على المحك أيضاً. فهي تهيمن فعلاً على الوضع السياسي بالعـراق، وفي سبيلها لأن تكون لاعباً أكثر أهمية في أفغانستان مع انسحاب القوات الأمريكية العام القادم، وقامت بالتسلل إلى اليمن والسودان وغيرها، لذا سيشكل سقوط نظام بشار الأسد في دمشق ضـرراً بالغاً بخطتها للهيمنة على الشرق الأوسط ويؤدي إلى فقدان جماعتها في لبنان، مظلة الحماية التي كانت تتوفـر لهـم عبر سـوريا، مما سيؤدي إلى الإخلال بالمعادلة السياسية الداخلية القائمة الآن في لبنان والمعتمدة على سلاح حزب الله.