الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا بين خطاب أوباما ومقال بوتين

سوريا بين خطاب أوباما ومقال بوتين

21.09.2013
خالد عبد الرحيم السيد



الشرق القطرية
الخميس 19-9-2013
كم كنت أتمنى لو استمع العالم إلى نداء سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر من العام الماضي عندما اقترح نشر قوات عربية في سوريا على غرار قوات الردع التي نشرت في سبعينيات القرن الماضي في لبنان لوقف الحرب الأهلية. وكم دعونا مرارا إلى فرض منطقة حظر جوي على بعض المناطق مع أهمية وجود ممرات آمنه من أجل تقديم المساعدات الإنسانية، قبل أن تتطور المواجهة المسلحة في سوريا إلى حرب أهلية وطائفية وصولا إلى صراع دولي بين القوى الكبرى.
ففي خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشأن استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي في الغوطة، اعتبر أن استخدام السلاح الكيماوي يعد جريمة ضد الإنسانية واعتداء على الكرامة الإنسانية، حيث قتل الأطفال بالغاز. ولكن المعضلة الحقيقية كما أوضح أوباما في خطابه تكمن في أنه "يشكل خطرا جسيما على أمننا القومي"، وأنه "يعرض أصدقاءنا وشركاءنا على طول الحدود السورية للخطر"، وأننا "لو أخفقنا في التصرف فإن الأسد لن يتوقف عن استعمال هذه الأسلحة وإذا انتشر السلاح خارج سوريا فإن ذلك سيهدد حلفاءنا"، هذا فضلا عن تخوفه الدائم الذي صار يمثل هاجسا مستمرا من احتمال استخدام الجماعات الإرهابية لهذه الأسلحة الكيميائية. وأبان في خطابه أن "هذا العمل هو تصد للآخرين الذين يضربون بالقوانين والأعراف الدولية الأساسية عرض الحائط.."..
في حين أثار مقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتن لصحيفة "نيويورك تايمز" الكثير من ردود الأفعال، حيث تطرق المقال لتاريخ العلاقات الروسية الأمريكية والمنظومة العالمية، وحمل بين طياته تهديدا مبطنا. وألمح بوتن في مقاله إلى انتقاد السياسة الخارجية الأمريكية حيال سوريا قائلا: "ما يثير القلق هو أن التدخل العسكري في النزاعات الداخلية في الدول الأجنبية قد أصبح أمرا مألوفا بالنسبة للولايات المتحدة، فهل هذا في مصلحة أمريكا على المدى الطويل؟ أشك في ذلك، فالملايين في جميع أنحاء العالم لم تعد ترى أمريكا بوصفها نموذجا للديمقراطية، بل على أنها أضحت تعتمد على القوة الباطشة التي تستجمع حولها حلفاء وفق مبدأ (من ليس معنا فهو ضدنا)". كذلك تضمن المقال رسالة واضحة عن الدعم الذي يحصل عليه مقاتلو القاعدة والمجموعات الإرهابية، متناسيا في الوقت نفسه التواجد الإيراني العسكري المكثف ومليشيات حزب الله في سوريا.
ولكن الغريب أن كلا منهما يتحدث عن القانون الدولي والشرعية والحفاظ على النظام في العالم عن طريق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وكلتا الدولتين لديهما تاريخ معروف من انتهاك الشرعية الدولية والقانون الدولي واستخدام القوة دون أخذ التفويض من الأمم المتحدة، كالأحداث في البوسنة وأفغانستان والعراق والشيشان.
اليوم لدينا فرصة من أجل الحفاظ على سلامة الشعب السوري وضمان وحدة الأراضي السورية، وذلك من خلال العودة إلى مربع الحل السياسي عبر ورقة الضغط العسكري على حكومة بشار الأسد، لأن النزاع في سوريا قد وصل إلى مفترق طرق، وأصبح ما يجري على الأرض عبارة عن حرب استنزاف، وحصد بالجملة لأرواح الشعب السوري، حرب ليس فيها منتصر على أرض المعركة مع ارتفاع عدد الضحايا الأبرياء. وهنا لا بد لجامعة الدول العربية وتركيا وإيران من الوصول إلى حوار وحل مع الحكومة السورية بالتزامن مع ضغط أمريكي روسي لضمان استقرار سوريا، وإرسال قوات لحفظ السلام من قبل مجلس الأمن، ربما يرى البعض هذا الحل هو مجرد حلم صعب المنال في ظل وجود هذه الأعداد الكبيرة من القتلى، وربما يراه البعض الآخر استسلاما أو انتصارا لنظام بشار الأسد، ولكننا نرى فيه – إزاء خذلان المجتمع الدولي – أضعف الإيمان من أجل حقن دماء الشعب السوري، فنحن لا يرضينا أن نرى الأمور في سوريا تسوء بأضعاف ما يحدث في العراق من حرب طائفية وإرهاب وانقسام.