الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا تحترق

سوريا تحترق

28.05.2013
صحيفة نيويورك تايمز الأميركية

التاريخ: 28 مايو 2013
البيان
لم يكن مستغرباً أن يكون الطلب الأول لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، عندما زار البيت الأبيض مؤخرا، هو أن يتوقف مضيفوه عن جر أقدامهم في سوريا، حيث ترغب تركيا في أن تظهر أميركا هنالك العضلات ذاتها التي كشفت عنها في ليبيا.
ويعد هذا إلى حد بعيد شبيها بفقدان ماء الوجه بالنسبة للنقد المستمر للأخطاء الفادحة التي ارتكبتها واشنطن في الشرق الأوسط، وتحديدا في العراق عام 2003، كما يدل على فقدان ماء وجه حكومة ادعت أنها تفهم تعقيدات المنطقة أكثر من غيرها.
وتبدو قدرات تركيا الفعلية محدودة، رغم طموحاتها لتكون لاعبا محوريا في المنطقة.
والأسباب وراء نفاد صبرها واضحة، فهناك نحو 300 ألف لاجئ سوري على أراضيها، وقد يتضاعف العدد بحلول نهاية العام، وامتدت، إليها الفوضى التي سيطرت على سوريا عبر الحدود، حيث قتل انفجاران أكثر من 50 تركياً في بلدة "الريحانية" الحدودية.
لا تقوض هذه التوترات النفوذ الإقليمي للحكومة التركية فحسب، بل أيضا مصداقيتها تجاه ناخبيها. وتحاول أنقرة تجنب التداعيات السياسية للتفجيرات الأخيرة، من خلال فرض قيود صارمة على الصحافيين. وإذا لقيت تركيا نفسها في طريق مسدود، فستعمل جاهدة للوصول إلى هدفها.
لقد تسلمت الحكومة التركية زمام السلطة عام 2002 وهي عازمة على تبني سياسة "خالية من المشكلات" مع جاراتها. وحتى ذلك الحين عانت تركيا طويلا من اللعنة المتعلقة بالأهمية الاستراتيجية لموقعها.
فقد سارت قيم تركيا بالنسبة إلى حلفائها الغربيين خلال الحرب الباردة، ضدها في بعض النواحي باعتبارها شريكا أساسيا ومهما للغاية للقوات الأجنبية. وكشف هذا عن انعزالها عن جيرانها القريبين، لا سيما في الشرق الأوسط.
غير أن الاتحاد السوفييتي انهار بعد ذلك، ووجد الحارس الوحيد في "ناتو" نفسه معرضا للخطر فجأة. لقد تم تخطي تركيا في قائمة الانتظار للانضمام للاتحاد الأوروبي، رغم تتلهفها لتبعد نفسها عن اضطرابات الشرق الأوسط، وكانت تردد باستمرار انتهاء حربها الباردة وحاجتها لتسلك طريقها الخاص.
بعدها بدأت تركيا في فك عزلتها عبر تبني سياسة الجارة الجيدة مع سوريا، من خلال فتح حدودها للسياحة والتجارة.
وفي عام 2008 أمضى أردوغان وزوجته عطلة نهاية الأسبوع مع الرئيس بشار الأسد وزوجته، في منتجع على بحر "إيجه"، وبرر ذلك ظاهريا بأنه كان يهدف لإيجاد سلام دائم بين سوريا وإسرائيل.
 وفي وقت قريب بعد تفجيرات "الريحانية"، قال رئيس الوزراء التركي إنه سيقاوم الرد على الاستفزاز، وسيتصرف بناءً على طريقته الخاصة. هذه كلمات تم التعبير عنها بإحباط، وهي تشير لإحباط السياسة الخارجية الضعيفة لتركيا.. وفي غضون ذلك سوريا تحترق.