الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا تخسر.. ألمانيا تكسب

سوريا تخسر.. ألمانيا تكسب

08.09.2015
عصام قضماني



الرأي الاردنية
الاثنين 7/9/2015
أعجب معلقون بالروح الأوروبية والتزامها الأخلاقي اليقظ نحو الكارثة الإنسانية في سوريا، وفتح الباب أمام موجات كبيرة من الهجرة، وخصوا بالذكر ألمانيا "يا حبيبتي"! التي تفوقت من وجهة نظرهم في إنسانيتها على بلاد عربية أخفقت في الاختبار الإنساني !
قبل ذلك كانت مواقع التواصل الاجتماعي تتداول فيديو لطفلة سورية لاجئة في ألمانيا وهي تذرف دموع التوسل لوقف قرار بطردها وأسرتها من البلاد بين يدي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي كانت تزور مدرسة تتلقى هذه الطفلة فيها تعليمها، لكن قلب ميركل لم يرق لها برغم الدموع وتوسلات زميلاتها في الصف وقررت ألا تفعل شيئا فما الذي تغير فجأة ؟
التعامل مع الحماس الألماني باعتباره شعورا إنسانيا محضا استيقظ فجأة لا يقل سذاجة عن اليقظة الأخلاقية التي أشعلت جذوتها صورة بثتها وسائل الإعلام للطفل السوري الغريق على شواطئ تركيا وكأن الأزمة بدأت من هنا.
من السذاجة القول بأن أوروبا التفتت فجأة الى مأساة اللاجئين السوريين وأن ما سبق من مذابح ومآس في سوريا نفسها وعبء اللجوء الى جوارها الضعيفة، الأردن ولبنان خصوصا، لا يذكر، لكن ثمة وجه آخر لهذا السيل الإنساني المتدفق في حاجة اقتصادية وديموغرافية لا بأس إن غلفت بعاطفة تتسق ولا تتعارض مع المبادئ الأوروبية المعروفة في حقوق الإنسان.
في ألمانيا تحديدا تقول الدراسات التي وضعتها مؤسسات أبحاث ألمانية، أنها مهددة بانخفاض كبير في تعداد السكان في عمر العمل، مع انخفاض السكان ممن هم بين 24 و64 سنة من 49 مليونا إلى ما بين 34 مليونا و38 مليونا، ويتوقع أن يزداد عدد السكان فوق سن 65 سنة من 17 مليونا إلى 22 أو 23 مليونا ما سينتح عنه فجوة عمرية سيبدو أثرها واضحا في اختلالات أنظمة الإعالة والضمان وعجز قوى الإنتاج عن تمويلها لتنامي أعداد كبار السن ما يجب معه تشجيع الهجرة المنتقاة وخاصة القوى العاملة والمنتجة وهي متوفرة في صفوف الشبان المهاجرين من السوريين.
سيحصل اللاجئون المنتقون بعناية على حقوق كاملة في الإقامة والعمل والجنسية لاحقا.
ستستفيد المانيا من المتعلمين أطباء ومهندسين ومهنيين وصناع قادمين من دولة معروفة بارتفاع مستوى التعليم الأكاديمي والمهني، ومميزة بالقوى الفتية المنتجة وستحقق التوازن العمري المنشود.
ستخسر سوريا أفضل ما في ثرواتها وهي قواها البشرية التي استغرق بناؤها سنين وثروات وعلى الأرجح أن هؤلاء لن يعودوا اليها حتى لو عم فيها السلام إلا سياحا يتكئون على عكازات.