الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا: حروب ودماء ولا حلول!

سوريا: حروب ودماء ولا حلول!

22.05.2013
سركيس نعوم

سركيس نعوم
النهار
الاربعاء 22/5/2013
أجاب رئيس مركز الأبحاث الأميركي العريق والمؤيد جداً لإسرائيل عن سؤال حول ما يجري في مصر، قال: "الجيش أخطأ كثيراً. كان يحوز ثقتنا. لكنه أظهر (بقيادته طبعاً) أنه لا يمتلك الأهلية السياسية لإدارة الأزمة المصرية. الطريقة التي أدارها فيها جعلت "الإخوان المسلمين" يسيطرون على الدولة، أو يعملون للسيطرة عليها، ومكَّنتهم من قطع رأس المجلس العسكري الحاكم إنتقالياً في حينه من دون أي رد فعل منه. و"الإخوان" أخطأوا ويخطئون كثيراً لأنهم قرروا السيطرة على البلاد والاستمرار في حكمها. المعارضة المصرية مُحزِنة وتثير الشفقة (Pathetic) وغير جدية. والشرطة في مصر غير موجودة. الدولة كلها غير موجودة. لا يوجد ماء ولا كهرباء. في ليلة إنقطاع كهرباء واحدة في نيويورك قبل سنوات كثيرة، حصلت تجاوزات واعتداءات ما كنا نصدق انها تحصل في أميركا. في مصر وتحديداً في القاهرة يعيش المواطنون كل يوم 15 ساعة من دون كهرباء. وهناك أُناس "فلتوا" وصاروا يائسين ورافضين. إنتظِر قدوم الصيف في مصر عندما تخترق الحرارة سقوف المنازل، وتنتشر الأوساخ والمأكولات العفنة المرمية في الطرقات أو فضلاتها. إنتظر الإحتجاجات... والسرقات والفوضى في ظل غياب الشرطة أو عدم وجودها وعدم وجود الدولة. قال لي قبل أسبوعين صديق مصري: سُرقت سيارتي في مصر. وبعد مدة قصيرة إتصل بي شخص وقال لي: إذا أردت استعادة سيارتك فعليك ان تدفع مبلغاً (حدَّده له). ذهب إلى الشرطة وأبلغها بما حصل معه: فقال له أفرادها: إدفع واسترجع سيارتك. ألا ترى حالنا وحال البلاد؟". علّقتُ: هذه الامور حصلت وتحصل في لبنان منذ عقود. ردّ: "هذه هي النقطة. خلال سنتين راحت الدولة في مصر. وأعتقد أن حالاً من الفوضى ستعم". سألتُ: البعض في المعارضة يريد العودة الى ديكتاتورية العسكر للتخلص من حكم "الإخوان" أو إستبدادهم. أجاب: "العسكر ليسوا مستعدين الآن لأمر كهذا. لا يعتقدون أن الحال "مزرية" بما فيه الكفاية لكي يتدخلوا. على كل، كما قلت لك، استلم العسكر السلطة إنتقالياً وأعطى حصة للـ"إخوان" فيها تقارب العشرين في المئة. لكن هؤلاء دخلوها وأخرجوهم منها وأخذوا كل شيء، وقطعوا رأس القائد في المجلس الأعلى للقوات المسلحة". ماذا عن العراق؟ سألتُ: أجاب: "لا أتعاطى مع الموضوع العراقي. لذلك لا أحب أن أخوض فيه مثل غيري". والسعودية، سألتُ، هل هي تهتز أو تترنح أو تتمايل؟ أجاب: "كلا. إن مشكلتها بنيوية. لا أحد يعرف من يحكم فعلياً فيها. في البحرين حيث تدخَّلت عسكرياً يزداد التوتر وتتفاقم المشكلات. هناك غالبية (شيعية) من جهة وحكم غير راشد من جهة أخرى.
أما السعودية فلا أرى مشكلات فيها على المدى القريب". علّقتُ: أحد أسباب اللامشكلات التضامن الداخلي الذي تفرضه المواجهة مع إيران الشيعية والشيعة عموماً. ردّ: "صحيح. أما في مصر فإن المشكلات مع الأقباط إحتمال وارد. تسأل إذا كانوا سيتقاتلون في مصر أقباطاً ومسلمين. أجيبك إنني لا أعرف. لكن ما أعرفه أن الوضع هناك خطير جداً. من يمكنه تدبير المال من الأقباط المصريين هاجر أو يهاجر. لكنهم لا يستطيعون كلهم الهجرة بسبب الإفتقار إلى المال. وطبعاً الفقراء يتقاتلون مع الفقراء".
ماذا في جعبة باحث ونشِط في مركز أبحاث جدي جداً في واشنطن؟
تحدث أولاً عن سوريا، قال: "إنها في حال من الفوضى. وستصبح أكثر فوضوية. وأزمتها أو حربها ستطول. حروب ودماء ولا حلول. الإدارة الأميركية تُغمِض عينيها. والشعب الأميركي لم يعد يريد حرباً أميركية خارج بلاده وفي الشرق الأوسط مثلاً بعد أفغانستان والعراق". سألتُ: هل توجد استراتيجيا أميركية للمنطقة (الشرق الأوسط)؟  أجاب: "لا توجد استراتيجيا أميركية للمنطقة. الديبلوماسية الأميركية غير موجودة. الدول العربية المؤيدة للثوار منقسمة بعضها على بعض. قطر وتركيا تتنافسان مع السعودية والأردن والامارات. الادارة في واشنطن لا تستطيع الضغط على هذه الدول. والثوار في الداخل السوري منقسمون. صارت "جبهة النصرة" و"تنظيم القاعدة" مكوّنين  أساسيّين في الثورة السورية بعد تحالفهما".
ماذا قال ايضاً الباحث النشِط في مركز أبحاث جدّي جداً في واشنطن؟