الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا: ساحة تدريب عالمية!

سوريا: ساحة تدريب عالمية!

11.01.2014
عبدالله أبو مازن


القدس العربي
الخميس 9/1/2014
كثير من المراقبين توقعوا بعد بدء الصراع السوري، بحلته العسكرية، أن يقود لأشكال عدة من الصراعات بين الأطراف على الحلبة؛ وكأنها ‘طوشة’ لا يعرف رأسها من أساسها. ولعل أبرز أشكال الصراع التالي، كما توقع البعض، هو بين الجماعات المتشددة فيما بينها، وبين بعضها وأطراف أخرى من المعارضة السورية. فماذا ستؤول إليه الصراعات الحالية، وخصوصاً بين إمارة العراق والشام الإسلامية (داعش) وبقية الأطراف؟ وهل ستؤدي هذه الصراعات إلى تسريع حل الأزمة السورية أم ستطيل في عمرها؟ وما تأثير الحركات المتطرفة على البلدان التي قدموا منها؟
لا شك أنه رغم تقدم داعش في بعض المواقع عسكريا، إلا أن التربة السورية لا تتقبل مثل هكذا حركات، ما زالت بعيدة عن السيطرة المتواصلة في منطقتها (الغرب العراقي)، حتى لو سيطرت مرحلياً. فالمجتمع السوري المتعدد، ورغم جراحه المثخنة، إلا أنه بتنوعه التاريخي وإستمرارية الإشتباكات منذ سنوات وإنسداد أي أفق للحل أصبح يرى في إستمرار الحل العسكري خياراً يؤدي لأبعد من الموت ( الذي أصبح شيئاً روتينياً ). إن المجموعات المتشددة، وإن سيطرت بالحديد والنار، فإنها لن تصمد أمام رفض شعبي، لهؤلاء القادمين الجدد، أمراء الحرب؛ كما أن الميزان العسكري لا يصب أحياناً في مصلحة داعش وشبيهاتها. إن هزيمة هؤلاء لن تكون بعيدة المنال إذا تحققت بعض الشروط. ففي الجانب السياسي على كل أطراف الأزمة السورية تبيان الدور الخطير الذي يمكن أن تلعبه داعش وغيرها إذا تمكنت من التحكم بمقاليد الأمور، وهذا الوضع السياسي غير منعزل عما يدور في الجوار (العراق ، لبنان) وبعض مناطق العالم . أما عسكريا فتستطيع بقية أطراف المعارضة السورية بتوحدها إلحاق هزيمة بداعش وخاصة بعد خلاف داعش مع الظواهري حين رفض زعيمها قرارات الأخير .
إن الصراعات الحالية ورغم رغبة المعارضة السورية بالتخلص من داعش إلا أن فلسفة الحرب وإستمراريتها دون حل هي جانب هام في إزدياد وتيرتها وتغليب لغة القتل والدمار على لغة التعقل. إن إستمرار هذا النوع من الصراعات أصبح يشكل ملعب تدريب على أرض ودماء ومعاناة السوريين؛ وهذا ‘ التدريب ‘ الدموي على الساحة السورية سيلقي بظلاله السوداء على كل البلدان التي قدم منها هؤلاء القادمون للقتال في سوريا تحت أهداف لا تقنع أحداً ومتسترة بعباءة الدين. ونجد الكثير من البلدان أصبحت تعاني من خطر هؤلاء عند عودتهم وكأن خطرهم آمن عندما يكونون خارج بلادهم.
لا بد من إتخاذ الخطوات الإستباقية لمنع تشكل ظواهر التشدد لعل أبرزها رفع الظلم عن البشر والقيام بالتنمية الإقتصادية من خلال أنظمة ديمقراطية تعدل بين مواطنيها وكذلك حل المشكلات القومية في كثير من بلدان العالم والتي تولد الحقد الدائم الذي يتم تفريغه بوجه كل الأوطان. لقد إكتسب كل المتقاتلين خبرة منقطعة النظيرمن خلال معارك حقيقية متواصلة قد تستمر سنوات وهذه الخبرات الميدانية وبمعزل عن شجبها كحرب مجنونة فإنها تعتبر فرصة عسكرية ذهبية تفتقر إليها أضخم الجيوش في العالم.