الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا كالعراق... ثلاث دول؟

سوريا كالعراق... ثلاث دول؟

31.07.2013
راجح الخوري

النهار
الاربعاء  31/7/2013
يتجه الصراع في سوريا الى محاكاة الواقع الانقسامي المتزايد في العراق، ويستطيع المراقب ان يرى التفكك التدريجي الذي يضرب مؤسسة الدولة في كلا البلدين، فليس قليلاً ان يتعادل عدد القتلى تقريباً، بين اولئك الذين سقطوا في السيارات المفخخة في بغداد [17 سيارة في يوم واحد!] والذين سقطوا في سوريا في اليوم عينه!
منذ قام بول بريمر بحل الجيش العراقي وتماهت واشنطن في اطلاق يد ايران في العراق، بعد الانقلاب على نتائج الانتخابات وترئيس نوري المالكي، بدا ان المقصود هو تعميق الانقسامات المذهبية توصلاً الى تظهير "محاسن التقسيم" داخل النفوس بما يسهّل تطبيقها على الارض، وعلى هذا الاساس يمكن المرء ان يجد على الخريطة العراقية ثلاث دول لا دولة واحدة:
دولة شيعية في الجنوب وبعض بغداد تفتقر الى حسن القيادة وتعجز عن ضبط الفوضى، التي تشبه حرباً اهلية متصاعدة منذ عام 2003، ودولة كردية في الشمال توسّع اطار الحكم الذاتي تدريجاً نحو الاستقلال، ودولة سنيّة في الوسط تبحث عن نفسها محاولة الخروج من تسلط نوري المالكي الذي تديره صفقة التفاهم الضمني بين الاميركيين والايرانيين والاسرائيليين على تقسيم المنطقة!
في سوريا ترسم خطوط المواجهة العسكرية صورة تقسيم يكاد تقريباً يشبه التقسيم الذي ترسمه الصورة العراقية، ولا يغالي المراقب اذا قال ان اتجاهات القتال تؤكد ان الحسم بات مستبعداً عند النظام، الذي يحسّن الآن خطوطه من حمص الى دمشق الى طرطوس في اتجاه الشمال الغربي، بما يرسم حدود الدولة العلوية المدعومة ايرانياً وشيعياً والتي طال الحديث عنها وتبين ان النظام كان يعد العدة لها منذ السبعينات!
في المقابل يبدو الحسم صعباً على المعارضة المتروكة دولياً [ بتفاهم اميركي - روسي يسر قلب ايران] ولهذا ترسخ خطوط سيطرتها على المناطق الجنوبية والشرقية، بما يرسم معالم دولة سنيّة قد يطول الصراع بين مكوناتها من "الجيش الحر" والاسلاميين، اما في الشمال فيسرع الأكراد الخطى نحو ما قد يتجاوز الحكم الذاتي الى الاستقلال وخصوصاً بعد بدئهم كتابة دستور جديد وتنظيم برامج تعليم باللغة الكردية التي كان النظام يمنعها.
فور اعلانه عن بدء معركة حمص، التي تشكل مفصلاً حيوياً للدولة العلوية لأنها تفصل بين السهل السني وجبال العلويين، تعمّد النظام شن هجوم على الدوائر العقارية حيث تم احراق سجلات الملكية، وفي غياب اي توثيق رقمي والكتروني لم يعد في وسع الاهالي اثبات ملكياتهم لأراضيهم، وهو ما اعتبر خطوة متقدمة نحو الدولة العلوية، التي تريد لها ايران ان تبقى بمثابة جسر اتصال مع منطقة الهرمل - بعلبك وصولاً الى جنوب لبنان!