الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا كرست عودة روسيا

سوريا كرست عودة روسيا

15.09.2013
سميح صعب



النهار
السبت 14 /9/2013
ربما للمرة الاولى منذ ان نقل الرئيس المصري الراحل انور السادات مصر من المعسكر السوفياتي السابق الى المعسكر الاميركي اواسط السبعينات من القرن الماضي، تعود روسيا بهذه القوة الى الشرق الاوسط من البوابة السورية. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو اليوم شريك اساسي في رسم المشهد السياسي والعسكري في المنطقة، بما لا يدع مجالاً للشك في أن الاحادية التي تمتعت بها الولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب الباردة اوائل التسعينات، قد انكسرت.
وقد يكون الرئيس الاميركي باراك اوباما مديناً لبوتين بانقاذ الولايات المتحدة من التورط في حرب جديدة في الشرق الاوسط، باقتراحه تفكيك الاسلحة الكيميائية السورية في مقابل الامتناع عن الحرب التي كان الرئيس الاميركي على وشك شنها على سوريا من اجل اضفاء الصدقية على "الخط الاحمر" الذي كان حدده العام الماضي في ما يتعلق باستخدام الأسلحة الكيميائية على رغم ان موسكو ليست مقتنعة بالرواية الاميركية عن استخدام هذه الأسلحة في الغوطتين او في مناطق سورية اخرى خصوصاً في خان العسل في وقت سابق من هذه السنة.
وفي النتيجة تسارعت الاحداث بعد اعلان اوباما اتخاذ قرار بضرب سوريا وطلب موافقة الكونغرس على هذه الضربة التي لو كانت حصلت لكانت أثبتت ان استعادة روسيا مكانتها العالمية ضرب من الخيال. لكن روسيا بعثت بأساطيلها الى المياه المقابلة للسواحل السورية، واعتمد بوتين ديبلوماسية ناشطة أفضت الى نزع فتيل الانفجار الذي كان من شأنه ان يقود المنطقة الى سيناريو اسوأ بكثير من السيناريو العراقي او الافغاني او الليبي، حتى لو قال اوباما العكس.
ومن الصعب الاقتناع بان "زلة لسان" جون كيري في لندن على حدّ تعبير "الغارديان" هي التي اوقفت الحرب على سوريا. فلو لم يلمس اوباما تلك المعارضة الشعبية الواسعة لفكرة الحرب، ولو لم يتيقن من عدم قدرته على اقناع الكونغرس المتردد حيال الضربة العسكرية، ولو لم يتخل عنه اقرب حلفائه التاريخيين مثل ديفيد كاميرون، ولو لم يسمع كلمات البابا فرنسيس "الحرب هي الحرب" سواء أكانت محدودة ام شاملة، لما كان رضي بالعرض الروسي الذي أتى في الوقت المناسب ليحفظ ماء الوجه للرئيس الاميركي فيعود الى سلوك الخيار الديبلوماسي سبيلاً الى حل الازمة السورية.
وحتى لو تقلب رونالد ريغان في قبره غضباً كما كتبت صحيفة "معاريف" بسبب قبول اوباما العرض الروسي، فإن روسيا تنهض اليوم لمسؤوليتها التاريخية في منع اميركا من المضي في مغامراتها الحربية في الخارج، وبات في وسع المندوب الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين أن يقول بثقة: "سنبقي العالم واقفاً على رؤوس أصابعه".