الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا ما بعد "جنيف 2"

سوريا ما بعد "جنيف 2"

09.03.2014
رأي البيان


البيان
السبت 8/3/2014   
دخل الحل السياسي للأزمة السورية مرحلة السبات العميق، مع عدم تحديد موعد لجولة جديدة من المفاوضات في جنيف، وإصرار النظام السوري على معاملة فصائل من المفاوضين المعارضين بوصفهم خارجين عن القانون، واستعداده للانتخابات الرئاسية، رغم الاوضاع الاستثنائية التي يعيشها غالبية السوريين، غير القادرين أصلاً على الاحساس بالأمان، سواء في أماكن نزوحهم الداخلية أو في البلدان المجاورة.
وبدا واضحاً في الآونة الاخيرة أن هناك أطرافا تحاول أن تلعب لعبة التغييرات الديمغرافية على الأرض عبر التهجير والترحيل وتحويل حياة الناس في بعض الأماكن إلى جحيم لا يمكن العيش فيه. وهناك من يستغل الانشغال الدولي، وعدم الاكتراث بالكارثة الانسانية الهائلة التي أحاقت بالسوريين، لكي يفرض عليهم أمرا واقعا ويغرقهم في التهديدات والصراعات ويجبرهم على التسليم أو الرحيل عن البلاد.
وعلى الرغم من أن الجماعات المتطرفة التي أتت إلى سوريا بدعوى الدفاع عن السوريين، تبدو في الظاهر وكأنها معادية للنظام، إلا أن ممارساتها على الارض تشير وكأنه هناك توجيهات من الخارج الداعم لهذه الجماعات، هدفه إفراغ الثورة السورية من محتواها السياسي المدني، وتحويل الأزمة إلى صراع بين أصوليتين متنافستين في المنطقة، وهناك من الفصائل المعارضة ما يبدو عليها وكأنها بينها وبين النظام السوري تنسيقا خفيا.
الساحة الداخلية في سوريا لم تشهد أي تحسن بعد مباحثات جنيف 2 التي استغلها البعض لإعادة مترسة وتكثيف قواته، بينما استغلتها فصائل أخرى للمزايدة وطرح الاتهامات للآخرين، وتمضي جنيف 2 التي علق عليها الكثيرون الآمال دون أن يحصلوا على أي فائدة من ورائها، ويعود العالم لينشغل بأزماتها في أوكرانيا وفنزويلا وغيرهما ويترك الشعب السوري في مأساته بدون أية آفاق للحل.
آن الأوان لأن يقول العالم كفى لكل ما يجري في سوريا من سفك للدماء ومن عبث محلي وإقليمي ودولي يجني منه الكثيرون مصالح ومكاسب خاصة، بينما يدفع ثمنه المواطنون السوريون العزل الذين بات مستقبلهم في غياهب المجهول.