الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا معرقلة... أم محقة؟!

سوريا معرقلة... أم محقة؟!

01.03.2014
د. عبدالله العوضي


الاتحاد
الجمعة 28/2/2014
أصبحت لمؤتمر جنيف (2) ملاحق من الاجتماعات الممتدة من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية الطاحنة لكل الأطراف المتنازعة في الداخل والخارج.
والخلاصة التي خرجت إلى العالم حتى الآن هي الخلاف الذي دب بين الأطراف الدولية المعنية بالقضية منذ اندلاعها، فأميركا وجدت أن سوريا معرقلة لمؤتمر جنيف (2) بإصرارها على محاربة الإرهاب والانتهاء منه قبل التوصل إلى صيغة الحكومة المؤقتة التي تصر عليها المعارضة.
وفي المقابل تقف موسكو مع سوريا وترى أنها محقة في مطلبها في التخلص من الإرهاب قبل الوصول إلى الحل التوافقي عند اجتماع المعارضة بالحكومة في جنيف (2).
وما بين العرقلة والأحقية يدفع الشعب السوري الثمن، ويفكر بعض الأطراف العربية في اللجوء إلى البند السابع لاستخدام القوة لوقف إطلاق النار بين طرفي النزاع أي العودة إلى ما كان ينبغي القيام به قبل تفاقم الأزمة ودخول أطراف إقليمية فاقمت من حدتها، جاء الحل الكيماوي والتخلص منه وموافقة النظام عليه ليصبح الحديث عن استخدام القوة أمراً مؤجلاً إن لم يكن في خبر كان.
النظام السوري قبل قبوله حضور مؤتمر جنيف (2) كان واضحاً في عدم رغبته البتة في تسليم السلطة إلى المعارضة على طبق من ذهب وعلى مرأى من العالم، وذريعته في ذلك بعدم الاعتراف بشيء اسمه معارضة أصلاً في سوريا.
ولذا كان التركيز فقط منصباً على وجود الإرهاب الذي يجب الاتفاق على التخلص منه قبل الذهاب أبعد من ذلك، ولو استمر النظام في إقناع العالم بذلك، فإن كل ما تمت التضحية به في فترة السنوات الثلاث الماضية، قد ذهب وقوداً أو فداء لمحاربة الإرهاب، وليس إلا.
ومعنى ذلك، أن المطالبة بالعدالة والحرية والكرامة التي قامت الثورة من أجلها قبل أن تتحول إلى حمل السلاح، قابلة للتأجيل إلى ما بعد محاربة الإرهاب.
فالعالم الذي اتفق في جنيف (2) على أن الحل السلمي هو الغاية النهائية للأزمة السورية، ينبغي عليه الاتفاق كذلك إن كانت سوريا معرقلة أم محقة في ما ذهبت إليه في المؤتمر، لأنه بغير ذلك يبقى مصير الأزمة السورية معلقاً بين مثلث العالم والنظام والمعارضة، وهو ما يعقد الأزمة أكثر من حلحلتها.
فإذا كان تبادل الاتهامات بين واشنطن وموسكو يعرقل الحل السياسي الذي عقد من أجله جنيف (2) وملحقاته، فما البديل الذي يمكن أن يحسم الأزمة في سوريا.
إن العالم الذي يبحث عن الحل السلمي للأزمة المستفحلة في سوريا لابد أن يملك وسائل تحقيقه وإلا فإن الكلمة على الأرض والواقع الذي يزداد تأزماً لن تكون للسياسة، بل لمن يفرض الأمر الواقع وإن كان إرهاباً لا يترك للسلم طريقاً سالكاً إلى الحل الأنسب لكل الأطراف.
إن إطالة الأزمة ليست من مصلحة أي طرف ولو ادعى أنه الأحق بالحكم في المرحلة الانتقالية، لأن وقوع المزيد من القتلى من الجانبين وتشريد الشعب في الداخل والخارج نتيجة العمليات العسكرية الكارثية وتحويل مئات الألوف إلى لاجئين، كل ذلك يصعب ويعقد الحل.
فإذا كان بعض المحللين يتحدث أن الأزمة السورية إذا لم تقف عند حد معين، قد تستمر لعشر سنوات قادمة، فإن آثارها الجانبية قد تستمر لعقود أخرى، لأن لها علاقة بإعادة الإعمار وعودة الناس إلى ديارهم بعد المعاناة التي طالت ثلث الشعب السوري.
على العالم اليوم استدراك ما يحدث في سوريا حتى لا تتحول الأزمة إلى حرب أهلية طويلة المدى لا تدع مجالاً لأي طرف لوضع الحل الأنسب لوقف هذا النزيف الدامي.