الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا: معركة تحرير داخلي وخارجي

سوريا: معركة تحرير داخلي وخارجي

18.09.2013
علي حماده


النهار
الثلاثاء 17/9/2013
مضحك أمر النظام في سوريا عندما يعلن الانتصار في قضية السلاح الكيميائي الذي استخدمه ضد الشعب في الغوطتين. ومضحك أكثر أمر الإيرانيين عندما يعلنون أنهم هزموا الامبريالية والصهيونية وأعداء الأمة الاسلامية في آخر أزمات سوريا عندما أحجم الاميركيون عن توجيه ضربة الى النظام. كلاهما يعيش في حالة من انكار الواقع الذي يفيد بعكس ما يحتفلون به اليوم بعدما استسلم بشار الأسد خلال ساعتين وأعلن استعداده لتسليم سلاح أمضى هو ووالده قبله أكثر من ثلاثة عقود في تجميعه تحت شعار "التوازن الاستراتيجي" مع إسرائيل. بالطبع لا قيمة لتعهدات الأسد في ما يتعلق بالكيميائي إلا بمقدار ما يشعر أن فوق رأسه مقصلة جاهزة لتنقضّ عليه في حال عدم امتثاله، ولا سيما بعد أن ظهر من خلال قراءة السطور الأولى لتقرير محققي الأمم المتحدة انهم لم يؤكدوا تعرض الغوطتين الى غاز السارين، بل انهم لمّحوا بما لا يقبل الشك الى ان النظام هو الجهة التي أطلقت الصواريخ المحملة بغاز السارين، الأمر الذي يزيد المجتمع الدولي قناعة بأن النظام بلغ مرحلة متقدمة من التهوّر على الرغم من اضطراره قبول مبادرة موسكو الانقاذية.
في مطلق الأحوال فإنه ما من شك في أن النظام الذي يصل به الأمر الى استخدام مكثّف للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، إنما وصل الى حد اليأس من امكان انتصاره في المعركة بالأسلحة التقليدية، علماً انه يمتلك قدرات هائلة في العتاد، ويحظى بدعم روسي – إيراني يذكر بمراحل ملتهبة من الحرب الباردة. أضف الى ذلك أن النظام فقد عملياً السيطرة على أكثر من ستين في المئة من الأراضي السورية، وقد فقد أي إمكان لتحقيق انتصار وحسم المعركة على الأرض التي سبق أن خسر عليها الحرب ديموغرافياً، ولم تستطع إيران ومعها ذراعها اللبنانية ("حزب الله") قلب الموقف في ما عدا تأخيرهما موعد سقوط النظام في دمشق.
في المقابل ندرك تماماً أن للمعارضة السورية مشاكل لا تحصى ولا تعد، وأولها هذا التشتت المخيف، لكن الأرض بانقساماتها تمكنت من الصمود، وفي حالات عدة أوصلت النظام الى حافة الانهيار في مناطق حيوية مثل دمشق، وحلب ودرعا. ومن هنا أهمية دعم "الجيش الحر" على الأرض بالسلاح المتطوّر الذي وحده سيحرر سوريا من النظام، ويلحق هزيمة بالمشروع الايراني بمختلف وجوهه. إنها معركة المنطقة ضد أخطر اختراق منذ نشوء الكيان الصهيوني.
بالامس أعادت القوى الغربية التزام دعم المعارضة السورية، وأكدت الأمر أمام وزيري الخارجية السعودي سعود الفيصل والتركي أحمد داوود أوغلو، وثمة معلومات تشير الى أن القرار سبق أن اتخذ وسوف يتم تفعيله بزخم أكثر لا سيما في الجانب العسكري، وخصوصاً أن الدول العربية الداعمة للثورة وفي مقدمها السعودية تعتبر أن معركة إسقاط بشار هي حرب تحرير للشعب السوري من اجرام نظام واحتلال المشروع الايراني بكل تلاوينه الايرانية العراقية واللبنانية. يستنتج مما تقدم أن بشار بالكاد اشترى بعض الوقت لكن مصيره محتوم.