الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا منزوعة السلاح

سوريا منزوعة السلاح

16.09.2013
يحيى محمود



الراي الاردنية
15/9/2013
صحيح ان النظام السوري نجح في شراء بعض الوقت بقبول مبادرة نزع اسلحته الكيماوية الا ان النتيجة النهائية ستكون رحيل النظام سواء تم تنفيذ مبادرة النزع طوعا او لم يتم.فمسالة تجريد سوريا من اسلحتها الاستراتيجية المتضمنة ايضا الصواريخ بعيدة المدى باعتبار ان سلاح الطيران متهالك من الاساس، هي مسالة كانت واضحة منذ بداية عسكرة الازمة السورية.ومن يستذكر التحذيرات الاميركية المبكرة من استخدام النظام للاسلحة الكيماوية في حربه مع المعارضة يلاحظ ان هذا التحذير تواكبت معه خطط تنفيذية لنزع هذا السلاح حتى قبل استخدامه الذي جاء متاخرا.
ومن المفارقات هنا ان النظام السوري نجح بامتياز في توفير الظروف المواتية لوضع مسالة نزع السلاح السوري موضع التنفيذ منذ بداية الازمة. فبمجرد اخذ النظام قرار استخدام القوة العسكرية بمواجهة انتفاضة درعا التي جاءت كرد فعل طبيعي على اعتقال الاطفال وقتلهم،بدات الكرة تتدحرج تلقائيا الى ان وصلت الى ما نشهده الان، والذي لن ينتهي بحال الا برحيل النظام ومعه اي سلاح سوري ذي قيمة استراتيجية.
ومع ان النظام السوري وانصاره يعتقدون ان تجميد العد العكسي للضربة الاميركية هو انجاز بحد ذاته، الا ان حقيقة الامر هي ان الانجاز الذي تحقق هو لصالح الاطراف المعنية بنزع سلاح سوريا ولاشيء غير ذلك. فالضربة الاميركية المقررة لم يكن بامكانها نزع السلاح الكيماوي باعتراف مصمميها، وان البدائل المتمثلة بالوصول الى هذه الاسلحة عبر التدخل الارضي هي السبيل الوحيد للسيطرة على هذه الاسلحة.وحين وعد الرئيس الاميركي شعبه بان لايضع الجنود الاميركيون اقدامهم على الارض السورية فانه كان يؤكد بشكل غير مباشر عدم امكانية نزع السلاح السوري الكيماوي.الا ان النظام السوري وداعميه الذين ادركوا حجم الخطر الذي سيتعرض له النظام نفسه على وقع الضربات اختاروا التضحية بالسلاح على امل نجاة النظام. وهو الامر الذي سهل تنفيذ قرار النزع بمجرد التهديد الذي لن يتوقف سيفه الى ان يتم الامر.
ومن يعتقد بامكانية المناورة خلال مراحل تنفيذ المبادرة الروسية للابقاء على اي سلاح له قيمة في سوريا، فان ما يجري من ترتيبات الان عبر مجلس الامن الدولي، الذي نجح الفيتو الروسي في ابقائه مغلقا طوال الفترة الماضية، يؤكد عدم امكانية ذلك.وما سيحدث هو تولي النظام مهمة حماية عملية تجريد سوريا من سلاحها، املا بالبقاء. وهو الامر الذي لن يتحقق ليس فقط بسبب التسليح النوعي المتزايد للمعارضة، بل لما يجري تسريبه عن ملحق سياسي للاتفاق الاميركي الروسي يتضمن رحيل راس النظام السوري الحالي والانتقال المتوافق عليه الى نظام سوري جديد، كان بالامكان توفير كل هذا الدم والدمار والخسارة الاستراتيجية لتحقيقه، لو تغلب العقل على قرارالمواجهة القاتلة مع اطفال درعا الذين اختاروا تقليد نظرائهم في دول الثورات العربية بترديد بضع كلمات ضد النظام.