الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا هل تقود لمواجهة بين روسيا وناتو؟

سوريا هل تقود لمواجهة بين روسيا وناتو؟

14.03.2016
ديفيد أوين


البيان
الاحد 13-3-2016  
تواصلت الأزمة الإنسانية في سوريا لفترة طويلة، وألقت بتأثيراتها الاجتماعية المدمرة على كاهل الشعب، وتمثل ذلك بالهجرات الهائلة، وبعض هذه التأثيرات كانت مباشرة وبعضها يتمثل باللاجئين في المخيمات القائمة في الدول المحيطة بسوريا. مما يهدد بفقدان رؤيتنا للمخاطر العسكرية التي تهدد الآن الشرق الأوسط بأكمله.
ولطالما انتابت حلف "ناتو" مخاوف من أن الأزمة السورية قد تتحول إلى حرب أوسع، ولكن الأمر بات أقرب اليوم مقارنة بما كانت عليه الحال من قبل. أي تحليل حقيقي لبداية الحرب العالمية الأولى والثانية يكشف عن أن الافتقار إلى وضوح النوايا خطير جداً.
وعلى الأقل هناك حوار مستمر بين وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وبالطبع من الممكن أن تكون المحادثات التي جرت بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين جعلت مواقف الأطراف المعنية أوضح مما قد تبدو عليه.
الوقت قد حان الآن للسلام، غير أن الهدنة تلو الهدنة تحطمت بسبب ما حدده أمين عام "ناتو" بوضوح بشأن موقف الحلف، عوضاً عن أن يكون الأمر مجرد تبادل لوجهات النظر بين الولايات المتحدة وروسيا. يمكننا جميعاً أن نأمل أن وقف إطلاق النار قد يتم التقيد به. ولكن هناك ضرورة لوضوح أكبر.
فمنذ أن بدأت روسيا بشن غارات جوية على سوريا في الثلاثين من سبتمبر تغير الوضع على الأرض تماماً. ومن السهل نسيان أن روسيا كانت ترد على طلب الرئيس السوري بشار الأسد للمساعدة في الإبقاء على الطرق الموصلة بين دمشق والبحر الأبيض المتوسط مفتوحة بعد أن هدد القتال في السابق بإقفالها.
وبحسب وجهة النظر الروسية، فإن الرد على ذلك المطلب كان شرعياً، بالنظر إلى امتلاك روسيا بموجب دعوة من الحكومة السورية قواعد بحرية في الأراضي السورية لأكثر من 45 عاماً. ويجب إدراك أن أعضاء دائمين من مجلس الأمم المتحدة ردوا على مثل هذه المطالب من دول أخرى في الماضي، مدعين أن التدخلات العسكرية كانت شرعية.
الروس أوضحوا أنهم أتوا للمساعدة على التعامل مع التهديد الذي يشكله تنظيم "داعش" في سوريا. وأصبح من الواضح أن استراتيجية الاستهداف الروسي غير معنية كثيراً بالتنظيم بقدر ما هي معنية بإمالة ميزان الحرب الأهلية لصالح الأسد. تركيز روسيا ينصب الآن على استخدام الدبابات لاستهداف المقاتلين داخل وحول حلب.
السعودية نقلت الطائرات المقاتلة إلى تركيا بهدف شن ضربات جوية داخل سوريا ووافقت على نشر قوات خاصة سترسل إلى سوريا عبر تركيا.
وأوضحت تركيا أنها قد تشعر بضرورة الانتقال من قصف مواقع كردية داخل سوريا إلى تحريك القوات والدبابات إلى داخل سوريا. وفي هذه الأثناء زادت القلاقل حيال البند الخامس في معاهدة "ناتو" في حال تعرضت القوات التركية للهجوم من قبل روسيا أو سوريا.
ويمتلك "ناتو" الحق في دعوة أصدقائه للحذر من تركيا. ولكن في هذه الأوضاع، أي عقب التدخل الروسي وبالنظر إلى انكشاف طبيعتها كاملة فإن من الصعب القول إن من غير المنطقي للمملكة العربية السعودية وتركيا أن تأمل بالضلوع في ذلك.
ويجب على ناتو تحقيق أمرين واضحين:
أولاً، عدم خوض الحرب كحلف على الأراضي السورية. وثانياً، الرد على أي هجوم يهدد سلامة الأراضي التركية.
ومن دون توضيح هذين الأمرين، هناك خطر حقيقي في حدوث انتشار عسكري. وقد لا يحول ذلك دون نشوب حرب إقليمية واسعة النطاق. وخلال السنوات الأخيرة كنت ألح على أن لا وجود لتسوية يمكن القبول بها على أساس سوريا الموحدة من دون المرور عبر الانفصال الجغرافي، من دون أن يكون هناك فرصة لتثبيت وقف إطلاق النار.
وبات من الأصعب حدوث الانفصال الآن، وقد يقول بعضهم إنه أمر مستحيل، ما لم تفرضه تركيا أو بعض الدول المعنية في المنطقة، فضلاً عن الأسد وروسيا. ومن الأفضل إيجاد حل مؤقت بدلاً من التقاتل حتى النهاية، وهو ما نوشك على رؤيته.
ويجب أن يبحث كيري ولافروف مسألة الانفصال الجغرافي مجدداً كونهما رئيسان مشتركان في عملية السلام في فيينا، وهي التقنية المجربة والمثبتة لإنهاء الحرب والسماح بتحقيق سلام مستقر ضمن دولة موحدة.