الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا: هل يصبح القادم أسوأ؟

سوريا: هل يصبح القادم أسوأ؟

04.05.2013
د.عبدالله جمعة الحاج

الاتحاد
السبت 4/5/2013
أصبحت مظاهر الفوضى والدمار تغلف سوريا، ومن المحتمل أن يستمر ذلك، سواء بقي النظام الحالي أم لم يبق. والمتطرفون الإسلاميون ينشطون بقوة، بعد أن أعلنت "جماعة النصرة" بأنها تحارب تحت مظلة "القاعدة". وسواء كان ذلك صحيحاً أم أن النظام يحاول بث دعايته السياسية في هذا الاتجاه، فإنه كنظام ظل يردد منذ أن اندلعت الثورة والأعمال المضادة لها بأنه يحارب الإرهابيين. وليس من المعروف كم من هذه الجماعات تحارب في سوريا، وكم منهم وردوا من الخارج، وكم منهم مدسوسون من قبل مخابرات النظام لتصوير الأمر بأنهم إرهابيون.
وبغض النظر عن مكمن الحقيقة، فإنه كلما طال أمد هذه الفوضى وهذا الدمار، كلما سيزيد عدد الإرهابيين الذين سيتسببون في المشاكل لسوريا ولدول المنطقة الأخرى.
والخوف أنه إذا وصل المتطرفون إلى السلطة، فإن جميع الأقليات السورية الأخرى من مسيحيين ودروز وعلويين وإسماعيليين، بالإضافة إلى النساء بما في ذلك المسلمات، والمعارضون السياسيون الليبراليون، والعلمانيون والمعتدلون سيواجهون المشاكل. وحتى وإنْ وصل الإسلاميون السُنة الأقل تطرفاً إلى السلطة، فإن سوريا ستصبح أقل تقبلاً لإيران و"حزب الله" وأقل تسامحاً معهما، فـ"حزب الله" والتمدد الشيعي الذي تدعمه إيران هو العدو الاستراتيجي في الهلال الخصيب للسنة أينما وجدوا. ويتضح عدم تقبل العرب السُنة لما يجري من الشعارات التي يطلقها الثوار السوريون ضد إيران، ومن حرق أعلام "حزب الله" في شوارع المدن السورية التي يتمكن الثوار من الاستيلاء عليها.
ومن جانب آخر تشكل إيران رأس الحربة في التحالف غير المعلن، بينها وسوريا و"حزب الله" و"حماس" في قطاع غزة.
سوريا هي العضو الثاني من حيث الأهمية في هذا التحالف، لذلك، فإن سقوط النظام في دمشق أسوأ ما يمكن أن يحدث لكل من إيران و"حزب الله"، فإيران ستفقد حليفها الوحيد في العالم العربي، وسيفقد "حزب الله" الراعي الثاني له بعد إيران فسوريا وإيران تشكلان معاً كامل الأرضية اللوجستية لـ"حزب الله"، التي تصل إليه من خلالها كافة معدات الدعم العسكري، ويتم تدريب كوادره القاتلة من قبلهما. وهنا، فإن وجود حكومة جديدة يسيطر عليها السُنة في دمشق، قد يتسبب في توقف كافة مصادر الدعم لـ"حزب الله"، ما سيجعله مكشوفاً تماماً أمام أعدائه في المنطقة، خاصة إسرائيل والأطراف اللبنانية التي تتصارع معه.
ولو وصل المتطرفون الإسلاميون إلى السلطة في سوريا، فإن استبدال النظام الحالي بنظام يسيطر عليه هؤلاء قد يكون كارثياً على الشعب السوري الذي ستكون ثورته قد صودرت. فما الذي يمكن توقعه من خوف لو وصل نظام متطرف إلى السلطة؟ هل يتوقع أن تصبح سوريا دولة راعية للإرهاب؟ أم هل ستصبح عدواً للأنظمة المعتدلة في المنطقة؟ أم هل يتوقع لها أن تصبح ذات نظام قمعي وإقصائي وديكتاتوري؟ أم هل يتوقع لها أن يقوم نظامها بإلقاء جميع معارضيه وخصومه في السجون، أو أن يصفيهم جسدياً؟ أم هل سيصبح متقارباً وربما متحالفاً مع إيران؟
الطامة الكبرى هي أن النظام الحاكم حالياً في سوريا يقوم بكل ذلك، فهل سيكون القادمون الجدد أفضل منه؟ خلاصة القول، إنه لا يمكن إعادة سوريا إلى ما كانت عليه، حتى وإن أراد لها المجتمع الدولي ذلك، فهي قد أصبحت غير مستقرة بشكل خطير جداً، ولا يبدو بأن القادمين الجدد سيكونون أفضل من سابقيهم إذا وصل المتطرفون منهم إلى السلطة، "فهذا الخبز من ذاك العجين"، والمجتمع الدولي يتفرج دون أن يتمكن من فعل شيء يذكر للشعب السوري.