الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا: هل يفعلها الخليجيون؟!

سوريا: هل يفعلها الخليجيون؟!

30.04.2013
عدنان كامل صلاح

الحل الأفضل لسوريا أن يسعى مجلس التعاون الخليجي مع المجتمع الدولي لوضع مبادرة خليجية دولية تنتقل السلطة عبرها بشكل سلمي إلى جيل جديد من السياسيين السوريين
المدينة
الثلاثاء 30/4/2013
من المعروف أن إدارة أوباما تتجنب الدخول في مغامرات عسكرية خارجية، بل إنها عندما سحبها ساركوزي وورطها في عمليات الناتو ضد ليبيا حرصت هيلاري كلينتون، وزيرة خارجية أوباما حينها، على توضيح أن أمريكا تقود عمليات الناتو ضد القذافي ولكن «من الخلف».. ويفتقد الرأي العام الأمريكي الحماسة للقيام بأي عمل عسكري ضد بشار الأسد أو غيره.. لذا كان من المفاجئ، والمثير للتساؤل، إقدام الرئيس الأمريكي باراك أوباما على القول خلال لقاء إعلامي أن استخدام الأسد للسلاح الكيماوي هو خط أحمر سيدفعه، أي أوباما إلى تدخل في القتال القائم بسوريا.
ومن الواضح الآن أن نظام بشار الأسد تخطى الخط الأحمر الذي وضعه أوباما.. فما الذي ستفعله إدارته؟!
كانت المعلومة الأولى عن استخدام الكيماوي من إسرائيل، ثم تليتها تأكيدات من عدد من أجهزة الاستخبارات الأمريكية، كان بعضها جازمًا والبعض الآخر يضع الأمر في مجال الاحتمالات.. وعندما قام الكونجرس برفع الضغط على أوباما ليقرر ما الذي سيعمله، سارع البيت الأبيض إلى تكوين فريق عالي المستوى ليقول لأعضاء الكونجرس ان عليهم الصبر، لأن الإدارة لم تتأكد بعد من أن حكومة بشار الأسد هي من استخدم الغاز، وأن الإدارة بحاجة لمزيد من الوقت للتحقق من ذلك، وإقرار خطة ما، لم يتفق عليها حتى الآن، للخطوة الأمريكية المقبلة.
الشعب السوري يعيش مأساة قاسية، فأكثر من أربعة ملايين مواطن تحولوا إلى لاجئين داخل بلادهم، إذ فروا من مناطق سكناهم إلى مخيمات لاجئين نتيجة للقصف الذي تعرضت له مناطقهم.. وينتقل بعضهم من مخيم إلى آخر، في الداخل، نتيجة لاستهداف المخيمات بالقصف أيضًا.. وهناك ما معدله خمسين ألف سوري يفرون أسبوعيًا إلى خارج الحدود، إلى الأردن ولبنان وتركيا والعراق، وبلغ عددهم حوالى المليون والنصف.. وجميع اللاجئين في الداخل والخارج يعانون الكثير نتيجة لنقص الغذاء والدواء إلى جانب السكن والحياة الكريمة.
المطلوب اليوم حل سلمي لا عسكريا، أي أن يتم إخراج حل تنتقل فيه سوريا من حال إلى حال آخر، بدون الأسد.. فالحل العسكري كان ممكنًا قبل بعض الوقت، ولكن جماعة الإخوان المسلمين الذين جرى تمويلهم بشكل كبير من قبل قوى إقليمية ودولية لم يتمكنوا من إعادة تنظيم أنفسهم داخل سوريا، ودخلت جماعات متطرفة في خطوط المحاربين.. وفي شهادة له أمام الكونجرس الشهر الماضي أفاد رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية بأن (جبهة النصرة) التابعة للقاعدة والتي تسيطر على عدة مناطق داخل سوريا هي: «واحدة من أكثر الحركات الإرهابية السنية كفاءة وتنظيما".
تجربتنا مع التدخل الأمريكي في المنطقة ليست مشجعة وتدفعنا إلى المطالبة بألا يتدخل الأمريكيون.. ففي العراق تدخلت أمريكا وسُلِّمت البلاد للطائفة الشيعية بزعامة المالكي الذين اعتبروا البلاد حقًا من حقوقهم وأبعدوا باقي الطوائف من سنة وأكراد وغيرهم عن الحكم.. وفي مصر وتونس مارس الأمريكيون ضغوطًا على الجيش لتسليم السلطة لجماعة الإخوان المسلمين الذين اعتبروا الحكم مغنمًا خاصًا بهم ولا زالوا يحرصون على استبعاد غيرهم.. أما ليبيا فهي بين يدي العصابات المسلحة، في حين أن اليمن أنقذها من التدخل الأمريكي الأولى تدخل من مجلس التعاون الخليجي أدى للوصول إلى المبادرة الخليجية التي حافظت على بعض الاستقرار، ويسعى اليمنيون حاليًا عبرها الوصول إلى مخرج يحاول الانتهازيون في الداخل والخارج أن يخربوه.
الحل الأفضل لسوريا أن يسعى مجلس التعاون الخليجي إلى تكرار تجربته الناجحة في اليمن، والعمل بالتعاون مع المجتمع الدولي لوضع مبادرة خليجية دولية لسوريا يتحقق فيها لملايين اللاجئين العودة إلى وطنهم بأسرع وقت ممكن وتنتقل السلطة عبرها بشكل سلمي إلى جيل جديد من السياسيين السوريين.. مثل هذا الحل سيكون مخرجًا للسوريين وإنقاذًا لهم من تدخل أمريكي غير مرغوب، وربما يكون أيضًا حلًا لإدارة أوباما المترددة في دخول مغامرات عسكرية خارجية.. فهل يفعلها الخليجيون؟!