الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا وأوراق الحرب المكشوفة

سوريا وأوراق الحرب المكشوفة

14.06.2013
احمد عبده ناشر

الشرق القطرية
الجمعة 14/6/2013
إن الحرب الدائرة في سوريا اليوم قد كشفت عن حقائق في اللعبة السياسية المخفية التي ظل الجميع يناور ولا يريد أن يعترف بحقيقتها وهي أن سوريا أصبحت معركة دول وليست معركة محلية، فالنظام السوري مثل العراقي هو نظام غير مستقل يمثل توجها استعماريا ووجودا لدول لها نفوذ جديد وقديم، فالتحالف الروسي الإيراني في المنطقة والقائم على مصالح أصبح حقيقة واضحة لا يمكن إخفاؤها، لقد بذل عدد من الدول جهودا كبيرة لاحتواء الصراع والتقارب ولكن عند المصالح والأجندات لا مكان للمجاملات، فقد بذلت جهود دبلوماسية كبيرة لرأب الصدع في الصراع العربي مع إيران والذي كان محصورا في منطقة الخليج من العراق إلى الجزر ولكن اليوم الصراع توسع ليشمل اليمن وسوريا ولبنان، أصبحت الحرب مكشوفة وكشرت إيران عن أنيابها في أطماعها فها هي تؤسس دولة في اليمن بجيشها وها هم الحوثيون يقاتلون في سوريا برجالهم كرمز، وها هو حزب الله يدخل الصراع وله جيشه في استعراضات أي أنه يقول نحن دولة في لبنان ولنا جيش مثل جيشه وكذلك الحوثي وميليشيات العراق وغيرها ويتوحد كل هؤلاء في حرب طائفية مدمرة.
الموضوع في سوريا يختلف عن ليبيا ومصر وتونس لأن سوريا هي كما قال الملك عبدالله الثاني قبل سنوات أرض الهلال الإيراني الذي قابله الجميع باستغراب، ونحن لا نؤيد الحروب الطائفية ولا نريدها ولكنها اليوم مفروضة علينا بالقوة، ويبذل العرب جهوداً كبيرة لإبعاد شبحها لأنها تخلف ورجعية في أن نتصارع ونتقاتل على معارك وحروب قبل ألف وأربعمائة سنة، وكما قال أحدهم عندما سأل هؤلاء بقوله ما أصل الحسين قال قرشي، قال ما أصل بزيد قال قرشي. قال يا أخي قريشي وقرشي تصارعا واختلفا فما دخلك بينهم. العالم تجاوز التاريخ ونحن يراد لنا أن نعود لحرب الماضي بدل التنمية وبناء دول حديثة وإسعاد شعوبنا، لا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك جهودا مضنية بذلت ومازالت تبذل لمنع حروب إقليمية خطرها على الجميع ولكن هناك من يريد جر المنطقة لذلك. إن الشركات الغربية الأمنية والعسكرية التي تريد بيع السلاح والأجهزة وغيرها، هذه الشركات والمؤسسات لا يهمها إلا استنزاف أمننا، وقد حاولت دول المنطقة الحفاظ على حسن الجوار وكان لدول مجلس التعاون الخليجي دور كبير في منع التوتر وتحكيم العقل والحوار لسجن الحوار لأن تجربة الحرب الخاسر فيها الجميع، إلا أن ملالي قم مازالوا يعيشون في التاريخ والصراعات الماضية وأحلام الامبراطوريات والهيمنة والعنصرية ولا يعرفون أن العصر الحديث تجاوز هذه المرحلة.
شعب سوريا اليوم يقاتل لنيل حريته والدفاع عن كرامته أمام جيش طائفي، وأما إدارة للحرب من خارج سوريا من قوات الحرس الثوري وأجهزة إيرانية متعددة، وهناك تحد ونحن نرى أن هذه القوى التي تقف خلف الأسد وجيشه وتمده بالسلاح والخبرات وترسل قواتها مع جيش وميليشيات عراقية ولبنانية ويمنية حوثية تقول نحن دولة واحدة وسندمر سوريا كما دمرنا العراق وأشد.
للأسف إن الدول العربية تتفرج وتتجاهل الحرب المكشوفة والحقائق التي هي على الأرض لأن الدول العربية تخسر في حرب ليست عسكرية فقط بل تعليمية وإعلامية وثقافية تشمل دور الدول العربية في إفريقيا وآسيا، واليوم الدول العربية تواجه حربا وحصارا في عقر دارها، حتى مصر التي كانت حصنا منيعا وكما قال صاحب برنامج بلا حدود في الجزيرة بأن مصر فيها تشيع وأن العراق وإيران يريدان احتواء مصر واختراقها وأن إغلاق أبواب الأزهر والجامعة الإسلامية والجامعات الإسلامية أمام أبناء الدول الإسلامية والعربية وفتح قم أبوابها يجعل الجميع يتساءل لماذا هذا الإصرار على عدم التعامل بواقعية. اليوم نرى تصريحات الدكتور القرضاوي والإعلام في الجزيرة يتحدث بصراحة عن المأساة وكشف الحقائق للرأي العام وكذلك اليمن وتحذيرات الناس بعد أن كشفت سوريا وحربها المدمرة عن الحقيقة بعد غزو التتار هولاكو القادم من طهران وبغداد وموسكو، فماذا بعد هل هي بيانات فقط وتصريحات وشجب كما يفعل مجلس الجامعة العربية؟ وهل هي إدانات كما يفعل مجلس التعاون الخليجي أم أن تحريك الأقليات وما يجري في البحرين واليمن رسائل مكشوفة واضحة لدول المنطقة، إن الأمر يقتضي أن نفكر في مواجهة الحرب الإعلامية، أمامنا قنوات وصحف وصحفيون وإعلاميون أبواق وأمامنا تعليم ودراسة فماذا لا نفكر في عمل أعمق بكثير بتحصين أبناء المسلمين ولماذا لا نستخدم أوراقنا الدبلوماسية. أشكر الأمير طلال بن عبدالعزيز الذي قال إن على الدول العربية أن تسحب سفاراتها من موسكو. أقل ما نقدمه لإخواننا في سوريا واخواننا بالعراق واليمن ولبنان هو أن نوقف أشكال التعاون مع موسكو ونعرفها أهمية العلاقات مع الدول العربية بسحب السفارات وتجميد العلاقات الاقتصادية وغيرها، وكذلك تجميد العلاقات مع إيران واتخاذ إجراءات اقتصادية ومنع استخدام الأجواء، عندها سنرى أن هناك من سيعرف أن الدول العربية مهمة.
على الجامعة العربية ومجلس التعاون التحرك لإصلاح ذات البين بمصر واليمن وغيرهما لمنع الحرب الاستنزافية وإصلاح الأمور لأنها تمس سلامة واستقرار المنطقة وليست أموراً داخلية لابد من تحرك لإعادة مصر والضغط للمصالحة الوطنية ودولة وفاق وتوحيد المعارضة السورية ودعمها، ومنع المظاهر المسلحة باليمن والضغط لرفض وجود دول وحروب باليمن تضر استقرار المنطقة كما حذرت عمان من أن الانفصال خطر على أمن المنطقة وكذلك صعدة وحسم هذه القضايا.
سوريا تعطينا دروساً أن نناقش المشكلة من كل جوانبها وعدم الهروب منها وعدم حصرها في الجانب السياسي، وأن الحرب اليوم أصبحت لها أشكال متعددة فهل ندرك ما يدار حولنا وإلا فإن النار لن تقف عند مكان واحد. والقوم لا يريدون أن يحترموا أي مناشدات ومجاملات بل لابد أن نستخدم أوراقنا في إطار لعبة المصالح مع هذه الدول ونمارس ضغوطنا فلسنا ضعفاء إلا بتفرقنا وقبولنا بالهوان.