الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا وإيران: علاقات مبهمة

سوريا وإيران: علاقات مبهمة

06.04.2013
د. عبدالله جمعة الحاج

الاتحاد
السبت 6/4/2013
منذ أن اندلعت الثورة في سوريا عام 2011 وإيران تقف وراء النظام الحاكم فيها وقفة لا تردد فيها رغم المجازر التي ترتكب بحق الشعب السوري. ويخرج المسؤولون الإيرانيون على الملأ يومياً بكافة مستوياتهم لكي يعلنوا ويؤكدوا بأن بلادهم تدعم النظام القائم بكل ما تستطيع وليس لديها نية في تغيير موقفها هذا، وليحدث ما يحدث للشعب السوري، فهو فيما يبدو ليس مهماً بقدر الأهمية التي يحظى بها النظام ومن يقودونه، فالأولوية لهم وحدهم. وهذه مسألة محيرة لا يوجد لها مثيل في العلاقات الدولية المعاصرة.
لقد ظهرت العلاقات السورية الإيرانية خلال الفترة الماضية كواحدة من المؤثرات الرئيسية في ميزان القوى في المنطقة، لأن كلا الدولتين معزولتين على المستوى العالمي، لذلك فإن كل واحدة منهما تحرص على دعم الأخرى في وجه أعدائهما المشتركين.
ما يهمنا كخليجيين هو تأثير تلك العلاقة على الشعب السوري أولاً، ثم على دول مجلس التعاون، فالموقف الإيراني معروف وواضح، لكن الموقف السوري تجاه دول الخليج العربية لم يتسم بالوضوح منذ عام 1968، وتم تغليفه دائماً بشعارات ودعاية إعلامية رنانة قوامها الأخوة العربية والتضامن العربي رغم احتلال إيران لجزر الإمارات الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، ودخولها في حرب مدمرة ضد العراق لثمان سنوات عجاف، ورغم شعارات تصدير الثورة المذهبية والطائفية إلى دول المجلس. وتلك الدعاية لم تعد على دول المجلس أو على سوريا بأية فائدة في إطار التصدي للممارسات والنوايا الإيرانية تجاه عرب الخليج وبقيت رنانة، لكن رنينها لم يتعد محيط وسائل الإعلام التي تبثها.
وربما أن لحظة تاريخية برزت في بداية تسعينيات القرن العشرين، لكي تعطي تلك الشعارات والدعاية الإعلامية مضموناً ذا مصداقية عندما قام النظام العراقي السابق باحتلال الكويت، حيث ساندت سوريا التحالف الدولي لتحريرها، لكن موقف النظام السوري ذاك لا يزال محل العديد من التساؤلات: فهل كان يهدف إلى تحقيق الشرعية الدولية حقاً؟ أم كان موقفاً أيديولوجياً محضاً هدفه القضاء على النسخة العراقية من المقولة «البعثية»؟ أم هو تعزيز ومساندة للموقف الإيراني في صراعه مع العراق، وهو موقف ضد دولة عربية جارة لسوريا؟ أم هو مزيج من كل ذلك إلى جانب أجندات أخرى من ضمنها لبنان و«حزب الله»؟
العزلة الدولية التي تعاني منها سوريا وإيران توفر حاجزاً إضافياً للدولتين لبناء العلاقات الوثيقة بينهما، وهذه العلاقة أصبحت شراكة استراتيجية أكثر من كونها ترابطاً أيديولوجياً. تأثير هذه الشراكة على الشعب السوري وعلى السلام في المنطقة كبير وفي غاية الأهمية، فهذه الشراكة المستمرة لخمسة وثلاثين عاماً تقريباً لا يمكن لها أن تتغير إلا بصعوبة كبيرة، لذلك فإن مستقبل الشعب السوري ومستقبل الأمن في المنطقة سيبقى مرتبطاً بقوة بطبيعة سير العلاقات السورية الإيرانية وسيبقى الشعب السوري هو الذي يدفع الثمن الباهظ من دم أبنائه وبناته، ولن تهدأ سوريا أبداً، ولن يستتب الأمن فيها. ولن يتمكن شعبها من تحقيق طموحاته طالما أن هذه العلاقة الغامضة قائمة.