الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا واستغلال الاحتجاجات التركية

سوريا واستغلال الاحتجاجات التركية

18.06.2013
ديفيد كينر

الاتحاد
الثلاثاء 18/6/2013
هناك قول مأثور مؤداه إن الأصدقاء الحميمين عندما يختلفون يتحولون في غالبية الأحيان إلى أعداء ألداء. وقد تبينت صحة هذا القول بشكل واضح الأسبوع الماضي: فبينما كانت قوات الأمن التركية تستخدم قنابل الغاز المسيل لإخلاء ميدان «تقسيم» في إسطنبول من المحتجين ضد أردوغان، كانت وسائل الإعلام السورية تستجيب لذلك الحدث بنبرة أقرب ما تكون للتشفي.
فقد قالت وكالة الأنباء السورية إن رئيس الوزراء التركي يطلب المساعدة من حلفائه الإسلاميين، حتى يتمكن من مواجهة موجة الاحتجاجات العنيفة ضده، وأن «شريكه القرضاوي المقيم في قطر، أصدر فتوى يحرم فيها الاحتجاجات ضده لحمايته من غضب الشارع التركي». وأضافت الوكالة «ومثله مثل القرضاوي وفتاواه الشيطانية ضد الشعب السوري، يعتبر أردوغان متورطاً في نزيف الدم في سوريا».
منذ بداية موجة الاحتجاجات الأخيرة في تركيا، دأبت الحكومة السورية، ووسائل الإعلام الرسمية على إضفاء نبرة سخرية واضحة على نقدها وشجبها لأردوغان، الذي كان في السابق حليفاً وثيقاً للرئيس السوري. من ذلك على سبيل المثال أن وزير الخارجية السوري أصدر بياناً يحذر فيه مواطنيه من السفر لتركيا قال فيه «إن العنف الذي تمارسه حكومة أردوغان ضد المحتجين السلميين يمكن أن يعرض السوريين للخطر». كما نقلت وكالة «سانا» خبراً مؤداه أن وزير الإعلام السوري، قد دعا رئيس الوزراء التركي«لاحترام إرادة شعبه والمغادرة للدوحة».
وتحذير السوريين من السفر لتركيا، وتوجيه النصح لأردوغان بالمغادرة للدوحة يحاكيان في حقيقة الأمر تحذيراً ونصيحة كان رئيس الوزراء التركي قد وجههما لدمشق في بداية الانتفاضة ضد حكم بشار. ولكن الملاحظ في هذا السياق أن وصف وسائل الإعلام السورية لتصريحات أردوغان يحمل شبهاً لافتاً مع الوصف الذي كان الأسد نفسه يصف به القلاقل في سوريا.
من ذلك مثلاً ما نقلته وسائل الإعلام عن أردوغان، وهو أنه «لن يدع الأقلية تفرض شروطها على الأغلبية»، وأنه «سيدافع عن الأماكن والمؤسسات العمومية». في الوقت نفسه تقول الوكالة إن «أردوغان» وصف الاحتجاجات بأنها ناتجة عن مؤامرة داخلية وخارجية- وهو المضمون واللغة نفسها، التي كان الأسد يستخدمها لوصف حالة عدم الاستقرار السائدة في بلده.
وغرض وسائل الإعلام السورية هنا ليس تبرير أفعال أردوغان- فالأمر على العكس من ذلك تماماً، حيث وصفت صحيفة سورية رسمية رئيس الوزراء التركي بأنه قد أظهر خلال الأحداث الأخيرة في بلده «نفاقاً ومعايير مزدوجة».
غرض وسائل الإعلام السورية في الحقيقة، هو خلق نوع من التشابه بل التساوي إذا أمكن بين الأحداث في سوريا وتركيا بغرض التخفيف من وحشية الأسد لأقل حد ممكن من ناحية، مع القيام في الوقت ذاته بتضخيم تجاوزات أردوغان من ناحية أخرى.
ليس هناك شك أن الأحداث التي تجري في إسطنبول سيئة؛ ولكنها- لحسن الحظ- ليست بذلك القدر من السوء الذي تريد دمشق تصويرها به.
محرر مشارك في دورية «فورين بوليسي»