الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا والحرب القادمة

سوريا والحرب القادمة

31.08.2013
محمد الباعلي

الاتحاد
الجمعة 30/8/2013
لا يوجد أدنى شك في أن النظام السوري الحاكم هو من استخدم الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً في قتل شعبه، هكذا خلصت الجامعة العربية وخلص الغرب في استنتاجاته، وهو أمر كان متوقعاً بعد أن وصلت فصول المأساة السورية إلى حالة مروعة مع ارتكاب نظام «البعث» مذابح الغوطة والتي راح ضحيتها قرابة 1500 شخص غالبيتهم من النساء والأطفال.
إن من يرتكب مثل هذه الممارسات، لا يردعه عن فعله أي شيء حتى ولو أبيد الشعب بأكمله، لكن السكوت على جرائم استخدام السلاح الكيماوي، وعدم ردع مستخدمها بالقوة، سوف يشجعه على تكراره بصورة مستمرة، بل قد يصل الأمر إلى أخطر من ذلك، وهو الاستعانة بالسلاح النووي من حليفه الرئيس (إيران)، ما يعرّض الأمن الإقليمي والدولي لخطر شديد.
لقد تحولت الأزمة السورية على مدى الثلاثين شهراً الماضية إلى واحدة من أخطر الأزمات في المنطقة، كما تعقدت حتى أصبح هناك اختلاف جوهري بين رؤى الأطراف فيما يتعلق بالأسلوب الأمثل للتعامل مع هذه الأزمة. فعدد القتلى من الشعب السوري تجاوز 120 ألف شخص، علاوة على نصف مليون جريح، وملايين النازحين واللاجئين.
لم يترك النظام السوري «سلاحاً محرّماً دولياً» إلا واستخدمه ضد شعبه، بما في ذلك ممارسة القتل العمد والتهجير القسري... وغيرها من الوسائل المحرمة بحق المدنيين العزل.
لذلك فإن المجتمع الدولي مطالب الآن باستعادة هيبته وترتيب أولوياته حيال هذه الأزمة، خاصة بعد أن فشلت الجهود السياسية والدبلوماسية لإيجاد حل سلمي لهذه المأساة الخطيرة. ومن الواضح أن السماح ببقاء الحال على ما هو عليه في سوريا سوف يعرّض السلم العالمي للخطر ويشكل مغذياً آخر للإرهاب في المنطقة.
إن نظام «البعث» السوري، المتحالف مع إيران وروسيا ووكلائه من المنظمات المسلحة في لبنان والعراق، يعيش وضعاً خانقاً ربما يدفعه إلى ارتكاب حماقات أخرى على غرار المجازر الأخيرة التي اقترفها في الغوطة، كما قد يدفع إيران لتسريع جهودها الرامية إلى امتلاك السلاح النووي، وربما الاندفاع للتهديد باستخدامه إذا تم اتخاذ عمل عسكري ضدها. وما يعزز هذا الاعتقاد هو تحالفها مع نظام الأسد، رغم معرفتها بأنه يستخدم أسلحة محرمة دولياً لذبح شعبه. هذا وكانت تصريحات القادة الإيرانيين واضحة بما فيها من تهديدات مباشرة وغير مباشرة لدول الخليج العربي.
إن ضرورة إعطاء الجانب العسكري الأولوية لمعالجة هذه الأزمة، أصبح إحساساً مسيطراً يتجه المجتمع الدولي حالياً إلى تنفيذه بعد أن استنفد كل الجهود السلمية لحل الأزمة وبعد أن أصبحت تمثل خطراً شديداً على الأمن الإقليمي والعالمي. وهو يفعل ذلك انطلاقاً من ضرورة تصحيح المسار وإعادة فرض الاستقرار في المنطقة العربية، وأيضاً لمنع انتشار سلاح الإبادة الجماعية ولعدم إعطاء انطباع بإمكانية إفلات مستخدميه من العقاب. إن التحرك الدولي الحالي يتضمن رسالة واضحة لكل من يتجرأ على اقتراف جريمة استخدام السلاح الكيماوي ضد شعبه. في ذلك استحضار للخطاب الشهير الذي ألقاه أوباما عام 2009 وقال فيه: «لا نستطيع السماح لأنفسنا بأن يتم إظلام القرن الحادي والعشرين بأفظع أسلحة القرن العشرين، لأن ذلك سوف تكون له آثار خطيرة».