الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا والعراق.. أيهما الأسوأ؟!

سوريا والعراق.. أيهما الأسوأ؟!

19.07.2013
د. عبدالله العوضي

الاتحاد
الجمعة 19/7/2013
يقول أحد المحللين الرافضين للتدخل الدولي في الأزمة السورية: «سوريا تشبه العراق باستثناء أنها الأسوأ». إذا أردنا أن نصل إلى مقارنات أو مقاربات سليمة في تحليل أوضاع الدول العربية في عهد «الربيع العربي» فإن وضعها في سلة واحدة لا نخرج معه بشيء لفهم ما يحدث.
فالعراق يعاني أولاً من دفع استحقاقات الاحتلال الأميركي الذي لا علاقة له بالأحداث السورية، أما بعد خروج الأميركان من العراق، فإن البعد الطائفي تحت ما يسمى استئصال البعثيين، قد حل مباشرة مكان الفراغ الذي تركه المحتل، والذي لا يمكن ملؤه عبر الصراع الطائفي الدامي بين مكونات الشعب العراقي ويعد أخطر بدرجات كبرى من بقاء الاحتلال في الدول. لأن الأعراق والأديان والطوائف تتفق على إزالته عاجلاً أم آجلاً وهذا دأب الشعوب مع مستعمريها في أي مكان، فسوريا ليست كالعراق في هذه الجزئية.
فالعراق يعاني من دمقرطة الطائفية وهي التي ستودي بالمشروع الحلم وهي كذلك تنذر بتقسيم العراق وفقاً لمكونات المجتمع بدل تجميعها تحت مظلة وطنية واحدة لا تفرق بين مواطن سني أو شيعي أو آشوري. فالعراق المبني على المذهب الواحد سيكرس ديكتاتورية المذهب التي ستكون أشد هدماً وفتكاً بالعراق كدولة وكيان موحد، مما عانى منه في عهد صدام الذي ذهب به الاحتلال وترك مكانه الاختلال الذي نراه اليوم فيما يحدث.
أما سوريا التي عاشت فترة من «العلمانية» على الرغم من استيلاء حزب «البعث» على كل مقدرات الدولة وتركها بيد الطائفة العلوية طوال نصف قرن من عمر الحكم، إلا أنه مع بداية الثورة بدأ النظام في تخريب سوريا الدولة والشعب في آن واحد، ولم يكن ذلك بيد العدو الإسرائيلي الذي ظل متربصاً بها بعد احتلال الجولان ولم يقتل سورياً طوال فترة ذلك الاحتلال الغاشم، وإن كان النظام قتل وصفى الألوف منذ النشأة ومازال يمارس هذا الفعل الشنيع حتى هذه اللحظة التي يبحث فيها العالم أجمع عن الحل المستعصي على الجميع، فلا الأمم المتحدة تحركت إلا بالإبراهيمي الذي أعلن فشله منذ أول زيارة لسوريا، وجاء «الفيتو» الصيني والروسي ليقيد حركة العالم تجاه الحل الأمثل دولياً. ولا الفصل السابع كان شفيعاً للشعب السوري في محنته.
أما الجامعة العربية فلا حول لها ولا قوة، فهي لا تستطيع أن تجمع شتاتها لصالح حل توافقي يرضي النظام والمعارضة في مشروع واحد! ولم يبق في الصورة إلا مجلس التعاون الذي دخل بعض أعضائه وعلى رأسهم السعودية وقطر في عمق الأزمة السورية ولصالح المعارضة صراحة، وبلا مواربة، لإخراج الشعب وإنقاذه من نظامه الذي أصبح أشد قسوة عليه من عدوه. فالأزمة السورية بعد أكثر من سنتين أخذت أبعاداً لم تأخذها الأزمة العراقية، بل إن الأزمة العراقية ساهمت في دعم النظام السوري بدل الوقوف ولو على الحياد في هذه الفترة البرزخية من الحراك الشعبي الذي لم تحسم نتائجه بعد.
فالبعد الدولي أصبح جلياً، فروسيا والصين لم تتزحزحا عن موقفيهما المساند للنظام تسليحاً وتدريباً بآلاف الخبراء المرابطين هناك.
أما البعد الإقليمي فلا نحتاج إلى توضيحه ولا تأكيده، لأن المسؤولين الإيرانيين ربطوا مصيرهم بسقوط النظام السوري من عدمه، وقد أعطوا الضوء الأخضر لـ«حزب الله» لتنفيذ مخطط الإبادة الذي أعلن عنه «المنتصر» على إسرائيل في 2006 بلبنان و«المنتصر الأكبر» في «القصير» على «المستضعفين» السوريين، الذين تبجح نصر الله لسنوات بزعم نصرتهم، إلا أن الوضع قد اختلف في سوريا فلم تعد هناك «إسرائيل» في الوسط ولا في البال.