الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا والعناصر السبعة

سوريا والعناصر السبعة

30.01.2014
د. خالص جلبي


الاتحاد
الاربعاء 29/1/2014
لست سياسياً، ولا أزعم ذلك، ولست من السياسيين، ولا أحب كثيراً منهم؛ فأنا جراح مهنتي تخفيف آلام الإنسان، ومهنتهم الكذب على الإنسان!
السياسيون معظمهم كذَبة، وبعضهم قتلة لا يتورعون عن سفك الدم. بل إن من يتربع على السلطة منهم عليه أن يكون جريئاً في عدم التردد والإحجام عن القتل.
نشرت مجلة "دير شبيجل" الألمانية بحثاً عن نابليون قالت فيه: "إن كل ليلة تمر عليه لا يمسك بزمام القوة والسلاح تعني نهايته في اليوم التالي".
أنا أسمع للسياسيين، لكن بعد إدخال كلماتهم المعجم السياسي ولوغاريتم الترجمة. مثلاً قائد عربي يقول: نفتش كل طائرة تأتي من طهران إلى دمشق كي نتأكد أنها لا تحمل سلاحاً. علينا أن نتوقع العكس. إنه يشحنها بمزيد من السلاح. وزير خارجية سوريا يقول إنه يحارب الإرهاب: ترجمتها: هو من ينتج الإرهاب.
في مقابلة مع رادوفان كراديتش الذي أصبح في قبضة العدالة في لاهاي، كانوا يسألونه: هل اغتصبتم خمسين ألف امرأة مسلمة؟ جوابه: من فعل هذا هم المسلمون. قتلتم كذا؟ جوابه من قتل هم المسلمون؟
إنه يعلم تماماً أن الجثث لا تنطق. وحين كان القضاة يوجهون مثل تلك الأسئلة للنازيين بعد سقوطهم في يد العدالة، كان جوابهم: إنها كانت أوامر وعلينا تنفيذها، وهو ما نتوقعه من أئمة الإجرام في دمشق بعد سقوطهم القريب.
كان صديقي المغربي يسألني: لماذا لا يتدخل الغرب من أجل إنهاء الصراع في سوريا، وهو قادر على ذلك؟
الجواب من جهتين: الإرادة والقدرة. هو يقدر لكنه لا يريد، فلماذا؟ رأينا بوضوح كيف رضخ النظام السوري لتهديدات أميركا في موضوع السلاح الكيماوي، وكذلك خروجه المخزي من لبنان، بعد مصرع الحريري، فهذا هو وحل السياسة.
البعض يصف النظام السوري بصفتين: الخوف وقلة الحياء؟ هو يرضخ تحت الضغط لأي شيء، وليس عنده حياء لممارسة أقبح الأفعال. مرد على النفاق، وأتقن فن الطغيان؛ فهذا هو فن السياسة كما جاءت في كتاب الأمير لميكيافيلي.
أنا رجل طبيب، وأحب توظيف العلم في السياسة، لعل ذلك يهديني سواء السبيل. وفي تقديري أن هناك مالا يقل عن سبعة عناصر تدفع الغرب إلى الإحجام عن التدخل في سوريا، لكنهم يراقبون مراقبة صارمة هذا المريض السوري بدون عناية مركزة. فقد فعلوا الشيء ذاته إزاء حريق كوسوفو والبوسنة قبل أن يطفئوه. ربما سيفعلون مع حاكم دمشق كما فعلوا مع سلوبودان،
العناصر السبعة المذكورة يمكن ضغطها في الباقة التالية: أمن إسرائيل، الشرخ الطائفي، محرقة المتطرفين، بيع الأسلحة، تربوي سيئ لتربية بقية الشعوب العربية على كلفة الثورة، الحرب العالمية في سوريا، الفوبيا الإسلامية أو الخوف من نهضة الشرق.