الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا والمسؤولية العالمية

سوريا والمسؤولية العالمية

15.02.2014
عبدالرحمن الراشد


الشرق الاوسط
الجمعة 14/2/2014
في جنيف يتفاوض الجميع بلا شهية ولا أمل. جاء فريق النظام فقط لتخريب المؤتمر الذي هدفه إزاحة رئيسه بشار الأسد وإقامة حكم انتقالي. ستخفق المفاوضات لأنه لا يوجد ضغط حقيقي يمارس على حكومة دمشق للقبول بالحل السياسي، كما لا يوجد دعم عسكري يسقطها إن رفضت.
الإخفاق في التعامل بجدية، تحديدا من قبل الولايات المتحدة، مع الأزمة السورية، جعلها جهنم تهدد العالم بأعظم من جهنم أفغانستان. فقد شاهدت كميات هائلة من الصور لأطفال، وصغار الشباب، يتم تدريبهم من قبل تنظيمي "داعش" و"النصرة"، في المناطق الخاضعة لسيطرتهما. هذا إلى جانب آلاف المقاتلين الذين تم تجنيدهم من سوريين وأجانب جاءوا على وقع الظلم الرهيب للشعب السوري. إن إهمال الحل في سوريا هو السبب، لأنه منح الإرهابيين الوقت الكافي والمكان الحر خلال ثلاثة أعوام.
لقد نجحت إيران وحزب الله في تخريب سوريا، وتحويلها إلى بلد مدمر يكاد يكون مستحيلا إعادة بنائه، وأوقعا ظلما مروعا بحق غالبية الشعب السوري الذي عاش سنوات من التقتيل والتشريد والترهيب والآن التجويع. هل بعد هذا الظلم نستغرب لماذا ينضم الشباب إلى "القاعدة"؟
على الذين يعتقدون أن سوريا مزرعة فجل، لأنها لا تنتج نفطا، أن يقلقوا كثيرا لأنها أصبحت مزرعة للإرهاب في العالم ستجعل هذه المنطقة والعالم جحيما لسنوات مقبلة. النظامان الإيراني والسوري دفعا ب"القاعدة" لتخريب الوضع في سوريا وتخويف الغرب من استبدال نظام الأسد، ونجحا في ذلك، لكن هذه هي النتيجة، بلد مدمر ومزرعة عالمية لتفريخ الإرهابيين.
مفاوضات جنيف تمثل مخرجا مهما للجميع، إخراج الأسد وإقامة حكم انتقالي يستوعب بعض مؤسسات النظام الحالي، وبعض رجاله غير المتورطين في دماء السوريين، وتقديم حماية للأقليات، وتأمين دعم النظام الجديد. دون استغلال فرصة إطار جنيف التي تتم تحت علم الأمم المتحدة، ستبقى الحرب مفتوحة، وستتسع الفوضى، وستنتقل إلى العراق ولبنان وربما تركيا.
�م�u� �K 0�� �يات فيها، في وقت تؤكد المعارضة السورية ان عهد الاقصاء والتهميش، قد انتهى.
وثيقة الحل لم تكن مفاجئة لوفد النظام السوري في جنيف، الذي حاول على اثرها كسب الوقت والتسويف والتأجيل، رغم علمه المسبق بها، من قبل الاخضر الابراهيمي، الذي أكد ان جدول اعمال المفاوضات سيتطرق للحكومة الانتقالية، فيما يحاول وفد النظام اعطاء القضايا الانسانية، وما يتعلق بالحرب على الارهاب أهمية، اعتقادا منه انها عوامل مؤثرة في القرار السياسي الغربي.
ورغم ان جنيف 2 يبحث في مستقبل سوريا، ما زال شلال الدم والقتل جاريا، ففي كل يوم يسقط مئات القتلى، وفي كل ساعة يستمع العالم ويشاهد عمليات القتل والابادة الجماعية واللاإنسانية، والتي تستدعي جهدا دوليا لنقل الملف السوري الى الجنايات الدولية، ما لم يحقق جنيف 2 هدفه.