الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا والمساعدات الغربية

سوريا والمساعدات الغربية

13.06.2013
صحيفة نيويورك تايمز الأميركية

البيان
الخميس 13/6/2013
يتضاءل أمل المجتمع الدولي في التوصل إلى تسوية تفاوضية في سوريا، وأصبح الكلام كله يدور حول ما إذا كان يتعين تسليح الثوار لتسريع إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ولكن غالبا ما يصاغ هذا الجدال باعتباره موقفا خاسرا في كلتا الحالتين، إذ يمكن للأسلحة أن تقع في الأيدي الخطأ، إلا أن عدم توفيرها يعني إمكانية أن ترجح كفة الحرب الأهلية لصالح الأسد. ذلك خيار زائف، وعلى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي أن يساعدا الثوار على بناء دولة في مناطق سيطرتهم، أو يجازفا بتمكن العناصر الراديكالية من اختطاف الثورة والسيطرة على سوريا.
من الواضح أن استمرار الصراع يصب في صالح الجماعات المتطرفة، ويثير احتمال زعزعة استقرار المنطقة بأسرها. وتقدم الدول الغربية دعما محدودا جدا للمعارضة، ويسيء السوريون فهم عدم الاهتمام هذا بعد التدخلين في ليبيا ومالي.
وفي هذه الأثناء، تعمد دول عربية إلى تمويل جماعات مسلحة محددة، مفاقمة بذلك التشرذم والتطرف داخل الثورة. ويصب هذا الوضع في صالح جماعات مثل "جبهة النصرة" - وسوريا ليست سوى خطوة واحدة في استراتيجيتها التطرفية الدولية - وفي صالح النظام الذي يحاول فرض رواية طائفية على الثورة السورية لكسب تأييد الأقليات والمجتمع الدولي.
وفي ظل تركز النقاش الدائر في الغرب على توفير الأسلحة أو حجبها عن جماعات الثوار، يغض الطرف عن هذه الحقائق الهامة. ويؤخر الخوف من دعم استيلاء المتشددين على السلطة بشكل غير مقصود، الجهود الرامية إلى إعادة بناء المناطق التي يسيطر عليها الثوار بالفعل. وهذا يجب أن يتغير، فاليوم تفتقر المؤسسات الثورية الوليدة إلى الموارد اللازمة لتأكيد سلطتها.
المعارضة بحاجة إلى المساعدات الخارجية، لذا فإنه يتعين على الغرب، بدلاً من إطالة الجدل حول تسليح جماعات الثوار بصورة مباشرة، أن يتبنى نوعا من المساعدات لا يواجه العقبات التقنية أو السياسية نفسها في الداخل. والتوصل إلى إجماع سياسي على المساعدات المدنية، هو أكثر ترجيحا بكثير في واشنطن والعواصم الأوروبية.
ومزايا استخدام المساعدات الغربية لإقامة مؤسسات حكم في المناطق المحررة واضحة، ومنها أن عدم التحرك يؤجج العداء تجاه الغرب. وصورة الغرب بين السوريين، والمسلمين على نطاق أوسع، سوف تتحسن إلى حد كبير في حال لمس الناس دعم المساعدات الخارجية لحياتهم اليومية. وثانياً، سوف يساهم إنشاء منظمات مدنية وسياسية فعالة، في تهميش الجماعات المتطرفة.
وأخيراً، يحتاج التقدم العسكري خلال الأشهر المقبلة، لأن يسير جنبا إلى جنب مع بناء سلطة حكم جيدة تستطيع إبقاء الفوضى عند الحد الأدنى، بعد الإطاحة بالأسد. سوف يسقط الأسد في نهاية المطاف، ولكن سوريا التي ستخرج من رماد حرب أهلية سوف تكون مذبذبة. والمجتمع الدولي يملك فرصة لتشكيل سوريا المستقبلية، والحد من السلبيات طويلة الأجل لمرحلة ما بعد الصراع.