الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا ومستجدات الموقف الإسرائيلي

سوريا ومستجدات الموقف الإسرائيلي

24.09.2013
عائشة المري


الاتحاد
الاثنين 23/9/2013
في أول تصريح سياسي لمسؤول إسرائيلي تجاه الحرب في سوريا صرح السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة مايكل أورين الأسبوع الماضي بأن إسرائيل تريد أن تشهد الإطاحة بالأسد، وأن هزيمته على أيدي معارضين متحالفين مع «القاعدة» ستكون أفضل من التحالف الراهن مع إيران العدو اللدود لإسرائيل، مضيفا أن «الخطر الأعظم على إسرائيل هو القوس الاستراتيجي الذي يمتد من طهران إلى دمشق إلى بيروت. ونرى أن نظام الأسد هو حجر الزاوية في هذا القوس».
لقد حصدت إسرائيل بسياسة الصمت واللاموقف أولى ثمار الحرب في سوريا بغنيمة استراتيجية كبرى وهي النزع الدولي للسلاح الكيماوي لسوريا كنتيجة لاستعمال النظام السوري للسلاح الكيماوي ضد المدنيين بشهادة تقارير المفتشين الدوليين، مما صبّ في النهاية في مصلحة إسرائيل، فقد ضمنت عدم انتقال الأسلحة الكيماوية، والترسانة غير التقليدية التي يسيطر عليها الجيش النظامي إلى «حزب الله»، وعدم سيطرة الجماعات المعارضة المسلحة الإسلامية في الجيش الحر على مخازن الأسلحة الكيماوية، وهي أكبر المخاوف الإسرائيلية من تطورات الحرب في سوريا.
ومنذ اندلاع المظاهرات في سوريا وتطورها إلى حرب أهلية ظلت إسرائيل تراقب الأحداث هناك، وتعيد دراسة الخيارات وحسابات الربح والخسارة على كافة الجبهات الإقليمية، وبرز للمراقبين أن الصمت الإسرائيلي عن الحرب في سوريا على رغم قربها الجغرافي، سياسة تهدف من ورائها إسرائيل لجني ثمار تطورات الأحداث في سوريا بالنسبة لكافة السيناريوهات المحتملة، وإسقاطات كل ذلك على إسرائيل وأمنها وعلاقاتها الإقليمية.
وتتداخل الملفات المرتبطة بالحالة السورية وتتشابك بالنسبة لإسرائيل، فالعلاقات السورية الإيرانية، يتداخل فيها ملف المشروع النووي الإيراني، وكذلك الدعم السوري لـ«حزب الله»، والخشية من أن يحصل على أسلحة غير تقليدية من الحليف السوري إذا سقط النظام أو ضعف. فبالنسبة لملف العلاقات السورية الإيرانية تعرف إسرائيل أن تغيير النظام السوري يعني ضربة للمحور الإيراني السوري، وعلى الجبهة اللبنانية سيغير سقوط الأسد من قواعد اللعبة التي تستند على التحالف الإيراني السوري الداعم لـ«حزب الله» مما سينعكس على الأوضاع السياسية والأمنية في لبنان. أما ملف المقاومة الفلسطينية، فقد استندت شرعية النظام السوري على معاداة إسرائيل ودعم بعض فصائل المقاومة الفلسطينية التي يؤويها في سوريا، ولاشك أن سقوط نظام الأسد لن يحيّد هذا العامل إذ من المؤكد أن أي نظام جديد سيخلف الأسد لن يحيد عن معاداة إسرائيل ولو بشكل علني لحاجته للشرعية الثورية المؤيدة للشعب الفلسطيني، والتي قد تطالب باستعادة الجولان المحتل. وأخيراً وليس آخراً، ظهور ملفات جديدة ترتبط بسيولة الأوضاع في سوريا وتحولها لساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، كتعزيز الجبهة العراقية الإيرانية، ومستقبل مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، والعلاقات الإسرائيلية التركية، والقضية الكردية، والتيارات الإسلامية «الجهادية» والمتطرفة.
ويتحدد الموقف الإسرائيلي من سوريا بناء على كل ذلك، وتتباين الرؤى السياسية داخل إسرائيل، وبناء عليه ترسم السياسات وتوضع السيناريوهات المختلفة. لقد وضعت إسرائيل سيناريوهات لما بعد الأسد، ورسمت خططاً موازية حال إطالة أمد الحرب الدائرة في سوريا، ومع تغير العوامل تبقى مصلحة إسرائيل هي المحدد الأوحد لتبني سياسات ودعم خيارات وتحجيم عوامل أو تعزيزها.
فعلى رغم تصريحات المسؤول الإسرائيلي، حتى الآن لا زال بقاء الأسد يصب في مصلحة تل أبيب، بل إن استمرار الحرب في سوريا يعني استمرار استنزاف طاقات أطراف الصراع سواء نظام الأسد أو جبهات المعارضة، بما فيها المعارضة الإسلامية «الجهادية»، فيما ستظل إسرائيل تمارس سياسة «الصمت» السياسي.