الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 21/6/2015

سوريا في الصحافة العالمية 21/6/2015

22.06.2015
Admin



إعداد مركز الشرق العربي
عناوين الملف
1. نيويورك تايمز :مواجهة مشكلة اللاجئين
2. واشنطن بوست:  تشارلز كراوثامر  :ستراتيجية جديدة للعراق وسوريا
3. واشنطن بوست: إسرائيل قد تتدخل في الصراع السوري
4. الإيكونوميست" : «الدروز» السورية يخرجون «إسرائيل» عن موقفها حول الصراع في «سوريا»
5. الجارديان : ماري جافسكي :داعش والاحذية الغربية
6. معهد واشنطن :نعوم ريدان و ماثيو ليفيت :دروز سوريا تحت التهديد
7. ميديل إيست بريفنج :البحث عن استراتيجية في سوريا والعراق
 
نيويورك تايمز :مواجهة مشكلة اللاجئين
المصدر: صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية
البيان
يوجد حول العالم ما لا يقل عن 50 مليون شخص إما تم تشريدهم داخل بلدانهم، وإما فروا إلى أراضٍ أجنبية.
وما إن يبتعدوا عن منازلهم، حتى يصبح اللاجئون «مشكلة» تحت وصاية «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، و«وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين»، أو البلدان التي يلجأون إليها، ويعاملون عادةً كأشخاص غير مرغوب فيهم أو كعبء.
ونادراً ما تُسمع أصوات اللاجئين في المؤتمرات والمناقشات الدبلوماسية إلا عندما تكون هنالك صرخة يأس، كما في شعر الشاعرة الصومالية البريطانية ورسان شاير: «عليك أن تدرك أن لا أحد يضع أطفاله في قارب، إلا إذا كان البحر أكثر أماناً من اليابسة».
في أميركا، تم قبول ما لا يقل عن ألف لاجئ سوري، من بين ما يقارب أربعة ملايين شخص فروا من البلاد منذ عام 2011. وقد تمت مقاومة الجهود التي تبذلها وزارة الخارجية الأميركية لرفع ذلك الرقم قليلاً من قبل المشرعين.
من الواضح أنه يتوجب على أميركا والدول المتقدمة الأخرى أن تفسح المجال للاجئين، وينبغي توزيع العبء بشكل منصف، ومن الواضح أيضاً أنه يجب تمويل «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، وغيرها من الوكالات التي تتعامل مع ملايين اللاجئين بصورة كافية. ولكن لن تساهم تلك التحسينات وحدها في حل المشكلة. فما دام هناك صراع واضطهاد، سيخاطر الناس بفقدان كل شيء في محاولة الوصول إلى شواطئ أكثر أماناً.
ولكن لا يجب انتظار حدوث غرق جماعي في خليج البنغال أو البحر الأبيض المتوسط لتتخذ الحكومات الإجراءات اللازمة. فمن الممكن للدول الأكثر ثراء إحباط موجات النازحين المستمرة، وتشكيل طرق منظمة على المدى الطويل لمساعدتهم في الصمود في وجه الاضطرابات في أوطانهم، أو إذا لزم الأمر مساعدتهم على الاستقرار في أراضٍ جديدة، وهي الطريقة ذاتها التي اتبعها العديد من آبائنا وأجدادنا.
======================
واشنطن بوست:  تشارلز كراوثامر  :ستراتيجية جديدة للعراق وسوريا
 تشارلز كراوثامر – ترجمة : مركز الشرق العربي
حان الوقت لإعادة التفكير في العراق وسوريا. يبدأ الأمر من الاعتراف بأن الحدود القديمة انتهت, وأن سوريا والعراق الموحدتين لن تعودا مجددا أبدا, وأن خارطة سايكس بيكو لم تعد موجودة.
ربما لا نريد أن نعترف بهذه السياسة رسميا. بعد كل شئ فإنها تناقض مبدأ أن الحدود الاستعمارية وبغض النظر بأي طريقة رسمت, فإن البديل غالبا ما يكون أسوأ. ولذلك فإن الحل في بلاد ما بين النهرين هو البلقنة.
لأن الأمور وقعت فعلا ولا يمكن العودة إلى الوراء. في العراق, على سبيل المثال, فإننا نشهد كارثة وراء أخرى من خلال التظاهر بأن حكومة بغداد – الطائفية بعمق والمرتبطة تماما بإيران – يجب أن تكون محور سياستنا والممر الذي يجب أن تعبر منه جميع المساعدات العسكرية.
لننظر إلى الفلوجة والموصل والرمادي. الجيش العراقي عبارة عن مهزلة. يرى العدو ويهرب, ويترك خلفه الأسلحة. يقول رئيس هية الأركان المشتركة الأمريكي :” الجيش العراقي لم يُخرج من الرمادي, ولكنهم هم من خرجوا من الرمادي”. اعترف وزير خارجيتنا بأن “القوات العراقية لم تظهر اي رغبة في القتال”.
يمكننا أن ندربهم للأبد. ولكن المشكلة هي مشكلة إرادة. فهم لا يريدون القتال. ولكن لماذا قد يرغبوا في ذلك؟ إنهم يخضعون لقادة فاسدين وطائفيين وعاجزين.
ما الذي يجب القيام به؟ إعادة توجيه جهودنا لقوى صديقة ملتزمة بالقتال, يبدأ مع الأكراد, الذين يملكون الإرادة والمهارة وأظهروا نجاحا كبيرا. هذا العام لوحده, سيطروا على أكثر من 500 بلدة مسيحية وكردية من الدولة الإسلامية. على خلاف الجيش العراقي, فإنهم يفتقرون إلى السلاح, لأننا وبكل صفاقة, نرسل السلاح لهم من خلال بغداد, التي ترسل لهم الفتات فقط.
هذا الأسبوع شهد مزيدا من النجاح الكردي. بدعم جوي أمريكي, سيطر الأكراد على مدينة تل أبيض الاستراتيجية من الدولة الإسلامية. هذه المدينة تعد هامة لسببين. تسيطر تل أبيض على الطريق الواصل إلى عاصمة المجموعة الإرهابية في الرقة باتجاه تركيا, حيث تستقبل الجماعة مقاتليها وأسلحتها وجميع الإمدادات. يقول القائد الكردي حقي كوباني :” تل أبيض هي الرئة التي تتنفس من خلالها الدولة الإسلامية وتصلها مع العالم الخارجي”.
علاوة على ذلك, تساعد تل أبيض على وصل المناطق الكردية المعزولة في الشمال السوري مع الأراض المجاورة مثل كردستان العراق. وهو ما يعني أن هذه الأراضي يمكن أن تكون منطلقا للمنطقة الآمنة السورية التي يمكن من خلالها العمل ضد كل من الدولة الإسلامية ونظام بشار الأسد.
مزيد من الأخبار الجيدة تأتي من جبهة أخرى. الأسبوع الماضي, طردت الجبهة الجنوبية للجيش السوري الحر, مدعومة بالتدريب الذي تم في الأردن, الحكومة السورية من آخر قاعدة رئيسة لها شرق محافظة درعا, تبعد عن دمشق 60 ميلا فقط.
تشير هذه النجاحات إلى استراتيجية أمريكية جديدة. التخلي عن ولائنا القديم للحكومة العراقية المركزية (التي تخضع تحت سيطرة إيران إلى حد كبير) والبدء في تقديم الإمدادات للأكراد العراقيين بصورة مباشرة على مدار 24 ساعة, على غرار خط برلين الجوي. وفي سوريا, علينا تكثيف التدريب وتقديم المعدات والدعم الجوي للمنطقة الكردية الآمنة التي تنشأ الآن. بشكل مماثل, ومن خلال الأردن للجبهة الجنوبية التابعة للجيش السوري الحر. مثل هذه الاستراتيجية الجادة والقوية لن تؤدي إلى عكس مكاسب الدولة الإسلامية فقط, ولكنها سوف تقهر أسطورة الدولة الإسلامية التي لا تقهر.
نظريا, علينا أن نقدم أيضا دعما مباشرا لرجال العشائر السنة في العراق الذين انضم صحوات الأنبار منهم ببراعة إلى خطة الجنرال دافيد بتيرواس في زيادة القوات, وهزموا بصورة ساحقة سلف الدولة الإسلامية, القاعدة في العراق, في عام 2006 و2007. المشكلة هي أننا تخلينا عنهم مرة عندما أنهى الرئيس أوباما وجودنا هناك عام 2011, فلماذا يثقة السنة بنا مرة أخرى؟
بالنسبة للجيش العراقي, أفضل أمل لنا هو احتواؤه, وضمانه في نهاية المطاف من قبل وكلاء إيران. ليست نظرة جيدة, ولكنه أفضل ما يمكن لنا القيام به بعد أن انتهت هيمتنا في العراق عام 2011.
في ذلك الوقت, كان العراق دولة فاعلة. ولكن هذه الوضعية انتهت تماما. لا ينبغي علينا أن ننفق ثروة أو أن نخاطر بالدم في محاولة العودة إلى ذلك الوضع. هدفنا الحالي هو هزيمة الدولة الإسلامية من أجل ضمان سقوط نظام الأسد. وهذا لا يتطلب اجتياحا أمريكيا. ولكنه يتطلب إدراك الحقيقة وتقديم الدعم المكثف لحلفائنا المحدودين والفاعلين على الأرض.
يوم الأربعاء, شهد وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر بأننا لن نفي تماما بهدفنا المتمثل في تدريب 24000 جندي عراقي هذا الخريف. لماذا؟ مشكلة التجنيد. لا يبدو أن العراقيين يريدون الانضمام للبرنامج. نحن بحاجة إلى 15000 جندي.
إنها فكرة حمقاء في جميع الحالات. إذا كنا بحاجة لأن نتظاهر بدعم حكومة بغداد, فهذا جيد. ولكن يجب أن تكون استراتيجيتنا الحقيقية خي الالتفاف عليها ومساعدة حلفائنا الحقيقين لخوض المعركة.
رابط المقال: واشنطن بوست
======================
واشنطن بوست: إسرائيل قد تتدخل في الصراع السوري
ترجمة: سامر إسماعيل
الامة
قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير لها: إن تعقيد المشهد في مرتفعات الجولان يهدد بدخول إسرائيل في الصراع السوري، بعد 4 سنوات من وقوفها على الهامش.
وأشارت إلى أن ثوار سوريا وإسرائيل والجيش النظامي السوري وحزب الله اللبناني وقوات الأمم المتحدة والدروز والأمريكيين ينتظرون ليروا ما قد يحدث لاحقا في الصراع المشتعل حاليا على الأراضي السورية.
وذكرت الصحيفة أن التدخل الإسرائيلي في سوريا ربما يرتبط بما قد يحدث للدروز هناك، فنحو 170 ألف دورزي يعيشون في إسرائيل معظمهم يحمل الجنسية الإسرائيلية وكثير منهم بالجيش أو انتهت خدمته، ويحذرون من أنه في أي يوم قد يتم اجتياح البلدات الدورزية داخل الأراضي السورية من قبل بعض الفصائل المسلحة التي تقاتل لإسقاط حكم بشار الأسد.
وتحدثت الصحيفة عن أن هناك عدة فصائل تقاتل في سوريا على الحدود مع إسرائيل من بينها الجيش السوري الحر وجبهة النصرة وتنظيم "داعش" إلا أن أكثر ما يقلق الدروز هم المنتمين لجبهة النصرة وتنظيم "داعش" لأنهم يرون الدروز من الشيعة المبتدعين الخارجين عن الإسلام.
======================
الإيكونوميست" : «الدروز» السورية يخرجون «إسرائيل» عن موقفها حول الصراع في «سوريا»
نشر يوم الأحد، 21 يونيو 2015 
الجريدة- نوهت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية عن التزام "إسرائيل" بالحياد إزاء الحرب الأهلية المشتعلة في "سوريا" على مدى عمرها الذي تخطى الأربع سنوات.
وقالت – في تحليل إخباري على موقعها الإلكتروني – إنه باستثناء عدد من الضربات الجوية على مواكب قالت "إسرائيل" إنها ناقلة للأسلحة لجماعة "حزب الله" اللبنانية، فإن الدولة اليهودية لم تناصر طرفا على آخر في هذه الحرب.
وتوقعت المجلة أن هذا الموقف الإسرائيلي قد يتغير؛ راصدة تحذير "إسرائيل" مؤخرا من أنها قد تتخذ موقفا إذا ما تعرضت أقلية الدروز السورية للخطر، ونبهت "الإيكونوميست" على أن أكثر من مليون درزي يعيشون في الشرق الأوسط، وأن ثلثي هذا العدد يعيشيون في "سوريا"، فيما يتوزع الثلث المتبقي في كل من "لبنان"، "إسرائيل"، و"الأردن".
ولفتت المجلة إلى ارتباط الدروز الناطقين العربية بروابط قوية مع الدول التي يعيشون فيها، وأن ديانتهم، التي هي مزيج من المعتقدات نصت عليها الرسائل السماوية الثلاث والفلسلفة اليونانية، تأمرهم بإظهار الولاء لنظام الدول التي يستظلون سماءها، على نحو لا يضر بمسحة بهم خاصة قوية.
ورصدت التزام الدروز في "سوريا" بالولاء لنظام "بشار الأسد"، وفي "إسرائيل" يمجّد الدروز "عهد الدم" مع الدولة اليهودية، وهو ما يتجلى في حقيقة تطوّع معظم الرجال الدروز في الوحدات المقاتلة بالجيش الإسرائيلي، كما يشغل العديد من الدروز مناصب قيادية في كل من الجيش والشرطة الإسرائيلية.
وأشارت المجلة في هذا الصدد إلى أنه حتى بعض المجتمعات الصغيرة الدرزية في مرتفعات الجولان السورية المحتلة من جانب "إسرائيل" منذ عام 1967، التي اختارت الاحتفاظ بهويتها السورية؛ حتى هؤلاء يعملون بحماس في خدمة السياحة الإسرائيلية.
ونوهت "الإيكونوميست" عن أنه مع تراخي قبضة بقايا النظام السوري المدعوم من جماعة "حزب الله" اللبنانية على الكثير من الأراضي السورية، لصالح تنظيم "داعش" وجبهة النصرة، باتت القرى الدرزية على الجانب السوري من الجولان في مرمى "داعش" والنصرة التابعة لتنظيم القاعدة.
ورصدت المجلة في هذا السياق مناشدة الدروز في "إسرائيل" حكومة دولتهم التي يظاهرونها الولاء بإغاثة أبناء دينهم الصارخين إليهم من الجانب السوري، وعلى الرغم من أن السياسة الرسمية لإسرائيل لا تزال ملتزمة بحزم بعدم التدخل، إلا أن الحكومة وعدت قادة الدروز في "إسرائيل" بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما تعرض إخوان هؤلاء في "سوريا" للخطر.
وصرح مسؤول عسكري بالجيش الإسرائيلي، في السادس عشر من يونيو الجاري، بأن "إسرائيل ستحول دون وقوع مذبحة لللاجئين على حدودها مع سوريا"، وحدث في اليوم التالي أن مجاهدين تقدموا صوب قرية "حضر" التي يسكنها دروز سوريون، وهي على بعد ميل واحد من الحدود مع "إسرائيل"، الخطوة التي دفعت رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" إلى التصريح بأن "إسرائيل" "تراقب الموقف عن كثب" وأعطى تعليمات باتخاذ كافة التدابير الضرورية إزاء التطورات.
ورجحت "الإيكونوميست" أن تشمل خطط الجيش الإسرائيلي إنشاء مستشفى ميداني طارئ على أرض حدودية، وأنه في حال تقاطر ألوف اللاجئين الدروز السوريين صوب "إسرائيل"، فإن الأخيرة قد تكون أولى دول جوار "سوريا" التي تقيم معها منطقة عازلة.
======================
الجارديان : ماري جافسكي :داعش والاحذية الغربية
بقلم:علي احمد الهاشمي
موجز العراق
نشرت في صحيفة الجارديان للكاتبة ماري جافسكي مقالة بعنوان ((سوريا والعراق لا يمكن حلها عن طريقة الاحذية الغربية على ارض الواقع))
حيث بينت الكاتبة في هذا المقال قلق الغرب تجاه المقاتلين الاجانب الذي يبلغ عددهم ما يقارب 25000 الف مقاتل من 100 دولية, وهذا يعني ان نصف بلدان العالم هي مشتركة في تمويل داعش بالمقاتلين, حسب تقرير نشر عن مجلس الامن الدولي.
وان المعركة ليست مقتصرة على دولتين فقط بل هي حرب عالمية.
وتبين الكاتبة القلق الرئيسي من عودة هؤلاء الملتزمين عقائديا وقتاليا الى بلدانهم؛ لان سيشكلون تهديدا مباشرا طويل الامد في اوطانهم, وهذا ما يؤكده تقرير الامم المتحدة واجهزة الاستخبارات الغربية.
وتضيف الكاتبة ان عملية التحرير ليست هي الهدف المهم؛ وانما ما سيجري بعد انهاء داعش؛ لانهم سيكونون عناصر معادية لبلدانهم, بعد التدريب البدني والعسكري والفكري.
وانتقدت الكاتبة الاسلوب التقليدي المتبع من قبل ادارة اوباما في مكافحة داعش من خلال الضربات الجوية التي لم تعد تجدي نفعا في صد قوة داعش المستميتة للسيطرة على اكبر قدر ممكن من المساحات.
مستهزئة من طلبات البعض حول ارسال قوات برية لقتال داعش وسط فشل ذريع في الاستراتيجية المتبعة على الارض,
في الوقت الذي دافع اوباما عن سياسته المتبعة في ضرب قوات داعش العسكرية ومدى تمكن قواته من تدمير اهداف وقواعد داعش وقتل قادته في الضربات الجوية, وسط تحقيق انتصارات قوية لداعش على الارض بالرغم من الهالة الاعلامية المصاحبة للضربات الجوية لقوات التحالف الدولي, الا ان الانتقادات لأوباما وسياسته لاتزال في تزايد مستمر.
والسؤال الاكثر اهمية هنا هو هل ستتغير استراتيجية اوباما تجاه داعش بعد الانتقادات اللاذعة ام هناك سيناريو جديد سيطفو على السطح.
 
======================
معهد واشنطن :نعوم ريدان و ماثيو ليفيت :دروز سوريا تحت التهديد
 
متاح أيضاً في English
17 حزيران/يونيو 2015
في 10 حزيران/يونيو قتل تنظيم «جبهة النصرة» ذراع تنظيم «القاعدة» ما لا يقل عن عشرين من الدروز في قرية قلب لوزة، في ريف إدلب شمال غرب سوريا. وبعد ستة أيام، قَتَل جنديان من جنود نظام الأسد الذين يؤدون خدمتهم في قرية الخضر الدرزية على الحدود مع إسرائيل قائدهما الدرزي قبل أن ينشقا وينضما إلى «جبهة النصرة». وفي اليوم التالي، استولى مسلحون إسلاميون وقوات متمردة أخرى على تلة استراتيجية شمال الخضر وحاصروا القرية بعد خوضهم معارك عنيفة مع قوات النظام.
وتؤكد هذه الأحداث ضعف المجتمعات الدرزية المتواجدة على جانبي حدود لبنان وسوريا وإسرائيل. إذ لم يعد الدروز في سوريا، الذي يقارب عددهم 800 ألف شخص يحصلون على الحماية الكافية مما تبقى من النظام، ويُعتبرون زنادقة من قبل «جبهة النصرة» وجماعات إسلامية أخرى. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي حدوث المزيد من التصعيد إلى دفع إسرائيل إلى التدخل، ويبقى ذلك بالتالي خطراً من بين مخاطر أخرى.
ردود فعل متباينة بين الدروز في لبنان
بعد حادث قرية قلب لوزة، سارع السياسي اللبناني الدرزي وليد جنبلاط، الذي لا يعترف بـ «جبهة النصرة» كمنظمة إرهابية، إلى إدانة عمليات القتل وتهدئة جمهوره الغاضب. وفي 12 حزيران/يونيو وصف الهجوم بأنه حادث "فردي"، مضيفاً أنه وقع في وقت كان فيه نظام الأسد "يقتل المئات من المواطنين بشكل يومي". وأشار إلى أنه سيحل الحادث "عن طريق الاتصالات السياسية" مستفيداً من علاقاته المحلية لاحتواء الموقف.
وفي 13 حزيران/يونيو، أعلنت «جبهة النصرة» أنه تم تنفيذ الهجوم من قبل عناصر منها "بدون علم القيادة" وبمخالفة واضحة لتوجيهات قيادتهم، معتبرة أن الحادث عبارة عن "خطأ غير مبرر". وأضاف البيان: "إن أهالي [الدروز] القرية آمنين مطمئنين تحت حمايتنا".
أما جنبلاط، وهو ناقد لاذع للأسد، فكان قد دعا - في وقت سابق - الدروز في سوريا، لا سيما في محافظة السويداء الجنوبية الغربية، إلى التخلي عن النظام و"المصالحة" مع الثوار في محافظة درعا التي يسيطر عليها السنة. وفي 11 حزيران/يونيو، أعلنت الجماعة الثورية "الجبهة الجنوبية [لـ «الجيش السوري الحر»]، " أن "أبناء السويداء هم إخوتنا وأهلنا، وأننا لم ولن نقاتلهم"، مضيفة: "أننا سنكون معهم [الدروز] يداً بيد بمواجهة جميع المخاطر التي تهدد محافظة السويداء في حال طلبوا منا ذلك".
ينقسم الدروز في السويداء حالياً إلى ثلاثة معسكرات: أولئك الذين يؤيدون النظام، وأولئك الذين رفضوا الخدمة في الجيش واختاروا أن يدافعوا عن المحافظة بأنفسهم، وأولئك الذين لا يزالون على الحياد. وفي 16 حزيران/يونيو، قال الشيخ وحيد البلعوس، أحد الدروز المنتقدين للنظام، أنه وأنصاره - المعروفين باسم "مشايخ الكرامة" - مع وقف إطلاق النار بين محافظتي درعا والسويداء [المتجاورتين]. والأهم من ذلك، أفادت التقارير أنه قال إن جماعته تنسق بشكل غير مباشر مع الثوار من «الجيش السوري الحر»، الذي يحظى بدور مؤثر في درعا.
وفي الوقت نفسه، انتقد السياسي الدرزي الموالي للأسد وئام وهاب، الذي يرأس "حزب التوحيد"، موقف جنبلاط المتحفظ حول قلب لوزة ودعا الدروز في لبنان إلى مساعدة إخوانهم في الدين في سوريا. وكان البعض من مؤيديه قد حثوا الدروز اللبنانيين على حمل السلاح، وخلال مؤتمر صحفي عُقد مؤخراً أشار إلى أن "الدروز قادرون على إنشاء جيش يضم اكثر من 200 الف شخص من دروز سوريا ولبنان والعالم للدفاع عن السويداء".
قلق الدروز الإسرائيليون
يشعر الدروز الإسرائيليون بالتوتر بسبب تطورين: التهديد للدروز السوريين، وتجنيد الشبان الدروز في خلايا إرهابية تعمل بإيعاز من إيران و«حزب الله». فهذا الاسبوع، تظاهر الآلاف من الدروز الإسرائيليين في القرى الشمالية عسفيا ومجدل شمس، داعين إلى لفت الانتباه إلى التهديد المباشر الذي يواجه نظراءهم السوريين من «جبهة النصرة». إلى جانب ذلك، أرسلوا أكثر من 2.6 مليون دولار للدروز السوريين عن طريق الأردن لشراء الأسلحة وغيرها من المستلزمات.
وفي الوقت نفسه، طلبت الحكومة الإسرائيلية من الولايات المتحدة زيادة المساعدات لدروز سوريا، وحثت "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" والأمم المتحدة على إنشاء منطقة إنسانية آمنة للدروز على الجانب السوري من مرتفعات الجولان. ومع ذلك، رفضت حتى الآن التدخل عسكرياً نيابة عن الدروز داخل سوريا خوفاً من أن يُنظر إليها على أنها تقحم نفسها مباشرة في الحرب.
وقد أتى مقتل القائد الدرزي في الجيش السوري على يد اثنين من المنشقين الذين انضموا إلى «جبهة النصرة»، في 16 حزيران/ يونيو بعد يوم واحد من المظاهرات الإسرائيلية، وقد أعقب عملية الاغتيال هجوماً قامت به «جبهة النصرة» أسفر عن إصابة عدد من الدروز في بلدة الخضر التي تضم 25 ألف درزي. وفي ما يتخطى الخسائر البشرية، كان الهجوم الأخير مشؤوماً على وجه الخصوص بسبب أهميته الجيوسياسية. فالخضر هي آخر قرية درزية على الجانب السوري من الجولان التي لا تخضع لسيطرة قوات الثوار. ووفقاً للمسؤولين الإسرائيليين، فإن العديد من القرى الخاضعة لسيطرة الثوار (على سبيل المثال، بريقة وبئر عجم) تخضع فعلياً لسيطرة «جبهة النصرة» حتى في ظل تواجد عناصر أخرى من الثوار (عادة، يسيطر كل فصيل على حي، ولكن «جبهة النصرة» هي الأكثر قوة من بين هذه الفصائل). يُذكر أن التهديدات التي تربصت القرى الدرزية السورية لبعض الوقت كان مصدرها منطقة جباتا الخشب، وهي قرية تبعد خمسة أميال فقط إلى الجنوب وتسيطر عليها «جبهة النصرة» وجماعات أخرى من الثوار. ونتيجة لذلك، يشير الجنود الإسرائيليون أحياناً إلى معبر القنيطرة على أنه "معبر النصرة"، وذلك جزئياً من باب الدعابة فقط.
وفي الوقت نفسه، تواجه إسرائيل أيضاً تهديدات إرهابية من السكان المحليين - بمن فيهم الدروز - الذين يجندهم «حزب الله» لزرع عبوات ناسفة على جانب الطريق بالقرب من حاجز الجولان الأمني. وقد أشار المسؤولون العسكريون الإسرائيليون إلى خمسة عشر هجوماً مماثلاً على الأقل في الفترة بين آذار/مارس وكانون الأول/ديسمبر 2014. وكما قال أحد الجنرالات لصحيفة "نيويورك تايمز" في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بأن استخدام السكان المحليين يخدم سياسة الإنكار، و"«حزب الله» يعطيهم العبوات الناسفة والإيرانيين يمدونهم بالإلهام". وفي كانون الثاني/يناير أودت غارة جوية إسرائيلية بحياة جهاد مغنية، ابن القيادي الإرهابي المتوفي في «حزب الله» عماد مغنية، حينما كان يقوم بـ "جولة القادة" في المنطقة. كما وقُتل جنرالاً إيرانياً والعديد من النشطاء الآخرين. ومنذ ذلك الحين، لعب مصطفى، شقيق جهاد، دوراً أكثر بروزاً في هذا الجزء من سوريا.
وعلى الرغم من أن لا «حزب الله» ولا إيران يريدان جرّ إسرائيل إلى سوريا في الوقت الراهن، إلا أن كليهما يشعران بأنهما مجبران على الحفاظ على مصداقيتهما، باعتبارهما أعمدة "المقاومة" ضد إسرائيل. ووفقاً لذلك، كان «حزب الله» قد استخدم الدرزي اللبناني سمير القنطار - الذي أُدين بتهمة قتل عائلة إسرائيلية في عام 1979 وأُفرج عنه في صفقة تبادل الأسرى عام 2008 - لتجنيد الشبان الدروز بصورة نشطة لشن هجمات إرهابية. ويُقال أن القنطار بدأ بتجنيد ميليشيات محلية للدفاع عن القرى الدرزية من هجمات «جبهة النصرة» وثوار آخرين. ومن ثم اقترح سراً على عدد قليل من المجندين - الذين هم محل ثقة من بلدة الخضر - مهاجمة إسرائيل؛ ومن بين هؤلاء اثنان من الشبان الذين جاءوا أصلاً من قرية مجدل شمس عبر الحدود.
لقد وضع تجنيد الدروز، ناهيك عن دروز إسرائيل، المجتمع كله في وضع متزعزع. وما يزيد الأمر سوءاً أن خلية القنطار نفذت هجوماً بعبوة ناسفة في 27 نيسان/إبريل، خلال عيد الدروز الأبرز وهو زيارة مقام النبي شعيب. وفي هذا الإطار، ورد أن أحد قادة الدروز البارزين كان غاضباً وأجبر أحد الشباب أن ينفي علناً تورطه في مجموعة القنطار بينما كان واقفاً أمام قريته بأكملها.
التداعيات
كشف الهجوم على قلب لوزة عن شقاق في غير أوانه داخل الطائفة الدرزية في لبنان، حيث ينقسم المشهد السياسي بين التحالفات المؤيدة للأسد وتلك المناهضة له. وفي الوقت الراهن، تسعى دعوة جنبلاط لضبط النفس إلى الحفاظ على التوازن الطائفي الدقيق بين الدروز والسنة، الذين يعيشون معاً في جميع أنحاء البلاد. فهو في وضع دقيق جداً، إلا أن تصريحه بأن «جبهة النصرة» جزء من المعارضة السورية وليست منظمة إرهابية كان عبارة عن محاولة للحفاظ على خطوط الاتصال مفتوحة مع الجماعة، التي ما زالت تحتجز عدداً من الجنود ورجال الشرطة اللبنانيين- سبعة منهم من الدروز- كرهائن.
أما بالنسبة إلى دروز إسرائيل، فإن إنشاء منطقة إنسانية آمنة لحماية أقاربهم والمنتمين إلى الطائفة نفسها عبر الحدود سيصبح احتمالاً أكثر صعوبة إذا استكملت «جبهة النصرة» وغيرها من الجماعات سيطرتها على الجولان السوري. لذا فإن المسؤولين الإسرائيليين يراقبون الوضع بعناية، خوفاً من أنه في ظل غياب مأوى دولي في سوريا، يمكن أن يجدوا أنفسهم فجأة يعانون من تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الدروز نحو الحدود. وقد أفادت التقارير أن "جيش الدفاع الإسرائيلي" حذر «جبهة النصرة» من استهداف الدروز، وهي رسالة نُقلت عن طريق «الجيش السوري الحر». وعلاوة على ذلك، قال رئيس أركان "الجيش الإسرائيلي"، أثناء تقديمه شهادته أمام الكنيست في 16 حزيران/يونيو، أن الجيش سوف "يعمل على منع ذبح اللاجئين السوريين"، في إشارة ضمنية إلى مأزق الدروز. وفي غضون ذلك، ليس هناك شك بأن الدروز الإسرائيليين سيزيدون إلى حد كبير من الدعم الإنساني والمالي الذي يقدموه إلى الدروز السوريين.
وأخيراً، قد يشعر الدروز اللبنانيون والإسرائيليون بأنهم مجبرين على الانضمام إلى القتال بأنفسهم إذا ازداد الوضع سوءاً، في ظل ظروف من المحتمل أن تسبب زعزعة الاستقرار. وفي الحالة الأولى، يمكن أن يواجه الدروز اللبنانيون اتهامات بالسير على خطى «حزب الله» إذا ما تدخلوا في الحرب السورية المجاورة. وقد انتقد العديد من اللبنانيين «حزب الله» لتكريسه الكثير من الاهتمام والطاقة لسوريا، مما أدى بالتالي إلى تأجيج التوتر الطائفي في الداخل اللبناني. وفي غضون ذلك، لخص عضو الكنيست الإسرائيلي والزعيم الدرزي أيوب قرا مخاوف جمهوره من الأنصار بقوله: "إسرائيل ليست جزءاً من [هذا] القتال، ولا تريد أن تكون جزءاً منه، لأنه إذا قلنا أننا سنكون جزءاً من القتال، فإن ذلك سيجعل الأمور أكثر سوءاً لأهلنا [الدروز] في سوريا". وأضاف قائلاً: "ولكنني كرجل درزي - سأفعل كل ما هو ممكن لدعم شعبي. أنا مخلص جداً لشعبي".
نعوم ريدان عملت حتى وقت قريب باحثة مشاركة في معهد واشنطن ومحررة منتدى فكرة باللغة العربية. ماثيو ليفيت هو زميل "فرومر- ويكسلر" ومدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في المعهد.
======================
ميديل إيست بريفنج :البحث عن استراتيجية في سوريا والعراق
ميديل إيست بريفنج – التقرير
ما يجري في الشرق الأوسط الآن يعيد للأذهان ما حدث قبل الحرب العالمية الأولى في أوروبا. الأجواء حافلة بالأحداث المثيرة بانتظار اغتيال دوق آخر مثلما حدث مع الأرشيدوق فرانز فرديناند. التاريخ يقدم لنا الشرارة، ويستأثر طوعًا بتصرفات أولئك الذين لم يهتموا بقراءة فصوله السابقة، وتعلموا كيفية تجنب الآلام التي قد يسببونها للذات وللآخرين.
ما الذي يمكن أن يفعله المجتمع الدولي؟
الكثير. ومع ذلك، فإنّ العبء الأكبر يقع مباشرة على أكتاف قادة المنطقة قبل أي شخص آخر؛ فبدلًا من انتظار فرانز فرديناند، تحتاج المنطقة إلى رؤية تؤمن إيمانًا عميقًا بأنّه ليس ثمة فائزين في أي مواجهة عسكرية متوقعة.
من غير المعقول أن مواقع الحرب “المحلية” الحالية مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا يمكن أن تستمر إلى الأبد؛ لأنه إذا لم تدمر هذه الدول أنفسها، فإنّه سوف ينتهي بهما الأمر وهي مضطرة للكشف عن القوات التي تعمل خلف الكواليس وجلبها إلى خشبة المسرح.
الغارات الجوية الأمريكية، التي يُطلق عليها اسم “التحالف الدولي”، ليست سوى عمل “فني” في أزمة سياسية واستراتيجية في جوهرها. لا المداهمات ولا أي أعمال أخرى مثل إرسال المزيد من القوات، ولا حتى تمني حدوث تغيير سريع في الطبيعة الهيكلية للمجتمعات في الشرق الأوسط من شأنه أن ينهي هذا الانتظار الطويل للأرشيدوق النمساوي المجري. يمكننا تفهم الجهود العسكرية، ولكن ليست هي الحل المناسب.
يجب على قادة البنتاجون معالجة مسألة استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مثلما يفعلون مع وسائل الإعلام. لقد أوضحوا مؤخرًا أنّ هناك استراتيجية يمكن القيام بها عمليًا في ظل هذه الظروف. ولكن لا يمكننا فهم لماذا ينبغي على البنتاغون تحديد الاستراتيجية الأمريكية؛ فأي استراتيجية بتعريفها الشائع هي أكثر شمولًا من الجانب العسكري، إذا كان هناك حاجة إلى هذا الجانب بالأساس. يبدو أنّ ثقافة واشنطن قد اعتادت على عسكرة السياسة الخارجية إلى الحد الذي كلما تم الحديث عن كلمة استراتيجية، يتحول الجميع إلى البنتاغون.
وفي حالة الشرق الأوسط، ينبغي على الجانب العسكري أنّ يلعب دورًا مساعدًا فقط، وليس الدور القيادي.
دعونا نستكشف “الاستراتيجيات” المحتملة في كل من سوريا والعراق، نظرًا لوجود ترابط قوي بين الحربين.
كان الهدف العام للدول العربية هو منع إيران من إقامة جسر آمن وقابل للتوسع، عبر العراق وسوريا، إلى البحر الأبيض المتوسط. ينظر العالم العربي إلى إيران باعتبارها دولة غريبة سياسيًا وثقافيًا وإلى حد ما دينيًا. وعلاوة على ذلك، يُنظر إليها على أنها تهديد سياسي لبعض النظم السياسية العربية.
فكّرت إيران في الهدف من الذهاب غربًا في ظل مجموعة من المصادفات التاريخية والفرص والإجراءات المتعمدة. أولًا، كانت هناك الحرب العراقية الإيرانية التي كانت بمثابة رسالة بأن التهديدات يمكن أن تكون قريبة قدر عبور الحدود. ثانيًا، كان هناك الغزو الأمريكي للعراق والذي أدى إلى تمكين بعض القوى الموالية لإيران والوصول إلى حُكم بغداد. ثالثًا، كان هناك الربيع العربي الذي هزّ أركان حُكم بشار الأسد، من بين أمور أخرى، ليتحول بعد ذلك إلى كفاح مسلّح، ثم إلى حرب أصولية طائفية.
كان المنطق الداخلي الناتج عن كرة الثلج الدائرة هذه هو دعوة جميع الصور التاريخية والدينية الممكنة والخطابات المؤثرة لشحذ العزائم، وإضفاء الشرعية على القضية والفوز في المواجهة. التاريخ مليء بهذه القصص من فصوله في العصور الوسطى في أوروبا. ولكن هذه الصور تتجاوز، من خلال رمزيتها، حدود ساحات الحرب؛ فسرعان ما وجدنا الطائفية تنتشر في كل مكان في المنطقة.
لقد كان مقدرًا لهذا الاتجاه أن ينحدر نحو آراء وأفكار شمولية إرهابية تروق للشباب من جميع أنحاء العالم. الهوية الطائفية هي نفي للهوية الوطنية، وإذا كان المواطن في أي بلد عربي يعطي الأسبقية لانتمائه الطائفي، وإذا كان هذا البلد يعتبر نفسه في حرب مع بلد آخر، ويفسّر هذه الحرب من منظور ديني، فإنّ الانحدار نحو نسخة أكثر راديكالية من التدين سوف يحدث لا محالة. وتدريجيًا، ستصبح جميع الأدوات، بما في ذلك التدخل في الشؤون الداخلية، مشروعة، ومن ثم تأتي الحرب.
الآن، ما شكل الاستراتيجية التي يمكنها التعامل مع هذا الوضع؟ أي حلقة من هذه السلسلة يمكن أن تعالجها هذه الاستراتيجية؟ ما الذي نطلبه من الجيش؟ قصف الطائفية؟ قصف العرب والإيرانيين والجسر إلى البحر الأبيض المتوسط أو استهداف مخططي كل هذه الفوضى؟
إذا كان دور الجيش هو عنصر واحد فقط من هذه الاستراتيجية، وليس ضروريًا بأي حال، فهذه الاستراتيجية ينبغي أن تبدأ بمفهوم شامل لمعالجة القضايا الحقيقية التي توقف كل هذا في المقام الأول. وضع هنري كيسنجر استراتيجيته لشرق آسيا دون الرجوع إلى البنتاغون. تتلخص كلمة استراتيجية في كلمتين: مفهوم عملي. ولذلك؛ فأولئك الذين يدرسون الحقائق، ويتنبؤون بالاتجاهات ويقدمون مفهومًا عمليًا قد يشمل أو لا يشمل الجانب العسكري، من الواضح أنهم لم يقوموا بعملهم بالشكل الصحيح، أو أنهم فعلوه بطريقة غير فعّالة وبصورة مشمئزّة.
الإدراك المتأخر دائمًا ما يكون 20-20. ولكن ما الذي يمكن عمله الآن؟
السمة الرئيسة للأزمة في الشرق الأوسط، على الأقل في كل تجلياتها الحالية، هي أزمة سياسية استراتيجية. تنظيم داعش ما هو إلا نتيجة ثانوية للصراع الحالي. وعلى هذا النحو، فإنّ هذا التنظيم ليس قضية عسكرية بالأساس على الرغم من الحاجة الماسة لاحتوائه والقضاء عليه. ومع ذلك، تعرض تنظيم القاعدة في العراق إلى هزيمة عسكرية في عام 2005 ليعاود الظهور في أسوأ نسخة له. ونتيجة لذلك، فإنه ليس من الصعب القول إنه إذا هُزم تنظيم داعش الآن بنفس الطريقة التي هُزم بها تنظيم القاعدة من قبل، فإنّ شيئًا مماثلًا سيحدث طالما استمر وجود نفس السياق الذي يجمع هذه التنظيمات. وهذا السياق في استمراره بالفعل.
يريد الإيرانيون السيطرة على وسط العراق بالقوة لبناء الجسر، وتأمين حدودهم الغربية وتوسيع نفوذهم في المنطقة. لكنّ العرب لن يسمحوا بحدوث ذلك، وحتى احتمالات تقسيم العراق لن تجلب السلام، وسوف يسيطر السُنة على مركز العراق وسوف يشعر الإيرانيون بأنهم مهددون. ولذلك؛ فإن احتمالات الحرب تبقى دون تغيير.
ومع ذلك، وفي ظل هذا الصراع المعقد، يظهر عنصران هامان، الأول: هو السكّان الأصليين في وسط العراق، والثاني: هو البُعد الإقليمي للصراع. تتضمن قضية السكّان الأصليين مسألة الحُكم، وينبع التدخل الإقليمي من الأجندات العربية الإيرانية المتضاربة.  كما أنّ تكرار تجربة المنطقة الكردية التي تم تطبيقها في الأراضي السُنية في العراق ممكنة فقط في حال تم معالجة هذين العنصرين في وقت واحد لأنّ معالجة عنصر واحد فقط لن تنجح. يمكنك إقناع الشيعة بالتسامح حتى تنفجر قنبلة في أحد مساجدهم أو إقناع السُنة باستيعاب شركائهم في الوطن حتى يتم اغتيال شيخ سُني. هناك العديد من الطرق للتلاعب بالسكّان كما أظهر لنا الزرقاوي. يمكن أن يحل التقسيم مشكلة الحُكم، رغم أنها ليست المشكلة الوحيدة، لكنها باعتراف الجميع، المشكلة الأكثر أهمية. قد تستمر الحرب ولكن بأعلام مختلفة وصور ورموز مختلفة. وقد تحدث هجمات من أي “منطقة” جديدة على منطقة أخرى.
ولذلك فمن الإنصاف القول بأن العنصرين، سكّان المنطقة والعوامل الإقليمية، ينبغي أن يُعالجا في وقت واحد، كوجهين لمشكلة واحدة.
في سوريا، توجد الديناميكيات ذاتها ولكنها أكثر تعقيدًا من الخسارة الفادحة في التأثير التي تعاني منها المعارضة المعتدلة على وجه التحديد بسبب عدم وجود استراتيجية شاملة. ومع ذلك، يمكننا أن نرى في ظل الغموض الشديد للحرب أنّ هناك تغيرات نوعية تحدث على أرض الواقع.
يكاد يكون من المستحيل أن تفوز أقلية بحرب طويلة عن الهوية طالما أنها أقلية في أي مجتمع؛ حيث أعلن أنصار كل من الطرفين المتحاربين صراحة عن الروح الطائفية للصراع الذي بدأ على أنه مجرد مواجهة سياسية.
أدى الانزلاق السريع نحو مستنقعات الطائفية في سوريا إلى انتشار تنظيم القاعدة وداعش بسبب الديناميكيات المذكورة أعلاه، وسوف نشهد مئات المعارك الصغيرة والكبيرة هنا وهناك، من البراميل المتفجرة للأسد، والمجازر ضد المدنيين والقتل المنهجي للأقليات، والاستيلاء على المدن الكبرى وفقدان مدن أخرى، وبقية القائمة اليومية المؤلمة التي تقدمها سوريا للعالم. ولكن في النهاية، سوف يخسر الأسد.
إنّ ما يهم الآن هو “تنظيم الخسارة”. ثمة سيناريو واحد محتمل للأسد وهو التراجع إلى القطاع الغربي العَلوي. هذا التقسيم الفعلي لسوريا لن يجلب أي سلام، تمامًا كما في حالة العراق، سيكون تكرارًا لما حدث في العام الماضي ولكن على “حدود” مختلفة هذه المرة، وفي صورة بسيطة ومباشرة.
إذا كان سيتم حصار جيش الفتح وجبهة النصرة بين قوات الأسد في الشريط الساحلي وداعش في الصحراء الشرقية، فمن الذي يعتقد أن مثل هذا التوزيع للقوى سيجلب الاستقرار؟
في الواقع، قد يؤدي استمرار الصراع في المنطقة إلى إعلان “حكماء” داعش والقاعدة أنهم تغلبوا على خلافاتهم. هذا يمكن أن يحدث إذا حافظ الإيرانيون على وجودهم في غرب سوريا، ويعتقد العرب أنهم انتصروا في النصف الأكبر من المعركة من أجل سوريا وأنّه من السهل الفوز في النصف الآخر. هل يمكن لأي شخص أن يقنع الفائز بالتوقف عن الفوز؟
السيناريو الآخر هو أن تنظيم داعش يمكنه تحقيق تقدم مفاجئ في الأراضي التي يسيطر عليها جيش الفتح في الغرب ويستمر حتى البحر الأبيض المتوسط من خلال مسار الدم والنار، وعندئذ سينقسم القطاع الغربي بين جيش الفتح وداعش. وفي كلتا الحالتين، فإنّ الخطوط لن تكون ثابتة، وبالتالي ستستمر الحرب.
الآن، نرى مدى تعقيد هذا الصراع، ولكن إذا تجاهلناه فإنّه سوف يزداد تعقيدًا وخطورة. يتحلى عدد قليل جدًا بالصبر في هذه اللحظة ويجادلون في أنه لا توجد مشكلة في هذا العالم.
وبالتالي؛ فإنّ القضية المركزية هي صراع إقليمي، يليه مشكلة الحُكم في منطقة تحركها الطائفية، وهذه هي الإشكالية التي يجب معالجتها في هذه الأزمة الطاحنة.
لقد فات الأوان لاجتثاث جذور الطائفية في الشرق الأوسط الآن، حيث أصبحت حقيقة من حقائق الحياة في عالم بعيد كل البعد عن المثالية. إنّ القوى الإقليمية هي التي يجب أن تتحمل الأعباء الشاقة في هذا الصدد، ولكن في البداية يجب خلق سياق يرون أنّه من أجل مصلحتهم الخاصة.
لا تمتلك الولايات المتحدة ولا المجتمع الدولي الزر السحري الذي يجعل الأمور تسير في هذا أو ذاك الاتجاه من خلال دفعة بسيطة. الحقيقة هي أكثر ثراءً من ذلك وثمة لاعبين آخرين في هذه اللعبة. ومع ذلك، يجب أن يُرفع علم في وسط الرمال لكي تعرف القبائل وجهتها القادمة.

وبعبارة أخرى، فإنّ “إطار العمل” المنظم ينبغي أن يُوضع بدقة لمعالجة أهم القضايا ذات الصلة، والنموذج الذي يدور في ذهني هو محادثات واتفاقيات هلسنكي.
من مصلحة إيران الحفاظ على طريق إلى حزب الله في جنوب لبنان؛ فمن مصلحتها عدم التعرض للتهديد من حدودها الغربية. العرب لديهم مصالح في المنطقة الخاصة بهم وهي سوريا والعراق واليمن. من الممكن التوصل إلى حل لقضية الصراع من خلال التحول إلى وضع استراتيجية في الشرق الأوسط، بدلًا من تحويل رؤوسنا إلى البنتاغون أو إرسال 450 جنديًا إلى العراق. هذا لا يعني أن إرسال 450 جنديًا يعد أمرًا خاطئًا، أو أنّه لن تكون هناك حاجة إلى شنّ غارات جوية. في الواقع، هذا هو العامل الرئيس الذي يؤدي إلى إبطاء داعش حتى الآن. ولكن الهدف هو التعبير عن الدهشة من قلب الهرم رأسًا على عقب.
الجيش هو أداة استراتيجية، ويفضل أن تكون الأداة الأخيرة. لا ينبغي محاسبة الجيش عن أي استراتيجية يجري تنفيذها، ورغم أنّه يدعم الدبلوماسية لأنّ دورهما يجب أن يكون متكاملًا في مفهوم واحد في أي استراتيجية، لكن استخدام الجيش يُعدّ بمثابة قمة الهرم. لكننا في الحقيقة لم نر أي استراتيجية أو مفهوم. لم تكن هناك خيارات تمت مناقشتها بشكل عميق. وعندما كان هناك بعض الخيارات، تم رفضها من قبل الساسة غير الموهوبين وغير الأكفاء.
المحادثات الجديدة على غرار محداثات هلسنكي كان يجب أن تبدأ منذ وقت طويل. أخذت الولايات المتحدة زمام المبادرة في محادثات هلسنكي في فترة السبعينيات، والآن ترسل 450 جنديًا إضافيًا إلى العراق. إنّها مسألة قيادة بالأساس.
البديل هو الحكمة الزائفة التي تقول “دعهم يتقاتلون”، فنحن لا يمكننا فعل أي شيء على أي حال أو أنّهم “سوف يتوقفون عندما يشعرون بالتعب”. تميل هذه الحماقة إلى رؤية الأشياء بطريقة تجريبية كنوع من أنواع المنهجية. ما يحدث في حالات مماثلة هو أن هناك ظواهر محتملة تنشأ ببطء من كونها ضمنية لتصبح صريحة. تنظيم الدولة الإسلامية هو حالة نماذجية واضحة. المنطق وراء طرفين متحاربين يدمران بعضهما البعض لنرى في النهاية رماد ولا شيء غيره، هو منطق خاطئ بشكل فادح. العلاقة بين إنشاء الاتحاد السوفييتي وصعود النازية من جهة، والحرب العالمية الأولى، هي علاقة معروفة للجميع بقدر ما هو من المعروف أن أوروبا الشرقية والأغلبية صوتوا إلى الأحزاب الشيوعية في أوروبا الغربية في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
يضغط المجتمع الدولي على إيران للتفاوض بشأن برنامجها النووي وفقًا للمزاعم المنتشرة الآن. إذن؛ لماذا من الصعب الضغط على المنطقة للتوصل إلى صفقة تقوم على مقايضة معقولة بدلًا من حرب دائمة؟ الخطوات العملية نحو تنفيذ هذا المفهوم، مؤتمر هلسنكي جديد عن الشرق الأوسط، يمكن أن تبدأ مباشرة بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران. دون أي ضغط دولي كبير وجماعي، فلن يتحقق هذا المفهوم.
وبالطبع، يجب أن تستمر الغارات الجوية وبرامج التدريب والتجهيز وجميع أشكال الأخرى من المساعدة طالما أنّه لا يُنظر إليها كبديل لاستراتيجية حقيقية. لكن عقد صفقة إقليمية ستجعل من الممكن اقتلاع جذور الدول الإسلامية، حيث ستحاربها جميع الاطراف وبالتالي سينتهي سبب وجودها.
الإطار الزمني للمحادثات الإقليمية الدولية المقترحة، من المتوقع أن يستمر لعدة أشهر، والمسارات الفرعية، والأشكال والاستعدادات وجميع التفاصيل الأخرى يجب تنفيذها على وجه السرعة دون أي تأخير.  الدبلوماسية سوف تتحرك بمجرد أن يقرر القادة القيادة الفعلية، وهذا سيحدث إذا كان هناك مفهوم واستراتيجية حقيقية. وإذا لم يتحقق ذلك الآن، سوف ندفع فواتير باهظة الثمن بعد ذلك.
المصدر
======================