الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 26-12-2015

سوريا في الصحافة العالمية 26-12-2015

27.12.2015
Admin



إعداد مركز الشرق العربي
عناوين الملف :
  1. واشنطن تايمز وبوست :لماذا يأخذ الغرب اللاجئين بجريرة تنظيم الدولة؟
  2. ديلي ميل: هل أمر بوتين بإسقاط الطائرة بسيناء؟
  3. نيويورك تايمز: مقتل علوش أكبر دعم للأسد قبل محادثات السلام
  4. واشنطن بوست اليأس يخيم على احتفالات السوريين المسيحيين بعيد الميلاد فى لبنان..
  5. وول ستريت جورنال: هذه تفاصيل الانقلاب الفاشل على بشار الأسد
  6. معهد بروكينجز: كيف يؤثر اللاعبون الدوليون على الحرب في سوريا؟
  7. واشنطن بوست :السيطرة على القمح.. حرب بين بشار والمعارضة
  8. فورين بوليسي: هذه قصة حمص.. ستالينغراد سوريا
  9. واشنطن بوست :معركتنا مع "داعش" تبدأ على الإنترنت
  10. إسرائيل اليوم 23/12/2015 :الأمر الذي لا يريده نصر الله الآن هو فتح مواجهة مع إسرائيل
  11. معاريف :معضلة قنطار
 
واشنطن تايمز وبوست :لماذا يأخذ الغرب اللاجئين بجريرة تنظيم الدولة؟
تناولت صحف أميركية أزمة اللاجئين الفارين إلى أوروبا بعيدا عن ويلات الحروب والاضطهاد  في سوريا والعراق ومناطق أخرى في الشرق الأوسط، ودعا بعضها إلى استقبالهم وعدم أخذهم بجريرة تنظيم الدولة الإسلامية.
فقد قالت واشنطن بوست بافتتاحيتها إنه يمكن للحكومات إظهار قدرتها على جلب السلام وبعض الرخاء لشعوبها، ولكنه يمكنها في المقابل نشر الدمار والجوع واليأس الذي يدفع بالناس إلى التشرد في الصحارى والأنحاء بعيدا عن موطنهم الأصلي.
وأشارت إلى حلول عيد الميلاد المجيد هذا العام بينما العديد من الناس يفرون بعيدا عن ويلات الحروب التي تعصف ببلدانهم، وأنهم يتلقطون لقمة العيش دون أن يجدوا مكانا دافئا يأويهم أو مساعدة طبية لازمة أو غذاء كافيا يسد رمقهم.
وأضافت الصحيفة أن هؤلاء اللاجئين يحاولون الحصول على ملجأ آمن لهم ولأطفالهم، وأنهم يفرون من  الشرق الأوسط إلى المجهول بأوروبا بعيدا عن المخاطر والاضطهاد في سوريا والعراق ومناطق أخرى بالشرق الأوسط.
 
ضمير الأمة
وذكرت واشنطن بوست أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هي الزعيمة التي حركها ضمير الأمة فبادرت باستقبال اللاجئين والمحرومين واليائسين الذين لم يجدوا معاملة حسنة  شبيهة بمناطق أخرى من أوروبا أو الولايات المتحدة.
وأوضحت أن بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة تتذرع بالخوف من العنف الذي قد ينشأ عن هذا العدد الصغير من اللاجئين، أو القلق من الأعباء التي سيفرضها اللاجئون على المجتمعات الغربية.
ودعت الصحيفة المجتمعات الغربية إلى التعاطف مع اللاجئين والنظر لأوضاعهم الإنسانية. واقتبست من إنجيل مُتّى قول المسيح عليه السلام ".. جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي، وعَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي، وكُنْتُ غَريبًا فَآوَيْتُمُوني،.." وقالت إن عيسى بن مريم وُلِد مشردا.
من جانبها، نشرت واشنطن تايمز مقالا للكاتبة فيفيان هوغبانكس الطالبة بجامعة هيلزديل دعت فيه إلى استقبال اللاجئين الذين شردتهم الحروب، وإلى إعادة التفكير بشأن الخلافات الدائرة بهذا المجال.
 وقالت الصحيفة  إنه برغم اختلافات المرشحين المحتملين من الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، فإنهم متفقون على شيء واحد يتمثل في معارضتهم الشديدة لتعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما باستقبال عشرة آلاف لاجئ سوري.
وأشارت هوغبانكس إلى تصريح لعضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو يقول فيه إنه إذا سمحنا لتسعة آلاف و999 لاجئا سوريا بدخول الولايات المتحدة، وكلهم أناس جيدون، ولكننا سمحنا لقاتل واحد من تنظيم الدولة الإسلامية يتسرب معهم، فهذا يعني أن لدينا مشكلة خطيرة.
كما تحدثت عن مواقف مرشحين جمهوريين آخرين يعارضون استقبال اللاجئين وأبرزهم تيد كروز وبن كارسون ودونالد ترامب، وتساءلت: لماذا نأخذ اللاجئين بجريرة تنظيم الدولة؟
======================
ديلي ميل: هل أمر بوتين بإسقاط الطائرة بسيناء؟
الجزيرة
هل يمكن أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الذي وقف وراء سقوط طائرة الركاب الروسية في سيناء نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لتبرير حربه في سوريا؟ هكذا تساءلت صحيفة ديلي ميل البريطانية اليوم في تقرير لها.
وأعربت الصحيفة عن دهشتها لما تلقته من معلومات، وقالت إنها راوية مشينة ومزعجة، وسردت أحداثها التي حكاها لها عميل سابق في الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي)، وقالت إنها تترك الحكم للقراء.
وقال المصدر الذي يسمي نفسه الرائد بوريس كاربشكوف ويعيش في مكان سري في بريطانيا مع أسرته بعد هروبه من روسيا خوفا على حياته، إنه يحتفظ بعلاقات مع شخصيات رفيعة في دوائر الاستخبارات الروسية وإن الملف الذي قدمه يمثل عرضا دقيقا للحقيقة حول أسوأ "عمل إرهابي" يشمل طائرة منذ الهجمات على نيويورك في سبتمبر 2001.
وأوضح أن المخططين "العباقرة" في أحد فروع الاستخبارات الروسية ويُسمى "جي آر يو" أشاروا لبوتين بتفجير طائرة روسية مدنية بركابها وإلقاء اللوم على تنظيم الدولة الإسلامية لإثارة عاصفة من الكراهية ضد التنظيم واجتذاب تعاطف دولي يسمح للرئيس الروسي بـ
- تنفيذ حملة عسكرية بمفرده ودون قيود
- تعزيز مبيعات الأسلحة الروسية التي تبلغ مليارات الجنيهات الإسترلينية في الشرق الأوسط وبالتالي يكون قد تم اصطياد عصفورين بحجر واحد.  
الأعمال الرطبة
وعندما تمت الموافقة على الفكرة أُرسل عميل متخصص في ما يُطلق عليه "الأعمال الرطبة"
-وهي أعمال القتل التي لا تترك وراءها أي أثر- إلى منتجع شرم الشيخ حيث يصطاف مئات الآلاف من السياح الروس.
وأدعى العميل المتخصص أنه جندي جاء إلى المنتجع بعد أن كان يقاتل في أوكرانيا، وخلق علاقة رومانسية مع إحدى الشابات الروسيات هناك.
ديلي ميل: بوتين الذي جاء إلى الرئاسة من الـ"كي جي بي" استخدم أساليبه نفسها لاجتذاب التأييد لحروبه (أسوشيتد برس)
وعندما كان على الشابة أن تعود إلى بطرسبورغ، سلمها العميل هدية وطلب منها تسليمها لوالديه في منزلهما، ورافقها عبر الأمن المتراخي في مطار شرم الشيخ قبل أن تصعد إلى طائرة شركة متروجت في ساعات الصباح الأولى ذلك اليوم المشؤوم.
الهدية وصاعقها
ويقول الرائد كاربشكوف إن الهدية كانت قنبلة وصاعقها يُعرف بـ"إي أتش في 7" الذي يتم تصنيعه خصيصا لجنود القوات الخاصة فقط، وكانت القنبلة تبدو في مظهرها مثل أنبوب السباكة حيث جُهزت لتنفجر بـ"تحلل كهربائي" يتسبب في تآكل سلك معدني يفجر القنبلة بمجرد انكساره، مضيفا أن المادة المتفجرة هي السيكلونيت، وهي مادة ذات قوة هائلة وبديلة للـ"تي أن تي".
يُشار إلى أنه قد ورد أن القنبلة وُضعت في الغالب تحت المقعد رقم "30 أي" أو "31 أي"، وأن سجلات الطائرة تشير إلى أن المقعد رقم "30 أي" كانت تجلس عليه ناديزدا باشاكوفا (77 عاما) من فولخوف ببطرسبورغ التي كانت تسافر مع ابنتها مارغريتا سيمانوفا (43 عاما) التي كانت تجلس على المقعد "30 بي". وكانت في المقعد "31 أي" ماريا إيفليفا (15 عاما) من بطرسبورغ أيضا.
وتساءل كاربشكوف: هل يمكن أن تكون هذه الشابة هي التي حملت القنبلة؟ لقد كانت مع أمها مارينا إيفليفا (44 عاما) التي تجلس في المقعد "31 بي"، قائلا إن مصدره أخبره بأن حامل القنبلة كان أكبر سنا ويجلس على مقربة من "31 بي".
الأساليب نفسها
وبعد هذه التفاصيل، قالت الصحيفة إنه قد زُعم من قبل أن بوتين الذي جاء إلى الرئاسة من الـ"كي جي بي"، استخدم أساليبه نفسها لاجتذاب التأييد لحروبه. وأشارت إلى الاشتباه -خلال فترة رئاسته الأولى عام 1999- بتفجيره أربعة مجمعات شقق في موسكو ومدينتي بويناكسك وفولغودنسك قُتل خلالها 307 أشخاص وأصيب 1700 آخرون، وإلى إلقائه اللوم على مسلحي الشيشان المسلمين ومن ثم شنه حربا جوية شعواء على الشيشان.
وذكرت الصحيفة تفاصيل كثيرة عن تفجيرات 1999، مثل اعتقال متهمين من الكرملين وتسريب معلومات قبل ثلاثة أيام من التفجيرات ولجنة تحقيق برلمانية قُتل عدد من أعضائها واغتيال ألكساندر لتفينينكو بالسم في لندن، وهو الذي ادعى أن المجمعات فُجرت بأوامر من الكرملين.
كما عرضت جزءا من نشاطات بوتين قبيل أو أثناء حادثة التفجير، ومكالماته مع رؤساء الدول وقادة دول العالم.
وختمت الصحيفة تقريرها بقولها ربما يكون ما حكاه كاربشكوف حقيقة وربما يكون من صنع خياله لتشويه سمعة رئيسه السابق، "وربما نكون قد وصلنا إلى عصر يقوم فيه الناس بتفجير طائراتهم لرفع مبيعات أسلحتهم، أو نفطهم أو تعزيز سلطاتهم".
======================
نيويورك تايمز: مقتل علوش أكبر دعم للأسد قبل محادثات السلام
    لندن - ترجمة منال حميد - الخليج أونلاين
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن مقتل زهران علوش، قائد جيش الإسلام، في سوريا أمس (الجمعة) بغارة جوية، يعتبر أكبر دعم لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، قبيل محادثات السلام المزمعة الشهر المقبل، كما أنه يمثل أكبر ضربة للمعارضة السورية المسلحة.
وأوضحت الصحيفة أن جيش الإسلام، الذي يقوده علوش، وافق مؤخراً على الدخول في العملية السياسية التي تسعى إلى إنهاء الصراع المستمر منذ خمس سنوات في سوريا.
نظام دمشق وحليفه الأبرز روسيا ينظران إلى علوش وجيش الإسلام على أنهما جماعة إرهابية، وأنه لا يختلف كثيراً عن تنظيم "الدولة" المتطرف، بحسب الصحيفة.
ونقلت عن معارضين سوريين داخل دمشق تأكيدهم أن الغارة التي استهدفت اجتماعاً لقيادات جيش الإسلام، كانت غارة روسية، دون أن يكون بالإمكان التأكد من دقة هذه المعلومات سواء من الجانب السوري أو الروسي.
ويرى محللون أن الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات الروسية تأتي تماشياً مع الجهود القائمة منذ فترة طويلة، التي تبذلها حكومة دمشق للقضاء على الجماعات المسلحة، خاصة تلك التي تعتبر نفسها مختلفة عن تنظيم "الدولة".
واعتبرت الصحيفة أن هذه الجهود هي جزء من هدف أوسع، حيث يسعى النظام وحليفه الروسي إلى تحسين مكانة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بين الحكومات الغربية على اعتبار أن نظام دمشق يحارب كل الجماعات المتطرفة بما فيها تنظيم "الدولة".
وتشير نيويورك تايمز إلى أن جيش الإسلام أرسل وفده إلى الرياض، حيث تم التفاوض هناك مع جماعات سورية معارضة؛ بهدف اختيار ممثلين لمحادثات السلام المقرر عقدها في أوائل العام 2016.
ولجيش الإسلام والقائد زهران علوش، قبول عالمي، حيث تنقل الصحيفة الأمريكية عن إبراهيم حميدي، مراسل صحيفة الحياة في دمشق، أن علوش أظهر قدرة كبيرة في التعامل مع الأوضاع الحياتية بدمشق عكس العديد من الجماعات المسلحة الأخرى، معتبراً أن الغارة التي استهدفت علوش تمثل رسالة من قبل النظام وحلفائه الروس لرفض محادثات الرياض والإصرار على الحل العسكري.
ويسيطر جيش الإسلام على جزء كبير من الامتداد الحضري للغوطة الشرقية شرق دمشق، وهي المنطقة التي تتعرض للحصار والقصف من القوات الحكومية منذ أربع سنوات.
وترى الصحيفة الأمريكية أن جيش الإسلام معرض للهزات الداخلية عقب مقتل علوش، حيث كان لكاريزما الشخص دور كبير في تنظيم العمل داخل جيش الإسلام الذي يضم العديد من الجماعات المسلحة.
======================
 واشنطن بوست اليأس يخيم على احتفالات السوريين المسيحيين بعيد الميلاد فى لبنان..
منذ 4 ساعات December 26, 2015, 6:34 am
اليوم السابع
قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن الاحتفال بعيد الميلاد هذا العام قد شابه اليأس لدى اللاجئين السوريين المسيحيين فى لبنان.
وأوضحت الصحيفة أن أكثر من مليون سورى لجأوا إلى لبنان المجاورة، التى يبلغ عدد سكانها أربعة ملايين فقط يتعاملون بالكاد مع هذا التدفق الكبير للاجئين، ومن بين هؤلاء اللاجئين المسلمين فى أغلبهم، مئات وربما آلاف من الأسر المسيحية التى تحملت أيضا مشقة النزوح وإذلاله.
وفى السنوات الأخيرة، انخفض عدد المسيحيين الذين يعيشون فى سوريا والعراق نتيجة للاضطرابات والهجمات التى شنها المسلحون، وبدت لبنان بجالياتها المسيحية الكبيرة والحيوية ملاذا طبيعيا، إلا أن المسيحيين الذين واجهتهم توترات متزايدة مع السكان المحليين وغياب التعليم والعاية الصحية يرون أن البلاد ليست موطنا لهم.
وتشير واشنطن بوست إلى أن الكثير من المسيحيين السوريين تقدموا بطلبات لجوء للأمم المتحدة لإعادة توطينهم فى الغرب، وتم إعادة توطين بعضهم بنجاح فى بعض الدول، مثل ألمانيا والسويد وأستراليا، إلا أن العملية يمكن أن تستغرق سنوات وغير مضمونة، مما حفز عددا منهم للانضمام إلى موجة اللاجئين الذين يذهبون إلى تركيا وينطلقون منها فى رحلة محفوفة المخاطر إلى أوروبا.
ومن تلك العائلة المسيحية أسرة الكورية التى تخلت تماما عن فكرة العودة إلى سوريا، حيث أدت الأزمة التى تشهدها البلاد منذ خمس سنوات إلى مقتل ما يقرب من 250 ألف سورى، وتمكين جماعات تتبنى وجهات نظر معادية للمسيحية، وتعيش تلك العائلة فى مأزق، وتعتمد على الصدقات لدفع إيجار المسكن الخاص بهم المكون من حجرتين، وتقدم لهم الكنائس المحلية الطعام.
وتمضى الصحيفة فى القول إن القيود المشددة على السوريين المقيمين فى لبنان قد جعلت من الصعب على اللاجئين إيجاد عمل، ونتيجة لذلك فإن عائلة الكورية تصارع لدفع ثمن مقابل الأمور الحياتية الأساسية مثل الوقود اللازم للمولد الكهربائى.
وتوضح واشنطن بوست أنه قبل بداية الثورة السورية عام 2011 وتحولها إلى حرب أهلية، كان المسيحيون من أطياف مختلفة يمثلون 10% من سكان البلاد البالغ عددهم 24 مليون نسمة، وكانت الجذور المسيحية عميقة فى البلاد، ويقول التراث إن سان باول تحول للمسيحية فى الطريق إلى دمشق، كما أن بعض الجماعات لا تزال تتحدث الآرامية، اللغة التى تحدث بها المسيح، لكن مؤخرا قام المتطرفون بقتل واختطاف المسيحيين.
======================
وول ستريت جورنال: هذه تفاصيل الانقلاب الفاشل على بشار الأسد
2015-12-26 10:23:27
الحدث- مصدر الخبر
الولايات المتحدة بحثت عن تصدعات في النظام السوري كي تستغله في التشجيع على انقلاب عسكري ضد الأسد، لكنها وجدتها قليلة.
جاء هذا في سياق تقرير نشرته صحيفة " وول ستريت جورنال"  وقالت فيه إن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لديها اتصالات سرية مع عناصر من النظام السوري طيلة سنوات عدة في محاولة فاشلة لكبح جماح العنف وإقناع الرئيس بشار الأسد بالتخلي عن السلطة.
وذكر التقرير أن الجهود الأمريكية تعكس كيف كافحت الإدارة الأمريكية لفهم والتفاعل مع أحد الديكتاتوريات المبهمة في الشرق الأوسط  والتي تخضع لحكم عائلة الأسد منذ 45 عاما.
وأضاف التقرير أنه وبخلاف التواصل السري الذي أجراه البيت الأبيض مع إيران، لم تكتسب الجهود السورية أبدا زخما وظل التواصل مع نظام الأسد محدودًا.
واستندت الصحيفة الأمريكية في تحليلاتها على مقابلات شخصية أجرتها مع أكثر من 20 شخصًا، من بينهم مسئولون أمريكيون وعرب سابقون وحاليون.
وقال مسئولون أمريكيون إن الاتصالات مع النظام السوري تركزت على قضايا محددة، وأشار التقرير إلى أن المباحثات التي جرت بين المسئولين الأمريكيين والنظام السوري كان مباشرة في بعض الأوقات، أو عبر رسائل تم تبادلها عبر وسطاء مثل روسيا وإيران، أقرب حلفاء الأسد.
وأكد مسئولون أن الأسد حاول مرارا أن يتواصل مع الإدارة الأمريكية مباشرة كي ينقل لها أطروحته بوجوب الاتحاد معه لمكافحة الإرهاب.
وأشار التقرير إلى أنه في العام 2011 وعندما بدأ النظام في شن حملة قمعية على الاحتجاجات وشرع الجنود السوريون في ترك الجيش، حدد مسئولون في الاستخبارات الأمريكية ضباطا من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها بشار الأسد ممن لديهم القدرة على قيادة تغيير النظام، بحسب مسئولين أمريكيين سابقين ومسئولين أوروبيين حاليين.
وذكر مسئول بارز سابق في الإدارة الأمريكية أن " سياسة البيت الأبيض  في 2011 كانت تهدف إلى الوصول إلى نقطة تحول في سوريا عبر إيجاد تصدعات في النظام وتقديم حوافز للأشخاص للتخلي عن الأسد."
لكن نظام بشار تمكن من الحفاظ على تماسكه وواصل القمع ضد المحتجين من أبناء شعبه.
وفي أغسطس من العام 2011، طالب أوباما الأسد بالتنحي. وقالت الصحيفة إن الرسالة الأساسية للإدارة الأمريكية لم تبتعد عن وجوب تنحى الأسد فى نهاية المطاف، ولكن بدلا من إقناعه بذلك، زادت الاتصالات السرية من إحساسه بالشرعية والإفلات من العقاب.
وقد ساعد هذا على تغذية الخصومات الحالية بين القوى العالمية حول مستقبل الرئيس السوري في أية تسوية، كما أنها عرقلت أيضا الجهود الرامية إلى تعزيز الكفاح الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف بـ " داعش."
وأشار مسئول أمريكي رفيع المستوى أن المباحثات السرية مع النظام السوري لم تكن مشابهة لتلك التي أجرتها واشنطن مع كوبا أو إيران، والتي اعتقدت فيها الولايات المتحدة أنه في الإمكان حل القضايا من جذورها، ولكن تركزت تلك المباحثات بدلا من ذلك على التفاصيل الدقيقة.

وأضاف المسئول في تصريحاته للصحيفة: " كان لدينا أوقات نقول فيها لهم: بمقدوركم أن تخلقوا بيئة أفضل لوقف إطلاق النار إذا ما توقفتم عن إلقاء البراميل المتفجرة."
وبحسب التقرير، فإن صعود تنظيم "داعش" في العام 2013 فاجأ واشنطن، في حين رأى الأسد بذلك فرصة لإثبات أنه شريك في الحرب على الإرهاب.
ومع بدء القصف الأمريكي في سوريا ضد "داعش"، اتصل مسئولون في الخارجية الأمريكية بمسئولين سوريين لتوضيح أن الولايات المتحدة تقصف أهدافا لـ"داعش"، وأنها لا تتوقع أن تعمل سوريا ضد الطائرات الأمريكية في أجوائها.
وأضاف الصحيفة أن الإدارة الأمريكية تقوم اليوم بإيصال رسائل إلى الأسد عن طريق المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة سامنثا بارو التي تتحدث مع المندوب السوري بشار الجعفري.
واختتمت الصحيفة بقولها: "اليوم، عندما تريد واشنطن أن تخطر دمشق بنشر مقاتلين سوريين دربتهم الولايات المتحدة لمحاربة داعش حتى لا يعتقد خطأ أنهم من المتمردين، تبعث بتلك الرسائل عبر مندوبتها لدى لأمم المتحدة، سامنتا باور إلى نظيرها السوري بشار الجعفرى"، مضيفة أن البيت الأبيض يؤكد أن تلك الإخطارات ليست تعاونا مع النظام لكن الأسد يستغلها لصالحه."
======================
معهد بروكينجز: كيف يؤثر اللاعبون الدوليون على الحرب في سوريا؟
ساسة بوست
منذ 17 ساعة، 25 ديسمبر,2015
استضاف مركز بروكنجز بالدوحة ندوة في الثامن من ديسمبر 2015 حول الوضع الحالي للصراع السوري، واحتمالية نجاح مفاوضات السلام في فيينا العام القادم. شارك في الندوة مروان كابلان، رئيس قسم تحليلات السياسات في المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية، ونوح بونزي، المحلل المتخصص بالشأن السوري بمجموعة الأزمات الدولية، وتشارلز لستر، الزميل الوافد بمركز بروكنجز بالدوحة.
افتتح بركات المناقشة بتذكير الحضور أن الحرب الأهلية في سوريا ستدخل عامها الخامس قريبًا، وأن ضحاياها بلغ عددهم قرابة 250 ألف قتيل، وما يقارب نصف الشعب السوري تم تهجيره. صحيحٌ أنه تم عقد اجتماعات متعددة الأطراف في فيينا مؤخرًا في إصرار دبلوماسي للتفاوض على السلام في سوريا، لكن خلافات عميقة ما زالت موجودة بين أطراف الصراع. بدأ بركات بسؤال المناقشين عن كيفية اختلاف اجتماع الرياض مع فصائل المعارضة السورية عن الجهود السابقة.
أشار كابلان إلى أن الاجتماع حظي بدعم واسع من الولايات المتحدة، وروسيا، وتركيا، وأغلب اللاعبين الرئيسيين في الصراع، فيما عدا إيران، التي تخشى كراهية المعارضة السورية لكل ما هو إيراني. ضمّ الاجتماع فصائل المعارضة والفصائل المسلّحة أيضًا، وهو ما يجعلها المرة الأولى التي تجلس فيها الجماعات المسلحة، أمثال جيش الإسلام وأحرار الشام، على مائدة المفاوضات. يأمل كابلان في أن المعارضة ستوافق على حل سياسي واسع، وستجد طريقة لتوحيد رسالتها.
أضاف لستر أن اجتماع الرياض يمثل تحولًا في السياسة الغربية تجاه العديد من الفصائل السورية المسلحة. يعترف الغرب الآن أن هذه الفصائل لها من الشعبية والقوة ما يجعل إقصاءها عن هذه المفاوضات مستحيلًا، بالرغم من أيديولوجيتها. أضاف أيضًا أن محادثات فيينا ستكون أكثر جدية من المفاوضات السابقة، وسيتوافق أطرافها حول وقف لإطلاق النار. ومن المستحيل لوجستيًّا أن تفرض وقفًا لإطلاق النار عن طريق مفاوضات لا تنضوي تحت جناحها الفصائل المسلحة. من هذا المنطلق جاء حث لستر على ضم مزيد من الجماعات المسلحة وممثليها في المفاوضات.
لفت بونزي النظر إلى الفارق الذي يراه بين الفصائل الإسلامية الثورية المسلحة، مثل جيش الإسلام وأحرار الشام، والجماعات السلفية الجهادية، مثل الدولة الإسلامية وجبهة النصرة. على العكس من السلفيين الجهاديين، يعترف جيش الإسلام مثلًا بحق السوريين في اختيار حكومتهم، وأنها ستنتهج احتواء الأقليات غير المسلمة، ولن تتبع أي أجندات خارجية.
ولكن ماذا عن التدخل الروسي؟ قال بونزي إن تدخل روسيا جدد الاهتمام بتحريك العملية السياسة إلى الأمام. لكن، مثلها مثل جنيف الأولى والثانية، ستضعف محادثات فيينا نتيجة للاختلاف حول مستقبل الأسد في سوريا. في الوقت الحالي، تؤمن جميع الأطراف المتحاربة في سوريا بإمكانية الحل العسكري، جاعلة احتمالات استمرار الحرب على الأرض لا متناهية. لذا لا بد أن يأتي الزخم الذي سينهي المعضلة الحالية من اللاعبين الإقليميين والدوليين.
على النقيض، قال كابلان إنه بخلاف الدولة الإسلامية والأسد، فإن معظم اللاعبين في سوريا لا يؤمنون بأن النزاع سيُحلّ حلًّا عسكريًّا، لأن الخصم فيها ليس الأسد فقط، وإنما القوى الإقليمية أيضًا. يؤمن اللاعبون السوريون أن الأمر يحتاج إلى حل سياسي لتحقيق النصر، وربما يخرج هذا الحل من رحم فيينا.
لاحظ لستر أن دور روسيا في الصراع غالبًا ما يتم الاستهانة به. ولكن مداه الآن واضح. على سبيل المثال، أقنعت روسيا الأسد بتدمير أسلحته الكيماوية في أكتوبر 2013، وتدخلت موسكو لإنقاذ الأسد -وليس مساعدته- بعدة ضربات جوية الأشهر القليلة الماضية. المعارضة في سوريا بدأت تدريجيًّا في توحيد رسالتها استعدادًا للمفاوضات مع الأسد، ولكن التدخل أنهى هذه الاحتمالية. دفع لستر بأن روسيا ستظل في سوريا، وأفعاله سيكون لها تأثير أكبر على الأسد من إيران. وبونزي أضاف أن روسيا، على الرغم من كل شيء، أقل وضوحًا بشأن مصير الأسد من إيران، التي تعتبر خسارته تهديدًا وجوديًّا لها. لذا فإن الروسيين يبدون على استعداد للتنازل أكثر من إيران.
وعرض بونزي ملخصًا سريعًا عن المشهد الكردي، قائلًا إن القوات الكردية استولت على أجزاء كبيرة من شمالي سوريا. قال بونزي إن هذا وقت التحرك الكردي، فالأكراد يعتبرون أنفسهم محايدين، يعارضون الأسد والإسلاميين، ويحالفون إيران وروسيا والولايات المتحدة، ولديهم علاقات سيئة مع العرب وتركيا.
محولًا دفة النقاش تجاه أزمة اللاجئين، قال بركات إن أربعين بالمائة فقط من اللاجئين المتدفقين إلى أوروبا هم من السوريين. سأل كابلان ما إذا كانت أوروبا ستبدأ في التركيز على الصورة الكبيرة لانعدام الاستقرار في المنطقة. لاحظ كابلان أن أوروبا تنتهج نهجًا ضيق الرؤية، مهملة جذور المشاكل التي تدفع اللاجئين إلى الهرب. جادل أيضًا بأن الأسد يستخدم اللاجئين لعقاب أوروبا ودفعها تجاه قرار آخر على نفس النهج: مساعدته على الاحتفاظ بالسلطة. ولقد نجح الأمر بفعالية، فالخطاب تجاه سوريا تحول ببطء من الهجوم على الأسد إلى التنديد باللاجئين والإرهاب، جاعلًا الدعم الأوروبي لاحتفاظه بالرئاسة احتمالية قوية.
وافقه لستر على ذلك، قائلًا إن أزمة اللاجئين بدأت في دفع الغرب إلى التفكير في تقسيم سوريا: قرار آخر من ذات المنظور الضيق سيبقي الأسد في السلطة. في الواقع، تشير تطورات أخرى إلى أن الأسد يمهد لتقسيم سوري في حال آلت الأمور إلى أسوأ حال. فعلى سبيل المثال، سهّل الأسد اتفاقًا تم بموجبه استبدال مواطنين معارضين بزبداني موالين للنظام من إدلب، لتصبح المنطقة بطول الشريط الحدودي اللبناني السوري خالية من المعارضة.
في ملاحظة أخيرة، أضاف بونزي أن روسيا تعتنق هذه الإستراتيجيات، وأكد على أنها تستهدف الجماعات المعارضة بهدف تهجير المزيد من أفراد الشعب وزيادة حدة أزمة اللاجئين. صحيحٌ أن روسيا هي العضو الأكثر احتمالًا للتنازل عن الأسد من بين داعميه، وأقلهم خسارة في حال حدوث ذلك، لكن دعمها العنيد للأسد وسياساته يجعل من شبه المستحيل تصور أي دور إيجابي لها في المفاوضات الحالية.
======================
واشنطن بوست :السيطرة على القمح.. حرب بين بشار والمعارضة
تاريخ النشر: السبت 26 ديسمبر 2015
في خريف عام 2012، سيطر مقاتلون تابعون لـ«الجيش السوري الحر» على الغوطة الشرقية، وهي منطقة شبه زراعية تبعد نحو ثمانية أميال عن شمال شرق العاصمة دمشق. وردت القوات الحكومية بفرض حصار على المنطقة، وقطع إمدادات المياه والكهرباء والغاز والمساعدات الطبية والخبز عنها.
وكان هدف النظام السوري هو تجويع سكان الغوطة الشرقية لحملهم على الاستسلام، وأتت تلك السياسة أكلها بعد أن بلغت أسعار الخبز والأرز خمسين ضعفاً. وكان السكان المحليون يقتاتون على أعلاف الحيوانات وفي بعض الأوقات لا يأكلون شيئاً على الإطلاق. ويقول «ماجد الديك»، عامل المساعدات لدى إحدى المنظمات الإنسانية السورية تدعى «ربيع الحياة»: «بدؤوا يشنون الحرب ضد الناس حتى على خبزهم اليومي».
معارك على المطاحن
وبعد تسعة أشهر، شنّ «الجيش السوري الحر» عملية عسكرية على منطقة يسيطر عليها النظام اسمها «المطاحن»، خارج الغوطة الشرقية. وكان الهدف هو الحصول على الدقيق، الموجود في اثنتين من صوامع تخزين الحبوب التي تضم جزءاً من احتياطات القمح الاستراتيجية لدى الحكومة السورية، وهو سلاح فعّال في الصراع الذي دخل عامه الخامس في الوقت الراهن، الذي أدى إلى مصرع ما لا يقل عن ربع مليون إنسان. وإذا تمكنت المعارضة من الاستحواذ على المطاحن، فمن الممكن أن تحتفظ بالقمح وتكسر الحصار، ومن ثم تكسب نقطة استراتيجية على طريق المطار، وربما تجني بعض الأموال.
وتواصلت عمليات مكافحة الحريق نحو يوم ونصف اليوم. وقبل انتهاء المعركة في اليوم الثاني، أرسل المقاتلون المناهضون للحكومة رسالة إلى عمال الإغاثة المنتظرين داخل الغوطة الشرقية مفادها: «إننا نسيطر جزئياً على المطحنة.. تعالوا وساعدونا في الحصول على الدقيق»، وقاد الديك ومتطوعون آخرون سياراتهم باتجاه المطحنة، عبر طريق جانبي لتفادي القناصة التابعين للحكومة. وعندما وصلوا، فوجئوا بوجود نحو 80 شخصاً، معظمهم مدنيون. وكان الجميع في الغوطة الشرقية سمعوا بخبر وجود دقيق، وكان بعض الناس متلهفاً بدرجة جعلتهم يركضون تحت القصف ونيران القناصة للحصول على الدقيق. وترجل سكان محليون من سياراتهم وتدفقوا على المطحنة، متحمسين للحصول على أكياس الدقيق الموجودة داخل ساحة التخزين المركزية. وحاول المقاتلون منعهم، لكنهم واصلوا التدفق.
وأفاد الديك «بأنهم برروا ذلك بأنهم جائعون، ومستعدون للموت كي يتمكنوا من تناول الطعام»، وهذا بالضبط ما فعله كثير منهم.
والخبز هو الغذاء الرئيسي في الشرق الأوسط وهو «لقمة العيش»، بحسب المصطلح الشامي. وإضافة إلى مكوناته من الكربوهيدرات المهمة، فهو أيضاً مصدر رئيسي للبروتين بالنسبة لكثير من الفقراء في المناطق الريفية. ويشير عامل إغاثة سوري من حلب: «لا يمكن تخيل الحياة من دون خبز»، مضيفاً: «إن السعرات الحرارية والطاقة التي يمنحك إياها، تساوي أي شيء آخر تأكله، باستثناء أن ثمنه زهيد جداً، ومن ثم يتيح فرصة النجاة».
حرب من أجل الحبوب
وتدرك الحكومة السورية أهمية الخبز، وكذلك تنظيم «داعش» الإرهابي، إضافة إلى جموع الجماعات المسلحة الأخرى التي تتعهد بالسيطرة على أراضي الدولة وشعبها. وعلى الصعيد الإستراتيجي، يعتبر الخبز على نفس القدر من أهمية النفط أو المياه، لا سيما أن المدنيين يعتمدون على السلطة التي توزعه، ويتلهف الباحثون عن الأرباح على إعادة بيعه بأسعار مرتفعة. ويؤكد محلل سوري من دمشق، تحدث شريطة عدم الإفصاح عن اسمه: «عندما تتحكم في الخبز والوقود، فإنك تتحكم في المجتمع بأسره».
ولهذا السبب لا يتقاتل تنظيم «داعش» والجماعات المسلحة الأخرى والحكومة في دمشق فقط على الأراضي، وإنما يتحاربون على الحبوب أيضاً. وتدور مع معارك في كل مكان توجد فيه أي حلقة ضمن سلسلة إنتاج القمح، من البذور التي تنمو في الحقول إلى مطاحن الدقيق، ومصانع الخميرة وحتى المخابز.
أرباح الجوع والتجويع
والقمح، مثل النفط، سلعة تجارية، ويضمن توزيعها ولاء، أو على الأقل طاعة المدنيين، بيد أن تنظيم داعش يبيع مخزونات القمح السوري إلى العراق، وإلى تجار في تركيا، بأسعار مبالغ فيها، حسب أشخاص مقربين من قطاع إنتاج القمح والخبز.
وسعت الجماعات المسلحة الأخرى إلى تبني استراتيجيات مماثلة. والنتيجة، وفق تقديرات برنامج الغذاء العالمي في يوليو الماضي، هي أن نحو عشرة ملايين سوري، أو ما يقدر بنحو نصف الشعب السوري قبل اندلاع الحرب، أصبحوا «غير آمنين غذائياً»، وهو ما يعني أنهم قد يجوعون على أساس يومي. ومن هؤلاء، يحتاج زهاء سبعة ملايين دولار كمساعدات لمجرد البقاء على قيد الحياة. ويتحكم في اقتصاد حرب السوق السوداء الذي يغذيه المقاتلون، الذين رفعوا الأسعار بنسبة بلغت 90 في المئة خلال العام الجاري، كي يحققوا أرباحاً من الجوع والتجويع!
وأدرك الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، والد بشار، أهمية القوة الزراعية أفضل من كثير من الأشخاص الأقوياء في جيله. وفي عام 1977، أشرف على افتتاح منظمة أبحاث علمية تعزز التطوير الزراعي أُطلق عليها اسم «المركز الدولي للأبحاث الزراعية في المناطق الجافة». وعلى مدار سنوات، مول هو ونجله المنظمة بسخاء. وعمل علماؤها على تطوير بذور جديدة لتمكين سوريا (إلى جانب دول أخرى مثل إيران وأوزباكستان) من إنتاج ما يكفي من القمح لتحقيق اكتفاء ذاتي.
وسيلة لمعاقبة المزارعين
وبالنسبة لأسرة الأسد، كانت السيطرة على القمح والخبز وسيلة ممتازة للضغط على الفلاحين والبدو، أو أي شخص آخر يمثل تهديداً على سلطة الدولة المركزية. وحتى الآن، يضطر المزارعون في الجيوب التي يسيطر عليها النظام إلى شراء البذور والأسمدة من الحكومة. ويحدد المسؤولون الأسعار ويشترون المحاصيل بعد الحصاد، ولأن الحكومة تهيمن على المراحل كافة، من السهل معاقبة المزارعين الذين يخرجون عن المألوف. فعلى سبيل المثال، قد يجد أي مزارع ثائر عزوفاً من الحكومة عن منحه قرضاً أو شراء محصوله.
وظلت سوريا على مدار عقدين منتجاً ناجحاً للقمح قبل أن تعتمد بصورة شبه كلية على الاستيراد. وحسب المدير العام للمركز الدولي للأبحاث الزراعية، محمود صلح، حقق الإنتاج الكبير للحكومة السورية أكثر من 350 مليون دولار سنوياً. وحافظت الدولة أيضاً على مخزون استراتيجي من القمح، بلغ عادة ثلاثة ملايين طن متري، وهو ما يكفي لسد الاحتياجات خلال أي عام ينقص فيه الحصاد أو ارتفاع الأسعار.
بيد أن زيادة الإنتاج كان لها ثمن باهظ، ذلك أنه في ظل إنتاج كميات كبيرة من الحبوب، «نقّب» القطاع الزراعي السوري عن المياه الجوفية لري المزارع، وتوقع الخبراء أن يفضي ذلك إلى نقص حاد في المياه. وعندما بدأ الجفاف الذي استمر أربعة أعوام في 2006، مدمراً 60 في المئة من الأراضي الزراعية السورية، كانت المياه الجوفية بدأت تنضب بالفعل في الدولة.
وأجبرت الأزمة الناتجة نحو مليون ونصف المليون مزارع ريفي على ترك أراضيهم والهجرة إلى ضواحي مدن مثل حلب ودرعة. وزادت معدلات البطالة. وبحلول بداية عام 2010، أصبح نحو 80 في المئة من الناس في المناطق التي تأثرت بشدة يعيشون فقط على الخبز والشاي.
صفقة مع المعارضة
وزاد الأوضاع سوءاً اندلاع الثورة في عام 2011. ومع تطور الحرب، حاول الجيش السوري الحر وجماعات المعارضة المسلحة السيطرة على أجزاء متنوعة في سلسلة إنتاج الخبز، مثل مصنع إنتاج الخميرة في الغوطة الشرقية، ومخبز حكومي في الزبداني، ومطحنة دقيق، وصوامع غلال في منطقة المطاحن. وفي معظم الحالات، تمكن النظام من استعادتها، ولكن عندما نجحت جماعات المعارضة في السيطرة على مواقع مثل الصوامع ومطاحن الدقيق، كان عليها أن تديرها، فعلى سبيل المثال، تحتاج البذور والقمح إلى تبريد ومكان جاف لكي لا تفسد، لكن المعارضة ارتكبت أخطاء كثيرة، حسبما أفاد مسؤول سابق في اتحاد عمال المخابز. وأضاف: «بدؤوا السيطرة على الصوامع من دون أدنى فكرة عن كيفية تشغيلها، ومنحوا النظام مبرراً ليلومهم على كل شيء».
وبعد فترة قصيرة، ظهر نظام جديد، ففي كثير من الأحيان عندما تمكنت جماعات مسلحة من السيطرة على بنية تحتية ذات صلة بالقمح، كانت تعقد صفقة مع النظام، تقضي بإمكانية مرور العمال من جانب إلى آخر للحفاظ على استمرار سلسلة الإنتاج. وعلى سبيل المثال، يتم السماح لخبراء زراعيين في منطقة الرقة، التي تسيطر عليها داعش، لدخول دمشق لأغراض التدريب. وأفاد «آدام فينامان ياو»، نائب ممثل منظمة الفاو في دمشق: «بأن الميليشات تهتم دائماً بالحفاظ على الخبراء، حيث يدرك الناس أنه لابد لهم من عقد اتفاقات عندما يتعلق الأمر بالغذاء، ويعرفون أنه من دون القمح لن يتمكنوا من النجاة».
تحميل التكلفة على المدنيين
وتسمح هذه الاتفاقات غير الرسمية للمزارعين بالحفاظ على إنتاج القمح، الذي يمكن شحنه عندئذ إلى خارج المناطق التي تسيطر عليها المعارضة مقابل ثمن. وتخضع الشحنات التي يتم شحنها إلى خارج الرقة لضرائب سواء نقدية أو عينية تتراوح بين 20 و25 في المئة يفرضها تنظيم «داعش» أو جماعات مسلحة أخرى. وفي نهاية المطاف يتم تمرير هذه التكاليف إلى المدنيين، وهو ما دفع أسعار الخبز إلى الصعود بنسبة 87 في المئة خلال العام الجاري.
ويتم إنتاج معظم القمح السوري في شمال شرق البلاد، بينما يتركز الطلب عليه في الغرب، وأثناء مرور القمح عبر الدولة، يأخذ كل فصيل مسلح حصته. ويشير أحد المهندسين السوريين في منطقة الرقة، إلى أنه إذا أرادت جماعة أحرار الشام على سبيل المثال شيئاً، وأرادت الحكومة 200 طن قمح من هذه المنطقة، تتفاوض الحكومة مع أبناء المنطقة، ومن ثم يذهب المال إلى جيبوهم، ولكن عندما تتعثر المفاوضات بشأن السعر أو النزاع على الأرض، مثل معركة المطاحن، فإن النتيجة تكون حصاراً وجوعاً وقتالاً.
وبدأ سعر كيلو الدقيق عند خروجه من دمشق بنحو 27 سنتاً وما إن وصل إلى وجهته الأخيرة كان قد بلغ 4.5 دولار، وهو مبلغ باهظ جداً بالنسبة لكثير من العاطلين عن العمل، والمدنيين المحاصرين، الذين يكافحون لإطعام أبنائهم.
وتشير منظمة الفاو إلى أن النظام السوري يعتمد بدرجة كبيرة على القمح المستورد من إيران وروسيا، لأنه بسبب ضرائب المعارضة، من الأرخص بالنسبة لدمشق استيراد الحبوب من هاتين الدولتين على شرائه من شمال سوريا. وفي هذه الأثناء يزيد ارتفاع الأسعار الأعباء على الفقراء، الذين عانى كثير منهم من سوء التغذية حتى قبل اندلاع الحرب.
وتظل سلسلة إنتاج القمح رهينة لأمراء الحرب والمتربحين في سوريا!
ـ ـ ـ ــ
آنيا سيزادلو
*كاتبة متخصصة في تغطية معاناة السكان في مناطق النزاعات
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
======================
فورين بوليسي: هذه قصة حمص.. ستالينغراد سوريا
لندن - عربي21 - باسل درويش# الجمعة، 25 ديسمبر 2015 11:13 ص 01.4k
نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا لثاناسيس كمامبانيس، رسم فيه صورة للدمار البالغ الذي حل بمدينة حمص، وتحدث فيه عن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في منطقة الوعر، ونقل فيه آمال سكان المدينة لمستقبل مدينتهم وبلدهم سوريا.
يقول كمامبانيس إن "أربع سنوات من القصف الذي لم يتوقف، غيرت وجه المدينة، التي كانت يوما رمزا للثورة، بحيث لا يمكن معرفتها".
ويصف الكاتب الوضع قائلا: "البنايات المدمرة وقضبان الحديد الملتوية وأصوات إطارت النوافذ المكسرة يلعب بها الهواء، وكانها دوارات اتجاه الريح. الطرق مهجورة والناس الوحيدون الذين يمكن أن تراهم هم الحرس العسكري مجتمعين في قواعد بنايات مهدمة، وقد تم حفر خنادق عميقة للكشف عن أنفاق الثوار. وامتزجت محتويات البنايات المدمرة مع ما حولها وذابت فيه، ونمت الأعشاب على أنقاض تلك البنايات".
ويضيف كمامبانيس: "بالنسبة لحكومة النظام السوري، فإن الحرب في حمص انتهت، حيث هزمت فصائل الثوار قبل أكثر من عام، وما تبقى من الثوار في ضاحية الوعر وقعوا على اتفاق وقف إطلاق النار هذا الشهر. وانتقل عشرات الثوار في الباصات إلى مناطق يسيطر عليها الثوار بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وصفته الحكومة والأمم المتحدة بأنه اختراق".
ويعلق الكاتب بأن "محافظ حمص طلال البرازي كان وراء وقف إطلاق النار سابقا في حمص المدينة القديمة، وفي ضاحية الوعر منذ فترة قصيرة. ولكن لم يعد إلى وسط المدينة أحد من سكانها السنة، الذين يؤيدون الثورة، ويبدو البرازي أحيانا بأنه يحكم مقبرة وليس مدينة، دمار أسطوري مؤهل للانضمام إلى هيروشيما أو درزدن أو ستالينغراد في قاموس الحصار والدمار التاريخي".
ويواصل كمامبانيس رسم المشهد قائلا:"فبعد عامين من الحصار للبلدة القديمة، فر منها سكانها كلهم، البالغ عددهم 200 ألف، وتم تدمير أكثر من 70% من البنايات. واليوم، وبحسب حكومة النظام السوري، فإنه لم يعد سوى ثلث من غادر منطقة حمص، ولكن مركز المدينة المدمر لا يمكن أن يسكن. ويقول البرازي إن إعادة بناء وسط البلد ستكون مكلفة جدا، ودون مساعدة من إيران وروسيا والصين لن تكون ممكنة. ويقدر الخبراء بأن إعادة بناء سوريا ستكلف أكثر من 200 مليار دولار أمريكي، أو ثلاثة أضعاف الناتح المحلي الإجمالي قبل الحرب".
ويستدرك الكاتب بأنه "مع ذلك تأمل حكومة النظام السوري في تحويل هذه المدينة المحطمة إلى مثال للانتعاش الاقتصادي، وتأمل السلطات بأن تجعل من إعادة بناء حمص رسالة على اعتزامها استعادة السيطرة على البلاد كلها، فإن كان باستطاعتهم تدجين حمص، وهي المدينة السنية التي أيد معظم سكانها الثورة، فبإمكانهم فعل هذا في أي مكان".
ويعتقد كمامبانيس أن "هناك رسالة تنطوي على المزيد من التوعد، وهي أن المناطق التي وقفت تماما مع الثورة تم تدميرها بشكل كامل، وتركت لتنهار تماما بعد انتصار النظام، ولم يسمح لأي سني تقريبا بالعودة. ويفهم مؤيدو الثورة النازحين من حمص بأن هذه هي الموجة الثانية للعقاب، وقد لا يسمح لهم تماما بالعودة".
ويشير الكاتب إلى أن "هذه هي نظرية النظام: حاصر مناطق الثوار حتى يصبح الثمن كبيرا جدا، يجعل من تبقى من الثوار يستسلمون. ويشكل الدمار الذي تخلفه العملية رادعا للآخرين. ويقول مؤيدو النظام إن تدمير النظام لحمص جعل المليشيات المحيطة بدمشق، مثل جيش الإسلام بقيادة زهران علوش، يتجنبون استهداف وسط المدينة عند إطلاقهم للمقذوفات".
ويقول كمامبانيس: "أما الثوار فيتعلمون درسا آخر: بأن الأسد يقضي على أي معارضة يستطيع القضاء عليها، ما لم يقاتل الثوار قتالا عنيفا وطويلا، حتى يكسبون أو يؤمنون منطقة، أو يجبرون الحكومة على السماح لهم بممر آمن إلى منطقة ثوار أخرى. فالقوة وحدها هي القادرة على تحصيل التنازلات من الدولة".
ويلفت الكاتب إلى أن "زيارة حديثة لحمص كشفت عن الانقسامات العميقة في المدينة، التي تجعل من شبه المستحيل إعادة ما كان من قبل. فالمدينة ذات أغلبية سنية، ولكنها مختلطة وأكثر محافظة من دمشق، ولكن كان هناك تعايش بالرغم من الفروق الطائفية".
ويقول كمامبانيس: "وقفت وسط ميدان الخالدية في وسط البلد القديمة، واستطعت التعرف على بقايا المدينة، حيث كانت تقف الحوانيت والعمارات ذات الخمسة طوابق، وينبثق من الدوار ستة شوارع. لقد رأيت هذا المكان سابقا، عندما كان يعج بالمظاهرات ثم الاشتباكات مع الثوار، وبعد ذلك ضرب بالمدفعية للقضاء على المقاومة. وما يتبقى اليوم هو مجرد دمار يصلح لأن يكون في فيلم خيال علمي بائس، لو لم يكن دمارا حقيقيا".
ويبين الكاتب أن "الصوت الوحيد المسموع هو صوت الرياح التي تعصف بصوت مرتفع، وكأنها في صحراء في قلب هذه المدينة الضاربة في القدم".
ويتابع كمامبانيس: "قالت المسؤولة الحكومية التي تصحبني، مشيرة إلى بعض الآثار التي اختفت: (لن تستطيع إعادة بناء هذا)".
ويمضي الكاتب واصفا المشهد: "استمر الدمار في كل اتجاه، ويخف عندما تصل الهضبة بالقرب من الحميدية، في حارة مختلطة عادت إليها عائلات معدودة، بعضها سنة وبعضها مسيحية".
ويواصل كمامبانيس قائلا: "عندما ترى دراجة هوائية خارج مدرسة مهدمة، تعرف أنك وصلت منطقة أعيد سكانها في الخالدية. ورأيت ولدين يلعبان بكرة قدم في ساحة محاطة بالأنقاض والجدران المهشمة، ووجهونا نحو شارع المأمون، الذي يبدأ من بيت قديم من الفترة العثمانية بساحته الداخلية ونافورته، وحولت أحد نوافذه ليستخدمها قناص، وقد أدخل هيكل سيارة في النافذة".
ويورد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن عبداللطيف توفيق العطار (64 عاما)، وهو سني عائد إلى البلدة القديمة في وسط حمص، وربما وثقت به الحكومة لنقده العلني للثوار، ويقول عنهم إنهم "أتوا ودمروا كل شيء". ويعيش العطار حياة بائسة، حيث تعيش زوجته وابنته في شقة مستأجرة في أطراف حمص، بينما يقوم هو بتصليح بيته غرفة غرفة. وقبل الحرب عمل ميكانيكيا في مصفاة البترول الحكومية، واليوم يصلح دراجات هوائية على باب بيته.
وتذكر المجلة أن العطار يحمد الله على أنه لم يخسر أحدا من أبنائه، وأنه لا يزال يتقاضى راتبه الحكومي، وأن جدران منزله بقيت واقفة، ويقول: "كان يمكن أن يكون وضعي أسوأ بكثير".
وينقل الكاتب عن العطار قوله: "إن هناك وحدة قاتلة في المنطقة"، مشيرا إلى أنه "اعتذر عن استقباله لنا في بيته المهلهل، ويقول إن ابنه دعاه إلى الذهاب للعيش معه في السعودية، ولكنه رفض ذلك قائلا إنه يحب بلده، ولا يريد أن يعيش في أي بلد آخر. ثم بدأ يبكي بصمت ويقول: (خسرنا الكثير في سوريا، خاصة في حمص، لم نعتد على منظر النساء يستجدين على أبواب المساجد)، وبعد قليل قال: (ستعود حمص)".
ويقول كمامبانيس إن "ممثلة وزارة الإعلام المحلية، والمسؤولة عن اصطحاب الصحفيين في المدينة، وهي علوية، بدأت تبكي أيضا، فقد قتل أحد أولادها وهو يقاتل مع جيش النظام في درعا، وزوجها وولداها الآخران لا يزالون في الجيش. وقالت بينما كانت تعبث بحلية ذهبية تحمل نقشا لصورة ابنها الفقيد: (خسرنا كثيرا جدا.. حتى أبناءنا)".
ويفيد التقرير بأن العطار شد على يد السيدة وواساها قائلا: "لا تحزني، لا أحد يموت قبل أجله، فالناس يهربون من الحرب هروبا من الموت فيموتون في البحر، ذهب الناس إلى الحج فمات منهم 800 في الزحام".
وتورد المجلة نقلا عنهما قولهما إن الحرب في بقية سوريا ستتوقف، كما توقفت في حمص، وقال العطار: "هؤلاء الرجال الذين آذونا آذوا أنفسهم أيضا، الله يعلم ما فعله كل شخص، الناس يرتكبون الأخطاء".
وبحسب الكاتب، فقد ذكرت المرافقة قولا مأثورا عن الرئيس السابق حافظ الأسد: "الدين لله والوطن للجميع"، وتقول: "هكذا نشأنا، وإن كنت تريد أن تعيش في بلد له حكومة وأرض ووطن، عليك أن تتسامح حتى لا تخسر كل شيء".
ويكشف التقرير عن أن سكان حمص الموالين للنظام يتحدثون بحنين عن أيام التعايش بين مختلف الفئات، مستدركا بأن حكومة الأسد لم تترك خيارا أمام الثوار سوى الرضوخ أو الاستسلام، فلا مكاسب، مثل زيادة في حقوق الأغلبية، مع أن محافظ المدينة متفائل بأن سكان حمص السنة سيبدأون بالعودة إليها عندما تبدأ الحياة تدب فيها شيئا فشيئا، وحتى أولئك الذين تعاطفوا مع الثورة.
وتنقل المجلة عن البرازي قوله في مقابلة على هامش مؤتمر لإنعاش الاقتصاد عقد في دمشق: "بين أعياد الميلاد ورأس السنة سترى حمص قديمة جديدة، وعندما تفتح المتاجر أبوابها، سترى الأمور تعود للحياة". وأضاف أن "تفجيرا هنا أو سيارة مفخخة هناك، لن يهددا الأمن في المدينة، فحمص أكثر أمنا من دمشق".
ويوضح كمامبانيس أن سياسة البرازي في إعادة الإعمار هي المشاريع التي يمكن الإنجاز فيها بسرعة، وللبنايات ذات الأهمية في البلدة القديمة، مثل المدارس والأماكن الأثرية وأماكن العبادة، مثل كنيسة نوتردام دي لا سنتور ومسجد خالد بن الوليد و 400 بسطة في السوق القديم، ويأمل بأن تتحمل روسيا وإيران والصين فاتورة الإعمار. كما أنه يقدر بأن حوالي ثلث سكان البلدة القديمة عادوا، وإن لم يكن إلى بيوتهم.
وينوه التقرير إلى أنه أعيد فتح عدد من المدارس الكنسية هذا الخريف في الحميدية في البلدة القديمة، وجاء للمدرسة في اليوم الأول حولي 200 طالب من عدد الطلاب المسجلين قبل الحرب، وهم أربعة آلاف طالب، بحسب الأب أنطونيوس وهو القسيس الذي يدير مدرسة الغسانية. وفي وقت خروج الأطفال، قال أهالي الأطفال إنهم لا يشعرون بكثير من الاطمئنان، وقال القسيس إنه يحاول جهده في طمأنتهم بأن الأمور ستكون على ما يرام.
وبحسب المجلة، فإن الاستراتيجية الحكومية تتجاوز العوائق العملية لإعادة بعث الحياة في المدينة، كما أنها تهمل تماما المشاعر المرة للناس، الذين يؤيدون الثورة، ولن يستطيعوا التعايش مع حكم الأسد.
ويقول الكاتب: "قد تصبح حمص نموذجا، ولكن ليس كما يريد النظام السوري، بل قد تنتهي كونها رمزا دائما لحرب التطهير العرقي والحصار المدني دون حدود. فالمشروع الحكومي، الذي تريد أن تجعله الحكومة نموذجا، ليس فيه مكان للحشود من سكان حمص، الذين انتفضوا ليطالبوا بحقوقهم من حكومة تعذب مواطنيها بشكل منهجي، ولا تسمح لهم بالإدلاء بدلوهم في كيفية الحكم. ويقول الناشطون المعارضون للنظام إنه يرفض السماح لسنة حمص بالعودة؛ خشية أن تعود المدينة قلعة للمقاومة".
وينقل التقرير عن رجل متقاعد من حمص لم يغادرها، واشترط عدم ذكر اسمه؛ خشية انتقام الحكومة منه ومن عائلته، قوله: "لا يزال الناس يؤيدون الثورة". وأضاف أن حمص أثبتت عقم التوقع من حكومة النظام السوري بالقيام بإصلاحات، وأبدى أسفه على كيفية رد الحكومة على الاحتجاجات السلمية المطالبة بالإصلاح باستخدام القوة القاتلة والاعتقالات والتعذيب.
ويقول الرجل: "لقد استمر الناس بالتظاهر السلمي لستة أشهر لم يرفعوا فيها حتى سكينا، وعندما بدأ النظام بقتلهم دافعوا عن أنفسهم. أنا حزين جدا على سوريا، توقفت عن التفكير في مستقبل سوريا منذ زمن بعيد، وأعيش يوما بيوم".
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أن هذا المواطن كان يقوم خلال حصار ضاحية الوعر بتهريب الطعام واللحوم للمدنيين، ويؤيد هو ومواطنون آخرون تقدم الثوار في المناطق المختلفة من سوريا، ويقول إنه اليوم بدأ يشعر بالاكتئاب، حيث تسيطر الحكومة على مدينة كانت تشعر بأنها أول مدينة تحررت في سوريا. ويقول: "أحس أنني سأنفجر، مات هؤلاء الناس كلهم.. وما هي النتيجة؟ لا أستطيع أن أصدق أن ينتهي كل شيء وبشار الأسد لا يزال رئيسا، أفضل الموت على ذلك".
======================
واشنطن بوست :معركتنا مع "داعش" تبدأ على الإنترنت
مارك والاس - (الواشنطن بوست) 16/12/2015
ترجمة: عبد الرحمن الحسيني
منذ 10 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قتلت مجموعة الدولة الإسلامية "داعش" والمتعاطفون معها من حول العالم نحو 525 شخصاً على الأقل في ستة بلدان خارج خلافتها المعلنة ذاتياً.
ويشمل ذلك الرقم الأشخاص الأربعة عشر الأبرياء الذين ذبحوا في تجمع عطلة في سان برناندينو في كاليفورنيا على يد زوجين لم تكن السلطات الأميركية قد تعقبت واكتشفت تطرفهما. وبينما بذل الرئيس أوباما قصارى جهوده لطمأنة الأميركيين بأن الدولة الإسلامية ستهزم في نهاية المطاف بلا شك، تشير المآسي التي حدثت في كاليفورنيا وباريس وبيروت بوضوح إلى عدو معقد التركيب، غني الموارد، وبارع في التطبيقات الرقمية الضرورية لتسويق إيديولوجية تعود للعصور الوسطى، في جميع أنحاء العالم.
مهما كان الإجماع الذي تتوصل إليه الإدارة الأميركية مع الكونغرس فيما يتصل بكيفيات القتال ضد "داعش" على الأرض، فإن معركتنا على الشبكة الإلكترونية -شل قدرة المجموعة على الدعاية والتجنيد وتخطيط لهجمات بحرية، بالإضافة إلى قطع دابر دعاية الإرهاب التي تبثها المجموعة على الإنترنت، والتكنولوجيا التي تستخدمها للتواصل- قد تكون هي المعركة الأكثر حسماً وفصلاً.
ما من شك في أن الدليل على قوة الإنترنت في تحويل الأشخاص إلى راديكاليين وتشجيع العنف واضح كل الوضوح: فثمة 30.000 شخص، وما يقدر بحوالي 250 شخصاً من الولايات المتحدة فقط، قد انضموا إلى المجموعة في العراق وسورية من بلدان من حول العالم منذ حزيران (يونيو) من العام 2014. وقد أعد مشروع مناهضة التطرف ملفات لتسعين أميركياً هم الآن مقاتلون أو داعمون أجانب للجماعة الإرهابية. ومع أنهم مجموعة متنوعة، فإن ميزتهم المشتركة الوحيدة تكمن في التعرض لوسائل الإعلام الاجتماعي. وبوجود أكثر من 40.000 حساب "تويتر" ترسل على الأقل 90.000 رسالة يومياً، ومع نشر المئات من أشرطة الفيديو التي تمجد القتل والاغتصاب والوحشية، فإن أسلحة منصات وسائل الإعلام الاجتماعي التي تستخدمها المجموعات المتطرفة أصبحت من أكبر التهديدات الموجهة لأمننا القومي إلحاحاً.
قبل أكثر من 15 شهراً، أطلق مشروع مناهضة التطرف الهاشتاغ CEPDigitalDisruption -وهو حملة متواصلة وجهد بحثي كشف وشرع في تقدير حجم عسكرة "داعش" لوسائل الإعلام الاجتماعي، وبشكل خاص "تويتر"؛ حيث يتعرض الأشخاص الضعفاء أول الأمر لمحتوى دعائي متطرف. وهناك فريق من باحثي المشروع الذين يعرفون بوضوح ويتعقبون المتطرفين وداعميهم الذين يغردون باللغات الانجليزية والعربية والتركية والفرنسية والألمانية والإيطالية.
وذكر مشروع مناهضة التطرف أن هناك مئات الحالات من التهديد المباشر والتحريض على العنف، وأنه بالرغم من أن شركة "تويتر" قد عدلت من شروط خدمتها، فإنها لا تتخذ بعد إجراءات فعالة ضد رسائل العنف المؤيدة لمجموعة "الدولة الإسلامية". وقال المشروع ومشاريع أخرى إنه حتى لو أغلقت "تويتر" الحسابات مساءة الاستخدام، فإن المتطرفين يستطيعون فتح غيرها خلال دقائق. وعلى سبيل المثال، ثمة حساب كان قد أرسل رسائل تحتفي بهجمات سان برناندينو، ومؤيدة لمجموعة "الدولة الإسلامية"، يعرف باسم السواتيري ميديا، والذي عاود الظهور على "تويتر" 335 مرة وأكثر.
بينما يمكن أن يكون "تويتر" نقطة الدخول إلى العالم الظلامي من التطرف العنيف، فإن هناك تكنولوجيات أخرى، وخاصة الأجهزة والتطبيقات المشفرة، والتي تلعب دوراً أكثر أهمية في مساعدة الإرهابيين على تجنب تعقبهم بينما يخططون لتنفيذ هجمات. ووفق مسؤولي استخبارات، ثمة دليل قوي يشير إلى تكنولوجيا التشفير من جانب الذين خططوا لمذبحة باريس التي أفضت إلى مقتل 130 شخصاً.
وفي الأثناء، يقر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي مسبقاً بالتحدي الماثل في ترميز الاتصالات من جانب المجرمين والإرهابيين. ويستخدم عدد متنام من مزودي البريد الإلكتروني ومحركات البحث ومواقع التجارة على الإنترنت تقنيات الترميز للحماية من "القراصنة". ويستطيع عملاقا التكنولوجيا "أبل" و"غوغل" ضمان أن يكون الناس الوحيدون الذين يستطيعون قراءة رسالة معينة، هما الشخص الذي أرسلها والشخص الذي تلقاها. وعلى الأجهزة المرمزة، تكون لدى مالك الجهاز فقط قدرة الدخول إلى البيانات، وغالباً ما تفتقر هذه الشركات نفسها إلى طريقة لفك ترميز البيانات، حتى ولو حصلت على مذكرات بحث أو أوامر من جانب جهات تنفيذ القانون.
لإبراز أهمية الترميز وقضايا الأمن القومي الكبيرة التي تشكلها التكنولوجيا، يمكن أن نتأمل ما يلي: لقد بنت "الدولة الإسلامية" قسماً كاملاً من الآمرين الذين يصدرون دروساً خصوصية للمتعاطفين حول طرق الاتصال الأكثر أمناً والأقل كلفة، حتى أنهم يصنفون التطبيقات استناداً إلى مستواها الأمني.
بعد أشهر من المداولات، قررت إدارة أوباما هذا العام عدم الدعوة إلى سن تشريع يطلب من الشركات فك رموز الرسائل لصالح جهات تنفيذ القانون. وبدلاً من ذلك، ستستمر الإدارة في محاولة إقناع الشركات التي تحركت نحو ترميز البيانات الخاصة بعملائها بالتوصل إلى تسويات يمكن أن ترضي المحققين في الجرائم أو الإرهاب.
لقد أشار الرئيس أوباما بوضوح إلى هذا الموضوع في خطابه الذي وجهه من المكتب البيضاوي بعد الهجوم في سان برناندينو، فقال: "هذا هو السبب في أنني سأحث قادة التكنولوجيا الفائقة وتنفيذ القانون على أن يجعلوا من الأصعب على الإرهابيين استخدام التكنولوجيا للهروب من وجه العدالة".
من السهل فهم النظر إلى بعض أنظمة التكنولوجيا وكأنها متعاونة مع الحكومة. ولكن ما من شك في أن الشركات التي حولت الطريقة التي يتواصل من خلالها الناس كل يوم قد خلقت أيضاً أدوات تجعل الإرهابيين أكثر فتكاً وأكثر صعوبة على التعقب، وأكثر قدرة على اختراق الضواحي من حول العالم للبحث عن أشخاص ضعيفين يمكنهم تحويلهم إلى قتلة.
إننا لم نبتعد أبداً، كأميركيين، عن أجواء النقاشات المستمرة حول حقوق حرية الرأي والخصوصية والسلامة. وهو حق يجب أن نمتلكه حول الترميز إذا كان لنا أن نتوافر على فرصة للحيلولة دون حدوث مجزرة أخرى ضد أناس أبرياء.
======================
إسرائيل اليوم 23/12/2015 :الأمر الذي لا يريده نصر الله الآن هو فتح مواجهة مع إسرائيل
صحف عبرية
القدس العربي
ايال زيسر: بعد يوم من قتل سمير قنطار سارع حسن نصر الله للجلوس أمام الكاميرات وتحدث إلى نشطائه ومؤيديه في محاولة لاصلاح صورته المصابة. نصر الله وجه كما هو متوقع اقواله لإسرائيل بعد أن تم نسب العملية لها من قبله ومن قبل جهات اجنبية.
لم يكن قنطار من حزب الله بل درزي تابع للتنظيم ويعمل باسمه. وقد تمت تصفيته في الاراضي السورية وليس على الارض اللبنانية. مع ذلك حوله نصر الله إلى رمز حينما جر المنطقة كلها قبل عقد إلى حرب لبنان الثانية من اجل تحريره من السجن الإسرائيلي. وتبين الآن أن نصر الله لا يقدر على الدفاع عن «إبنه الغالي».
جاءت التصفية في أصعب لحظات نصر الله حيث تنظيمه غارق في الحرب الاهلية السورية وينزف هناك الدماء ويدفع الثمن بحياة مئات مقاتليه من اجل ضمان استمرار نظام بشار الاسد. وتدخل حزب الله في سوريا له ثمن اقتصادي كبير في الوقت الذي تحول فيه استعداد ايران لمساعدة التنظيم بمليارات الدولارات مثلما في الماضي إلى أمر مشكوك فيه. وفوق كل شيء فقد وصلت الحرب منذ وقت إلى لبنان، إلى معقل حزب الله، كما شاهدنا في العملية الانتحارية التي نفذها داعش قبل شهر في قلب الضاحية في جنوب بيروت، حيث قتل فيها العشرات من الشيعة وأصيب المئات.
قدرة حزب الله على اطلاق الصواريخ إلى إسرائيل لم تتضرر كما يبدو، هذا رغم جهود إسرائيل (حسب مصادر اجنبية) لالحاق الضرر بنقل السلاح المتقدم من سوريا إلى حزب الله. فعشرات آلاف الصواريخ التي بحوزته حصل عليها بعد حرب لبنان الثانية فورا. لكن قدرة حزب الله على الصمود ودفع ثمن الحرب التي قد تندلع في اعقاب اطلاق الصواريخ على إسرائيل قد تضررت بدون شك بسبب تدخل التنظيم في ما يحدث في سوريا.
نصر الله يعرف كل ذلك، من هنا جاءت اقواله في الخطاب أول أمس في اعقاب قتل قنطار. في خطابه الذي خصص بمعظمه لمشاكل التنظيم في لبنان وخارجه، وجزء قليل منه فقط تطرق لسمير قنطار. لقد تحدث بمفاهيم عامة وغير ملزمة أنه في يوم من الايام سينتقم على القتل. ففي النهاية يعرف نصر الله أن الجمهور في لبنان ومؤيديه ايضا لن يقبلوا بفتح جبهة ضد إسرائيل في جنوب لبنان في الوقت الذي تمت فيه تصفية قنطار الذي ليس من حزب الله، على الاراضي السورية.
عمل قنطار في السنوات الاخيرة بتوجيه غير مباشر من حزب الله وايران من اجل تجنيد نشطاء دروز في الجانب السوري من هضبة الجولان للعمل ضد إسرائيل. وفي السنوات الاخيرة قتل عدد من هؤلاء النشطاء ولم يكن هناك أي رد على قتلهم. ومشكوك في أن بشار الاسد يعرف أصلا عن نشاطهم أو أنه مستعد للسيطرة عليه. أما ايران وحزب الله فلم يعتبرا هذا جزءا منهما بل استخدماه من اجل مصالحهما. لم يكن الامر مثل جهاد مغنية، القائد في حزب الله، الذي قتل على ايدي إسرائيل قبل عام، وردا على ذلك نفذ التنظيم عملية ارهابية في هار دوف في مثلث الحدود الإسرائيلي السوري اللبناني.
إن نصر الله مع ذلك يخاف من أنه اذا تجاهل ما فعلته إسرائيل فان ذلك سيشجعها على تصعيد اعمالها ضد حزب الله، لذلك وجه لها التهديدات. لكن الامر الاخير الذي يريده نصر الله في هذه الاثناء هو المواجهة مع إسرائيل. لأن مواجهة كهذه ستحرفه عن هدفه الاساسي الحالي وهو ضمان سيطرة بشار الاسد. في نهاية المطاف ليس هناك منطق في فقدان مئات المقاتلين من حزب الله من اجل الدفاع عن كرسي بشار وتعريض هذا الكرسي للخطر بسبب تدهور غير محسوب ومواجهة مع إسرائيل.
لكن قتل قنطار الذي ينسبه حزب الله لإسرائيل يؤدي إلى انتهاء فصل في قصة طويلة لم تنته بعد. نصر الله وحلفاؤه الايرانيون سيستمرون في العمل من اجل السيطرة على هضبة الجولان السورية وسيستمرون في محاولة تحويل هذه المنطقة إلى منطقة نشاط ضد إسرائيل. لذلك فان حدوث الحادثة القادمة في الحدود الشمالية هي مسألة وقت.
إسرائيل اليوم 23/12/2015
======================
معاريف :معضلة قنطار
الغد الاردنية
ألون بن دافيد  25/12/2015
الاحتفال الذي بثه تلفزيون حزب الله بعد تصفية سمير قنطار أمسك بإسرائيل في لحظة مفاجئة. هنا كانوا مقتنعين بأن قنطار، الذي خرج إلى طريق المواجهات لخدمة الفلسطينيين على الاطلاق، لن يكون احدا ما يحظى بمثل هذا الاحترام – يومين من البث يكرسان له فقط.
في إسرائيل كانوا مقتنعين بأنه وان كان قنطار رمزا، الا ان حزب الله لم يخرج عن طوره على تصفيته. فالذي اصبح شيعيا وتزوج مع سُنية لم يلمع، على أقل تقدير، في خدمته في حزب الله. فمعظم المشاريع التي كلف بها باءت بفشل ذريع، وتبين أن من يعرف كيف يحطم رأس طفلة صغيرة بل وأنهى لقبا جامعيا في اثناء سجنه لن يصبح دوما زعيما ناجحا.
في السنتين الاخيرتين بعد أن تبين بان الحديث يدور عن شخص ذي صفات متنوعة، ابعد حزب الله قنطار من صفوفه وانتقل للعمل برعاية الإيرانيين. ولم يأخذ نصرالله ايضا المسؤولية عن افعال قنطار في الخطاب الذي ألقاه عشية دفنه. ومع ذلك، قيد نصرالله نفسه بالتزام الرد، والسؤال الآن هو ليس هل، بل متى وكيف سترد المنظمة؟
معقول الافتراض انه منذ يوم الاحد يجلس رجال حزب الله مع المساطر كي يخططوا شدة الرد: ما الذي سيعتبر ردا مناسبا، محترما، ولكنه ليس ردا يلقي بمصيبة على لبنان؟ من غير المستبعد ان يكون من خلف كتف نصرالله يراقب الوضع الجنرال الإيراني عيزادي، قائد جيش لبنان في الحرس الثوري، للتأكد من أنه خلافا للعام 2006 لن يجر حزب الله هذه المرة لبنان إلى حرب ليست ايران معنية بها. كما أن رجال جماعة "14 آذار" وكذا سكان جنوب لبنان اشاروا إلى نصرالله بأنه ليس لهم اي مصلحة في جلب الخراب على بلادهم فقط من أجل الثأر لدم قنطار. ليس واضحا لماذا في موت قنطار قيد نصرالله نفسه بشخص لم يقدره في حياته.
في تقويمات الوضع التي اجرتها هيئة الاركان العامة امس طرحت كل جملة السيناريوهات: من عملية لحزب الله، لرفع العتب فقط، وحتى عملية تلزم إسرائيل بان ترد هي ايضا بقوة. نصرالله نفسه يفهم أن منظمته لا يمكنها أن تفتح الآن جبهة جديدة مع إسرائيل. واسياده الايرانيون يئسوا منذ الآن حتى من سورية وسحبوا معظم قواتهم.
وإذا ما حاكمنا الأمور من احداث سابقة، فإن حزب الله سيبحث عن نقطة ضعف للجيش الإسرائيلي: رجل عسكري خرج وحده في سيارة للسفر على الجدار، الفني الذي يتسلق الهوائي لإصلاحه أو القافلة التي تنزل في وضح النهار من جبل دوف. ويحاول الجيش الإسرائيلي تقليص هذه الاهداف، ولكن التجربة تفيد بأنه ستكون دوما سيارة إدارية تقوم بسفرية لا يعلم بها اي من القيادات الميدانية. وهذا بالضبط ما يبحث عنه حزب الله.
يفهم نصرالله بأنه في الميزان الحالي يوجد لإسرائيل تفوق. وحركة غير محسوبة من جهته ستجلب مصيبة على لبنان وتضع في علامة استفهام استمرار وجوده كقوة سياسية وعسكرية. هو الذي يقاتل رجاله ويُقتلون في لبنان، في سورية، في العراق وفي اليمن، ليس جاهزا لمعركة اخرى.
ان من تباهى في الماضي في أنه يقرأ المجتمع الإسرائيلي ككف يده، انه يبدأ كل صباح بقراءة الصحف الإسرائيلية، يعرف انه فقد هكذا. فمنذ حرب لبنان الثانية ينبغي الافتراض بان نصرالله لا يثق بنفسه بانه حقا يفهم المجتمع والقيادة الإسرائيلية. وهو يفهم بالفعل بان الحرب مع إسرائيل ستوقع مصيبة على لبنان وعلى بناها التحتية.
حزب الله اليوم هو التهديد العسكري الأهم على إسرائيل. يوجد حولنا وفي داخلنا منظمات مسلحة. ولكن لا توجد قوة عسكرية واحدة تهددنا. ورؤية "الصواريخ التي تصدأ" لمن كان في حينه رئيس الاركان واليوم وزير الدفاع، موشيه بوغي يعلون، كفيلة بان تتحقق الان. فالعالم العربي كله غارق في حروبه الداخلية، وفي داخلها حزب الله نفسه غارق حتى الرقبة.
يمكن منذ اليوم الإعلان عن نهاية 99 سنة من السيادة العربية في الشرق الأوسط. السعودية ومصر اللتين قادتاه منذ الحرب العالمية الاولى فقدتا قوتيهما، ومكانهما احتلت دولتان غير عربيتين: ايران وتركيا، هما اللتان تحددان النبرة وتمليان جدول الاعمال الاقليمي.
التقارير عن مصالحة إسرائيلية – تركية كانت سابقة لاوانها جدا. فقد سبق لإسرائيل أن وافقت في الماضي  على ان  تعتذر وان تعوض عائلات مصابي مرمرة، والاتراك وافقوا على الامتناع عن رفع الدعاوى ضد المقاتلين الذين شاركوا في العملية، ولكن العقبة الكأداء بقيت الطلب التركي لرفع الحصار عن غزة.
تركيا هي قوة عظمى اقليمية ولا ينبغي الاستخفاف بها، ولكن لا يوجد ما يدعو إلى الانبطاح امامها. فليس مؤكدا على الاطلاق بانه يمكن حقا اعادة البناء مع أنقرة طالما كان يحكمها رجب طيب اردوغان. وعندما يتفرغ رئيس وزراء إسرائيل عن الانشغال بالفواتير التي رفعها ومن العثور على الاماكن التي خزنت فيها الهدايا التي تلقاها، يجدر به أن يحسب مسارا جديدا في كل ما يتعلق بالاتراك.
من جنوب تركيا وعلى طول شمال سورية، العراق وايران، توجد أمة غير عربية من اكثر من 30 مليون نسمة. ومنذ خمسين سنة والاكراد يظهرون الولاء لدولة إسرائيل. 90 كيلو متر تفصل بين اكراد سورية واكراد العراق لخلق تواصل اقليمي يسمح باقامة دولة كردية. على إسرائيل أن تكون هناك، رغم أنف الاتراك، جائزة ستكون حليفا يحاذي ايران، تركيا، في ما كان ذات مرة العراق وفي سورية سابقا.
هم أمة حديثة، متساوية ومع أنهم يعانون منذ سنوات من انشقاق في القيادة، فانهم حلفاؤنا الطبيعيون في الشرق الاوسط الجديد. الاكراد هم القوة البرية الوحيدة التي وقفت امام داعش وانتصرت. وقيادة إسرائيلية اكثر شجاعة كانت ستبني لهم دولة. إسرائيل تتصرف كمن لا تفهم قوتها الحقيقية في المنطقة. فلم تتبق هنا الكثير من القوى ذات الاهمية، وفقط اذا ما عرفنا كيف نسمو فوق الانشغال بالطعنة اليومية، سنكتشف شرق اوسط مفتتا، يمكن لإسرائيل ان تأخذ مكانا مركزيا في اعادة تركيبه. والثقة بالنفس التي يولونها لنا في التصفيات وفي الهجمات في سورية كانت جديرة بان تؤثر ايضا وراء المصلحة الامنية الفورية لنا.
من أجل اظهار هذه المناعة هناك حاجة أولا إلى القضاء على الشر في اوساطنا، ويخيل اننا بدأنا هذا الاسبوع بالعملية اللازمة. التوثيق الهام لرجال حماس اليهود والذي جلبه روعي شارون في القناة 10 عطل بقدر كبير الحملة من أجل "الابناء الطاهرين" الذين يتواجدون في التحقيق لدى المخابرات. عندما يكون الاخوة يشبهون داعش اكثر مما يشبهون اليهود من الصعب مواصلة القول الناس بعضهم لبعض. فالتحقيق في العملية في دوما يتقدم، وسيؤدي إلى لوائح اتهام والى ادانات ايضا.
اذا ما عرفنا كيف نبني مناعتنا الداخلية ونعطل التهديدات من الداخل، فسنتمكن ايضا من ان نصبح قوة مؤثرة ومصممة للمنطقة. هذا ليس حيا عاطفا وهو لن يكون هكذا ايضا، ولكننا ملزمون بالحفاظ على تفوقنا الاخلاقي وهو الذي سيمنحنا القوة لنواجه هذا الحي ايضا.
======================