الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 9-8-2015

سوريا في الصحافة العالمية 9-8-2015

10.08.2015
Admin



إعداد مركز الشرق العربي
عناوين الملف
1. جيمس زغبي :طريق سوريا إلى الأمام
2. لوموند: حدود استراتيجية أوباما ضد تنظيم داعش
3. تقرير  مترجم عن ميدل إيست بريفنج – جبهة النصرة ومستقبل سوريا
4. نيويورك تايمز: هذا ما تعنيه زيارة وزير الخارجية السوري لسلطنة عمان
5. الاندبندنت: الأكراد بين كراهية "الدولة الإسلامية" وتركيا
6. جوناثان مارشال – (كونسورتيومنيوز. كوم) 20/7/2015  :اليد الأميركية في الفوضى السورية
7. معهد الشرق الأوسط  :كل شيء تغير في الشرق الأوسط منذ “مهمة جدة” قبل 25 عاما
8. بلومبيرغ: الديمقراطية التركية تتجه نحو التلاشي
9. ميدل إيست بريفينج: «كيري – لافروف» في الخليج.. وبدأ العد التنازلي لإنهاء اللعبة في سوريا
 
جيمس زغبي :طريق سوريا إلى الأمام
أثارت جلبة المناقشات الأخيرة الثنائية ومتعددة الأطراف التي تضم الأميركيين والروس والسعوديين وآخرين، تكهنات بأنه من الممكن أن تكون هناك دفعة جديدة للمفاوضات تهدف إلى وضع نهاية للصراع في سوريا. ولا يسعني سوى الأمل ألا تكون التكهنات مجرد تفكير حالم، لأنه كان من الأفضل منذ البداية توضيح أن الحل التفاوضي هو الطريق الوحيد لإنهاء هذه الحرب الطويلة.
ومن البداية، كان ينبغي توضيح أن مسار الصراع تشكله ثوابت لا يمكن تجاهلها. وبعد سنوات، مع سقوط ربع مليون قتيل، ونزوح ونفي نصف سكان البلاد، أضحت الحرب السورية أكثر مأساوية وتعقيداً مما كان يمكن لأي شخص أن يتخيل في البداية، ولكن الثوابت تظل كما هي.
وأولاً وقبل كل شيء، كان من الواضح أن مجموعة كبيرة من السوريين أرادوا رحيل النظام. وبالنسبة لهم، لم تفقد الطبقة الحاكمة فقط شرعيتها، وإنما لم يعتبرونها ذات شرعية من الأساس. وعندما قوبل المتظاهرون بالقوة الغاشمة، ودمرت أحياؤهم بالبراميل المتفجرة، وقتل المدنيون بالأسلحة الكيماوية، بدأ الغضب يزداد تجاه النظام.
وفي الوقت ذاته، من المهم بالمثل الإقرار بأن عدداً كبيراً من السوريين يخشون التغيير، وخصوصاً ذلك النوع من التغيير الذين يمكن أن تجلبه المعارضة. وسواء الأقليات الدينية أو المناطق الحضرية العلمانية، يعتبر هؤلاء السوريون أن من يسمّون «الثوار» من أصحاب الدوافع الدينية يمثلون تهديداً وجودياً على ما يعنيه كونهم «سوريين»، أو حتى على بقاء مجتمعاتهم. ولم يثق أبداً هؤلاء السوريون في المعارضة الخارجية، ومع ظهور «القاعدة» و«داعش» على الأرض تحولوا إلى النظام للدفاع عنهم، على رغم ازدرائهم ورفضهم لسياساته.
ومن الواضح أيضاً منذ البداية، أن ما يحدث في سوريا سيتأثر بالقوى الإقليمية المتنافسة، وهو ما سيكون له في المقابل تأثير مأساوي على المنطقة بأسرها. وبالنسبة لإيران، تعتبر سوريا حليفاً أساسياً وعملياً لا يمكنها التخلي عنه، أما روسيا، فكانت سوريا، بالنسبة لها، من الأصول الاستراتيجية التي لم ترغب في التنازل عنها. ورأت أيضاً تركيا أن الأحداث التي تجري في سوريا تمثل تهديداً على أمنها وسياساتها الداخلية.
وأما بالنسبة للأردن ولبنان، فالأحداث في سوريا لطالما شكلت تحدياً على استقرارهما، في حين أن توسع الدور الإقليمي لإيران ظل دائماً يمثل تهديداً بالنسبة لدول الخليج والدول العربية.
وفي النهاية، في ظل التجارب الأخيرة للصراعات الطائفية في لبنان والعراق، كان من الأحرى أن يكون واضحاً من البداية، أن الصراع في سوريا لو ترك دون حل، ستزداد رقعته، وأنه سيصبغ بصبغة طائفية، مع انتماء كثير من الجماعات الداخلية إلى قوى خارجية، وفي ضوء ميزان القوى الإقليمية، لم ولن يستطيع فريق تحقيق انتصار حاسم على الآخر. وبلغة الحرب الأهلية الطويلة في لبنان، لن يكون هناك منتصر أو مهزوم في سوريا.
وبعد أربعة أعوام ونصف العام في هذا الكابوس، لا تزال هذه الثوابت تحدد مسار الأحداث الدامي، وأتذكر عندما بلغت حصيلة الحرب ثلاثة آلاف، أنني كنت في نقاش مع مجموعة من السوريين الذين كانوا يخبرونني بأن الولايات المتحدة لو منحت مزيداً من الأسلحة للمعارضة، فإن الصراع سينتهي. وزعمت حينئذ أن مثل هذه الرؤية تتجاهل كافة الثوابت الأخرى القائمة. ولأنه كانت هناك قوى أخرى لها مصالح في سوريا، كان سيؤدي منح مزيد من الأسلحة للمعارضة إلى زيادة المساندة الإيرانية وحتى الروسية للنظام.
ويبقى الحل اليوم كما كان في السابق قبل أربعة أعوام، فلابد من وجود تسوية تفاوضية، وسيتطلب الأمر قيادة من الولايات المتحدة وروسيا، على أن تساند الدول العربية وتركيا وإيران العملية السياسية التي من شأنها المساعدة على وضع حد للقتال.
ويبدو أن هناك بعض الإجماع في الوقت الراهن على أنه لا ينبغي السماح بانهيار هياكل الدولة السورية، على أن تظل دعائم النظام قائمة من أجل تفادي الكارثة التي حلت بليبيا والعراق. وهناك أيضاً إجماع على ضرورة هزيمة تنظيمي «داعش» و«القاعدة».
ويمكن الاتفاق على مثل هذه الأهداف من خلال عملية تفاوضية في جنيف شريطة دعمها من كافة الأطراف ذات الصلة. وهذا الحل المتصور من خلال عملية تفاوضية بين النظام والمعارضة المعتدلة، يمكن أن يسمح بمرحلة انتقالية يتم خلالها تشكيل حكومة سورية جديدة. وفشل تلك الجهود في السابق بسبب مقابلة إصرار نظام الأسد على بقائه بإصرار المعارضة على أنه يجب أن يرحل قبل أن تبدأ المفاوضات.
وهنا ينبغي أن تمارس الولايات المتحدة وروسيا والدول الأخرى الضغوط المطلوبة لتخفيف مطالب كافة الأطراف من أجل مساعدتها على إيجاد طريق إلى الأمام.ِ
======================
لوموند: حدود استراتيجية أوباما ضد تنظيم داعش
اخر اخبار سوريا اليوم في موقع الخبر السابع
تاريخ 7 أغسطس 2014 هو ذكرى إعلان الرئيس باراك أوباما استئناف العمليات العسكرية الأمريكية في العراق لمنع تقدم تنظيم داعش، وذلك بعد سيطرة هذا التنظيم على مدينة الموصل، ثاني أكبر مدينة عراقية. وقبل شهرين، كان هذا التنظيم، الذي وصفه أوباما وقتها بأنه “الفريق ب” لتنظيم القاعدة، يهدد مدينة أربيل، عاصمة المحافظات الكردية في العراق.
وبطريقة مرتجلة، قام الهجوم الجوي الأمريكي بمنع تقدم الجهاديين. وبعد شهر، كشف البيت الأبيض استراتيجيته الرامية إلى “إضعاف وإلحاق الهزيمة في نهاية المطاف” بتنظيم داعش؛ وذلك من خلال بناء أوسع تحالف ممكن لتجميع القوى في هذه الحرب الممتدة على جميع الأراضي التي أصبح يسيطر عليها  تنظيم داعش، في العراق و سوريا. وقد اقتصر دور الولايات المتحدة على الغارات الجوية وعلى تدريب الجيش العراقي والميليشيات السورية، مع تشجيع السلطات العراقية على كسر الطائفية ذات الأغلبية الشيعية التي سهلت تقدم الجهاديين السنة.
وصل عدد الأهداف المتضررة 8700 هدف
بعد الإعلان عن هذه الاستراتيجية في عام، لا يزال البيت الأبيض بصدد تقديم إحصاءاته، التي يقوم بعرضها في فترات منتظمة، لتشهد على فعالية هذه الاستراتيجية. وقد أشار المتحدث باسم أوباما، جوش أرنست، في 31 يوليو تموز أن 5800 ضربة جوية التي تم تسجيلها حتى الآن سمحت باسترداد 25% من المناطق المأهولة بالسكان التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش. كما قدمت وزارة الدفاع الأمريكية إحصاءاتها فيما يتعلق بتدمير الوسائل العسكرية للجهاديين وتدمير البنية التحتية النفطية التي ساهمت في استقرار الوضع المالي لتنظيم داعش؛ حيث وصل عدد الأهداف المتضررة حتى 29 يوليو إلى 8700 هدف.
واستطاع تنظيم داعش أن يعوض خسارته في عين العرب (شمال سوريا) أو في تكريت (في العراق) من خلال سيطرته على مدينتي الرمادي وتدمر، على جانبي الحدود، التي تفصل نظريًا كلًا من العراق وسوريا.
وعلى الرغم من أن أوباما أكد العكس منذ شهر سبتمبر؛ إلا أن جهود الولايات المتحدة لم تحقق النتائج المنتظرة، حيث يلمّح البيت الأبيض تكرارًا بأن الجهود العسكرية ستكون طويلة وسيتخللها “بعض النكسات”.
ويمكن إبراز فشل هذه الاستراتيجية التي تم تحديدها في سبتمبر 2014 من خلال ثلاثة مؤشرات رئيسة: أولًا، لا تزال أعداد الجهاديين مستقرة (بين 20 ألفًا و30 ألفًا) على الرغم من الضربات الجوية؛ وذلك بفضل التدفق المستمر للمقاتلين الأجانب، ثانيًا لم تتضرر قدرة تنظيم داعش في الحفاظ على مصادر تمويله، بما في ذلك النفط، وثالثًا فقد استطاع هذا التنظيم أن يتكيف مع القصف الجوي.
نقاط ضعف استراتيجية الولايات المتحدة
التفسير الأول لضعف استراتيجية الولايات المتحدة في مقاومة تنظيم داعش يتمثل في الموارد المحدودة المخصصة من قبل رئيس الولايات المتحدة؛ فأعداد الجنود الأمريكيين على الميدان لا تزال متواضعة (قرابة 3000 رجل، جزء منهم يقومون بحماية الخدمات الدبلوماسية في بغداد وأربيل)، وباستثناء غارات القوات الخاصة، لا يزال أوباما يستبعد إرسال قوات قتالية، التي يرى فيها منتقدوه في الولايات المتحدة بأنها ضرورية لتسجيل نجاح مستدام؛ نظرًا لعدم أهلية الجيش النظامي العراقي. إلا أن هاجس فقدان التحكم في العمليات العسكرية لا يزال يطارد الرئيس المنتخب في عام 2008 والذي قطع على نفسه عهدًا بأنه سيسحب جميع القوات العسكرية الأمريكية من العراق بعد ثلاث سنوات.
التفسير الثاني له علاقة بمردودية الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي لا يزال يتعرض لسلسلة من الخلافات الداخلية. وهذه الخلافات لها علاقة بالعمليات العسكرية (فبعض الدول مثل فرنسا، ترفض التدخل في سوريا)، كما لها علاقة بأهداف الحرب، فالحليفان الإقليميان الرئيسيان: المملكة العربية السعودية وتركيا، يعتبران أن الأولوية تتمثل في الإطاحة بنظام الأسد؛ لأن بقاءه في الحكم يحفّز الجهاديين. كما أن الحكومة في أنقرة، التي انخرطت مؤخرًا في العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش، قامت بالتوازي بقصف مواقع الأكراد من حزب العمال الكردستاني؛ لأن تركيا تخشى من أن يمكّن التفوق الكردي على تنظيم داعش من السيطرة على المناطق الحدودية التركية السورية.
والتفسير الثالث لضعف الاستراتيجية الأمريكية يظهر من خلال التعامل مع نظام الأسد؛ حيث لم تتوصل الولايات المتحدة إلى حد الآن إلى إيجاد شريك موثوق فيه في سوريا لمواجهة تنظيم داعش؛ فالولايات المتحدة، التي رفضت التنسيق مع رئيس يعتبرونه خاليًا من كل شرعية بعد أربع سنوات من حرب أهلية رهيبة، لم تجد البديل من بين المتمردين الذين يقاتلون الجيش النظامي والتابعين في معظمهم للجماعات الجهادية.
كما أن الوضع في العراق ليس أقل إحباطًا. فقد تمكنت الولايات المتحدة، بعد أسبوع من بداية القصف الجوي في 14 أغسطس 2014، من الدفع إلى رحيل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وتعويضه بحيدر العبادي؛ فوفقًا للإدارة الأمريكية، فإن المالكي كان وراء الصراع الطائفي في العراق بين الشيعة والسنة. إلا أن الحكومة العراقية لا تزال تعول في صراعها ضد تنظيم داعش على الميليشيات الشيعية أكثر من تعويلها على الجيش النظامي ما يجعلها لا تزال هشة.
كل هذه الأسباب تجعل من الأرجح أن مقاومة تنظيم داعش ستكون على عاتق الرئيس الذي سيخلف باراك أوباما في 20 يناير 2017.
======================
تقرير  مترجم عن ميدل إيست بريفنج – جبهة النصرة ومستقبل سوريا
الكاتب: المركز كتب في: أغسطس 08, 2015 فى: شوؤن الشرق الاوسط | تعليقات : 0
ميدل إيست بريفنج – التقرير – 8/8/2015
لقد حان وقت التزام جماعات المعارضة السورية الرئيسة في شمال سوريا بتعريف واضح لمستقبل البلاد. هذه المسألة تتجاوز الهدف من هزيمة داعش في سوريا؛ فهي تقلّل من احتمال عودة ظهور تنظيم داعش آخر، تحت اسم مختلف في المستقبل بالطريقة نفسها التي شهدناها في العراق.
في العالم العربي يقولون “أحمد زي الحاج أحمد”. وهذا يعني أن التغيير في كيفية وصف أي منظمة لنفسها ليس سببًا كافيًا لجعل أي شخص يعتقد بأنّ هناك تغييرًا حقيقيًا بالفعل. طريقة العمل، والثقافة الداخلية، ومحتويات وسائل الإعلام والمواقف السياسية وجميع الجوانب الأخرى من “طريقة الحياة” لهذه المنظمة يجب أن تتغير أيضًا.
في هذا الإطار المفاهيمي، تبدو جبهة النصرة كمسألة تستحق أن تُدرس بعناية، ليس فقط على ضوء المخاوف العملية المباشرة، ولكن فيما يتعلق أيضًا بالمستقبل.
هذا مهم الآن دون مزيد من التأخير. في الوقت الحالي، هناك محاولة مستمرة من الجيش السوري الحر وغيره لإقناع جبهة النصرة بقطع علاقاتها مع تنظيم القاعدة. والأمر الذي أدى إلى ظهور هذه المسألة هو هجوم جبهة النصرة على مجموعة من قادة المعارضة التي تخضع لبرنامج تدريب وتسليح أمريكي يُعرف باسم “الفرقة 30، والذي أعقبه قرار الولايات المتحدة بقصف كل ما يقف أمام الإجراءات المستمرة لتحقيق الاستقرار في شمال سوريا.
وفي الوقت نفسه، تعاني جبهة النصرة من زيادة التوتر الداخلي في اللحظة الراهنة؛ إذ قرر جزء منها إعلان الحرب على معظم تنظيمات المعارضة الأخرى، بينما دخل الجزء الآخر في النقاش حول قطع العلاقات مع تنظيم القاعدة.
أعلنت جبهة النصرة عن نهاية انتمائها لتنظيم القاعدة، وهو القرار الذي ينبغي الترحيب به لأنّه قرار مهم وإيجابي. ولذلك؛ يجب أن تتقدم الجبهة، أو أي فصيل ينقسم عنها، إلى الأمام. هناك متطلبات أخرى ينبغي مناقشتها الآن لمعالجة الشواغل المتعلقة بالمستقبل. ويأتي على في مقدمة هذه الأمور الحد من خطر الارهاب وتوضيح الوضع داخل سوريا المستقبلية من أجل استقرار مستدام قائم على التعددية. حقيقة أنّ جبهة النصرة ترفض الإرهاب الدولي اليوم ليست كافية. إنها لا تشمل رؤيتها عن المستقبل.
البيانات الساذجة التي تقول بأنّ جبهة النصرة، بما أنها تابعة لتنظيم القاعدة، يجب أن تتساوى مع تنظيم داعش، ليست لها أي فائدة. جبهة النصرة هي ظاهرة أكثر تعقيدًا. من الناحية الأيديولوجية، من الخطأ أن نتصور أي اختلافات جوهرية بين آرائها وآراء داعش. ومع ذلك، من الناحية الهيكلية والتشغيلية جبهة النصرة مختلفة عن تنظيم داعش، على الأقل بقدر القلق الذي يشعر به شمال سوريا.
في حين أنّ الولايات المتحدة تصرّ على أن تحدد جميع مجموعات المعارضة، وبعبارات لا لبس فيها، مواقفهم على صورة معينة من مستقبل مستقر وشامل في سوريا، فإنّه يجب أن تعمل مع القوى الإقليمية الأخرى لتفكيك جبهة النصرة إلى العناصر المكونة لها.
الخطاب المنتشر مؤخرًا من جماعة أحرار الشام   قد يساعد في لعب دور المغناطيس لإعادة تأطير جزء من أعضاء جبهة النصرة الذين يفكرون في الانشقاق. الجزء المستهدف هو ذلك الجزء الذي انضم إلى تلك الجماعة التابعة لتنظيم القاعدة بسبب ظروف عارضة. وهذا يتطلب من جماعة أحرار الشام أن تعلن، بعبارات واضحة، كيف ترى سوريا في المستقبل. الإسلاميون المعتدلون هم الذين يقبلون حقوق الآخرين، المسلمين وغير المسلمين على حد سواء، واعتبارهم مواطنين متساوين داخل دولة وطنية قائمة على الهوية الوطنية، واحترام حقوق الإنسان والتعددية السياسية.

جزء كبير من أعضاء جبهة النصرة هم من السوريين القوميين الذين انضموا إلى الجبهة عندما كانوا تحت نيران الأسد ولم يكن لديهم أي بدائل أخرى. لقد وجدوا في هذا التنظيم كيان راسخ ملتزم بمحاربة عدوهم، بشار الأسد، قادر على توفير الوسائل التي تمكّنهم من القيام بذلك. ومن الواضح أنّ القوميين الذين انضموا إلى جبهة النصرة كانوا بحاجة إلى التلقين. ولكن هذا يجب فهمه على أنه عملية تقوم ليس فقط على الوعظ المضاد، ولكن أيضًا على تجارب الحياة الفعلية للأعضاء في المستقبل.
ومع ذلك، يجب على جبهة النصرة، إذا كانت تنوي أخذ خطوة إيجابية لإنهاء ولاءها لتنظيم القاعدة، ولكل الجماعات الأخرى، أن تلتزم ببرنامج واضح يمثل أساسيات الدستور السوري القادم. ويجب أن تعكس هذا الالتزام في وسائل الإعلام الخاصة بها، والخطابات العامة والخاصة، والبيانات وبرامج التلقين الداخلية. وهذا أمر ينبغي أن تشرف عليه جميع القوى ذات الصلة إذا ما أردنا الجمع بين الخطوات الحالية والهدف النهائي ودمجها باعتبارها “هدف واحد”. هذه هي الطريقة لجعل “أحمد” شخص مختلف حقًا.
ولكن على المستويات العملية، تمثل جبهة النصرة مشكلة معقدة في شمال سوريا. طبيعة وجهات النظر الأيديولوجية والسياسية لجبهة النصرة ليست هي السبب الوحيد وراء اختطاف قادة “الفرقة 30 “.
السبب الرئيس هو القيود الساذجة التي تفرضها العقول الاستراتيجية الضحلة في البيت الأبيض على المجموعة المجهزة والمدربة. عندما قيّدت الإدارة الأمريكية الفرقة 30 لقتال تنظيم داعش فقط، وليس الأسد، كانت قد حكمت عليها بالفشل المؤكد. الأمر الذي أدى إلى تفاقم هذا الخطأ هو الإعلان عن تلك القيود.
كانت تلك القيود نتيجة أفكار واعتبارات سياسية ذاتية وتجاهل تام للبيئة التي ستعمل فيها الفرقة 30. العدو الرئيس للشعب في شمال سوريا والمنظمات العاملة هناك هو بشار الأسد. وفي كثير من الحالات، يُنظر إلى تنظيم داعش باعتباره اداة مساعدة في هزيمة الجزار السوري.
الفصل غير المنطقي بين الأسد وتنظيم داعش الذي ترسّخ في ذهن البعض في واشنطن هو أمر شائن ولم تكن هناك حاجة إلى أن يتم الإعلان عنه على نطاق واسع حتى الآن، خاصة في ظل أنّ هذه القوة الصديقة كان من المفترض أن تنتشر في المواقع لتواجه تنظيم داعش فقط.
في هذا الشياق، ليست هناك أي أهمية لا لتنظيم داعش ولا الأسد. ولكن، ما يهم هنا، عندما نتحدث عن خطوات “عملية” و “قابلة للتنفيذ”، ليس الأسماء ولا النوايا. طبيعة كل من داعش والأسد ليست مهمة بقدر ما نتحدث عن عمل في منطقة محددة. إنّ ما يهم حقًا هي الطريقة التي يُظهر بها كلًا من داعش والاسد أنفسهم لسكّان شمال سوريا (البيئة حيث تم تعيين الفرقة 30 للعمل هناك) وبالتالي التصورات والإدراك لتحركات هذه الفئة من السكّان على الأرض.
وبعبارة أخرى، عدد سكان شمال سوريا والمنظمات الناشطة هناك لا يمكن ألّا يهتم بأي تصنيف تضعه واشنطن. يجري النظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها قوة غير صديقة حتى الآن لأنها لم تعمل على إسقاط الأسد وربما تكون قد ساعدت بشكل غير مباشر في بقاءه في السلطة. الأسد ليس فكرة مجردة بالنسبة لهم. إنهم “يرونه” كل يوم من خلال الموت والبراميل المتفجرة. ولديهم شكوك كثيرة حول تنظيم داعش، على أساس الطريقة التي يحكم بها التنظيم في المناطق التي يستولي عليها. ومع ذلك، تصرفت جبهة النصرة بطريقة كان الغرض منها هو تجنب أي احتمال لرفض ترسيخها في تلك المنطقة. وعلى النقيض من ذلك، علّقت واشنطن على رقاب جنود الفرقة 30 دعوة ليرفضها الجميع.
الوضع برمته في شمال سوريا يسير إلى لحظة قد نرى فيها دخول القوات التركية المنطقة بالتنسيق مع الولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية وقطر. ومع ذلك، فإنّ إعادة هيكلة القوات المعارضة على الأرض هي الخطوة الضرورية التي يجب ألّا تتأخر. ويجب ألّا تقتصر عملية إعادة التنظيم على الشكليات مثل المخططات البيانية وقوائم الأسماء والخرائط؛ لأنها مهمة سياسية قبل كل شيء. كما ينبغي القيام بها من خلال رؤية واضحة لمستقبل سوريا، وبرنامج سياسي واحد والإعلان عن مبادئ تبدأ برفض واضح للإرهاب والتزامات واضحة بإقامة دولة سورية تعددية.
وإذا رفضت جبهة النصرة هذا البرنامج السياسي ولم تقطع علاقاتها بتنظيم القاعدة، فإنّه ينبغي أن تنضم إلى داعش في القائمة المستهدفة.
======================
نيويورك تايمز: هذا ما تعنيه زيارة وزير الخارجية السوري لسلطنة عمان
سلاب نيوز
يوم الخميس، أرسلت الحكومة السورية وفدًا رفيع المستوى إلى سلطنة عمان، وهي الدولة الخليجية التي ساعدت تاريخيًا كوسيط في المفاوضات الساعية لحل الصراعات الإقليمية. وكان على رأس الوفد السوري وزير الخارجية، وليد المعلم، في أول زيارة له إلى سلطنة عمان منذ بدء الحرب السورية قبل أكثر من أربع سنوات.
وأثارت هذه الزيارة، التي تم ترتيبها بناء على دعوة من العمانيين، تكهنات جديدة بأن هناك تكثيف للقوة الدبلوماسية في سبيل إيجاد حل لإنهاء الحرب السورية. وسلطت وكالات الأنباء الرسمية في سوريا وسلطنة عمان الكثير من الضوء على الزيارة، التي سييلتقي خلالها المعلم مع نظيره العماني، يوسف بن علوي. ولم يتم الكشف عن تفاصيل محددة، ولكن وكالة سانا السورية للأنباء قالت إن الطرفين على حد سواء وافقا على أن “الوقت قد حان لتوحيد الجهود البناءة لوضع حد للأزمة في سوريا”.
وقد أدت الحرب في سوريا إلى مقتل ربع مليون إنسان، ونزوح نصف سكان سوريا، وخلق حاضنة حيوية للتطرف الإسلامي، وزرع عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
وجاءت زيارة المعلم وسط علامات أخرى على وجود تحولات دبلوماسية محتملة فيما يخص سوريا. ويأتي كل هذا أيضًا جنبًا إلى جنب مع مؤشرات على أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد بدأت تفقد الأرض عسكريًا.
وفي الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، ستيفان دي مستورا، عن أنه دعا مجموعة من السوريين للمشاركة في مناقشات منفصلة بشأن كيفية استئناف محادثات السلام. وأيضًا، بدأت الولايات المتحدة وتركيا جهدًا عسكريًا مشتركًا الأسبوع الماضي لضرب أهداف الدولة الإسلامية في سوريا، ولتوفير مناطق آمنة على طول الحدود الشمالية السورية الممتدة على مسافة 500 ميل مع تركيا.
وفي حالة نادرة من التعاون في الشأن السوري، وافقت الولايات المتحدة وروسيا يوم الأربعاء على مشروع قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتحديد ومحاسبة مستخدمي قنابل الكلور في الحرب.
وقد لعبت عمان في كثير من الأحيان دورًا هادئًا كموفق ووسيط بين المواقف المختلفة في المنطقة. وساعدت السلطنة في السنوات الأخيرة بالتوسط في الإفراج عن عمال الإغاثة الفرنسيين المحتجزين من قبل متطرفي تنظيم القاعدة في اليمن، وعن ثلاثة من الأمريكيين المحتجزين في إيران.
واستضافت عمان أيضًا مجموعة من المحادثات السرية بين الولايات المتحدة وإيران منذ بضع سنوات، وهو ما ساعد في إحياء مفاوضات البرنامج النووي الإيراني التي أسفرت عن اتفاق الشهر الماضي.
وتعد عمان الدولة الوحيدة بين دول مجلس التعاون الخليجي الست التي لم تنضم للتحالف العسكري بقيادة السعودية لقصف اليمن. وفي الأشهر الأخيرة، سعت السلطنة للمساعدة في إيجاد حل للصراع هناك أيضًا.
======================
الاندبندنت: الأكراد بين كراهية "الدولة الإسلامية" وتركيا
نشرت صحيفة الاندبندنت تقريرا عن الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق، وتجدد المواجهات بين أجهزة الأمن التركية والانفصاليين التابعين لحزب العمال الكردستاني.
وذهبت مبعوثة الصحيفة إلى معاقل حزب العمال الكردستاني، شمالي العراق، لنقل أجواء استعداد مسلحي الحزب لمواجهة تقدم تنظيم "الدولة الإسلامية" في جبهتي مخمور وكركوك، إلى جانب قوات البيشمركة.
وتقول إن حديث المسلحين الأكراد لم يكن عن الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" وإنما عن عدو قديم شمالا، وهو تركيا.
فقد أعلن الحزب في نهاية يوليو/ تموز أنه قتل اثنين من أفراد الشرطة التركية، انتقاما لمقتل أكثر من 30 ناشطا مواليا للأكراد في تفجير ببلدة سروج التركية نُسب إلى تنظيم "الدولة الإسلامية".
فحزب العمال الكردستاني يتهم تركيا بمساعدة تنظيم "الدولة الإسلامية"، وهو ما تنفيه تركيا.
وشرعت تركيا في شن غارات جوية على مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا، ومواقع حزب العمال الكردستاني، شمالي العراق.
وتقول الصحيفة إن الولايات المتحدة دافعت عن حق تركيا في ضرب مواقع حزب العمال الكردستاني، لكنها نفت أن يكون لذلك علاقة بسماح تركيا للطائرات الأمريكية باستعمال قاعدة جوية لضرب تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا.
فواشنطن تصنف حزب العمال الكردستاني تنظيما إرهابيا، ولكنها في سوريا توفر الدعم الجوي للمقاتلين الأكراد، الذين تربطهم علاقة وطيدة بحزب العمال الكردستاني.
وأوردت الاندبندنت في تقريرها رغبة مسلحي حزب العمال الكردستاني "التوجه شمالا لمواجهة القوات التركية" وتفضيل بعضهم قتال الجيش التركي عن قتال تنظيم "الدولة الإسلامية"، لأنهم يرون أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هو الخطر الأكبر.
ويتهم الكثير من الأكراد تركيا بعدم مساعدة مقاتليهم في بلدة عين العرب (كوباني) التي حاصرها تنظيم "الدولة الإسلامية" عدة شهور، ولم تنج البلدة إلا بمساعدة الغارات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة في سوريا.
دور الاتحاد الأوروبي
ونشرت صحيفة صنداي تلغراف مقالا للكاتبة جانيت دالي تتساءل فيه عن دور الاتحاد الأوروبي، الذي فشل، حسبما ترى، في معالجة أزمة المهاجرين.
تقول الصحيفة في مقالها إن بروكسل لا تقدم حلولا للأزمة المنتشرة عبر القارة، بينما تجني العصابات الأموال من تهريب البشر.
وتضيف أن الاتحاد الأوروبي اليوم يرعى نوعا جديد من الجريمة الدولية، إذ نشهد توسعا لشبكة من الوحوش نشاطهم ليس تهريب المخدرات أو الخمور أو الأسلحة، ولكن تهريب البشر.
وترى الكاتبة أن قوانين الاتحاد الأوروبي فاقمت المشكلة، فمبدأ "الحدود المفتوحة" الذي وضعته الدول المؤسسة للاتحاد أصبح يلقي المشكل من دولة لأخرى، ولا يبحث في حل شامل لتدفق المهاجرين على دول الاتحاد.
وتقول إن دول الاتحاد بدل دراسة الوضع والسعي لتفكيك شبكات تهريب البشر، تدفع المهاجرين نحو الشمال، ونحو الدول الأكثر رفاهية وتنفض يدها من العملية.
وتتساءل: ماذا تفعل قيادة الاتحاد الأوروبي الآن؟ هل يجري تحقيق جاد بشأن شبكات تهريب البشر؟ أليس ممكنا مقاضاة الذين ينظمون رحلات القوارب من ليبيا باتجاه إيطاليا واليونان في أوروبا؟
مجازر البوسنة العرقية
ونشرت صحيفة الأوبزرفر تقريرا عن إحياء ذكرى مجازر البوسنة العرقية.
وفي بلدة عمرسكا استمع مبعوث الصحيفة إلى قصص عن معاناة أهل البوسنة التي تحولت إلى مقابر جماعية بعد مقتل الآلاف، في أبشع مجازر شهدتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وتقول الصحيفة إن البحث عن هوية الآلاف لا تزال مستمرة بعد 20 عاما من المجازر، فقد قتل 1000 في سريبرينيتشا وحدها و7 آلاف آخرون قتلوا في مدن وبلدات أخرى من البوسنة.
ويحيي البوسنيون في هذه الأيام من كل عام ذكرى ما يعتبره كثيرون "تصفية عرقية" تعرض لها المسلمون بالقتل الجماعي والحرق في البيوت والتعذيب في المعسكرات التي أقامها الصرب.
ويروي الناجون من المعسكرات قصصا مرعبة عن المجازر، بينما تسعى الجمعيات المهتمة بالضحايا والمتطوعون إلى اكتشاف المزيد من المقابر الجماعية، وتحديد هوية الهياكل العظمية والرفات التي يعثر عليها.
======================
جوناثان مارشال – (كونسورتيومنيوز. كوم) 20/7/2015  :اليد الأميركية في الفوضى السورية
جوناثان مارشال – (كونسورتيومنيوز. كوم) 20/7/2015
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
يضع المحافظون الجدد والإعلام الأميركي السائد كل اللوم والمسؤولية عن الحرب الأهلية السورية على كل من الرئيس بشار الأسد وإيران. لكنّ هناك جانباً آخر من القصة، والذي تم فيه تجاهل كل أغصان الزيتون التي مدتها سورية إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، والحملة المتهورة لـ"تغيير النظام" التي تلت ذلك، كما يكتب جوناثان مارشال.
حل الرئيس السوري الحالي، بشار الأسد، محل والده الاستبدادي كرئيس للدولة وزعيم لحزب البعث الحاكم في العام 2000. ولأنه كان بعمر 35 عاماً فقط وبريطاني التعليم، أثار الرئيس الجديد آمالاً واسعة في الداخل والخارج بإدخال إصلاحات وبإضفاء الليبرالية على النظام. وفي السنة الأولى من استلامه المنصب، عمد إلى إطلاق سراح المئات من السجناء السياسيين، وقام بإغلاق سجن سيئ الصيت، على الرغم من أن قواته الامنية استأنفت شن الحملات على المعارضين بعد ذلك بعام واحد.
لكن إدارة جورج دبليو بوش قامت منذ البداية تقريباً بتمييز الأسد وتخصيصه لـ"تغيير النظام". وبعد ذلك، جرت في السنوات الأولى من رئاسة باراك أوباما بعض المحاولات للحوار الدبلوماسي، ولكن إرث العداء الأميركي الرسمي تجاه سورية شرع بعد فترة وجيزة من اندلاع الحرب الأهلية في العام 2011 في تحريك مواجهة واشنطن الكارثية مع الأسد، والتي ما تزال تتواصل حتى يومنا هذا.
لذلك، من المهم أن نفهم تاريخ نهج إدارة بوش تجاه سورية. وبعد وقت قصير من هجمات 11/9، علم قائد حلف الناتو السابق، ويسلي كلارك، من مصدر في البنتاغون أن سورية كانت على نفس قائمة الضرب مثلها مثل العراق. وكما أشار كلارك، فإن إدارة بوش "أرادت منا زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، وقلبه رأساً على عقب، وجعله تحت سيطرتنا".
ولما يكفي من التأكيد، ذكر وكيل وزارة الخارجية، جون بولتون، في خطاب أيار (مايو) 2002 بعنوان "ما وراء محور الشر"، سورية بالاسم كواحدة من بين حفنة من "الدول المارقة" إلى جانب العراق، والتي "يمكن أن تتوقع أن تصبح أهدافاً لنا". لقد تم تجاهل إيماءات الأسد التصالحية والتعاونية وتنحيتها جانباً.
لم يتلق نظام الأسد أي امتنان من الرئيس بوش أو نائب الرئيس ديك تشيني على أن بلده أصبح ما وصفه الباحث كيليك بوغرا كانات بأنه "واحد من حلفاء الاستخبارات الأكثر فعالية لوكالة الاستخبارات المركزية في الحرب ضد الارهاب". ولم يكتف النظام السوري بتوفير المعلومات الاستخباراتية المنقذة للحياة عن الهجمات التي يخطط لها تنظيم القاعدة، وإنما قام أيضاً بعمل وكالة الاستخبارات المركزية القذر: استجواب المتهمين بالإرهاب "الذين سلمتهم" الولايات المتحدة من أفغانستان وأماكن أخرى.
عملت المعارضة السورية للغزو الأميركي للعراق في العام 2003، والاشتباه بتورطها في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في شباط (فبراير) 2005، على تعميق عداء الإدارة الأميركية تجاه دمشق.
بالسر، بدأت واشنطن تتعاون مع المملكة العربية السعودية لدعم الجماعات الإسلامية المعارضة في سورية، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين، وفقاً للصحفي سيمور هيرش. ويقال إن أحد المستفيدين الرئيسيين من ذلك كان عبد الحليم خدام، نائب الرئيس السوري السابق الذي فر إلى الغرب في العام 2005. وفي آذار (مارس) 2006، انضم خدام إلى رئيس جماعة الإخوان المسلمين في سورية لإنشاء "جبهة الخلاص الوطني"، بهدف الإطاحة بالأسد.
بفضل تسريبات ويكيليكس، أصبحنا نعلم أن السياسيين اللبنانيين الرئيسيين، الذين عملوا بالتنسيق مع القادة السعوديين، حثوا واشنطن على دعم خدام كتكتيك لتحقيق "تغيير كامل للنظام في سورية" والتصدي لـ"المشكلة الأكبر" المتمثلة في إيران.
وفي الوقت نفسه، كان نظام الأسد يناضل ويسعى بقوة للحد من عزلته الدولية من خلال التوصل إلى تسوية سلمية مع إسرائيل. وقد بدأ محادثات سرية مع إسرائيل في العام 2004 في تركيا، وبحلول العام التالي كانت المحادثات "قد وصلت إلى شكل متقدم جداً، وغطت قضايا الأراضي والمياه والحدود والمسائل السياسية"، وفقاً للمؤرخ غابرييل كولكو.
كانت مجموعة كبيرة من كبار المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم قادة سابقون للجيش الإسرائيلي، والشين بيت، ووزارة الخارجية، قد دعمت المحادثات. لكن إدارة بوش اعترضت عليها، كما أكد الرئيس المصري حسني مبارك في كانون الثاني (يناير) من العام 2007.
كما لاحظ كولكو، فإن صحيفة "هآرتس" اليومية الإسرائيلية نشرت في ذلك الحين "سلسلة من القصص المفصلة للغاية، بما في ذلك مسودة مشروع الاتفاق، مؤكدة أن سورية "عرضت معاهدة سلام متقدمة كثيراً وعادلة جداً وشاملة، والتي تستجيب لمطالب أمن إسرائيل" – والتي تنأى بسورية عن إيران، وبل انها تخلق مسافة حاسمة حتى بينها وبين حزب الله وحماس.
"كان دور إدارة بوش في إجهاض أي اتفاق سلام حاسماً. وقد جلس ديفيد وولش، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، في الاجتماع النهائي، (و) كان اثنان من كبار مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابقين موجودين في كل هذه الاجتماعات، وكانا يرسلان تقارير دورية إلى مكتب نائب الرئيس ديك تشيني. وكانت الصحافة مليئة بالتفاصيل حول كيف أن الدور الأميركي كان حاسماً، لأنه كان يضع الحرب، وليس السلام، على رأس أجندته".
عزل الأسد
في آذار (مارس) 2007، نشرت صحف ماكلاتشي قصة تقول إن إدارة بوش قد "أطلقت حملة لعزل وإحراج الرئيس السوري بشار الأسد... الحملة، التي يخشى بعض المسؤولين أنها تهدف إلى زعزعة الاستقرار في سورية، كانت قيد العمل لعدة أشهر. وهي تتضمن تصعيد الهجمات على سجل حقوق الإنسان في سورية... ويظهر أن هذه الحملة تنفجر في وجه توصيات كانون الأول (ديسمبر) الماضي لمجموعة دراسة العراق، والتي حثت الرئيس بوش على الانخراط دبلوماسياً مع سورية من أجل تحقيق الاستقرار في العراق ومعالجة الصراع العربي-الإسرائيلي... ويقول مسؤولون أن الحملة تحمل بصمة إليوت أبرامز، وهو محافظ من مساعدي البيت الأبيض، والشخص المسؤول عن الدفع بالأجندة الديمقراطية العالمية لبوش".
على نحو غير مستغرب، كان نائب الرئيس تشيني أيضاً خصماً عنيداً لفكرة التعامل مع سورية. وفي محاولة أخرى للخروج من المأزق والطريق المسدود، دعا السفير السوري لدى الولايات المتحدة إلى إجراء محادثات لتحقيق اتفاق سلام شامل مع إسرائيل في أواخر تموز (يوليو) 2008. وقال عماد مصطفى في تصريحات بُثت في إذاعة الجيش الإسرائيلي: "إننا نرغب في الاعتراف بعضنا ببعض، وإنهاء حالة الحرب. هاكم إذن شيئا كبيرا قيد العرض: دعونا نجلس معاً؛ دعونا نصنع السلام؛ دعونا ننهي مرة واحدة وإلى الأبد حالة الحرب".
وبعد ثلاثة أيام، ردت إسرائيل بإرسال فريق من القوات الخاصة إلى سورية لاغتيال جنرال سوري بينما كان يقيم حفل عشاء في منزله على الساحل. ووصف ملخص سري لوكالة الأمن القومي تلك العملية بأنها "أول حادثة معروفة لاستهداف إسرائيل مسؤولاً حكومياً شرعياً".
وبعد شهرين من ذلك فقط، شنت القوات الأميركية غارة على سورية، بدعوى قتل أحد عناصر تنظيم القاعدة، والتي أسفرت عن مقتل ثمانية من المدنيين العزل. وكتبت صحيفة "ديلي ستار" البيروتية اليومية حينذاك: "لقد ترافق التورط المشكوك فيه لبعض من أكثر الصقور صخباً ومعاداة لسورية على أعلى المستويات في إدارة بوش، بما في ذلك نائب الرئيس ديك تشيني، مع صمت الولايات المتحدة، لإطلاق لعبة تخمين لمحاولة معرفة من هو بالضبط الذي أمر -أو وافق- على غارة يوم الأحد عبر الحدود".
من جهة أخرى، دانت صحيفة "نيويورك تايمز" ذلك الهجوم ووصفته بأنه انتهاك للقانون الدولي، وقالت إن التوقيت "لا يمكن أن يكون أسوأ"، مشيرة إلى أنه "تزامن مع تأسيس سورية، لأول مرة، علاقات دبلوماسية كاملة مع لبنان. وكان ذلك علامة على أن حاكم سورية بشار الأسد، جاد بشأن إنهاء عزلته في الغرب. وكان إشارة أيضاً إلى مصر والسعودية، والأردن، والتي تقول إن الأسد، الذي يكرهون تحالفه مع إيران، حريص الآن على العودة إلى الحضن العربي".
وأضافت افتتاحية هيئة التحرير: "إذا كان الرئيس بوش ونائب الرئيس ديك تشيني قد أذنا فعلاً بعمل يهدد بتخريب محادثات السلام الإسرائيلية-السورية، وعكس اتجاه التعاون السوري في العراق ولبنان، والعمل لمصلحة إيران، فإن بوش وتشيني لا يكونان قد تعلما أي شيء من أخطائهما وآثامهما السابقة".
في مقابلة مع مجلة السياسة الخارجية "فورين أفيرز"، أشار السفير السوري عماد مصطفى إلى أن حكومته كانت قد بدأت للتو محادثات ودية مع كبار مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية، بمن فيهم وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس. "وفجأة، تحدث هذه (الغارة في شرق سورية)"، كما قال السفير، الذي أضاف: "لا أعتقد أن أولئك الناس من وزارة الخارجية كانوا يخدعوننا فعلاً. أعتقد أنهم يريدون حقاً الانخراط دبلوماسياً وسياسياً مع سورية. ونحن نعتقد أن قوى أخرى داخل الإدارة كانت مستاءة من هذه الاجتماعات، وفعلوا هذا بالضبط لتقويض المناخ الجديد كله".
على الرغم من هذه الاستفزازات الكثيرة، واصلت سورية التفاوض مع إسرائيل عبر وسطاء أتراك. وبحلول أواخر العام 2008، وفقاً للصحفي سيمور هيرش، "حُلت العديد من المسائل الفنية المعقدة، وكانت هناك اتفاقات مبدئية حول تطبيع العلاقات الدبلوماسية. كان الإجماع، كما وصفه سفير يخدم الآن في تل أبيب، هو أن الجانبين كانا "أقرب كثيراً مما تظن". ثم، في أواخر كانون الأول (ديسمبر)، شنت إسرائيل عملية الرصاص المصبوب، الهجوم المدمر على قطاع غزة الذي خلف نحو 1400 قتيل فلسطيني، إلى جانب تسعة جنود وثلاثة مدنيين إسرائيليين.
التخريب الإسرائيلي
انتهت تلك الحرب القصيرة في كانون الثاني (يناير)، مباشرة قبل تنصيب الرئيس أوباما. وقال الأسد لهيرش إنه على الرغم من غضبه من قيام إسرائيل "بكل ما هو ممكن لتقويض فرص السلام... فإننا ما نزال نعتقد أننا في حاجة إلى إقامة حوار جاد ليقودنا إلى السلام". وأكد حاكم قطر أيضاً: "إن سورية حريصة على الانخراط مع الغرب، وهو حرص لم يلتفت إليه بيت بوش الأبيض أبداً. إن كل شيء ممكن، طالما يتم السعي إلى السلام".
عن إدارة أوباما، قال الأسد: "نحن سعداء بأنه قال إن الدبلوماسية -وليس الحرب- هي الوسيلة لإدارة السياسة الدولية". وأضاف الأسد: "إننا لا نقول إننا بلد ديمقراطي. إننا لا نقول إننا مثاليون، ولكننا نتحرك قُدُماً إلى الأمام". وعرض أن يكون حليفاً للولايات المتحدة ضد التهديد المتزايد لتنظيم القاعدة والتطرفية الإسلاموية، التي كانت قد أصبحت القوى الرئيسية في العراق، ولكنها لم تكن قد رسخت أقدامها في سورية بعد.
لكن آمال الأسد سرعان ما خرّت صرعى. فالحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي تولى منصبه في آذار (مارس) 2009، عارضت بشدة أي اتفاق على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام مع سورية. وافتقرت إدارة أوباما إلى النفوذ أو الإرادة لحمل إسرائيل على المواصلة.
في واقع الأمر، مضى الرئيس أوباما قدماً فيما يخص تعهداته بالانخراط مع سورية بعد فترة طويلة من العلاقات المجمدة، فبعث ممثلين عن وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي إلى دمشق في أوائل العام 2009؛ وأوفد مبعوثه، جورج ميتشل، ثلاث مرات لمناقشة أمر تسوية سلمية في الشرق الأوسط؛ وعيّن أول سفير إلى دمشق منذ العام 2005؛ ودعا نائب وزير الخارجية السوري إلى واشنطن لإجراء مشاورات.
ومع ذلك، واصل أوباما التمويل السري لجماعات المعارضة السورية، وهو ما حذر دبلوماسي أميركي بارز من أن تنظر إليه السلطات السورية على أنه عمل "معادل لدعم تغيير النظام".
في الوطن، انتقد المحافظون الجدد سياسة أوباما الجديدة للانخراط. إليوت أبرامز، المحكوم عليه في قضية إيران كونترا والذي عفا عنه الرئيس جورج بوش الأب والذي أدار سياسة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، وصف جهود أوباما بأنها سياسة "استرضاء"، وقال إن السياسة السورية سوف تتغير فقط "إذا، وعندما يسقط النظام في إيران".
في الأثناء، رفضت سورية مطالب واشنطن بالتخلي عن دعمها لإيران وحزب الله، وتفاعلت بغضب مع رفض الإدارة الأميركية رفع العقوبات الاقتصادية. وقال الأسد: "ما حدث حتى الآن هو نهج جديد. لقد حلَّ الحوار محل الأوامر، وهو أمر جيد. لكن الأمور توقفت هناك".
في وقت متأخر من آذار (مارس) 2011، واصلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، الدفاع عن المحادثات مع الأسد، وقالت: "هناك زعيم مختلف في سورية الآن. وقال العديد من أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين، من الذين ذهبوا إلى سورية في الأشهر الأخيرة، إنهم يعتقدون بأنه إصلاحي".
ولكن هذا الموقف سيتغير بعد شهر واحد فقط، عندما دان البيت الأبيض "بأشد العبارات الممكنة" حملة القمع "المؤسفة تماماً"، والتي شنها النظام في دمشق على المعارضين السياسيين في مدينة درعا، متجاهلاً عمليات قتل الشرطة في المدينة.
في شهر آب (أغسطس) ذاك، انضم الرئيس أوباما، عقب ورود تقارير حاسمة من منظمات الأمم المتحدة وحقوق الإنسان حول مسؤولية النظام عن قتل وإساءة معاملة المدنيين، إلى القادة الأوروبيين في مطالبة الأسد "بمواجهة واقع رفض الشعب السوري التام لنظامه" و"التنحي". (في الواقع، عارضت غالبية من السوريين الذين تم استطلاع آرائهم في كانون الأول(ديسمبر) 2011 استقالة الأسد).
فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية جديدة على سورية، وهو ما دفع السفير السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، إلى التأكيد على أن الولايات المتحدة "تشن حرباً إنسانية ودبلوماسية ضدنا". وأفضت سياسة أوباما، التي أشاد بها في البداية أنصار التدخل إلى أن فشل الرئيس في إرسال قوات أو مساعدات كبيرة للجماعات المتمردة، أدى إلى فتح الباب أمام دعم دول الخليج وتركيا للقوى الإسلامية.
صعود السلفيين
في وقت مبكر من صيف العام 2012، خلص تقرير لوكالة استخبارات الدفاع إلى أن "السلفيين، وجماعة الإخوان المسلمين، وتنظيم القاعدة في العراق (الذي تحول في وقت لاحق إلى تنظيم الدولة الإسلامية)" قد تصبح "القوى الرئيسية الدافعة للتمرد في سورية".
في وقت لاحق، اعترف نائب الرئيس جوزيف بايدن بأن "حقيقة الأمر هي... (أنه) لم يكن هناك وسط معتدل... كان حلفاؤنا في المنطقة هم مشكلتنا الأكبر في سورية... لقد صبوا مئات الملايين من الدولارات و... آلاف الأطنان من الأسلحة على أي طرف سيقاتل ضد الأسد، سوى أن الناس الذين كانوا يتلقون الإمدادات كانوا جبهة النصرة، والقاعدة، والعناصر المتطرفة من الجهاديين".
كما هو الحال في العراق وليبيا –هل يمكن أن نتعلم أبداً؟ إن "تغيير النظام" في سورية يُحتمل كثيراً أن يجلب إما دولة إسلامية متعصبة، أو دولة فاشلة، وما لا نهاية له من العنف.
في إشارة إلى حماقة إسرائيل التي تمثلت في زراعة خصوم ومنافسين إسلاميين لحركة فتح العلمانية (وخاصة حماس)، قدم جاكي هوغي، محلل الشؤون العربية لإذاعة الجيش الإسرائيلي، اقتراحاً لافتاً مؤخراً، حين قال إن "ما يجب على إسرائيل أن تتعلمه من هذه الأحداث هو أنه يجب عليها أن تناضل من أجل بقاء وتعزيز النظام الحالي بأي ثمن"، وأضاف هوغي:
"إن بقاء النظام في دمشق يضمن الاستقرار على الحدود الشمالية لإسرائيل، وهو حجر زاوية لأمنها القومي. إن النظام السوري علماني، ويعترف ضمنياً بحق إسرائيل في الوجود، وهو لا يشتهي الموت. إنه لا يعتنق المعتقدات الدينية المتعصبة، ولا يهدف إلى إقامة خلافة إسلامية في المنطقة التي يسيطر عليها".
"بما أن سورية هي دولة ذات سيادة، فإن هناك مجموعة من الوسائل للضغط عليها في حالة الصراع أو الأزمة. سيكون من الممكن نقل الرسائل الدبلوماسية، والعمل ضدها في المحافل الدولية أو الإضرار بمصالحها الإقليمية. وإذا كانت هناك حاجة للقيام بعمل عسكري ضدها، فإنه ليست هناك حاجة للبحث اليائس عنها وسط السكان المدنيين والمخاطرة بقتل المدنيين الأبرياء".
"لقد شهدت إسرائيل سنوات من وجود حدود مستقرة مع النظام السوري. وإلى الوقت الذي اندلعت فيه الحرب هناك، لم تطلق رصاصة واحدة من سورية. وفي حين حول الأسد العدوان تجاه إسرائيل إلى الحدود اللبنانية من خلال حزب الله، فإنه حتى هذه الحركة وذراعها العسكري تظل أفضل لإسرائيل من تنظيم القاعدة وأمثاله. إنها حركة مألوفة وقادتها مألوفون. وقد "تحدثت" إسرائيل عبر وسطاء مع حزب الله منذ سيطرة هذه الحركة على جنوب لبنان. وهو في الغالب حوار غير مباشر، والقصد منه هو أن يخدم المصالح العملية من النوع المفروض على أولئك الذين يضطرون إلى العيش جنباً إلى جنب، ولكن البراغماتية هي التي تقوده".
"في حين يشكل مقاتلو حزب الله أعداءً مريرين في واقع الأمر، فإنك لن تجد بينهم الابتهاج بالشر وأكل لحوم البشر، كما شوهد في العقد الماضي بين التنظيمات الجهادية السنية".
لا تحتاج واشنطن إلى أن تذهب كل هذا الشوط لدعم الأسد باسم البراغماتية. ولكنها يجب أن تنبذ بوضوح فكرة "تغيير النظام" كسياسة، وأن تدعم فرض حظر على الأسلحة، وتبدأ بالعمل بالتنسيق مع روسيا وإيران ودول الخليج وغيرها من القوى الإقليمية، من أجل دعم إقامة مفاوضات سلام غير مشروطة مع نظام الأسد.
في واقع الأمر، ألقى الرئيس أوباما مؤخراً بعض التلميحات إلى أنه يرحب بإجراء مزيد من المحادثات مع روسيا لتحقيق هذا الغرض، في مواجهة احتمالات استيلاء الجهاديين على سورية في نهاية المطاف. وعلى الأميركيين الذين يقدِّرون حقوق الإنسان والسلام ويضعونها فوق غاية الإطاحة بالأنظمة العربية، أن يرحبوا بمثل هذا الاتجاه الجديد للسياسة العامة.
 
*جوناثان مارشال: هو باحث مستقل يعيش في سان أنسيلمو، كاليفورنيا. من بين مقالاته السابقة التي نشرها موقع Consortiumnews الاستقصائي: "ردة الفعل المحفوفة بالمخاطر للعقوبات الروسية"؛ "المحافظون الجدد يريدون تغيير النظام في إيران"؛ "المال السعودي يكسب ود فرنسا"؛ "مشاعر السعوديين المجروحة"؛ و"التهديد النووي للمملكة العربية السعودية".
*نشر هذا الموضوع تحت عنوان: The US Hand in the Syrian Mess
(الجزء الثاني من هذا الموضوع المكون من جزأين ينشر غداً في هذا المكان تحت عنوان "الأصول الخفية للحرب الأهلية السورية").
======================
معهد الشرق الأوسط  :كل شيء تغير في الشرق الأوسط منذ “مهمة جدة” قبل 25 عاما
معهد الشرق الأوسط – التقرير
منذ خمسة وعشرين عامًا، في السابع من أغسطس عام 1990، انضم فريق مشترك بين الوكالات الأمريكية إلى اجتماع عاجل مع الملك فهد في المملكة العربية السعودية، ولا يعرفون ما سيحدث. وقبل ذلك بأسبوع كان العراق قد استولى على الكويت. خاف الأمريكيون من أنّ الجيش العراقي قد يستمر في المضي قُدمًا، ويستولي على حقول النفط السعودية، ونتيجة للقرارات التي اُتخذت في ذلك الاجتماع يوم 7 أغسطس؛ هيمن العراق والإرهاب على السياسة الخارجية الأمريكية على مدى ثلاثة عقود، وما زال يحتل الجزء الأكبر من السياسة الأمريكية حتى الآن.
كان يقود الفريق الأمريكي في ذلك الوقت وزير الدفاع ديك تشيني. وكان يرافقه الجنرال نورم شوارزكوف من القيادة المركزية الأمريكية. كنتُ هناك لتمثيل وزارة الخارجية الأمريكية، حيث كنت أشغل منصب وكيل الوزارة. جلسنا على يمين الملك فهد في مجلسه المغطى بالذهب، وعلى يساره كان العديد من أشقائه الذين كانوا أعضاء بمجلس الوزراء السعودي.
طلب تشيني من الجنرال شوارزكوف إخبار الملك بشأن ما يمكن أن يفعله العراقيون مع القوة العسكرية الكبيرة التي أدخلوها في الكويت. مع خرائط كبيرة وصور عديدة، أظهر الجنرال أنّ الدبابات العراقية يمكن أن تكون في الظهران، المدينة النفطية السعودية، في غضون ساعات. ثم قدّم تشيني عرضًا من الرئيس جورج بوش الأب لنشر الآلاف من قوات الولايات المتحدة للدفاع عن المملكة، على أن تغادر القوات الأمريكية عندما تنتهي الأزمة العراقية أو في أي وقت يريد الملك. وأكّد تشيني للملك فهد “نحن لا نسعى وراء أي وجود عسكري دائم“.
التفت الملك إلى إخوته وطلب رأيهم. كانوا معارضين بالإجماع لفكرة التدخل الأمريكي، ووجود قوات أمريكية على تراب أرض الحرمين الشريفين. لقد كان هناك الكثير من الانتقادات الداخلية إزاء قرار جلب القوات الفرنسية قبل 11 عامًا لاستعادة السيطرة على المسجد الحرام في مكة من الإرهابيين والمتعصبين دينيًا. تبيّن لنا من مناقشة الإخوة أنّ الملك سيرفض العرض الأمريكي.
تحدث الملك فهد مطولًا عن مدى عمله الشاق هو وعائلته لبناء دولة حديثة من مجموعة من القبائل الصحراوية. وكنتُ أتساءل في حوار مع إخوته عندما أنهى النقاش في النهاية، وأخذت نفسًا عميقًا، ثم قال: “أخبر الرئيس بوش أن يرسل القوات. أن يرسل جميع القوات، وبسرعة. أنا أقبل كلمته بأن القوات ستغادر عندما ينتهي الأمر. في الحقيقة، تفاجأت بهذا القرار“.
وبعد لحظات، ونحن في الطريق إلى موكبنا، دعا تشيني إلى حشد الجمهور في مدخل قصر الملك. وقال: “هناك كاميرات وصحفيون ينظرون لمعرفة تعابير وجوهنا، وما إذا قد وافق الملك على نشر القوات الأمريكية. لكنني سأعطيك وجهًا بلا أي تعابير“. وعندما خرجنا في الهواء الرطب، تراكم التراب على النظارات وعانينا لإيجاد طريقنا إلى السيارات. بعيدًا عن الوجوه الجامدة، بدا علينا الارتباك.
بمجرد وصولنا إلى قصر الضيافة، حاول تشيني مهاتفة الرئيس بوش. عانى مساعده العسكري للحصول على هاتف لإجراء المكالمة. وفي النهاية، تمكّن مساعده من الاتصال بالبيت الأبيض. قيل له إنّ الرئيس في اجتماع. غضب تشيني، الذي عادة ما يكون هادئًا في الخارج، وقال: “نحن على وشك الدخول في حرب، يجب أن أتحدث مع الرئيس“.
كان حديثهما وجيزًا. وعندما انتهى، اتجه تشيني إلى شوارزكوف وقال له ابدأ بتحريك القوات. كانت القيادة المركزية الأمريكية تمتلك خطة، ولكنّ قائدها لم يكن متأكدًا من أنّ الجيش الأمريكي قادر على تنفيذ تلك الخطة مع القليل من الاستعدادات. وفي غضون ساعات، كان هناك 82 من الحاملات الجوية في طريقها، وكذلك مئات من القاذفات المقاتلة التابعة للقوات الجوية الأمريكية. قال لنا شوارزكوف إنّ هناك وحدة من البنادق المحمولة جوًا في طريقها إلى مدينة الظهران ستكون مجرد “مطبات” إذا خرجت الدبابات العراقية على طول الساحل. وفي اليوم التالي سافرتُ إلى عُمان والإمارات العربية المتحدة والبحرين للحصول على موافقتهم على نشر مئات الطائرات الأمريكية الإضافية، والتي غادر بعضها بالفعل من القواعد الأمريكية.
وبعد بضعة أشهر، كان يوجد نصف مليون جندي أمريكي في منطقة الخليج. بعد أسابيع من القصف الجوي للقوات العراقية، هزم التحالف الذي قادته الولايات المتحدة الجيش العراقي في أربعة أيام من المعارك البرية. كان هناك خيار الانتقال إلى بغداد للإطاحة بصدام حسين، لكنّ الرئيس بوش ومستشاريه، بمن فيهم وزير الدفاع تشيني، رفضوا ذلك. وفي مناقشاتهم، اتفقوا أنّ الإطاحة بصدام حسين من منصبه يمكن أن تؤدي إلى تفكك العراق إلى فصائل ومناطق مختلفة.
في حين أنّ معظم القوات الأمريكية أُعيد إرسالها مرة أخرى إلى الولايات المتحدة، حيث تم تسريح العديد منهم، لكنّ بعض القوات ظلت في المملكة العربية السعودية. استمرار وجود “الكفار” في المملكة حفز أسامة بن لادن لإنشاء حركة إرهابية ضد أمريكا والملك السعودي. هاجمت تلك الحركة، تنظيم القاعدة، أمريكا في 11/ 9 بعد عقد من الزمن.
كجزء من اتفاق الاستسلام العراقي عام 1991، انتقل فريق الأمم المتحدة إلى العراق لتدمير أسلحة الدمار الشامل وضمان أنه لن يتم إعادة البدء في هذه البرامج مرة أخرى. وعلى الرغم من تدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية، لكنّ الرقابة المستمرة كانت مصدرًا للاحتكاك المستمر الذي تسبب في هجوم الولايات المتحدة على المنشآت العراقية. وفي نهاية المطاف، اختارت الإدارة الأمريكية حينها الخوف من أسلحة الدمار الشامل العراقية كمبرر للحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد العراق، وهي الكارثة التي راح ضحيتها الآلاف من الأمريكان. تسببت تلك الحرب العراقية الثانية في تفكيك العراق وسيطرة الإرهابيين المتعصبين دينيًا على المدن الكبرى في البلاد.
بعد وقت قصير من حرب العراق الأولى، بدأت حكومة صدام حسين في قمع الأكراد في شمال البلاد. وهددت الولايات المتحدة بإعادة بدء الأعمال العدائية ما لم يترك صدام الأكراد وشأنهم، وفصل الشمال عن بقية العراق.
صعود تنظيم القاعدة في تسعينيات القرن المنصرم، والغزو الأمريكي لأفغانستان والحرب الأمريكية الثانية ضد العراق، وصعود تنظيم الدولة الإسلامية؛ جاء كل هذا بعد قرار أغسطس عام 1990 بإرسال قوات أمريكية كبيرة إلى الخليج. هناك العديد من الضغوط الاجتماعية والسياسية التي ساهمت في الاضطرابات في العالم العربي والإسلامي، ولكن استمرار الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، والطريقة التي تم بها استخدام هذه القوات الأمريكية، كان من المساهمين الرئيسين في الفوضى التي اجتاحت الشرق الأوسط. ساهمت تلك السلسلة من الأحداث أيضًا في ثورات الربيع العربي، وخلقت دولًا فاشلة في العراق واليمن وليبيا وسوريا. كما تسببت هذه الأحداث في وفاة مئات الآلاف، وتحويل الملايين من شعوب المنطقة إلى لاجئين، وإنفاق تريليونات الدولارات.
إذن؛ هل كان قرار إرسال القوات الأمريكية إلى الخليج في عام 1990 خطأ؟ لا أعتقد ذلك. كان الرئيس جورج بوش الأب محقًا في التحرك؛ لمنع التهام دولة لأخرى، وكان محقًا أيضًا في إجبار العراق على إنهاء برامج أسلحة الدمار الشامل. لكنّ الأخطاء التي ارتكبتها أمريكا والآخرون لم تكن كامنة في قرارات شنّ حرب الخليج الأولى. لم يكن من المفترض، على سبيل المثال، أن تترك أمريكا بعض قواتها في المملكة العربية السعودية. وبالتأكيد، لم يكن ينبغي غزو العراق في عام 2003.
التساؤل عن كيف كان سيكون التاريخ مختلفًا لو تم التعامل مع تلك الأمور بطرق أخرى يبدو مثيرًا، لكننا لا نستطيع إعادة التاريخ. ومع ذلك، التفكير في التاريخ الحديث يمكن أن يقدم لنا منظورًا مختلفًا لفهم ما نحن فيه الآن وما القرارات التي يجب أن نتخذها في المستقبل القريب. وبالتالي؛ فمن الجدير بالذكر أنه قبل ثلاثة عقود كان هناك عدد قليل من القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، ونادرًا ما شاركت أمريكا في القتال هناك. كل ذلك تغير في 7 أغسطس، منذ 25 عامًا، مع قرار بسيط في جدة.
======================
بلومبيرغ: الديمقراطية التركية تتجه نحو التلاشي
نشر في : السبت 8 أغسطس 2015 - 10:01 م   |   آخر تحديث : الأحد 9 أغسطس 2015 - 02:07 ص
بلومبيرغ – التقرير
انتعشت آمال الديمقراطية التركية مؤخرًا؛ قبل شهرين تحديدًا؛ حينما نجح الحزب الكردي في الوصول إلى البرلمان رغم الانقسامات العرقية، وفي المقابل بدا ذلك محبطًا لخطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كان يسعى نحو رئاسة على الطريقة الروسية، كما أن حزبه الحاكم لم يكن مستعدًا لهذا الصعود المفاجيء للأكراد.
الانتخابات التي جرت في يونيو الماضي تجاهل أردوغان نتائجها، حيث لم يسمح للفائزين بتشكيل حكومة ائتلافية جديدة، لكنه قد يطلب في نهاية المطاف من رئيس وزرائه أحمد داود أوغلو إنشاء حكومة أقلية مع بعض القوميين، فربما يكون هدفه إجراء انتخابات جديدة في الخريف، وذلك لرغبة أردوغان غير المعلنة في عكس نتائج الانتخابات، حيث سيكون بحاجة لكسر التحالف بين الليبراليين الأتراك والأكراد، والذي سمح للحزب الديمقراطي الشعبي الكردي بدخول البرلمان، وأفضل طريقة لذلك هي إحياء الأحقاد العرقية التي أغرقت تركيا في الحرب، التي بدأت في منتصف الثمانينيات واستمرت 30 عامًا، وأسفرت عن مقتل 40 ألف شخص.
وقد لا تكون هذه الخطة واضحة بالنسبة للكثيرين، فقرار أردوغان بالسماح أخيرًا للولايات المتحدة بشن ضربات جوية ضد تنظيم داعش من القاعدة العسكرية التركية في إنجرليك حوّل انتباه الناس، فبالتزامن مع هذا؛ جددت تركيا الضربات الجوية ضد المتمردين الأكراد الذين أنهوا بسرعة وقف إطلاق النار الذي أعلنوه في عام 2013.
وبالنسبة للضربات التي تشنها الولايات المتحدة من القاعدة العسكرية التركية ستكون مفيدة بالتأكيد لكنها ليست حاسمة في إنزال الهزيمة بالتنظيم الإرهابي.
من ناحية أخرى، فالحرب بين تركيا والمقاتلين الأكراد من المحتمل جدًّا أن تدمر الديمقراطية التركية، وأردوغان حتى الآن يثبت أنه ليس ديمقراطيًّا، لكنه دون شك سياسي ماهر، ففي عام 2009، بدأ ما يسمى الانفتاح الكردي لتأمين الأصوات الكردية لنفسه ولحزبه، حيث إن الأكراد العرقيين بعد هذا الانفتاح كانوا من الناخبين، والمؤيدين لحزب العدالة والتنمية المحافظ، لأنهم من أكثر الفئات المحافظة دينيًّا في البلاد.
لكن الأكراد وبحكم تاريخ الصراعات كانوا بحاجة إلى الاقتناع بأردوغان ودعمه، لذلك نزع أردوغان فتيل النزاع من دون أن ينفر قاعدته التركية القومية الخاصة.
وكانت توقعات أردوغان لهذا العام هي أن الأكراد الذين لم يصوتوا لحزبه سيفوزون بـ6% فقط كمستقلين، وسيدعمون الدستور الجديد مقابل بعض التنازلات. لكن خابت آماله فبدلًا من ذلك، استبعد زعيم حزب الشعب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاز بشكل قاطع دعم الدستور الرئاسي، وقرر انضواء المرشحين الأكراد تحت قائمة الحزب، ودعا الأصول التركية لمساندته؛ من أجل هزيمة خطط أردوغان لانتخاب الاستبداد.
ونجح دميرتاز عبر حزبه في تحقيق نتيجة بلغت 10% من الأصوات مكنته بذلك من دخول البرلمان، وسرق من الرئيس الأغلبية البرلمانية القوية التي يحتاجها للموافقة على الدستور الجديد، والذي سيعطي له هذا النوع من السيطرة المطلقة التي يتمتع بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في روسيا.
وبدلًا من قبول هذه الهزيمة والسماح بتشكيل حكومة ائتلافية، تجاهل أردوغان التصويت، وبدا أقرب إلى إجراء انتخابات جديدة؛ يحاول من خلالها التخلص من حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.
ومما يساعد أردوغان الآن في نيل هدفه؛ هو أن عملية السلام الكردية هشة دائمًا ومترددة وغير واضحة أيضًا، فحزب العمال الكردستاني المتمرد يستخدم تكتيكات إرهابية متبنيًا أيديولوجية على غرار الماركسية الغريبة، فهو متردد دائمًا في إلقاء السلاح، بل وكان سريع العودة إلى العنف.
وقد أصبح دميرتاز في موقف لا يُحسد عليه؛ فإمّا دعم حزب الحكومة (حزب أردوغان) ضد الأكراد، أو أن يقف بجانب الإرهابيين. فإذا نجح أردوغان في استخدام الصراع الكردي المتجدد لتأمين سلطاته الرئاسية، فإنه سيكون من الصعب للديمقراطية التركية أن تبقى. والسبيل الوحيد لإحباط خطط أردوغان؛ هو أن يعلن حزب الشعوب الديمقراطي إدانته لعنف الأكراد، وفي المقابل يدعم الأتراك الليبراليين.
المصدر
======================
ميدل إيست بريفينج: «كيري – لافروف» في الخليج.. وبدأ العد التنازلي لإنهاء اللعبة في سوريا
ما يمكن استخلاصه من زيارة وزير الخارجية «جون كيري» ووزير الخارجية الروسي «سيرجي لافروف» الأخيرة إلى منطقة الخليج هو أن الولايات المتحدة قررت التخلي عن النهج الضيق لمفهوم «الدولة الإسلامية أولا»، وتبنى سياسة أوسع تشمل محاربة «الدولة الإسلامية» في جهد شامل استنادا مبني على التحرك، وعلى محمل الجد لتغيير ميزان القوى على الأرض في سوريا، وبالتالي دفع الحل السياسي إلى الأمام.
ومن الناحية النظرية، فإن تركيا تقدم للمعارضة السورية الأسلحة التي يحتاجون إليها، كما بدأت في تنفيذ خطة لإعادة هيكلة أجزاء وقطع من التمرد السوري في الشمال. وببساطة، فقد أخذ الأتراك مفاتيح شمال سوريا بموجب صفقة من شأنها أن تضعف كلا من «الدولة الإسلامية» و«بشار الأسد». وفي المقابل، سيتم منع حزب العمال الكردستاني من المناطق التي ليست لهم تاريخيا على أي حال.
التوليف بين خطة الولايات المتحدة «الدولة الإسلامية أولا» ونظيرتها التركية «الأسد أولا» هو أساس الاتفاق الثنائي الذي هو في الواقع لا يزال في طور التقدم. وبالنسبة للأتراك، فإن ظهور حزب العمال الكردستاني التابع لوحدات حماية الشعب قد غير موقف أنقرة إلى «الأسد وحزب العمال الكردستاني أولا» وجعل من الممكن بالنسبة للولايات المتحدة، فيما يتعلق باستراتيجيتها «الدولة الإسلامية أولا»، أن تدفع الأتراك لقبول الجمع بين كافة الاستراتيجيات. وحصل الأتراك على نصف استراتيجيتهم كمقدمة للنصف الثاني. وعلى ما يبدو من محادثات «كيري» الخليجية، هناك خطوات جادة لتقديم الشطر الثاني: «بشار الأسد».
جوهر التحول في الموقف تجاه سوريا يمكن إيجازه في نقطتين:
الأولى هي أن العرب وافقوا على قبول شيء أقل من لعبة محصلتها صفر. ولن يتم إخضاع مناطق «الأسد» وحزب الله وإيران في غرب سوريا بالقوة لحكم الأغلبية في دمشق. وبدلا من ذلك، سيكون لديهم قطعة نسبية من كعكة الحكومة المركزية.
والثاني هو أن كل هذه الأشياء لا يمكن أن تتحقق من دون خريطة طريق واضحة وجهود الجماعية للحصول على مشاركة «الأسد» وإيران. وللقيام بذلك، فإن ميزان القوة عليه أن يتحول، وهي العملية التي بدأت بالفعل.
وقد عادت الولايات المتحدة إلى مفهومها الأولي المتمثل في تغيير ميزان القوى لفرض حل سياسي على «الأسد» ومؤيديه. إن واشنطن لم تتخل تماما عن هذا المفهوم، ولكن بدت في الماضي القريب غير مهتمة بمتابعة ذلك بالقوة المطلوبة. الآن، وفي الوقت الذي لا توجد فيه مفاوضات نووية مع إيران، يبدو أن واشنطن قد قررت التحرك بقوة لتنفيذ المبدأ الأولي حيث هناك تقسيم معقد للعمل مع الحلفاء الإقليميين والدوليين لجلب «الأسد» إلى طاولة المفاوضات للحديث عن مستقبل سوريا من دونه وعصابته.
وهناك تكهنات بأن طهران أدركت أنها تواجه في الواقع مأزقا استراتيجيا في سوريا، وأنها تناقش حاليا إبرام صفقة. جوهر الصفقة هو تنظيم عملية انتقال تقترن مع الاقتراح الروسي. رحيل مخطط له للأسد، والقتال المشترك ضد «الدولة الإسلامية»، والحفاظ على حقوق العلويين في المناطق التي يتركزون بها. ولا يوجد أي دليل على أن طهران توصلت إلى قرار بعد.
كانت الركائز الأساسية لمحادثات الدوحة كالتالي: 1) رفض سيناريو تقسيم سوريا، حيث أنه سيخلق المزيد من عدم الاستقرار، ويخلق حالة لا نهائية من الحرب، 2) اعتماد المعايير التي وضعتها المبعوث الخاص للأمم المتحدة «ستيفان دي ميستورا» و موسكو، 3) العمل على ترسيم الحدود بشكل غير رسمي لمناطق النفوذ، 4) التفاوض بشكل منفصل لأول مرة مع لاعبين من العرب السنة والإيرانيين لتحديد الوضع النهائي لهذه المناطق من النفوذ، في حين يفتح الباب للمحادثات المباشرة في وقت لاحق (أشبه باتفاق الطائف)، 5) الانتخابات العامة في سوريا مع تفاهم مسبق بأن «الأسد» لن يتم تشغيله وأن الحكومة الجديدة سوف تشمل ممثلين عن جميع مكونات المجتمع السوري.
(اتفاق الطائف كان بمثابة اتفاق أنهى الحرب الأهلية اللبنانية. وكان يقوم على تقسيم غير رسمي للبلاد إلى مناطق سيطرة طائفية وسياسية “طبيعية” جنبا إلى جنب في ظل حكومة مركزية مقسمة بين الطوائف).
ولكن مثل هذه الاستراتيجية تتطلب موافقة نهائية من جانبي الحرب على هذه الخريطة للطريق في سوريا؛ حيث يحصل كل قيصر على ما هو له، وتحصل سوريا على السلام. ويأتي مفهوم الطائف مفيدا في هذا السياق. وما حدث في الدوحة هو في الواقع خطوة أولى نحو مناقشة جادة حول تفاصيل هذه الصفقة.
ويستند مفهوم موسكو على بناء تفاهم إقليمي من شأنه أن يساعد في مواجهة الإرهاب. وإذا نجحت هذه الخطة، فإن انعقاد مؤتمر إقليمي يجمع كل الأطراف ذات الصلة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وإيران وتركيا والأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا، هو جوهر الجهود الروسية الجارية.
تركيا متحمسة. وفي طريق عودته من الصين، قال الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» هذا القول على موقف موسكو: «موقف بوتين الحالي تجاه سوريا هو أكثر تشجيعا من ذي قبل. اجتماعنا في باكو وبلادنا بعد محادثة هاتفية ترك لي انطباعا بأنه في طور تغيير موقفه. وقال انه لم يعد يرى أن روسيا ستدعم الأسد حتى النهاية. أعتقد أنه يمكن أن تتخلى عن الأسد».
وقال «كيري» في نيويورك، قبل أن يغادر مباشرة إلى جولته في الشرق الأوسط، إنه يأمل أن إيران ستنضم إلى مجموعة، تضم دولا إقليمية وأخرى دولية، تحدد الآن مستقبل سوريا «في مرحلة لاحقة».
لكن هذا يتطلب يدين تبادران بالموافقة والترحاب. فهل ستوافق إيران؟ وعند أي نقطة في تحول موازين القوى؟
هناك نوعان من الخيارات المتاحة لمعسكر الإيرانيين وحزب الله و«الأسد». الأول هو محاولة عرقلة الترتيب العربي الأمريكي الروسي. والثاني هو أن توافق على أن تكون من جهة ثانية محل ترحيب بها. وأغلب الظن أنهم سيحاولون تحقيق الأولى قبل الوصول إلى الثانية. الجميع يفعل.
ويحاول النظام السوري ومؤيديه بشكل جادي تحسين مواقعهم على الأرض والمماطلة لفترة أطول. أي هجوم مضاد تم شنه من جانب «الأسد» وأنصاره في الأسابيع الأخيرة. الزبداني، على سبيل المثال، هي مجال اشتباكات المعارضة وحزب الله التي لا هوادة فيها للسيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية. ويشن النظام هجمات مضادة على العديد من الجبهات الأخرى في وقت واحد. وتحدث هجمات مرتدة في منطقة حلب والغاب وجسر الشغور وحتى تدمر.
ولذلك؛ فإن معسكر طهران «الأسد» في محاولة لتحسين حصته في صفقة الطائف. ولكن عند نقطة واحدة، سوف تتخلى طهران عن القتال والاندفاع إلى طاولة المفاوضات. متى يحدث ذلك؟ وفي لحظة خطوط التماس، التي تجري مناقشتها، يستقر هناك نوع من التكوين “الطبيعي”. وبدأنا بالفعل أن نرى في شمال سوريا. سوف يستغرق قدرا كبيرا من الوقت والكثير من القتال من أجل التوصل خطوط التماس شبه مستقرة. وبعبارة أخرى، فإنه سوف يزداد سوءا قبل أن يتحسن.
وسوف تقوم إيران والأسد بتحويط رهاناتهم من خلال تعزيز سيطرتهم على المناطق التي هي في معظمها علوية أو حتى التي تعتبر استراتيجية لحزب الله. أحد الأمثلة المعبرة على الأرض ظهار بوضوح في الزبداني. وكانت أحرار الشام تضغط في القرى الشيعية في ريف إدلب من أجل إجبار حزب الله على تخفيف الضغط على الزبداني، وهو أمر مهم لحزب الله وإيران. وقررت طهران التفاوض مع أحرار الشام. الشيء المضحك هو أن الوفد الإيراني طالب مقدما أن يترك السنة الزبداني تماما ويعرض سعر جغرافي مرتفع في مقابل هذه المدينة الاستراتيجية في مكان آخر. ورفض أحرار الشام. ولكن يظهر هذا المثال بوضوح أن هدف ايران هو العمل على خيار التقسيم كخط افتراضي في حالة إصرار العرب على خطة لعب لا ترغب بها طهران.
لقد فهم الإيرانيون ذلك في نهاية اليوم، وسوف يكون التقسيم تحت أي اسم آخر، المعركة الآن بين الخطة (ب) لإيران التي شرحناها في مرات سابقة على ميدل إيست بريفينج، وخطة المعارضة السورية (أ)، والتي تقضي بإخلاء أرضهم من أي وجود إيراني والحفاظ عليه موحدا. وسوف تساعد المعارضة إلى حد كبير في تعديل خطابها السياسي ووضعه على أساس الوحدة الوطنية والتعددية التي كانت دائما سمة من سمات الثقافة السورية.
وعلى الصعيد العالمي، يمكن للإيرانيين الحصول على صفقة أفضل الآن، في حين لا يميل ميزان القوى بشكل حاسم لصالح التحالف القوي الذي للتو تم تشكيله. ولكن في كثير من الحالات، تحمل الناس على مطاردة ذيولها الخاصة.
وسوف تسير الأمور بصورة أكثر أو أقل في هذه الدورة، وهذا يتوقغ على ما إذا كان الايرانيون سيقومون بمفاجأة خاصة من أجل قلب الطاولة رأسا على عقب. فكر في العراق ولبنان والبحرين أو شيء من هذا هم يعرفون ونحن لا نعرف. إن الإيرانيين محاصرون في سوريا. وأي شخص قد يصبح مصدرا للخطر في حالة حصاره. هل من  نقطة تحول في قواعد اللعبة؟
ترجمة: الخليج الجديد
======================