الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا : ماذا الآن .. وماذا بعد

سوريا : ماذا الآن .. وماذا بعد

07.09.2013
جون جينكنز



الرياض
5/9/2013
    على مدى الأسابيع القليلة الماضية ركزت وسائل الإعلام العالمية على استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في 21 أغسطس وعلى طرح أسئلة من نوع ماذا سيحدث بعد ذلك، لاسيما إذا ما كانت الولايات المتحدة ستشن هجوما عسكريا، في حين أن هذا السؤال ما يزال مطروحا أمام الرئيس أوباما..
من الواضح الآن أن المملكة المتحدة قررت عدم المشاركة في أي عمل عسكري في أعقاب المناقشة التي أجراها البرلمان البريطاني في الأسبوع الماضي. ولكن هذا لا يعني أن المملكة المتحدة قد تخلت عن دورها الرامي إلى إنهاء إراقة الدماء في سورية.
ليس هناك من شك بأن النظام السوري هو من يمتلك القدرة والمواد والأفراد المدربين على استخدام الأسلحة الكيميائية. وما عرض صور ارتال الأطفال القتلى ومقاطع اليوتيوب لشباب تختلج أجسامهم وتزبد أفواههم إلا تأكيد على هول ما وقع في سوريا.
إن الادعاء بتزوير هذه الأدلة يتنافي مع العقل والمنطق.
وبالطبع فان هذا الهجوم الفظيع ليس الأول من نوعه الذي يرتكبه نظام الأسد. فالقمع الوحشي للمحتجين بدأ منذ عامين ونصف وجر البلد إلى حرب أهلية أسفرت عن مقتل أكثر من 100،000 شخص وتشريد ما يقرب من 7 ملايين شخص . وقد باءت جهودنا لحشد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمواجهة هذه المأساة بالإحباط وما تزال كذلك حتى الآن..
ولكن السؤال الذي يواجه المجتمع الدولي الآن هو ما يجب القيام به إزاء مثل هذه الأحداث المروعة. من وجهة نظر المملكة المتحدة، فقد استُبعد التدخل العسكري بموجب التصويت الذي جرى في البرلمان في الأسبوع الماضي. وعلى الحكومة أن تحترم ذلك . ولكن هذا لا يعني أن المملكة المتحدة سوف تتوقف عن أداء دورها بهذا الصدد. بل على العكس من ذلك، فإننا ما زلنا نعتقد بقوة أننا لا يمكن أن نسمح باستخدام الأسلحة الكيميائية في القرن الحادي والعشرين من دون اعتراض، وأن تجاهل هذا الأمر يبعث برسالة خطيرة.
لذلك سوف تستمر المملكة المتحدة بالعمل مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وغيرهم من الشركاء الدوليين من أجل التوصل الى حل سياسي للأزمة في سورية . لا أحد يدعي أن التحول السياسي إلى دولة جديدة مسالمة وذات تعددية سيكون سهلا. إن من مصلحة الجميع أن يتحقق النجاح لهذا الانتقال .
تعتبر جهود الإغاثة الإنسانية امرأ مهما . وقد ساهمت المملكة المتحدة بأكثر من 540 مليون دولار أمريكي في هذا المجال وهي تعمل مع الجهات المانحة الأخرى والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لتوفير المأوى والغذاء والدواء والتعليم والخدمات الصحية للاجئين في تركيا والأردن ولبنان والدعم للمجتمعات التي تستضيفهم .
يشوب النقاش الدائر حاليا في المملكة المتحدة ودوليا ما حدث في العراق في عام 2003 . أنا أفهم ذلك. ولكن من المهم أن ندرك أن الأزمة في سورية ليست هي نفسها التي كانت في العراق . لقد شهدنا هنا بأم أعيننا استخدام الأسلحة الكيميائية ..
من الواضح أنه لن يكون هناك أي غزو بري ويجب أن يأتي الانتقال السياسي من خلال عملية سياسية .
وأخيرا، لقد تغير المفهوم العام للإصلاح السياسي خلال الأعوام العشرة الماضية. إذ لم تقوم الدول الغربية بتقديم وصفة أو نموذج لما يجب أن يكون عليه الشرق الأوسط في ضوء ما يسمى بالربيع العربي. وإننا في بريطانيا نؤمن بأنه يجب على الحكومات الاستماع إلى شعوبها واحترام آراء ممثليهم المنتخبين ديمقراطيا، لذلك إننا نرى أنه يجب على كل دولة في الشرق الأوسط تطوير وتشكيل مجتمعها بما يتوافق مع تاريخها وتقاليدها وثقافتها.
* السفير البريطاني لدى المملكة