الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا .. والإرهاب وحرب التجويع

سوريا .. والإرهاب وحرب التجويع

17.06.2014
اليوم السعودية


الاثنين 16/6/2014
لم تكن مطالبة المملكة بضرورة التوصل إلى تعريف دقيق للإرهاب، التي جاءت على لسان سعادة السفير عبدالله المعلمي.. سفير المملكة لدى الأمم المتحدة، لم تكن وليدة اللحظة.
 فقد بادرت المملكة - منذ وقت مبكر - بتوجيه الدعوة للمجتمع الدولي للوصول إلى مفهوم دقيق للإرهاب، يزيل اللبس بينه وبين الحق المشروع في الدفاع عن النفس أو مقاومة الاحتلال وما إلى ذلك من الحقوق المشروعة التي كفلتها الشرائع السماوية، والأعراف الدولية، تجنبا لاستغلال هذا المفهوم الواسع للإرهاب لقمع الحريات والكرامات واختراق السيادة، واحتلال الأراضي.
لقد ظل مفهوم الإرهاب - على مدى العقود القليلة الماضية - عنوانا فضفاضا ومخاتلا لكل أنواع العبث السياسي، عندما تم تصنيفه وفقا للأهواء والمصالح السياسية، بما يخدم بعض الأنظمة الشمولية كما يحدث في سوريا.
 حينما عمد النظام لاستخدام هذا التصنيف ضد كل مناوئيه من أبناء شعبه، وممن يطالب بالحرية والكرامة والعيش الكريم، إذ وضع الجميع في سلة واحدة على اعتبار أنه يواجه إرهابا منظما يستهدف هدم الدولة، وليست ثورة شعبية تطالب بحقوق مشروعه.
وخوّل لنفسه - وفقا لهذا التفسير - حق ممارسة كل أنواع إرهاب الدولة من ضرب المدن والأحياء السكنية بقذائف الهاون والبراميل المتفجرة، وحصار التجويع، مستثمرا بعض العناصر الإرهابية والمصنفة دوليا تحت هذا العنوان، التي تربت في كنفه، ليطلق لها العنان في الداخل السوري بهدف تشويه مرامي الثورة، وإظهارها أمام العالم كما لو كانت كلها مجموعة من العناصر الخارجة على النظام لزعزعة الأمن وقتل الناس، واستدعاء الإرهاب من كل مكان لخلط الأوراق، في محاولة للنجاة بالنظام من الانهيار تحت ضربات مقاومة الشعب المتطلع لأبسط حقوقه في الكرامة والعيش الكريم.
لقد أدى هذا الخلط إلى الكثير من المآسي، ليس في سوريا وحدها، وإنما حتى في جوارها في العراق، بعد أن أصبح الإرهاب مجرد ورقة يتم اللعب بها في كافة الملفات السياسية، لخدمة هذا النظام أو ذاك، وهو تحديدا ما حذرت منه المملكة.
 وهي من بين أولى الدول التي اكتوت بنار الإرهاب، واستطاعت - بفضل الله - أولا، ثم بفضل سياستها المعتدلة - التي لا تجد أي غضاضة في أن تسمي الأشياء بأسمائها - أن تضع عنوانا ثابتا ومحددا للإرهاب يحصره في تلك القوى التكفيرية التي تريد أن تفرض أجنداتها على المجتمعات بالقوة.
 وتلك العناصر التي يتم توظيفها من هنا وهناك لتحقيق مآرب ومصالح طائفية ومذهبية وسياسية، الأمر الذي حقق لها كامل القدرة للوقوف في وجهه، وتكاتف أبناء الوطن في مواجهته، والتعامل معه بأفضل وأنجح الأساليب، ابتداء بالمناصحة لاسترداد المغرر بهم من هذا الطريق المظلم.
 ومن ثم الضرب بيد من حديد لكل من يريد أن يتكسب به للإخلال بالأمن لصالح بعض الولاءات خارج الحدود، وهي التجربة التي أشاد بها المجتمع الدولي برمته، التي لم تكن تتأتى لو لم تتوصل المملكة إلى المفهوم والتصنيف الحقيقي لهذه الآفة، بعيدا عن التوظيف السياسي، واستغلال هذا العنوان لأهداف وغايات أخرى.
لذلك ما لم يتم التوصل إلى مفهوم دولي لتعريف الإرهاب، فإن اختلاط المشاهد، وضبابية الصورة في طريقها إلى المزيد من التفاقم، ما يلبس الحق بالباطل، ويتيح الفرصة تلو الأخرى لتحويله إلى مفهوم زئبقي يتم تحريكه وفقا للمصالح، وخدمة للطغيان، وبما يُتيح له فرصة التمدد والاستقواء.