الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا.. 2018؟!

سوريا.. 2018؟!

24.12.2015
د. عبدالله العوضي



الاتحاد
الاربعاء 23/12/2015
لقد كثرت "جنيفات" سوريا للخروج من الحرب الدائرة هناك منذ خمسة أعوام بسلام .. كيف؟ لا نعلم! سوريا اليوم لم تعد دولة ولا نظاما يراد له الاستمرار في الحكم حتى العام 2018، فعملية اغتيال "القنطار" في ضواحي دمشق عبر الصواريخ الإسرائيلية، ومن قبل ذلك عملية اغتيال "مغنية" خير شاهد على أن هذا النوع من الإحراج السياسي للنظام هناك لم ينته بعد وقابل للاستمرار لمرات عديدة.
من يبحث عن مستقبل سوريا وقلبه عليها، عليه ألا يغفل الحاضر السوري بما فيه من إشكاليات مأزومة، فهذا الحاضر هو الذي سيبني ذلك المستقبل المأمول. فالجيش السوري منهمك، في رمي براميل القتل على الشعب المنهوك من قبل بعقود بلا حروب والآن أكثر إنهاكاً من ذي قبل بدرجات، فلا وقت للدفاعات السورية للرد على الطائرات الإسرائيلية التي تملك عنوة حق اجتياح سوريا من الألف إلى الياء، وسوريا تشجب وتستنكر وتدعي دائماً بأنها سوف ترد لاحقاً في الوقت وبالأسلوب المناسبين، ولم نر حتى الآن طحناً غير جعجعة الإعلام الرسمي الهزيل.
المستقبل لا يُبنى بالآمال، بل بالأعمال التي تكون قادرة حقاً على تحقيق تلك الآمال الوردية لأي مجتمع، فالأمل مداه طويل في سوريا، لأن التحليلات الأولية للأزمة هناك قبل خمسة أعوام كانت تذهب إلى أن سوريا سوف تذهب في مصابها أكثر مما ذهب إليه لبنان لأنه على الأقل وقف قليلاً عند "الطائف" وإن جاء "حزب الله" لتدمير ما وراء اتفاقية الطائف، أما في سوريا فحتى الآن لا اتفاق على شيء في الأرض ولا في الأفق.
فطول الأمل في حد ذاته خداع بصري وسياسي لأن العمل على الأرض لا زال صفراً على الشمال وخاصة عندما يُقال بأن هناك خمس عشرة جماعة متطرفة تعيث في سوريا فسادا وعلى رأسها "داعش" التنظيم المستحدث مقارنة بالجميع.
فالمتحدث الرسمي والحقيقي باسم النظام السوري زعيم "حزب الله" الذي يدافع عن النظام هناك أكثر من سدنة النظام أنفسهم، زعم أن جماعته سترد على مقتل "القنطار" في الوقت والمكان المناسبين.
لقد دمّر الحزب لبنان من قبل، وهو الآن يُساهم بشكل واضح في تدمير سوريا التي يُهيأ له أنه يدافع عنها بجزاريه المنغمسين في دماء الشعب السوري حتى الثمالة.
بعض المحللين السياسيين يقللون من إمكانية نجاح خطة السلام التي تبناها مجلس الأمن للوضع السوري، بسبب عدم وجود دولة مستعدة للتطوع بإرسال مراقبين لوقف إطلاق النار هناك بالإضافة إلى ذلك، عدم استعداد أي دولة للتحاور مع "داعش" وغيرها من الأسباب التي تُصنع على الأرض السورية المتحركة على مدار الساعة.
فأي تحليل آني للوضع هناك اليوم معرض جداً أن يتغير غداً، لأن الأطراف الدولية والإقليمية قاطبة غير متفقة على أن الأزمة أشعلها النظام قبل أي تدخل داخلي أو خارجي من أي طرف كان.
نخشى أن تصبح سوريا 2018 أسوأ بكثير مما هي عليه الآن لأن حجم المشكلات يتفاقم بقدر حجم التدخلات الخارجية فإيران و"حزب الله" و"داعش" وأمثاله وروسيا والصين وآخرون من تحت الطاولات لاعبين في الماء الآسن لا نعرف حقيقتهم وإن كنا نرى آثار فعالهم في إلقاء المزيد من الحطب في النار الموقدة هناك.
فالحل في سوريا على المدى المنظور هو ترك سوريا بيد أهلها وخروج كل اللاعبين منها بلا تفرقة ولا تحيز لفئة دون أخرى.
والأشد إخافة من ذلك أن يتمكن فصيل متطرف حتى عام 2018 ويورط العالم في "حيص بيص" السياسة المجهولة في سوريا وتتحول إلى مزيج مما يحدث في أفغانستان والصومال والعراق وليبيا وتونس ولبنان، بمعنى شبكة خليط من الأزمات المتتالية بلا هوية ولا عنوان، في الوقت الذي يتحدث البعض عن دولة ديمقراطية عادلة مقنعة للشعب السوري ولو بعد حين، كيف؟!