الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "سورية الأسد" ضد "سورية الدولة"

"سورية الأسد" ضد "سورية الدولة"

03.04.2016
منار الرشواني


الغد الاردنية
السبت 2-4-2016
حتى وقت قريب، واصل أتباع إيران العرب، كما القوى السياسية التي تخاف أن تكشف أي انتخابات شعبية حقيقية فقدانها (هذه القوى) لكل وزن في الشارع العربي، ترويج أكذوبة أن الثورة السورية محض "مؤامرة كونية"، برغم كل الاستبداد والفساد اللذين أشاعهما آل الأسد في هذا البلد، واللذين يعتبران سبباً موضوعياً للثورة لدى شعوب الأرض كافة. بل ولأجل بشار الأسد، قدم "الممانعون المقاومون" اعتذارهم لحسني مبارك وزين العابدين بن علي وعلي عبدالله صالح ومعمر القذافي، عن الاحتفاء بالإطاحة بهم، رغم إيغال هؤلاء "القادة" لا في الاستبداد والفساد أيضاً، بل أهم من ذلك في التحالف والتبعية للدول الغربية (ناهيك عن إسرائيل) التي يُفترض أنها ضالعة في مؤامرة "الربيع العربي" ككل.
الآن، لم يعد ممكناً القول بـ"المؤامرة الكونية" على سورية، فيما الأسد يجهد علناً، بكل ما أوتي، في تقديم أوراق إعادة اعتماده رئيساً مقبولاً أو أقلها مسكوتاً عنه من قبل كل المتآمرين الغربيين المزعومين. وقد كان الأسد على امتداد سنوات سابقة أيضاً يبادر إلى إظهار حسن النوايا عبر تنسيق مخلص مع أجهزة استخبارات غربية عدة، بحسب تقارير صحفية، لا ينكرها أصحاب نظرية المؤامرة الكونية، بل يتباهون بها!
هكذا، كان منطقياً أن تبرز الحاجة الماسة اليوم لدى أتباع إيران أو المدركين لانتهاء صلاحية شعاراتهم في العالم العربي، إلى ذريعة جديدة تبرر دعمهم الأسد، استبداداً وفساداً، ومرادفهما حتماً استمرار التنكيل بالسوريين؛ قتلاً واعتقالاً وتعذيباً وتهجيراً. وليست هذه الذريعة الشائعة الآن إلا ادعاء الحرص على "سورية الدولة". لكنه ادعاء يعني، بصراحة لا يعتريها أدنى غموض وإن بكلمات أخرى، العودة إلى واقع "سورية الأسد" القائم منذ أكثر من أربعين عاماً.
إلا أن الحقيقة الجلية تماماً هنا هي أن واقع (وليس مقولة) "سورية الأسد"، تمثل بحد ذاتها الدليل القاطع على غياب "سورية الدولة" في ظل حكم آل الأسد؛ وبما يُفسر لماذا يُقال من أتباع الأسد –ولو صدقاً وبحسن نية- أن الحفاظ على سورية يستدعي الحفاظ على بشار الأسد في الحكم بعد جرائمه، كما يفسر قبل ذلك لماذا يدافع عرب مطالبون بالديمقراطية في بلادهم عن استبداده وفساده، وقبل ذلك وأهم قولهم إنه لم يكن من خيار لسورية سوى توريث السلطة للابن بعد موت الأب في بلد يحمل مسمى "جمهورية"!
في المقابل، تكون الحقيقة الأخرى الجلية تماماً بدورها، أن الثورة السورية، أسوة بكل الثورات على الطغيان، ما قامت إلا لأجل تحرير سورية من واقع "سورية الأسد" وإعادتها إلى "سورية الدولة" بحق؛ أي لتكون دولة كل مواطنيها، وليست إقطاعية عائلة أو عائلات، تعامل أفراد الشعب باعتبارهم أقناناً وعبيداً يحق لمالكهم التصرف حتى بأرواحهم!
بعبارة أوضح، وبخلاف ما يدّعي أنصار قتل السوريين وتدمير وطنهم، فقد تم تدمير "سورية الدولة" معنوياً على امتداد عقود مضت من حكم الأسد؛ أباً وابناً، قبل أن يتم تدميرها مادياً على امتداد السنوات الخمس الماضية وحتى الآن، لأجل "سورية الأسد". ويكون من البدهي القول، بناء على ذلك، إن استعادة "الدولة السورية" الحقيقية، ليس يكون إلا برحيل الأسد، شرطاً أول لإعادة بناء مؤسساتها الراسخة الفاعلة على أساس "وطني" فعلي، وليس على أساس الولاء لفرد أو عائلة.