الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سورية... البدايات

سورية... البدايات

23.03.2014
ندى الأزهري


الحياة
السبت 22/3/2014
بينما كانت الشاشات، عربية وغربية، تتعاطف مع المأساة السورية في الذكرى الثالثة للثورة، كان التلفزيون السوري يحتفل بطريقته المميزة.
لا تكتفي الفضائية السورية ببث البرنامج الذي يطلق عليه "حوار اليوم" مرة واحدة، بل تعيد البث في اليوم التالي حرصاً على من فاته ما لا يجب تفويته. وللتحاور على التلفزيون السوري، معنى مطابق تماماً لما يرد في القاموس المحيط. تَحاور مرادف لتجاوب. والمذيعة، كالعادة، شديدة التجاوب مع كل ما يدلي به ضيفها المحلل الاستراتيجي، وهما في اتفاقهما متماهيان على نحو يثير العجب. هي لا تجد الحاجة لمقاطعته أو لإظهار أدنى استنكار للغة التي يستخدمها باحثها، اذ "الحيوانات" وكل تصريفاتها النحوية كانت تعبيره المفضل وشبه الوحيد لوصف سلوك وشخصيات المحاربين، المعارضين منهم فقط بالطبع.
في الوقت ذاته الذي كان التلفزيون السوري يحتفل بانتصار يبرود مع محلله البارز، كانت الشاشات الاخرى "المغرضة" مثل "العربية"، "تضلل" مشاهديها بالحديث عن لاجئين سوريين "اختاروا" الهرب من الجحيم، لكنهم وقعوا تحت نار المهربين والمستغلين في سورية وخارجها على حدود الدولة. أما "الجزيرة" فعرضت ضمن تغطيتها الخاصة "لمأساة القرن"، ما يثير حزناً وأسى على ما آلت إليه أحوال هذا البلد. "سورية... لحن الأمل" الفيلم الذي أعده و أخرجه محمود الكن وشارك في الشهادة فيه فنانون وأدباء سوريون (جمال سليمان، واحة الراهب، سميح شقير، حلا عمران...) ولبنانيون (شوقي بزيع وفضل شاكر...) يركز على الأغنية واللحن في التعبير عن الثورة في بداياتها، ويبرز عبر صور من الأرشيف سلمية التظاهرات وعفويتها في الأشهر الأولى.
بيّن الفيلم أسلوب المشاركين في التظاهر لإبلاغ آمالهم بالحرية والكرامة، فكان الغناء الجماعي النابع من القلوب (سورية بدها حرية للقاشوش) والهتافات المستقاة من التراث الشعبي والتي أعيدت صياغة كلماتها لتتلاءم مع الحدث، مروراً بالكاريكاتور واللافتات (لا سيما من كفرنبل) وصولاً إلى الأغاني الفردية التي أوحت بها الأحداث مباشرة لبعض رموز فناني الثورة مثل "يا حيف" لسميح شقير التي اعتبرها النظام دليلاً على التآمر الدولي على سورية فكيف تجهز أغنية كهذه في وقت قصير؟!
أظهر الفيلم ايضاً مواقف فنانين من دون ادانتهم تاركاً للمشاهد الحكم على من ردد طوال حياته المهنية في التلفزيون والمسرح عبارات تفاعل معها الجمهور على مر السنين وصدق قائلها، من نوع "ما ناقصنا غير شوية كرامة يا أبي"، ليكتشف أن للكرامة لدى هؤلاء كذا معنى.
"سورية.. لحن الأمل"، عودة مؤثرة إلى بدايات تراكم عليها رماد الحرب، وكاد الناس ينسونها من هول ما يرونه اليوم. فوجئوا بها من جديد وأعادت إليهم حرارة اللحظات الأولى وبراءتها وأيامها المفعمة بأمل التغيير.