الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سورية: الحل المنطقي يبدو مستبعدا

سورية: الحل المنطقي يبدو مستبعدا

28.08.2014
إبراهيم غرايبة



الغد الاردنية
الاربعاء 27-8-2014
تبدو سورية سائرة باتجاه واحد من مسارات ثلاثة، جميعها مظلمة ومروعة: استمرار الصراع مفتوحا على نموذج الصومال والعراق وأفغانستان؛ أو انتصار أحد الطرفين وما سيتبعه من انتقام مرعب؛ أو تدخل خارجي دولي. أما المسار الرابع الأكثر منطقية وبساطة، فهو تسوية تنهي الصراع؛ لكن ذلك لن يحدث غالبا. فالصراع يستمر عادة بلا عقل ولا نهاية، حتى ينتصر أحد الطرفين فيسحق الآخر، أو يحدث تدخل يجبر الأطراف على تسوية معقولة لها جميعا.
وبالنسبة للولايات المتحدة القادرة على التدخل وتسوية الصراع، فإنها في المرحلة "الأوبامية" تبدو غير راغبة في التدخل، وترى أن التجربة الأميركية في أفغانستان والعراق لا تشجع على تكرارها في سورية؛ كما أن سورية لا تمثل مصالح نفطية أو تجارية للولايات المتحدة تجعلها تتدخل لحماية مصالحها وأسواقها.
ليس ثمة فيما يجري في الشرق الأوسط تهديد لإسرائيل أو أسواق النفط، بل إن الإقليم يبدو اليوم في نظر الرئيس باراك أوباما غير لازم، وتتجه الأنظار إلى آسيا وأسواقها الواعدة؛ الصين والهند والشرق الأقصى. حتى إسرائيل لم تعد بالأهمية نفسها التي كانت عليها.
هل سيغير الظهور المفاجئ لتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) من موقف الولايات المتحدة؟ حتى هذه اللحظة، يبدو أن الولايات المتحدة مهتمة فقط بألا تتمدد "دولة الخلافة" إلى كردستان، فيما هي ليست قلقة من غلبتها في شمال العراق وسورية؛ بما في ذلك الاعتداء على المسيحيين وإبعادهم من مدنهم ومناطقهم.. ولعله (لا أصدق نظرية المؤامرة رغم أنها صحيحة) أمر مرغوب؛ فهجرة المسيحيين إلى أوروبا والولايات المتحدة تمثل موردا بشرياً تحتاجه هذه الدول، وتفضل بالتأكيد أن تكون الهجرات إليها مسيحية! كما أن تفريغ المنطقة من المسيحيين سيجعلها حربا لا تزعج الضمير الغربي، وتصير الحرب "فخار يكسر بعضه".
اليوم، تظهر أصوات جديدة بضرورة التعاون بين الغرب والنظام السياسي في سورية لمواجهة "الإرهاب". وبعد غياب طويل عن المسرح، ظهر أول من أمس وليد المعلم وزير الخارجية السوري ليعلن استعداد النظام السوري للتعاون مع الجهات الإقليمية والدولية لأجل مكافحة الإرهاب!
ولعله يبدو واقعيا ومنطقيا أن يكون النظام السياسي في سورية هو أفضل حليف ممكن للقضاء على الخلافة الإسلامية في العراق والشام، ذلك أن المعارضة السورية المسلحة والسياسية تبدو غير قادرة على فعل شيء؛ فلا هي قادرة على الانتصار على نظام الأسد، ولا هي تقدر على مواجهة الجماعات المتطرفة.
في الحروب هناك منتصر ومهزوم، وفي الصراعات وتسويتها وإدارتها هناك قوي وضعيف، وإذا كانت الولايات المتحدة اختارت تسوية الصراع الجاري في سورية والعراق، فإن المعارضة السورية والمائتي ألف قتيل وملايين اللاجئين لا يضيفون شيئا إلى الصراع والتفاوض.